عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-09-2004, 11:35 AM   #10
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

ثامن عشر : ثم تقول : ( هناك من ضعاف الإيمان من يقرأ أو يسمع قصة عن الجن فيصدق ويبدأ بعزو كل ما يعزب عليه إلى الجن وهذا العالم الغيبي ، وأردت منكم ألا تعينوا الشيطان على المسلمين ، فالجن لا يؤثر على أحد إلا إذا استكان لهم وخضع لهم واتبعهم واعتقد بهم وأشركهم مع الله عز وجل 00 هذا الذي يفعل ذلك يتحمل تأثيراتهم ، فكل من يستكين بأوهامه لهم ، و يتخيل أنهم بيدهم نفعه أو ضره يتعرض لمسّهم وتخبطاتهم ، لإستعاذته بهم ، وإلتماسه نفعهم، أو استخدامهم للإضرار بأعدائه من الإنس ) 0

أقول وبالله التوفيق : تقرير المسائل الشرعية لا يكون بناء على فهم فلان أو علان ، نعود للأصل : هل المسألة مثبتة بالأدلة القاطعة في الكتاب والسنة ، إن كان الجواب بنعم ، فلا يعنينا أي كائن من كان ، وهنا تكمن أهمية العلماء وطلبة العلم والدعاة في توجيه الناس الوجهة الشرعية الصحيحة ، أما أن ننكر أصل المسألة ، من أجل أن فلان من الناس أصابه وهم فأصبح يعيد كافة الأمور إلى الجن والصرع والسحر والعين ، فهذا هراء وأي هراء ، ولا يقبل بمثل هذا الكلام من جاهل على أن يقبل من فاهم أو عالم 0
أما قولك " : وأردت منكم ألا تعينوا الشيطان على المسلمين " ، فهل يا أمة الله من يبين الحق والطريق المستقيم ، ويبين للأمة طريقها الصحيح ، ويعلمها ما جاء في كتاب ربها وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، والذي يبين السحر وخطره وخطورته على الفرد والأسرة والمجتمع المسلم ، ويحذر من الطرق المبتدعة والوسائل غير الشرعية المخالفة للكتاب والسنة والأثر يوسم بأنه يعين الشيطان على الإنسان ، أنا في حقيقة الأمر لا أعرف بأي عقلية تفكرين ، وبأي منطق تتحدثين 0
أما حديثك حول مسألة الضر والنفع ، فنحن من يعلم الناس أن ذلك من الله وحده مصداقاً لكثير من الأدلة النقلية الصريحة في الكتاب والسنة ، ولنا في حديث ابن عباس – رضي الله عنه – حيث كان ردفاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم على دابته فقال له عليه الصلاة والسلام : ( يا غلام ! إني أعلمك كلمات ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ،ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك ، جفت الأقلام ورفعت الصحف ) ( صحيح الجامع 7957 ) 0

تاسع عشر : ثم تتابع فتقول : ( علّمنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نستعيذ بالله من همزات الشياطين ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي النَّوْمِ فَلْيَقُلْ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ ) 0
ففي هذا الحديث بين الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الشياطين لن تضر الإنسان إذا استعاذ ، فلماذا إذاً نقوي سلطانهم بمحاولة إقناع الناس بأنها تضر الإنسان , بينما تأثيرها متوقف على الكافر كما سأبين لاحقاً , ونحن بحمد الله مؤمنون موحدون ) 0

أقول وبالله التوفيق : وما دخل هذا الاستشهاد في مسألة إثبات صرع الجن للإنس ، وأود أن أذكر ما ذكره المباركفوري – رحمه الله – في شرحه وتعقيبه على الحديث ، حيث قال : ( قوله : " إذا فزع : أي خاف ، " في النوم " : أي في حال النوم ، أو عند إرادته ، " أعوذ بكلمات الله التامة " : أي الكاملة الشاملة الفاضلة ، وهي أسماؤه وصفاته وآيات كتبه ، " وعقابه " : أي عذابه ، " شر عباده " من الظلم والمعصية ونحوهما ، " ومن همزات الشياطين " : أي نزعاتهم وخطراتهم ووساوسهم وإلقائهم الفتنة والعقائد الفاسدة في القلب ، وهو تخصيص بعد تعميم ، " وأن يحضرون " : أي ومن أن يحضروني في أموري كالصلاة وقراءة القرآن وغير ذلك لأنهم إنما يحضرون بسوء ، " فإنها " أي الهمزات " لن تضره " أي إذا دعا بهذا الدعاء وفيه دليل على أن الفزع إنما هو من الشيطان ) ( تحفة الأحوذي – 9 / 356 ) 0
فالمسألة كما ذكرها أهل العلم متعلقة بالنزعات والخطرات والوسوسة وإلقاء الفتنة والعقائد الفاسدة في القلب ، وهذا لا خلاف عليه ، وليس له علاقة من قريب أو بعيد بمسألة النقاش وهيَّ تلبس الجان بالإنسان 0

عشرون : ثم تقول : ( تقولون : " والجن مسلَّطون على الإنس بالوسوسة والإغواء تارة ، وتارة أخرى يلبسون جسم الإنسان ، فيصاب عن طريقهم بمرض من الأمراض كالصرع والجنون والتشنج ، وقد يضلون الإنسان عن الطريق ، أو يسرقون له بعض الأموال ، أو يعتدون على النساء ) 0

أقول وبالله التوفيق : هذه ليست مقولتنا بل ذكرها الدكتور الفاضل عبدالكريم نوفان عبيدات – حفظه الله – حيث قال : ( والجن مسلَّطون على الإنس بالوسوسة والإغواء تارة ، وتارة أخرى يلبسون جسم الإنسان ، فيصاب عن طريقهم بمرض من الأمراض كالصرع والجنون والتشنج ، وقد يضلون الإنسان عن الطريق ، أو يسرقون له بعض الأموال ، أو يعتدون على نساء الإنس ، وغير ذلك ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة – ص 254 ) 0

والرجل معروف بعقيدته ومنهجه ، ولم يخالف الكتاب والسنة في فكره ورأيه ، وهذا ليس قول الدكتور فقط ، بل عليه أثبات علماء السنة والجماعة قديماً وحديثاً ، وإليكم ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

قال شيخ الإسلام ابن تيميه مقررا دخول الجن في بدن المصروع : ( وكذلك دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة ، قال الله تعالى : ( الَّذِينَ يَأكلونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ) ( سورة البقرة – الآية 275 ) وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " ( متفق عليه ) 0 وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل : قلت لأبي : إن أقواما يقولون : إن الجني لا يدخل في بدن المصروع 0 فقال : يا بني يكذبون ، هذا يتكلم على لسانه 0
وهذا الذي قاله مشهود ، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه ، ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لأثر به أثرا عظيما 0 والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله 0 وقد يجر المصروع وغير المصروع ، ويجر البساط الذي يجلس عليه ،
وينقل من مكان إلى مكان 0 وتجري غير ذلك من الأمور ؛ من شاهدها أفادته علما ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي ، والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان ) ( مجموع الفتاوى – 24 / 277 ) 0

لفتة لسماحة العلامة الشيخة 0000 ( قال شيخ الإسلام في معرض حديثه : " وكذلك دخول الجن في بدن الإنسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة " ، ولم يقل " الكافر " ، والإنسان يشتمل على المسلم والكافر ) 0

وقال – رحمه الله - : ( أن المعتزلة هم الذين أنكروا مس الجن للإنس وقد أخطأوا في ذلك ، ومس الجن للإنس ثابت بالكتاب والسنة ) ( مجموع الفتاوى – باختصار – 19 / 9 ، 65 ) 0

وأقول بعد ذلك : سبحان الله إذا انتكست الفطرة والفكر أصبح الإنسان يأخذ برأي الأشاعرة والمعتزلة ويترك فكر السلف الصالح – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين – 0

الحادي والعشرون : ثم تقول : ( يعتدون – تقصد الجن والشياطين - على نساء الإنس ؟ هل يعقل هذا ؟ وأين الله ؟ هل تحسب أن الله يكلنا إلى الجن يفعل بنسائنا ما يشاء ؟ لا والله ، قال تعالى في سورة الحجر: ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ فهل نحن مؤمنون ؟ هل نحن عباد الله أم من الغاوين ) 0

أقول وبالله التوفيق : أقول : نعم لا يعقل في نظر الأشاعرة والمعتزلة ومن سار على دربهم ، ونهج منهجهم ، أما وفق منهج أهل السنة والجماعة ومنهج السلف الصالح فهذا هو الحق والصدق ، ومن هنا أقول :

أولاً : الظاهر أن التناكح بين الجن والإنس بالرغم مما بينهما من الاختلاف ، أمر ممكن عقلا ، بل هو الواقع ، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، فمنهم من رأى إمكانية ذلك ، ومنهم من رأى المنع ، والراجح إمكانية حدوث ذلك في نطاق محدود ، بل هو نادر الحدوث والله أعلم 0
ثانياً : وقد قال بهذا الرأي جماعة من العلماء منهم : مجاهد والأعمش ، وهو أحد الروايتين عن الحسن وقتادة ، وبه قال جماعة من الحنابلة والحنفية ، والإمام مالك وغيرهم ( أنظر الأشباه والنظائر لابن نجيم - 327 - 328 ، والفتاوى الحديثية للهيتمي - 68 - 69 ، ومجموع فتاوى ابن تيمية - 19/39 ، وتفسير القرطبي 13 / 182 ، وآكام المرجان في أحكام الجان - 66 ) 0

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( وقد يتناكح الإنس والجن 000 وهذا كثير معروف ، وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عنه ، وكره أكثر العلماء مناكحة الجن 0 وهذا يكون وهو كثير أو الأكثر عن بغض ومجازاة ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 39 ) 0

قال ابن الجوزي في قوله تعالى : ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ) وفي الآية على أن الجني يغشى المرأة كالإنسي ) ( زاد المسير في علم التفسير - 8 / 122 ) 0

قال الشبلي : ( هذا وقد سئل أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن مناكحة الجن ، فقال : ما أرى بذلك بأسا في الدين ، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها : من زوجك ؟ قالت : من الجن فيكثر الفساد في الإسلام ) ( غرائب وعجائب الجن - ص 86 ) 0

قال فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( إن بعض الجن يتصور للإنسي في صورة امرأة ثم يجامعها الإنسي ، وكذا يتصور الجني بصورة رجل ويجامع المرأة من الإنس كجماع الرجل للمرأة وعلاج ذلك التحفظ منهم ذكورا وإناثا بالأدعية والأوراد المأثورة وقراءة الآيات التي تشتمل على الحفظ والحراسة منهم بإذن الله ) ( الفتاوى الذهبية – جزء من فتوى – ص 196 ) 0

قال صاحبا فتح الحق المبين : ( والذي نراه أن هذه المسألة نادرة الوقوع إن لم تكن ممتنعة ، وحتى لو وقعت فقد تكون بغير اختيار ، وإلا لو فتح الباب لترتب عليه مفاسد عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ، فسد الباب من باب سد الذرائع ، وحسم باب الشر والفتنة 00 والله المستعان 0 وقد علق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله - على ذلك قائلا : " هذا هو الصواب ولا يجوز لأسباب كثيرة " ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين - ص 29 ) 0

فالأمر قد يقع بقدر الله الكوني لا الشرعي ، ولكن الله سبحانه وتعالى حفظ العبد المسلم ، ولكن إذا قدر الله سبحانه وتعالى أمر على العبد فإنه نافذ لا محالة ، ومن هنا نرى أن مسألة الصرع قليلة نسبياً ، وإلا لولا ذلك الحفظ لرأينا غير ذلك ، ولا زالت المذكورة تستشهد بالآيات في غير موضعها 0

الثاني والعشرون : ثم تقول : ( إذاً هذا هو السلاح المجدي ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلاءَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ ) 0

أقول وبالله التوفيق : عدنا لسابق عهدنا بالاستدلال بأحاديث في غير موضعها ، الحديث سماحة الشيخة يتحدث عن أذكار يحفظ بها الإنسان نفسه من ذكر وأنثى الشياطين ، والحديث فيه دلالة على أن الشيطان قد يؤذي الإنسان حتى بالاقتران في مثل هذه الحالة ، أما استشهادك في غير محله ، وإليك ما قاله العلماء في الحديث :

قال شمس الحق العظيم أبادي : ( " إن هذه الحشوش " ، هي الكنف ومواضع قضاء الحاجة وأحدها حش 0 قال الخطابي : وأصل الحش جماعة النخل المتكاثفة ، وكانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن تتخذ الكنف في البيوت ، " محتضرة " أي تحضرها الجن والشياطين وتنتابها لقصد الأذى " أعوذ بالله من الخبث والخبائث " قال الخطابي : الخبث : جماعة الخبيث ، والخبائث جمع الخبيثة ، يريد ذكران الشياطين وإناثهم ، قال النووي : وهذا الأدب مجمع على استحبابه ولا فرق فيه بين البنيان والصحراء ) ( عون المعبود – باختصار – 1 / 12 ، 13 ) 0

وقول الخطابي : ( أي تحضرها الجن والشياطين وتنتابها لقصد الأذى ) ، ومن هذا الإيذاء هو الاقتران والتلبس ، كما تبين ذلك مع كثير من ثقات المعالجين 0

الثالث والعشرون : ثم تقول : ( فالفكرة الأولى أن الشياطين ليس لهم سلطان على الإنسان إلا إذا اعتقد بهم أو أشركهم مع الله، وخضع لسلطانهم توهم أنهم ينفعونه أو يضرونه، أو ابتغى النفع عندهم ، أو استعاذ بهم ، التجأ إليهم ، أراد أن يكيد لإخوانه من الإنس عن طريقهم ، إذا فعل هذا !! مسّه شرهم ومسته همزاتهم ودفع ثمن شركه وبغيه وعدوانه غالياً 0 هل يُلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً ؟ ) 0

قلت وبالله التوفيق : كل ما ذكر تحت هذا العنوان سبق الرد عليه وبالتفصيل فليراجع 0

الرابع والعشرون : ثم تقول : ( لا يمكن لإنسان يتعاون مع الجن إلا أن يكون كافراً ، لأن من أدق تعريفات الساحر هو الذي يتصل بالجن وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ ) 0

أقول وبالله التوفيق : هذا الكلام ليس على إطلاقه كما سبق وأن ذكرت ، ويعتمد على حال المستعين فإن استعان بهم بالسحر والنجوم والطلاسم والعزائم فهذا كافر بلا خلاف ، أما الاستعانة دون كل ما ذكر فيقع فيها المستعين بإثم عظيم كما بين ذلك أهل العلم ، هذه مسألة والمسألة الثانية ما دخل السحر بموضوعنا الذي نتحدث عنه ، قلت لكم المشكلة أن المذكوة لا تفرق بل قل لا تعلم المصطلحات الشرعية التي تتحدث عنها ، فخلطت الحابل بالنابل ، لأنها تحمل فكراً تريد أن تثبت أنه حق ، دون أن تعود إلى الحق وأهله 0

الخامس والعشرون : ثم تتابع حديثها فتقول : ( هذا اتصال هدفه إضلال البشر ، ولو تزيّ هذا الذي يتصل بالجن بزيّ ديني ولبس عمامة خضراء ، هو عند رسول الله كافر، لأن هدفه إيهام الناس أن بيد الجن النفع والضر وتحويل الناس عن الله سبحانه وتعالى إلى خلقه 0 وفي تكذيب من يلقي سمعه للشياطين وإثمه الكبير قال تعالى في سورة الشعراء : ( هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ) ( الآية 22 ، 23 ) 0
أما العلوم والأخبار التي يمكن أن يلقيها الجن إلى قرنائهم من الكهان فهي بحسب مواضيع هذه العلوم التي يلقونها، فإن كانت من العلوم التي تتعلق بالأمور المشهودة فالجن أحياناً يستطيعون أن ينقلوا هذه الأخبار " التي وقعت "، وهي أخبار تحتمل الصدق والكذب ، وليس ببعيد أن يوجد في الجن كذابون ، وقد أثبت الله تعالى أن منهم العصاة الكافرون ومن جهة ثانية ، فإنه لا يصح الثقة بأخبارهم لانعدام المقاييس التي بحوذتنا في معرفة صدقهم وكذبهم 0 فإنتقال الجن سريع جدا، والدليل، قال تعالى : ( قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ( سورة النمل – الآية 39 ) ، وإن كانت الأخبار من الغيبيات , فهم كاذبون ، لأن الله استأثر بعلمها حيث يقول : ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (سورة لقمان – الآية 34 ) 0

أقول وبالله التوفيق : كل ما ذكر تحت هذا العنوان معلوم لدينا وللقراء الأعزاء فدليل الكتاب وصحيح السنة يؤكد على ذلك ، ولكن ما دخل هذا بموضوعنا الرئيس ، الذي يظهر أن المذكورة لا تعي ما تقول ، بل لا تعلم الكوع من البوع ، وصدقوني أيها الأحبة أمثال هؤلاء لا ينفع معهم إلا مثل هذا الأسلوب الساخر في النقد والتعقيب 0

السادس والعشرون : ثم تقول : ( أما تأثير الجن على الإنسان فنوعان : النوع الأول : نوع مرض عصبي ( المرض العصابي ) كما قال بعض الأطباء تخريش بالدماغ ، وهذه تعالج من قبل الطبيب النفسي وهنا تجدون تحليلاً مستفيضاً لهذا من طبيب نفسي مسلم يحلل الموضوع على أسس إسلامية في شبكة أسلام أون لاين ( -------- ) : والنوع الثاني : من تأثر الإنسان بالشيطان وهذا يكون إذا أعتقد به ، أو استسلم له ، أو ابتغى النفع من عنده ، أو توهم أنه ينفعه أو يضره ، أو أشركه مع الله عز وجل ، أو خنع له 0 أما إذا اعتقد بالواحد الديان وقال أعوذ بالله من همزات الشياطين، لمجرد أن يذكر الله يذهب عنه الشيطان ) 0

أقول وبالله التوفيق : عدنا إلى الهذيان ، بحيث أصبحنا لا نفرق بين الطب النفسي والأمراض الروحية ، وليس لي تعليق وأترك الأمر للقراء الأعزاء ، هذا من جهة أما بالنسبة للطبيب النفسي المسلم فإن كان يعالج الأمراض النفسية ويضع لها الحلول الناجعة والفاعلة ، ويقف مع الحالات المرضية ولا ينكر الأمراض الروحية وأثرها وتأثيراتها ، فالحمد لله على ذلك فهذا ما نصبوا إليه وما نريد ، أما إن كان ممن لا يؤمنون بتلك الأمراض وأعراضها ، بل قد يذهبون إلى علاج الحالات المرضية بطرق وأساليب تخالف بمجملها الدين الإسلامي الحنيف ، فهؤلاء ليس لنا حاجة في أمثالهم ، وبحمد الله سبحانه وتعالى فقد قيض لنا رجال وأطباء نفسيين صدعوا بالحق وأعانوا عليه 0

السابع والعشرون : ثم تقول : ( هل للشياطين سلطان على الإنس في عقائدهم وإرادتهم وأعمالهم ؟
لا سلطان للشياطين على الناس، لا في عقائدهم ولا في إرادتهم ولا في أعمالهم مطلقاً لأن الله جل وعلا حجزهم عن ذلك ولم يجعل لهم سلطاناً على بني آدم لتكون إرادة الإنسان حرة في اختيارها طريق الخير أو طريق الشر ويخاطب الله عز وجل رأس الشياطين إبليس ، وأقدرهم على سلطان إن كان هناك سلطان فيقول في سورة الحجر: ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ) ( الآية 41 ، 42 ) وفي سورة الناس : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ) ( سورة الناس ) 0
معنى الخناس أنه يهرب سريعاً بمجرد قول " أعوذ بالله " خنس و انتهى الأمر 0 إذن ينحصر عمل الشيطان مادام ليس له علاقة بعقائدنا ، ولا بإرادتنا ولا بأعمالنا ولا يعلم عن الغيب شيئاً ، ولا يؤثر على أجسامنا ، عمله محصور في وظيفة دقيقة جداً هي الوسوسة الخفية ، وهذا كل ما يملك 0 وأعود وأكرر, ينحصر عمل الشيطان في الوسوسة الخفية ولا يزيد على ذلك شيئاً وهذه الوسوسة تخنس وتتخاذل أمام حزم المؤمن وإرادته والتجائه إلى الله تعالى بالاستعاذة والذكر والمراقبة ، أما إخوان الشياطين فإنهم يستجيبون لوسوستهم وينساقون معهم فيتسلط الشيطان عليهم فيمدهم في الغيّ ويزين لهم الشر والضلالة ، وأي عمل فيه شر ظاهر هو من عمل الشيطان الذي يوسوس للناس ، قال تعالى : ( وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ) ( سورة القصص – الآية 15) قد علمنا الله سبحانه وتعالى : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ( سورة الأعراف – الآية 200 ، 202 ) 0
فإن وجد إنسان في نفسه شيئاً من الوسواس , وأحس بما يريبه , فعليه بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم , فبمجرد استشعار الإنسان وجود الله وقدرته العظيمة، يخنس الشيطان , وإن عاد إلى الإنسان الوسواس , فما عليه إلا أن يكرر الاستعاذة والدعاء والضراعة إلى الله ، وهو على يقين من الإجابة , فالله عند ظن العبد به 0 أما ما فوق ذلك من الصرع , فالله أمرنا بالعلم , وكما في الشرح المستفيض للدكتور 0 وائل أبو هند في الوصلة , فعلى المؤمن أن يلجأ إلى الطبيب النفسي الذي يعالجه على أسس الدين, وليس في هذا حرج أو عيب , وإنما يعالج الإنسان من المرض النفسي كما يعالج من المرض العضوي بالأدوية والعقاقير, وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم, فضل العالم على العابد 0
وهذا يبين أن العلاج من هذا المس هو تذكر وحدانية الله وذكر قدرته وعجز الشيطان عن إيذاء المؤمن فيخنس الشيطان 0 فإذا استجبت للملك فأنت مؤمن وإن استجبت للشيطان كفرت، أما هذا فله حديث شريف، يقول عليه الصلاة والسلام : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الأخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ قَرَأَ ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) 0
حديث آخر عن إبن مسعود رضي الله عنه : قال عليه الصلاة والسلام : عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِحَقٍّ ) 0

أقول وبالله التوفيق : وقفات مع مجمل الكلام السابق :

أولاً : كل ما ذكره لا خلاف عليه مطلقاً ، فنحن بفضل الله سبحانه وتعالى ومنه وكرمه نقر أنه ليس للشيطان سلطان ولا قدرة ولا طريق على عقائد الناس وإرادتهم وأعمالهم ، إنما يكون ذلك بالوسوسة ومحاولة الإغواء للوقوع في الحرام ، وكذلك نقر بالوسوسة الشيطانية وأنها حق وصدق وجاءت تؤكدها النصوص النقلية الصريحة من الكتاب والسنة ، وهذا أمر آخر بخلاف ما نتحدث عنه وهو ( الاقتران الشيطاني ) ، لذلك تراها تقول في موضع آخر : ( وأعود وأكرر, ينحصر عمل الشيطان في الوسوسة الخفية ولا يزيد على ذلك شيئا ) تناقض غريب وعجيب 0

ثانياً : ثم ترى عجباً في قولها : ( أما ما فوق ذلك من الصرع , فالله أمرنا بالعلم , وكما في الشرح المستفيض للدكتور 0 ( وائل أبو هند ) في الوصلة , فعلى المؤمن أن يلجأ إلى الطبيب النفسي الذي يعالجه على أسس الدين, وليس في هذا حرج أو عيب , وإنما يعالج الإنسان من المرض النفسي كما يعالج من المرض العضوي بالأدوية والعقاقير, وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم , فضل العالم على العابد ) 0
والله أحبتي عندما قرأت تلك الكلمات أيقنت يقيناً قاطعاً أنني أتحدث مع جاهل ، لأسباب كثيرة منها : أولاً : أن شيختنا الموقرة تأخذ عقيدتها ومنهجها من الدكتور ( وائل أبو هند ) وليس هذا طعناً في الرجل فلم أقرأ ولم أسمع عنه مطلقاً ، وهذه طامة كبرى لأنها تتحدث عن مسألة الصرع ، والثاني استشهادها بقوله صلى الله عليه وسلم ( فضل العالم على العابد ) 000 سماحة الشيخه ليس المقصود بالعالم ( الطبيب النفسي ) ، إنما المقصود العلماء العاملين العابدين أمثال : الإمام أحمد ، والأمام مالك ، والإمام أبو حنيفه ، والإمام الشافعي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمهم الله – ونحوهم من أعلام الأمة ، والذي قمت بضرب أقوالهم بعرض الحائط 0

ثالثاً : أما ذكرها للآية الكريمة : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ) ( سورة الأعراف – الآية 200 ، 202 ) 0

فهذه الآية فيها دلالة واضحة على مس الجن للإنس كما ذكر أهل العلم ، وإليكم الدليل :

قال ابن كثير في تفسير الآية – وليس الطبيب النفسي ( وائل أبو هند ) - : ( إذا مسهم أي أصابهم طيف وقرأ الآخرون طائف وقد جاء فيه حديث وهما قراءتان مشهورتان ، فقيل : بمعنى واحد 0 وقيل : بينهما فرق 0 ومنهم من فسر ذلك بالغضب ومنهم من فسره بمس الشيطان بالصرع ونحوه ، وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه ههنا حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبها طيف 0 فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يشفيني 0 فقال : " إن شئت دعوت الله فشفاك وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك – فقالت : بل أصبر ولا حساب علي " " أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 2 / 441 ، وابن حبان في صحيحه - برقم ( 708 ) ، والبزار - ج 1 / رقم 772 ، والحاكم في المستدرك - 4 / 218 ، والأصبهاني في" الترغيب " - برقم ( 529 ) ، والبغوي في " شرح السنة "- 5 / 236 " ) ( تفسير القرآن العظيم - 2 / 267 ) 0

الثامن والعشرون : ثم تقول : ( هناك ادعاءات كاذبة، يقوم بها بعض مدعي الاتصال بالجن ، ويفترون على الله افتراءات ما أنزل الله بها من سلطان 0 فينسبون إلى الجنّ علم الغيب وينقلون عنهم كذبا ً، يزعمونه من علم الغيب، ويتلاعبون في عقول السُذج من النساء وصغار العقول ، أو يدّعون قدرة الجن على النفع أو الضرر، والجن أنفسهم لا حول لهم ولا طول ، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرا إلا أن يشاء الله.
وقد بيّن القرآن أن أهل الجاهلية الذين كانوا يعوذون برجالٍ من الجن لم ينفعوهم شيئاً بل زاد وهم غيّاً وضلالاً وبعداً عن الأمن الذي يرجونه منهم ، قال تعالى : وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) ( سورة الجن – الآية 6 ) 0
عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) 0
هذا إن لم يصدقه ، فلو صدقه فقد كفر! قاس العلماء على ذلك قراءة الفنجان ، قراءة الكف ، والتطيّر " التشاؤم " 0

قلت وبالله التوفيق : خلط واضح بيِّنٌ ما بين الاستعانة بالجن والسحر والشعوذة والكهانة والعرافة ، والتطير ، وهذا يؤكد لي يقيناً أن المذكورة لم تطلع على موقعي الرئيسي ، ولم تبحث في منتدى الرقية الشرعية كي تعرف المنهج الذي نسير عليه ، وقد بحثت موضوع السحر بحثاً مستفيضاً ف كتابي ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) 0

التاسع والعشرون : ثم تقول : ( وإن يكن للجن شيء من القوة المادية فيما بينهم فقد صرفهم الله تعالى في مجرى العادات عن أن يكون لهم سلطان على الإنس والجن في نفعٍ أو ضرر إلا أن يشاء الله عزّ وجل شيئاً لحكمة أرادها ) 0

أقول وبالله التوفيق : هذا هو عين الحق ، ومن حكمته أحياناً أن يبتلى الإنسان بالصرع أو السحر أو العين 0

ثلاثون : ثم تقول مستشهدة بآية كريمة : ( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) (سورة الأعراف – الآية 27 ) 0
وقالت : الإمام الشافعي يقول : ( من قال إني رأيت الجن : لا تقبل شهادته لأنه كذاب ومزوّر " أنصدقه أم نصدق الله سبحانه وتعالى ، الله جلّ في علاه يقول إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : ( عَنْ جَابِرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) قَالُوا لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْد ) 0
قلت وبالله التوفيق : كل ما ذكر تحت هذا العنوان هو عين الحق ، وقد بحثت هذا الموضوع بحثاً مفصلاً في كتابي ( المنهج اليقين في بيان أخطاء معالجي الصرع والسحر والعين ) ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، وما علاقة هذه المسألة بمسألة النقاش وهيَّ الاقتران الشيطاني ؟؟؟ في حقيقة الأمر أنا لا أعلم الإجابة 0

الحادي والثلاثون : ثم تتابع فتقول : ( أهم ما في الموضوع أن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الجنّ بالذات : ( قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ) ( الآية 20 ) فالعلماء قالوا : " الشرك هنا أن تعتقد بأن الجن ينفعون أو يضرون 0
وقال تعالى : ( قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ) ( سورة الجن – الآية 21 ) ، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام ، وحبيب الحق ، وسيد الخلق ، وسيد ولد آدم ، وأعلى مخلوق في الكون لا يملك نفعاً ولا ضراً " أفيملك النفع والضر الجنّ ؟! جاءت هذه الآية في سورة الجن ليعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الجن لا يملكون نفعاً ولا ضراً ، ولا يعلمون الغيب ، ولا يملكون إلا شيئا واحداً ، ألا وهو الوسوسة الخفية 0 فإذا قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، إنتهى كل شيء 00 عندما يرتكب الإنسان معصية يصبح قريباً من الشيطان ، فإذا أطاع الله عزّ وجل ، يصبح الشيطان بعيداً عنه لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر : ( يا عمر ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً آخر ) 0 على قدر استطاعتك يبعد عنك الشيطان ، على قدر المعصية يقترب منك الشيطان ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) ( سورة آل عمران – الآية 174 ، 175 ) في بلادنا العربية ، وخصوصاً الخليج العربي، يعتبرون من يذهب إلى الطبيب النفسي مجنوناً يفضلون العذاب بصمت على العلاج من قبل طبيب نفسي يعالج عن دراية وأسس دينية إسلامية. أتمنى على كل من يجد في نفسه ما يريبه , أو فيمن يحب ما يبدو عليه هذا, أن يلجأ إلى الله بالدعاء, ويعيد حساباته ويقوي إيمانه, ويلجأ إلى الطبيب النفسي حين الحاجة, هدانا الله وهداكم, وثبتنا على الطريق القويم وشكراً 0

أقول وبالله التوفيق :

أولاً : مما يقره منهج أهل السنة والجماعة أن الضر والنفع بيد الله سبحانه وتعالى دون غيره من الخلق ، وقد ذَكَرت الأخت بعض تلك الأدلة من كتاب الله ، وكنت قد ذَكَرتُ حديث ابن عباس – رضي الله عنه – الدال على هذا المفهوم ، فلا خلاف إن شاء الله تعالى 0

ثانياً : أما قولها : ( ولا يملكون إلا شيئا واحداً ، ألا وهو الوسوسة الخفية ) ، فقد أكدت بما لا يدع مجالاً للشك من خلال نقاشي وتفصيلي السابق أن هذا الفهم فهمٌ قاصر ، وأنه يملكون غير الوسوسة وهو الصرع والاقتران 0

ثالثاً : أما قولها بعزوف البعض عن مراجعة المصحات النفسية نتيجة عوامل اجتماعية مختلفة ، فهذا هو الواقع في بعض الحالات ، أما الحالات الأخرى فتذهب وتعالج لدى المصحات النفسية ، وبالمناسبة فإن أثبات المعالجين أصحاب العلم الشرعي يطالبون الحالات النفسية من مراجعة الأطباء والمصحات النفسية والعلاج والاستشفاء كذلك بالرقية الشرعية ، حيث أن الأمراض النفسية هيَّ حق وصدق ، ولها رجالها وأخصائيوها 0

هذا ما تيسر في ردي وتعقيبي التفصيلي ، فما أصبت فمن الله وحده ، وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريئان ، وسوف أغلق باب الحوار والنقاش في هذه المسألة ، فقد اتضح الأمر وبان العوار ، وأُذكَّر بأن الإمام أحمد إمام أهل السنة والجماعة طلب للمناظرة من قبل أهل البدع ، فكان يقول : ( ولا كلمة واحدة ) ، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أتباع الطائفة الناجية المنصورة ، وأن يوفقنا للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل 0

المراجع :
1)- القرآن الكريم 0
2)- السنة النبوية المطهرة 0
3)- أقوال أثبا علماء أهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً 0

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة