عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-05-2009, 10:24 AM   #1
معلومات العضو
ابونورالاسبيعي
إشراقة مواضيع وردود متميزة

I11 قصة جميلة وعبرة

القصة جميلة جدا و مؤثرة أقراها بتمعن *














*أقرأوها وتمعنوا فيها... أثابكم الله وقد ذكرها ****الشيخ خالد الراشد
كثيرا... ويُقال انها قصته الشخصية** :



**لم أكن جاوزت** **الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي.. ما زلت أذكر تلك
الليلة ... بقيت إلى آخر** **الليل مع الشّلة في إحدى الاستراحات.. كانت سهرة
مليئة بالكلام الفارغ.. بل بالغيبة ****والتعليقات المحرمة... كنت أنا الذي
أتولى في الغالب إضحاكهم.. وغيبة الناس.. وهم** **يضحكون**.
**أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً.. كنت أمتلك موهبة عجيبة في التقليد**
.. **بإمكاني
تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر منه.. أجل كنت أسخر من
****هذا
وذاك.. لم يسلم أحد منّي أحد حتى أصحابي... صار بعض الناس يتجنّبني كي يسلم من*
* **لساني**.
**أذكر أني تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق... والأدهى**
**أنّي
وضعت قدمي أمامه فتعثّر وسقط يتلفت برأسه لا يدري ما يقول.. وانطلقت
ضحكتي ****تدوي
في السّوق** ..
**عدت إلى بيتي متأخراً كالعادة.. وجدت زوجتي في انتظاري.. كانت ****في حالة
يرثى لها.. قالت بصوت متهدج: راشد.. أين كنتَ ؟**
**قلت ساخراً: في** **المريخ.. عند أصحابي بالطبع** ..
**كان الإعياء ظاهراً عليها.. قالت والعبرة تخنقها** : **راشد… أنا تعبة جداً
.. الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكا** ..
**سقطت دمعة صامته** **على خدها.. أحسست أنّي أهملت زوجتي.. كان المفروض أن
أهتم بها وأقلّل من سهراتي** .. **خاصة أنّها في شهرها التاسع* *.
**حملتها إلى المستشفى بسرعة.. دخلت غرفة الولادة**.. **جعلت تقاسي الآلام
ساعات طوال.. كنت أنتظر ولادتها بفارغ الصبر.. تعسرت ولادتها* *.. **فانتظرت
طويلاً حتى تعبت.. فذهبت إلى البيت وتركت رقم هاتفي عندهم ليبشروني** .
**بعد** **ساعة.. اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ قدوم سالم ذهبت إلى المستشفى فوراً..
أول ما رأوني ****أسأل عن غرفتها.. طلبوا منّي مراجعة الطبيبة التي أشرفت على
ولادة زوجتي** .
**صرختُ** **بهم: أيُّ طبيبة ؟! المهم أن أرى ابني سالم**.
**قالوا، أولاً راجع الطبيبة** ...
**دخلت على الطبيبة.. كلمتني عن المصائب .. والرضى بالأقدار .. ثم قالت: ولدك
به ****تشوه شديد في عينيه ويبدوا أنه فاقد البصر** !!
**خفضت رأسي.. وأنا أدافع عبراتي* *.. **تذكّرت ذاك المتسوّل الأعمى الذي دفعته
في السوق وأضحكت عليه الناس** .
**سبحان الله** **كما تدين تدان ! بقيت واجماً قليلاً.. لا أدري ماذا أقول.. ثم
تذكرت زوجتي وولدي** .. **فشكرت الطبيبة على لطفها ومضيت لأرى زوجتي* *..
**لم تحزن زوجتي.. كانت مؤمنة بقضاء** **الله.. راضية. طالما نصحتني أن أكف عن
الاستهزاء بالناس.. كانت تردد دائماً، لا* ***تغتب الناس** ..
**خرجنا من المستشفى، وخرج سالم معنا. في الحقيقة، لم أكن أهتم به** **كثيراً.
اعتبرته غير موجود في المنزل. حين يشتد بكاؤه أهرب إلى الصالة لأنام فيها **. *
*كانت زوجتي تهتم به كثيراً، وتحبّه كثيراً. أما أنا فلم أكن أكرهه، لكني لم
أستطع** **أن أحبّه** !
**كبر سالم.. بدأ يحبو.. كانت حبوته غريبة.. قارب عمره السنة فبدأ** **يحاول
المشي.. فاكتشفنا أنّه أعرج. أصبح ثقيلاً على نفسي أكثر. أنجبت زوجتي بعده
****عمر
وخالداً** .
**مرّت السنوات وكبر سالم، وكبر أخواه. كنت لا أحب الجلوس في البيت **.
**دائماً
مع أصحابي. في الحقيقة كنت كاللعبة في أيديهم** ..
**لم تيأس زوجتي من** **إصلاحي. كانت تدعو لي دائماً بالهداية. لم تغضب من
تصرّفاتي الطائشة، لكنها كانت** **تحزن كثيراً إذا رأت إهمالي لسالم واهتمامي
بباقي إخوته* *.
**كبر سالم وكبُر معه** **همي. لم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحدى المدارس
الخاصة بالمعاقين. لم أكن أحس* ***بمرور السنوات. أيّامي سواء .. عمل ونوم
وطعام وسهر**.
**في يوم جمعة، استيقظت** **الساعة الحادية عشر ظهراً. ما يزال الوقت مبكراً
بالنسبة لي. كنت مدعواً إلى وليمة** . **لبست وتعطّرت وهممت بالخروج. مررت
بصالة المنزل فاستوقفني منظر سالم. كان يبكي ****بحرقة** !
**إنّها المرّة الأولى التي أنتبه فيها إلى سالم يبكي مذ كان طفلاً. عشر
****سنوات
مضت، لم ألتفت إليه. حاولت أن أتجاهله فلم أحتمل. كنت أسمع صوته ينادي
أمه** **وأنا
في الغرفة. التفت ... ثم اقتربت منه. قلت: سالم! لماذا تبكي؟** !
**حين سمع** **صوتي توقّف عن البكاء. فلما شعر بقربي، بدأ يتحسّس ما حوله بيديه
الصغيرتين. ما بِه** **يا ترى؟! اكتشفت أنه يحاول الابتعاد عني!! وكأنه يقول:
الآن أحسست بي. أين أنت منذ ****عشر سنوات ؟! تبعته ... كان قد دخل غرفته. رفض
أن يخبرني في البداية سبب بكائه** . **حاولت التلطف معه .. بدأ سالم يبين سبب
بكائه، وأنا أستمع إليه وأنتفض** .
**أتدري ما** **السبب!! تأخّر عليه أخوه عمر، الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد.
ولأنها صلاة جمعة،** **خاف ألاّ يجد مكاناً في الصف الأوّل. نادى عمر.. ونادى
والدته.. ولكن لا مجيب **.. **فبكى** .
**أخذت أنظر إلى الدموع تتسرب من عينيه المكفوفتين. لم أستطع أن أتحمل بقية ***
*كلامه. وضعت يدي على فمه وقلت: لذلك بكيت يا سالم** !!..
**قال: نعم** ..
**نسيت** **أصحابي، ونسيت الوليمة وقلت: سالم لا تحزن. هل تعلم من سيذهب بك
اليوم إلى المسجد؟**
**قال: أكيد عمر .. لكنه يتأخر دائماً** ..
**قلت: لا ... بل أنا سأذهب بك** ...
**دهش سالم .. لم يصدّق. ظنّ أنّي أسخر منه. استعبر ثم بكى. مسحت دموعه بيدي **
**وأمسكت يده. أردت أن أوصله بالسيّارة. رفض قائلاً: المسجد قريب... أريد أن
أخطو إلى** **المسجد - إي والله قال لي ذلك**.
**لا أذكر متى كانت آخر مرّة دخلت فيها المسجد،** **لكنها المرّة الأولى التي
أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات** **الماضية. كان المسجد
مليئاً بالمصلّين، إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف ****الأوّل. استمعنا
لخطبة الجمعة معاً وصلى بجانبي... بل في الحقيقة أنا صليت بجانبه** ..
**بعد انتهاء الصلاة طلب منّي سالم مصحفاً. استغربت!! كيف سيقرأ وهو أعمى؟ كدت*
* **أن أتجاهل طلبه، لكني جاملته خوفاً من جرح مشاعره. ناولته المصحف ... طلب
منّي أن ****أفتح المصحف على سورة الكهف. أخذت أقلب الصفحات تارة وأنظر في
الفهرس تارة ... حتى** **وجدتها**.
**أخذ مني المصحف ثم وضعه أمامه وبدأ في قراءة السورة ... وعيناه مغمضتان** ...
**يا الله !! إنّه يحفظ سورة الكهف كاملة* *!!
**خجلت من نفسي. أمسكت مصحفاً** .... **أحسست برعشة في أوصالي... قرأت وقرأت..
دعوت الله أن يغفر لي ويهديني. لم أستطع* ***الاحتمال ... فبدأت أبكي كالأطفال.
كان بعض الناس لا يزال في المسجد يصلي السنة** ... **خجلت منهم فحاولت أن أكتم
بكائي. تحول البكاء إلى نشيج وشهيق **...
**لم أشعر إلا ّ** **بيد صغيرة تتلمس وجهي ثم تمسح عنّي دموعي. إنه سالم !!
ضممته إلى صدري... نظرت ****إليه. قلت في نفسي... لست أنت الأعمى بل أنا
الأعمى، حين انسقت وراء فساق يجرونني** **إلى النار**.
**عدنا إلى المنزل. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل** **إلى
دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم* *..
**من ذلك اليوم لم تفتني صلاة** **جماعة في المسجد. هجرت رفقاء السوء .. وأصبحت
لي رفقة خيّرة عرفتها في المسجد. ذقت* ***طعم الإيمان معهم. عرفت منهم أشياء
ألهتني عنها الدنيا. لم أفوّت حلقة ذكر أو صلاة** **الوتر. ختمت القرآن عدّة
مرّات في شهر. رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر لي غيبتي ****وسخريتي من
النّاس. أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي. اختفت نظرات الخوف والشفقة** **التي
كانت تطل من عيون زوجتي. الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم. من
يراه** **يظنّه
ملك الدنيا وما فيها. حمدت الله كثيراً على نعمه* *.
**ذات يوم ... قرر أصحابي** **الصالحون أن يتوجّهوا إلى أحدى المناطق البعيدة
للدعوة. تردّدت في الذهاب. استخرت* ***الله واستشرت زوجتي. توقعت أنها سترفض...
لكن حدث العكس** !
**فرحت كثيراً، بل** **شجّعتني. فلقد كانت تراني في السابق أسافر دون استشارتها
فسقاً وفجوراً** .
**توجهت** **إلى سالم. أخبرته أني مسافر فضمني بذراعيه الصغيرين مودعاً **...
**تغيّبت عن البيت** **ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك الفترة أتصل كلّما سنحت
لي الفرصة بزوجتي وأحدّث* ***أبنائي. اشتقت إليهم كثيراً ... آآآه كم اشتقت إلى
سالم !! تمنّيت سماع صوته... هو** **الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت. إمّا أن
يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي ****بهم** .
**كلّما حدّثت زوجتي عن شوقي إليه، كانت تضحك فرحاً وبشراً، إلاّ آخر
مرّة ****هاتفتها
فيها. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة. تغيّر صوتها** ..
**قلت لها: أبلغي سلامي** **لسالم، فقالت: إن شاء الله ... وسكتت**...
**أخيراً عدت إلى المنزل. طرقت الباب** . **تمنّيت أن يفتح لي سالم، لكن فوجئت
بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره** . **حملته بين ذراعي وهو يصرخ:
بابا .. بابا .. لا أدري لماذا انقبض صدري حين دخلت ****البيت** .
**استعذت بالله من الشيطان الرجيم* *...
**أقبلت إليّ زوجتي ... كان وجهها** **متغيراً. كأنها تتصنع الفرح** .
**تأمّلتها جيداً ثم سألتها: ما بكِ؟**
**قالت: لا** **شيء** .
**فجأة تذكّرت سالماً فقلت ... أين سالم ؟**
**خفضت رأسها. لم تجب. سقطت** **دمعات حارة على خديها** ...
**صرخت بها ... سالم! أين سالم** ...* *؟**
**لم أسمع حينها** **سوى صوت ابني خالد يقول بلغته: بابا ... ثالم لاح الجنّة
... عند الله** ...
**لم** **تتحمل زوجتي الموقف. أجهشت بالبكاء. كادت أن تسقط على الأرض، فخرجت من
الغرفة **.
**عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين فأخذته زوجتي إلى**
**المستشفى .. فاشتدت عليه الحمى ولم تفارقه ... حين فارقت روحه جسده** ...
**إذا ضاقت** **عليك الأرض بما رحبت، وضاقت عليك نفسك بما حملت فاهتف ... يا
الله**
**إذا بارت** **الحيل، وضاقت السبل، وانتهت الآمال، وتقطعت الحبال، نادي ... يا
الله*







*لا اله ****الا الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم*








    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة