عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-12-2007, 09:30 PM   #16
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن اليوسف
إشراقة إشراف متجددة
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن اليوسف
 

 

افتراضي

وعن قتادة-رحمه الله-في قوله تعالى : مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (يعني: الشيطان يوسوس في صدر ابن آدم ،ويخنس إذا ذكر الله)(1).

فالخناس : فعَّالٌ من خَنَس يَخْنِسُ : إذا توارى واختفى.وأصل الخنوس : الرجوع إلى الوراء .
يقول ابن القيم : (العبد إذا غفل عن ذكر الله جَثَم على قلبه الشيطان وانبسط عليه، وبذر فيه أنواع الوساوس التي هي أصل الذنوب كلها ، فإذا ذكر العبد ربه، واستعاذ به انخنس وانقبض كما ينخنس الشيء ليتوارى ،وذلك الانخناس والانقباض هو- أيضاً-تجمُّعٌ ورجوعٌ وتأخـرٌ عن القلب إلى خارج، فهو تأخرٌ ورجوعٌ معه اختفاء … وجيء من هذا الفعل بوزن فعَّال الذي للمبالغة دون الخانِس والمُنْخَنِس إيذاناً بشدة هروبه ورجوعه وعظم نفوره عند ذكر الله، وأنَّ ذلك دأبه ودَيْدَنُهُ، لا أنه يعرض له ذلك عند ذكر الله أحياناً ،بل إذا ذكر الله هرب وانخنس وتأخر ، فإنَّ ذكر الله هو مِقْمَعَتُه التي يُقمع بهـا كما يُقمع المفسـد والشرير بالمقامع التي تردعه؛ من سياط وحديد وعصي ونحوها .

فذكر الله يَقمع الشيطان ،ويؤلمه ويؤذيه ،كالسِّياط والمقامع التي تُؤذي من يُضرب بها ،ولهذا يكون شيطان المؤمن هزيلاً ضئيلاً مُضنىً مما يعذبه المؤمن ويقمعه به من ذكر الله وطاعته ..
فمن لم يعذبْ شيطانَه في هذه الدار بذكر الله تعالى وتوحيده واستغفاره وطاعته، عذَّبه شيطانُه في الآخرة بعذاب النار ،فلا بدَّ لكلِّ أحدٍ أن يُعَذِّبَ شيطانَه أو يُعذِّبُه شيطانُه )(2).




__________
1-انظر: تفسير الطبري(12/752-753)والبغوي(4/548)وفتح الباري(8/614)والدر المنثور،للسيوطي(6/722).

2-بدائع الفوائد (2/791-793) .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة