عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 10-01-2011, 01:15 PM   #2
معلومات العضو
@ كريمة @
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي


أولاً‏:‏ قواعد عامة في الخلاف‏:

1‏)‏ ما لا يتطرق إليه الخلل ثلاثة‏:‏ كتاب الله ، وسنة نبيه ، وإجماع الصحابة ، وماسوى ذلك ليس بمعصوم‏:‏

الأصول التي يتطرق إليها الخلل والتي يجب الرجوع إليها عند كل خلاف هي كتاب الله سبحانه وتعالى ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الثابتة الصحيحة ، ثم ما علم يقيناً أن أمة الإسلام جميعها اجتمعت عليه ، وماسوى هذه الأصول الثلاثة فليس بمعصوم من الخطأ ‏.‏

ويترتب على القاعدة السابقة ما يلي‏:‏

أ‏)‏ لا يجوز لأحد أن يخرج عن المقطوع دلالته من كتاب الله ، وسنة رسوله ، وما علم يقيناً أن الأمة قد أجمعت عليه‏.

ب‏)‏ ظني الدلالة من الكتاب والسنة يرد إلى المقطوع ، والمتشابه يرد إلِى المحكم
لقوله تعالى ‏:‏‏(‏هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ، وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله و******** في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يتذكر إلا أولو الألباب‏)‏ آل عمران‏:‏7

ج‏)‏ ما تنازع فيه المسلمون يجب أن يردوا الخلاف فيه إلى كلام الله ، وكلام رسوله ،
عملاً بقوله تعالى ‏:‏ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً‏)‏النساء‏:‏59

2‏)‏ رد المعلوم من الدين ضرورة كفر‏:‏

لا يجوزالخلاف في حكم من الأحكام المقطوع بها في الإسلام ، والمقطوع به هو المجمع عليه إجماعاً لا شبهة فيه ، والمعلوم من الدين بالضرورة كالإيمان بالله وملائكته ، وكتبه، ورسله ، واليوم الآخر ، والقدر خيره وشره من الله تعالى ، وأن القرآن الذي كتبه الصحابة ويقرؤه المسلمون جميعاً إلى يومنا هذا هو كتاب الله لم ينقص منه شيء ،والصلوات الخمس ، وصيام شهر رمضان ، ووجوب الزكاة والحج ، وحرمة الربا والزنا ،والخمر ، والفواحش ، ونحو ذلك من المعلوم من الدين بالضرورة أنه من الإسلام ، وكلذلك لا يجوز فيه خلاف بين الأمة ورد هذا ومثله كفر ‏.‏

3‏)‏ الخلاف جائز في الأمور الاجتهادية‏:‏

الأحكام الاجتهادية الخلافية التي وقع التنازع فيه بين الأمة في عصور الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا يجوز فيها الاختلاف ، ولا يجوز الحكم على من اتبع قولاً منها بكفر ولافسق ولا بدعة ‏.‏

ولمن بلغ درجة النظر والاجتهاد أن يختار منها ما يراه الحق ، ولمن عرف الأدلة وأصول الفقه أن يرجح بين الأقوال ، ولا بأس بالتصويب والتخطيء ، وبالقول إن هذا راجح ، وهذا مرجوح ، وذلك كرؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلة المعراج ، وقراءة الفاتحة وراء الإمام في الجهرية ، والجهر والإسرار ببسم الله الرحمن الرحيم ، وإتمام الصلاة في السفر ‏.‏

4‏)‏ وقوع الاختلاف وكونه رحمة وسعة أحياناً‏:

الخلاف في الأمور الاجتهادية الظنية واقع من الصحابة والتابعين والأئمة وجميع علماء وفضلاء هذه الأمة ، وذلك أنه من لوازم غير المعصوم ، ولا معصوم إلارسول الله ،وأما من بعده فلا عصمة لأحد منهم ، والخطأ واقع منهم لا محالة‏.‏

وهذا الخلاف الجائز ، أو السائغ ، قد نص كثير من سلف الأمة أن فيه أنواعاً من الرحمة لهذه الأمة‏:‏

أ‏)‏الرحمة في عدم المؤاخذة‏:‏

‏(‏ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا‏)‏البقرة‏:‏286 وقد ثبت في صحيح البخاري رحمه الله أن الله قال بعد أن أنزل هذه الآية ، وتلاها الصحابة ‏:‏ قد فعلت ، والمجتهد المخطئ معذور ، بل مأجور أجراً واحداً كما جاء في الصحيحين ‏:‏ إذا حكم الحاكم ثم اجتهد فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فله أجر واحد‏.‏ متفق عليه‏.‏

ب‏)‏ الرحمة والسعة في جواز أخذ القول الاجتهادي كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة المجتهدين‏:

قال ابن قدامة رحمه الله في مقدمة كتابه المغني ‏:‏ ‏(‏أما بعد ‏.‏‏.‏‏.‏ فإن الله برحمته وطوله جعل سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام مهد بهم قواعد الإسلام وأوضح بهم مشكلات الأحكام ‏:‏ اتفاقهم حجة قاطعة واختلافهم رحمة واسعة‏)‏‏.‏

وقال الإمام الحجة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم ‏:‏ ‏(‏لقد نفع الله باختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أعمالهم ، لا يعمل العامل بعمل رجل منهم إلا رأى أنه في سعة، ورأى أن خيراً منه قد عمل عمله‏)‏ جامع بيان العلم وفضله 80/4

وذكر ابن عبد البر في كتابه جامع بيان العلم وفضله‏:‏ ‏(‏أن عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد اجتمعا فجعلا يتذكران الحديث فجعل عمر يجيء بالشيء مخالفاً فيه القاسم ، وجعل ذلك يشقُّ على القاسم حتى تبين فيه فقال له عمر ‏:‏ لا تفعل فما يسرني أن لي باختلافهم حمر النعم‏)‏ جامع بيان العلم وفضله 80/2

وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله‏:‏ ‏(‏أن رجلاً صنف كتاباً في الاختلاف فقال أحمد ‏:‏ لا تُسمِّه كتاب الاختلاف ،ولكن سمه كتاب السعة‏)‏ ‏.‏ الفتاوى 79/30

5‏)‏ يجب اتباع ما ترجح لدينا أنه الحق‏:‏

ما تنازع فيه الصحابة وأئمة الإسلام بعدهم ، وعلم بعد ذلك أن النص بخلافه فإنه يجب علينا فيه اتبع ما تبين أنه موافق للدليل ، وعدم اتهام السابقين بكفر أو فسق أو بدعة وذلك ‏:‏ كترك الجنب الذي لا يجد ماء للصلاة حتى يجد الماء ، وصرف الدينار بالدينارين ، ونكاح المتعة ، ومنع التمتع في الحج ، وجواز القدر غير المسكر من خمر العنب ، ومثل هذه المسائل كثير ‏.‏

6‏)‏ أسباب الخلاف التي يعذر فيها‏:‏

أسباب الخلاف التي يعذر فيها المخالفون كثيرة ‏:‏ كمعرفة بعضهم بالدليل ،وجهل بعضهم له والاختلاف حول صحة الدليل ، وضعفه ، وكونه نصاً على المسألة أوظاهراً أو مؤولاً، وتفاوت فهمهم للنص وتقديم بعضهم دلالة من دلالات النص على أخرى ،كمن يقدم الفحوى على الظاهر ، وكمن يقدم الظاهر على الفحوى،كما اختلفوا في قوله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏لا يصلين أحدٌ العصر إلا في بني قريظة، فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيهم وقال بعضهم ، بل نصلي ، لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي فلم يعنف واحداً منهم‏)‏ متفق عليه

ومثل هذه الأسباب يعذر أصحابها إذا اجتهد كل منهم لمعرفة الحق ‏.‏

7‏)‏ أسباب الخلاف التي لا يعذر فيها المخالف‏:‏

وأماالأسباب الأخرى التي لا يعذر فيها المخالف فهي الحسد والبغي ، والمراءاة والانتصار للنفس ومن كانت هذه دوافعه للخلاف ، حرم التوفيق والإنصاف ، ولم يهتد إلا للشقاق والخلاف كما قال تعالى‏:‏‏(‏كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ، وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم ، فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم‏)‏البقرة‏:‏213

فالذين هداهم الله هم الذين لا يبغون ‏.‏

8‏)‏ وجوب طاعة الإمام في الأمور العامة وإن أساء مالم يخرج من الإسلام‏:

منهج أهل السنة والجماعة الصلاة خلف أئمة الجور والجهاد معهم ، وإن كانوا فجاراً ، والصوم بصومهم والحج بحجهم ، وإعطاء الزكاة لهم ‏.‏

ففي الصلاة صلى المسلمون خلف الذين حاصروا الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وصلى السلف خلف الحجاج والوليد ، والمختار بن أبي عبيد ، وأمر النبي بالصلاة خلف الولاة وإن كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها ‏.‏

وفي الزكاة قال النبي ‏:‏‏(‏أدوا إليهم حقهم ، وسلوا الله حقكم‏)‏متفق عليه

9‏)‏ لا يجوز للإمام أن يحجر نشر علم يخالفه‏:‏

ليس لإمام المسلمين أن يحجر الناس من نشر علم يخالف رأيه ، أو مذهبه ، بل عليه أن يترك كل مسلم وما تولى، كما ترك عمر رضي الله عنه عماراً وغيره يذكر مايأثره عن الرسول رضي الله عنه في التيمم‏.‏

وأفتى ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم بخلاف رأي عمر رضي الله عنه في متعة الحج ، وأفتى حذيفة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين بخلاف رأي عثمان رضي الله عنه في إتمام الصلاة بعرفة ومنى ‏.‏

ولكن يجب على الإمام أن يمنع نشر الكفر والبدع والزندقة ، وأن يقيم الحدود الشرعية في ذلك ، فسب الله وسب رسوله وسب دينه يوجب القتل لقوله ‏:‏ من بدل دينه فاقتلوه» رواه البخاري ، والساعي في المتشابهات ، والتشكيك في الدين يجب تعزيره كما فعل عمر رضي الله عنه مع صبيغ بن عسل ‏.‏

والمسلم المتأول المخطئ يناقش في خطئه ، وتأوله كما فعل عمر رضي الله عنه أيضاً مع الذين شربوا الخمر تأولاً ‏.‏

ولا يجوز الحكم على متأول إلا بعد قيام الحجة عليه ‏.‏

10‏)‏ لكل مسلم الحق بل عليه الواجب في إنكار المنكر والأمر بالمعروف‏:

لما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً من الله على كل مسلم وجب على ولي الأمر إطلاق يد المسلم في ذلك إلا ما كان من حقوقه هو كإقامة الحدود ، والتعازير ، وأما ما كان تحت ولاية المسلم فهذا له كتأديب الزوجة ، والولد في حدود ما شرعه الله في ذلك ، وكذلك إنكار المنكر باللسان ، لوكان هو منكر الإمام نفسه عملاً بقوله تعالى ‏:‏‏(‏إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأناالتواب الرحيم‏)‏البقرة‏:‏159-160

فلا يجوز للمسلم أن يكتم علماً ،ولا أن يقر على باطل إذا علم أن إقراره رضا ومتابعة ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حيث يقول ‏:‏ ‏(‏ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ، ومن أنكر سلم ولكن من رضي وتابع، قالوا ‏:‏ أفلا نقاتلهم ‏؟‏ قال ‏:‏ لا‏.‏ ما صلوا‏)‏ رواه مسلم

ونص الحديث أن المسلم لا يبرأ إلا بالإنكار ، وقد يسلم بالسكوت وعدم الرضا إذا لم يستطع الإنكار باللسان ‏.‏



يتبع
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة