عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 27-02-2010, 10:34 PM   #5
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

التفصيل في مسألة التسمية


أما بالنسبة لبعض التفاصيل المتعلقة بالموضوع فلعلنا نبدأ بحديث التسمية على الطعام، حيث إن هذا من أول ما يكون في الطعام، وإن كان غسل اليدين مثلاً يكون قبله بالترتيب المنطقي لكن نبدأ بهذا الحديث، فإنها كانت أول وصية في حديث: (يا غلام سم الله) وقد عقد الأئمة رحمهم الله في كتبهم أبواباً لهذا الأدب العظيم، ولا تخلو الكتب الستة وغيرها من بابٍ أو كتابٍ عن آدب الأكل. وأيضاً: بوبوا في الأطعمة، فإن العلماء يذكرون في مصنفاتهم آداب الأكل وأحكام الأطعمة.. والصيد والذبائح ماذا يحل منها؟ وماذا يحرم؟ وهناك بعض الاشتراك، لكن الذي يهمنا نحن الآن التركيز عليه هو قضية آداب الأكل. روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : عن عمر بن أبي سلمة قال: (كنتُ غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام! سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك، فما زالت تلك طعمتي بعد) .

صيغة التسمية عند الطعام


عنون البخاري عليه: باب التسمية على الطعام والأكل باليمين. والمراد بالتسمية على الطعام قول: باسم الله، والبسملة قول: بسم الله الرحمن الرحيم، وقد ورد هذا صريحاً حيث قال: ( سم الله ) لكن الكلمة قد جاء مصرحاً بها كما جاء عند أبي داود و الترمذي من طريق أم كلثوم عن عائشة مرفوعاً: (إذا أكل أحدكم طعاماً فليأكل باسم الله، فإن نسي في أوله فليقل: باسم الله أوله وآخره) وهذا أدب يلحق بالتسمية أصلاً أو تبعاً لها، فهذا الحديث بين صفة التسمية. وهناك حديثٌ آخر أيضاً رواه الطبراني في الكبير وصححه الألباني في السلسلة : عن عمر بن أبي سلمة قال: (كنتُ غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم _حِحر وحَجر كلاهما صحيح- وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام! إذا أكلت فقل باسم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك). قال الشيخ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط الشيخين، وقد ذكرت طرقه وخرجته في الإرواء ، وإنما خرجته هنا من طريق الطبراني بهذا اللفظ؛ لعزته وقلة وجوده في كتب السنة المتداولة. وفي الحديث دليلٌ على أن السنة في التسمية على الطعام، إنما هي: باسم الله فقط، فإذاً: جاء الحديث بلفظ ( سم الله ) وجاء في حديث: (اذكروا اسم الله تعالى عليه يبارك لكم فيه) وجاء النص على الكلمة التي تقال وهي: باسم الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حكم زيادة الرحمن الرحيم التسمية


قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث بعد أن ذكر الرواية التي تنص على قول: باسم الله قال: ( أما قول النووي في أدب الأكل من الأذكار: إن صفة التسمية من أهم ما ينبغي معرفته، والأفضل أن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فإن قال: باسم الله، كفاه وحصلت السنة، فلم أر لما ادعاه من الأفضلية دليلاً خاصاً ). ( وأما ما ذكره الغزالي من آداب الأكل في كتابه الإحياء: أنه لو قال في كل لقمة: باسم الله كان حسناً، وأنه يستحب أن يقول مع الأولى: باسم الله، ومع الثانية: بسم الله الرحمن، ومع الثالثة: بسم الله الرحمن الرحيم، فلم أر في استحباب ذلك دليلاً ). إذاً السنة: باسم الله، والزيادة عليها غير محمودة؛ لأنها زيادة على السنة، ولذلك ذكر الشيخ الألباني في بعض كلامه العيب على من يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا قلت له: باسم الله فقط، فإنه يجيبك وماذا فيها؟ يعني: لو زدنا ماذا في هذه الزيادة؟ وقد سبق بيان أن كلمة العامة: زيادة الخير خيرين، أنها ليست بصحيحة على إطلاقها، وأن الزيادة على السنة توقع في البدعة، وأن مجاوزة ما جاء به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه فتح الباب، والخطير من ذلك: الاستدراك على الشريعة، لأنه كأنه يقول: ما جاءت به الشريعة فهناك ما هو أفضل منه، ويحكم رأيه فيقول: عندي وفي رأيي أن: بسم الله الرحمن الرحيم أفضل من باسم الله؛ لأن فيها ذكر كلمة: الرحمن والرحيم، وهما اسمان من أسماء الله عظيمان. فنقول: ليست المسألة بالاستحسان العقلي، المسألة بالدليل، ما دام أنه قد ورد النص على باسم الله، فنلتزم به. وواضح من كلام ابن حجر رحمه الله أن التسمية مرة واحدة فقط في بداية الطعام، وأنه لا يكرر ذلك في اللقم المختلفة. لكن لو نسي قال: باسم الله في أوله وآخره. لكنه يقولها مرة واحدة. وهذا الحديث وهو: حديث عمر بن أبي سلمة رضي الله تعالى عنه وهو صحابيٌ صغير، ولكنه حفظ عن النبي عليه الصلاة والسلام هذا الحديث ونقله، وهو أنه جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فجلس وكانت يده تطيش في الصحفة ومعنى تطيش: تتحرك في نواحي الصحفة المختلفة ولا تقتصر على موضعٍ واحد يميناً وشمالاً، وكذلك معناها: تسرع.. فالطيشان في الصحفة إذاً: الإسراع والتجول فيها يميناً وشمالاً، وعدم الالتزام بمكانٍ معين، أو الالتزام بالأكل مما يليه. وأما بالنسبة للصحفة فهي: التي تشبع الخمسة وهي أكبر من القصعة.

ـــــــــــــــــــــ

حكم الإتيان بالتسمية


وأما بالنسبة لحكم التسمية، لما قال: (يا غلام! سم الله) فادعى النووي رحمه الله إجماع العلماء على استحباب التسمية، ولكن ادعاؤه ذلك فيه نظر كما بين الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى، والأصل أن الأمر للوجوب، قال يا غلام: (سم الله) وهذا فعل أمر؛ فهو يفيد الوجوب، لكن لابد أن نقول: إن العلماء قد اختلفوا في ذلك. فمنهم من قال: إنه للاستحباب ومنهم من قال: إنه للوجوب، وقد اقترنت المسألة -مسألة سم الله- بمسألة لا شك بوجوبها وهي: قضية الأكل باليمين، لأنه قال: (سم الله، وكل بيمينك) ولا شك أن من القرائن التي يستدل بها على وجوب أمرٍ من الأمور أن يكون مقترناً بشيءٍ آخر الأمر فيه للوجوب قطعاً، ولا شك أن الأكل باليمين واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على من أكل بشماله، فقال: (لا استطعت) وقال لمن رآها تأكل بشمالها: (أخذها طاعون غزة) وفعلاً بعد سنواتٍ مرت بـغزة وكانت فيها طاعون فماتت منه. إذاً: هذه قرينة تدل على أن التسمية واجبة، وصيغة الأمر واردة في الحديث في جميع الأوامر (سم الله) (كل بيمينك) (كل مما يليك) ونص الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب: الأم على الوجوب، ولكن أكثر الشافعية حملوه على الندب وبذلك جزم النووي رحمه الله تعالى، هذا بالنسبة لقول: باسم الله.


جزء من محاضرة : ( آداب الطعام [1، 2] ) للشيخ : ( محمد المنجد )

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة