عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 28-03-2010, 11:29 AM   #1
معلومات العضو
عطر
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية عطر
 

 

افتراضي «®°·.¸.•°°·.¸ زاد المعاد في هدي خير العباد’’الجزء الثاني¸.•°°·.¸.•°®»

فصل: في هديه وسيرته صلى الله عليه وسلم في نومه وانتباهه
كان ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود. قال عبَّاد بن تميم عن عمه: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رِجليه على الأخرى.‏‏‏‏‏‏
وكان فراشه أَدَماً حشوُه لِيف. وكان له مِسْحٌ ينام عليه يثنى بثَنيتين، وثُني له يوماً أربع ثنيات، فنهاهم عن ذلك وقال:(رُدُّوه إلَى حَالِهِ الأَوَلِ، فَإنَّه مَنَعَنِي صَلاَتِي اللَّيْلَة). والمقصود أنه نام على الفراش، وتغطى باللحاف، وقال لنسائه:(مَا أَتَانِي جِبْريلُ وَأَنَا في لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَ عَائِشَة).‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وكانت وسادتُه أَدَماً حشوها ليف.‏‏
وكان إذا أوى إلى فراشه للنوم قال:(بِاسمِك اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأَموتُ).‏‏‏‏‏‏‏‏
وكان يجمع كفَّيْهِ ثم ينفُث فيهما، وكان يقرأ فيهما:{‏قُلْ هُو اللَّهُ أَحَدٌ‏** و {‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏** و {‏قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏** ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأُ بهما على رأسه، ووجهه، وما أقبلَ مِنْ جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وكان ينام على شِقه الأيمن، ويضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، ثم يقول:(اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبعَثُ عِبَادَكَ). وكان يقول إذا أوى إلى فراشه:(الحمدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِيَ له وَلاَ مُؤْويَ) ذكره مسلم. وذكر أيضاً أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه:(اللّهم رب السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ، وَرَب العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كلِّ شَيءٍ، فَالِقَ الحَبَ وَالنَّوى، منزلَ التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ، وَالفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنتَ آخِذ بِنَاصِيتِهِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيسَ قَبْلَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الآخِرُ، فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شيءٌ، وَأَنْتَ البَاطِنُ، فَلَيْسَ دُونَكَ شَيءٌ، اقضِ عَنَّا الدَّينَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفقْرِ).‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وكان إذا استيقظ من منامه في الليل قال:(لاَ إلَه إِلاَّ أَنْتَ سبحَانَكَ، اللَّهمَ إنِّي أستغْفِركَ لِذَنبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْني عِلماً، وَلاَ تُزِغ قَلبي بَعْدَ إِذ هَدَيتَني، وَهَبْ لي مِن لَدنكَ رَحْمَةَ، إِنَّكَ أَنتَ الْوَهاب).‏‏‏‏‏‏‏‏
وكان إذا انتبه من نومه قال:(الْحَمْدُ لله الَّذِيَ أَحيَانَا بَعدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النّشُور). ثم يتسوَّك، وربما قرأَ العشر الآيات من آخر (آل عمران ) من قوله:{‏إنَ في خَلْقِ السَّموَاتِ والأَرْضِ‏** إِلى آخرها [آل عمران:190-200] وقال:(اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاواتِ والأَرْض وَمَنْ فِيهنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيَمُ السَّمَاوَاتِ والأَرضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْد، أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبيّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهي، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ).‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وكان ينام أول الليل، ويقوم آخره، وربما سهر أول الليل في مصالح المسلمين، وكان تنامُ عيناه، ولا ينامُ قلبُه. وكان إذا نام، لم يُوقظوه حتى يكونَ هو الذي يستقيظ. وكان إذا عرَّس بليل، اضطجع على شقه الأيمن، وإذا عرَّس قبيل الصبح، نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه، هكذا قال الترمذي. وقال أبو حاتم في (صحيحه): كان إذا عرَّس بالليل، توسد يمينه، وإذا عرَس قبيل الصبح، نصب ساعده، وأظن هذا وهماً، والصواب حديث الترمذي.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وقال أبو حاتم: والتعريس إنما يكون قُبيل الصبح.‏‏‏‏
وكان نومه أعدلَ النوم، وهو أنفع ما يكون من النوم، والأطباء يقولون: هو ثلث الليل والنهار، ثمان ساعات.‏‏‏‏
فصل: في هديه صلى الله عليه وسلم في الركوب
ركب الخيلَ والإِبل والبغال والحمير، وركب الفرس مُسْرَجَةً تارة، وَعَرِيَّا أخرى، وكان يُجريها في بعض الأحيان، وكان يركب وحده، وهو الأكثر، وربما أردف خلفه على البعير، وربما أردف خلفه، وأركب أمامه، وكانوا ثلاثة على بعير، وأردف الرجال، وأردف بعضَ نسائه، وكان أكثرَ مراكبه الخيل والإِبل. وأمّا البغال، فالمعروف أنه كان عنده منها بغلة واحدة أهداها له بعضُ الملوك، ولم تكن البغال مشهورة بأرض العرب، بل لما أهديت له البغلة قيل: ألا نُنزي الخيل على الحمر؟ فقال:(إِنَّمَا يَفْعَلُ ذِلِكَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ).‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
فصل
واتخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الغنم. وكان له مائة شاة، وكان لا يُحب أن تزيد على مائة، فإذا زادت بهمة، ذبح مكانها أخرى، واتخذ الرقيق من الإِماء والعبيد، وكان مواليه وعتقاؤه من العبيد أكثر من الإِماء. وقد روى الترمذي في (جامعه) من حديث أبي أمامة وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(أيما امْرئٍ أَعْتَقَ امرءَاً مسلِماَ، كَانَ فِكَاكَه مِنَ النَّار، كلُّ عضوِ مِنهُ عضواً مِنهُ، وَأَيّمَا امْرئٍ مسلِم أَعتَقَ امْرَأَتين مسْلِمَتَين، كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ، يجَزِئُ كل عضوين مِنهُمَا عُضواً منِهُ) هذا حديث صحيح.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وهذا يدل على أن عتق العبد أفضل، وأن عتق العبد يَعْدِل عتق أمتين، فكان أكثر عتقائه صلى الله عليه وسلم من العبيد، وهذا أحد المواضع الخمسة التي تكون فيها الأنثى على النصف من الذكر، والثاني: العقيقة، فإنه عن الأنثى شاة، وعن الذكر شاتان عند الجمهور، وفيه عدة أحاديث صحاح وحسان. والثالث: الشهادة، فإن شهادة امرأتين بشهادة رجل. والرابع: الميراث والخامس: الدية.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
فصل
وباع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم واشترى.‏‏
وكان شراؤه بعد أن أكرمه اللّه تعالى برسالته أكثَر من بيعه، وكذلك بعد الهجرة لا يكاد يُحفظ عنه البيع إلا في قضايا يسيرة أكثرها لغيره، كبيعه القدح والحلس فيمن يزيد، وبيعه يعقوب المدبَّر غلام أبي مذكورة، وبيعه عبداً أسود بعبدين.‏‏
وأمّا شراؤه، فكثير، وآجر، واستأجر، واستئجاره أكثر من إيجاره، وإنما يُحفظ عنه أنه أجر نفسه قبل النبوة في رعاية الغنم، وأجر نفسه من خديجة في سفره بمالها إلى الشام.‏‏
وإن كان العقد مضاربة، فالمضارب أمين، وأجير، ووكيل، وشريك، فأمين إذا قبض المال، ووكيل إذا تصرف فيه، وأجير فيما يُباشره بنفسه من العمل، وشريك إذا ظهر فيه الربح. وقد أخرج الحاكم في (مستدركه) من حديث الربيع بن بدر، عن أبي الزبير، عن جابر قال: آجرَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نفسه مِن خديجة بنت خويلد سفرتين إلى جَرَشَ كل سَفرَةٍ بِقَلُوصٍ، وقال: صحيح الإِسناد.‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
قال في (النهاية): جُرَش، بضم الجيم وفتح الراء مِن مخاليف اليمن، وهو بفتحهما بلد بالشام.‏‏‏‏‏‏‏‏
قلت: إن صح الحديث، فإنما هو المفتوح الذي بالشام، ولا يَصِحُّ، فإن الربيع بن بدر هذا هو عُلَيْلَة، ضعفه أئمة الحديث. قال النسائي والدارقطني والأزدي: متروك، وكأن الحاكم ظنه الربيع بن بدر مولى طلحة بن عبيد اللّه.‏‏‏‏‏‏‏‏
وشارك رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولما قدم عليه شريكهُ قال: أما تَعرِفُني؟ قال:(أما كُنْتَ شَرِيكي؟ فَنِعْمَ الشَّرِيكُ كُنْتَ لا تدَارِي ولا تُمَارِي).‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏
وتدارئ بالهمزة من المدارأة، وهي مدافعة الحق، صارت من المداراة، وهي المدافعة بالتي هي أحسن. ووكَّلَ وتَوَكَّل، وكان توكيلُه أكثرَ من توكّلِه.‏‏‏‏
وأهدى، وَقَبِلَ الهدية، وأثاب عليها، ووهب، واتّهَبَ، فقال لسلمة بن الأكوع، وقد وقع في سهمه جارية:(هَبْهَا لِي) فوهَبَها له، فَفَادَى بها مِنْ أهْلِ مكّة أُسَارَى مِنَ المُسلمين.‏‏‏‏‏‏‏‏
واستدان برهن، وبِغير رهن، واستعار، واشترى بالثمن الحالِّ والمؤجَّلِ.‏‏
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة