الموضوع: للدعاة فقط
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-11-2008, 10:16 PM   #3
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

تابع

إن من قواعد الإسلام العظيمة القاعدة الفقهية المشهورة التي تقول: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" فلا أدري لماذا لا يستعملها كثير من دعاة السياسة اليوم؟

وهذه القاعدة من أدلتها أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك قتل عبد الله بن أبى بن سلول ـ رأس المنافقين ـ بالرغم من إيذائه الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم وما ترك قتله إلا خشية المفسدة، وذلك مخافة أن يسمع به البعيد، فيقول محمد صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه؟! فلا يدخل في دعوته ظاناً أن ابن سلول من أصحابه.

فترك قتله مع ما كان في قتله من مصلحة عظيمة وهي كف الأذى عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فمالِ فقهاء السياسة لا يستعملون هذه القاعدة العظيمة المستمدة من الكتاب والسنة.

هذا إذا كان في العمل مصلحة محققة فكيف إذا لم يوجد وراء هذا العمل إلا مفسدة مثلها؟.

إننا نعاني من التصرفات غير المسؤولة عند بعض المتصدرين للدعوة، فكم تصرفوا من تصرّف رجع على الدعوة الإسلامية بالضرر والفساد وأدى إلى تراجعها عشرات السنين..

هل فكر من (يقوم ببعض الأعمال الإفسادية) ما الذي يمكن أن يحدث لإخوانه المسلمين الذين يعيشون بين صفوف الكفار؟..

أتدري.. أن تلك الأعمال غير المدروسة شرعاً، أفسدت معايش كثير من إخواننا المسلمين الذين يعيشون في ديار الكفار؟!

فمسلم يوجد مقتولاً ملقى في طريق.. ومحجبة تختفي فجأة، وأخريات يسجنّ بين عتاولة المجرمين!

وغير ذلك من الأمور التي كان أبرزها تحجيم أعمال الخير في كثير من دول الإسلام.. وتشويه صورة الإسلام التي يسعى بعض المسلمين المخلصين إلى تحسينها عند الكفار من أجل دعوتهم..

فماذا استفدنا من تلك الأعمال..؟!

من الذي يستحق النصر..؟



لا بد أن يعلم الجميع أن شدتنا على بعض المسلمين لا تعني أننا نوالي الكفار (معاذ الله)، ولكن يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى، وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما نحمد معه ذلك التخشين". [مجموع الفتاوى 28/53]

ومن أجل ذلك أقول.. يقول الله تعالى: {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم** فكيف يكون النصر الذي نرجو من الله..؟ أليس بإقامة كتابه وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم؟ وانظروا في حال بعض الدعاة المتحمسين الذين يظنون أنهم أذكى من الناس فيقومون بالأعمال التي تجلب لدعوتنا التأخر.

هل هؤلاء نصروا دين الله.. حتى يرجو نصرته؟!

كثير منهم لم يحقق الدعوة إلى الكتاب والسنة على فهم السلف، التي تستحق أن يُنصر صاحبها..

فتجده يتخبط في عقيدته ولا ينكر على متعصبة المذاهب الذين يَرُدُّون سنة النبي صلى الله عليه وسلم من أجل مذاهبهم، ويؤاخي المبتدعة ويواليهم ويحبهم، وفي المقابل يطعن في علماء الإسلام الربانيين الذين ينصرون السنة لأنهم يبينون زيف دعوته.

وبعضهم جعل (التيسير والشذوذ في فتاواه) ديناً يوالي ويعادي عليه، فيفتي بالغناء وجواز التمثيل، بل ويصرح أنه التقى بعض الفنانات التائبات وأقنعهن بضرورة الرجوع إلى التمثيل لكن بتمثيل محتشم!!!!

وبعضهم ابتدع رقصاً إسلامياً، وبعضهم ينافح ويقاتل من أجل قيام الأحزاب لزيادة التفرق والشتات فوق ما هو حاصل الآن.

وإذا قامت دولتهم فأي دين سيقيمون وهم يدعون إلى التقريب بين الأديان ويجاهدون من أجل ذلك؟!.

والعجيب أن هؤلاء يرفعون شعارات الجهاد، فمن يجاهدون وهم يرون أن كل الديانات على حق؟!

فهل أمثال هؤلاء يستحقون النصر؟!

يقول الله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً**.

فتأمل: وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، ولم يقل يمكنهم، وهذا دليل على أن تمكينهم مقرون باتباعهم الدين الصحيح الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فهل اتبع الدعاة الذين أسلفت ذكرهم ما ارتضاه الله من الدين القويم؟!

وهذا التمكين مشروط بأن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً، كما في آخر الآية، فهل حقق هؤلاء الدعاة توحيد الله تعالى في أنفسهم وأتباعهم حتى ينصرهم الله ويوفقهم للحق ويثبتهم عليه..؟!! فلنراجع أنفسنا..

يقول الامام ابن القيم رحمه الله:

"وتحت قوله {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة**، كنـز عظيم من وفق لمظنته وأحسن استخراجه واقتناءه وأنفق منه فقد غنم، ومن حُرِمه فقد حرم، وذلك أن العبد لا يستغني عن تثبيت الله له طرفة عين، فإن لم يثبته وإلا زالت سماءُ إيمانه وأرضُه عن مكانهما، وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا**، وقال تعالى لرسوله: {وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك**، فالخلق كلهم قسمان: موفق بالتثبيت، ومخذول بترك التثبيت، ومادة التثبيت أصله ومنشأه من القول الثابت وفعل ما أُمر به العبد، فبهما يثبت الله عبده، فكلُّ من كان أثبتَ قولاً وأحسنَ فعلاً، كان أعظمَ تثبيتا، قال الله تعالى: {ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا**، فأثبت الناس قلباً أثبتهم قولا، والقول الثابت هو القول الحق والصدق، وهو ضد القول الباطل الكذب، وأثبت القول كلمةُ التوحيد ولوازمُها، فهي أعظم ما يثبت الله بها عبده في الدنيا والآخرة، ولهذا ترى الصادقَ من أثبتِ الناس وأشجعِهم قلباً، والكاذبَ من أمهن الناس وأخبثِهم وأكثرِهم تلوّثاً وأقلِهم ثباتاً، وأهلُ الفراسة يعرفون صدقَ الصادق من ثبات قلبه وقتَ الإخبار وشجاعتِه ومهابته، ويعرفون كذبَ الكاذب بضدِّ ذلك، ولا يخفى ذلك إلا على ضعيفِ البصيرة.

وسئل بعضهم عن كلامٍ سمعه من متكلمٍ به، فقال: واللهِ ما فهمت منه شيئاً إلا أني رأيتُ لكلامه صولةً ليست بصولةِ مبطل، فما مُنح العبدُ منحةً أفضلَ من منحةِ القولِ الثابت، ويجد أهلَ القول الثابت ثمرتَه أحوجَ ما يكونون إليه في قبورهم ويوم معادهم، كما في حديث البراء بن عازب أن هذه الآية نزلت في عذاب القبر". [إعلام الموقعين 1/136]

ظلمات التكفير

لا ننكر أنه يوجد في مجتمعاتنا أناسٌ منافقون من العلمانيين وغيرهم من الذين ليس لهم قيمة في المجتمع لا دينياً ولا دنيوياً، بل إنهم في آخر الركب في كل شيء، وأكثرهم من السفلة وسقط المتاع.

وهؤلاء المنحرفون لا يريدون قيام الدين ولا سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

ويظهر ذلك واضحاً جلياً في كتاباتهم التي تملأ أعمدة الصحف ليل نهار، من دعوتهم لمحو رسوم الإسلام وإعلان الفسق والفجور والاختلاط بين الجنسين وجعل الدولة دولة علمانية، وتحجيم العمل الخيري، والتحريض على أهل الخير واستهجانهم، والتعليقات الساخرة عليهم، وتأييد الكفار في قمع المسلمين وتقتيلهم، وتثبيط الناس عن نصرتهم.. وزعزعة الإسلام في قلوب أهله.

وهؤلاء المنافقون لا مكّنهم الله، لو جعل لهم من الأمر شيء لأيّدوا القول بالفعل، ولكن لعل نداءات بعض أهل الخير تقف دون تحقيق مبادئهم المنحلة، وعموماً فإني أبشر كل من وقف ضد الإسلام بسوء العاقبة.. قال تعالى: {إن شانئك هو الأبتر** أي: مبغضك هو المقطوع، فليُبشَّرُ هؤلاء بما يسوؤهم.

والحقيقة.. أن هؤلاء الجهال الباحثين عن الشهرة لم يجدوا لها سبيلاً إلا بالطعن في دين الله العظيم اغترارا بحلم الله، ولكن الويل لهم إن وقع عذاب الله فلا نجاة لهم يومئذ.

وتأمل حال هؤلاء: تجدهم في عزلة، مبغوضين من الناس، مشتتين في أسرهم، نزعت البركة من حياتهم، يعانون ضيق الصدر وكثرة الأحزان.

لِمَ؟!!!! ... {إن شانئك هو الأبتر**.

لكن على الرغم من هذا الزخم السيء، يجب ألا ننظر إلى المجتمع نظرة قاتمة ونعمم الأحكام على الناس خصوصاً في مسألة التكفير.. فإن بعض الناس بسبب تشدده وتكفيره للمجتمعات بسبب المعاصي قد عاش في عزلة وبدأ ينظر للمسلمين بازدراء وكأن الجنة لا تسع إلا من كان على طريقته وباقي الناس كفار ابتداء بالحاكم وانتهاء بالمحكوم.

إن التكفير عند أهل السنة يقوم على أصلين مهمين احفظهما جيداً:

1- دلالة الكتاب والسنة على أن القول أو الفعل الصادر من المحكوم عليه موجب للكفر.

2- انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين، وهنا لا بد أن تتم به شروط التكفير وتنتفي الموانع.

ويجب الحذر من أن يُنسب أحدٌ إلى التكفير دون بينة؛ لأن الخطأ في الحكم على المرء بالإسلام أهون من الحكم عليه خطأ بالكفر؛ لما يترتب عليه من أحكام، قال صلى الله عليه وسلم: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".

فإما أن يكون كذلك وإلا رجعت على القائل.
يتبع


 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة