عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 16-06-2012, 09:45 AM   #1
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي الكُسَعِيّ وقوْسُه

الكُسَعِيّ وقوْسُه

الكُسَعِيُّ رجل منسوب إلى كسع، قبيلة باليمن، واسمه محارب بن قيس، وبندامته يُضرَب المثل، يُقال: أندم من الكسعي.

ومن حديثه أنه كان يرعى إبِلا بوادٍ كثير العشب والخمْط، فبينما هو يرعاها بَصُرَ بِنَبْعَةٍ على صخرة، فقال: ينبغي أن تكون هذه قوسا، فجعل يتعهّدها ويُقوِّمها حتى أدركت، فقطعها، فلما جفّت اتّخذ منها قوسا، وأنشأ يقول:

يا ربِّ وفِّقنـي لنَحْتِ قوسي * فإنهـا مِـن لذّتي لنفسـي

وانفعْ بِقوسي وَلَدي وعِرْسـي * أنْحِتها صفراءَ مثل الورسِ

* صلْداءَ ليستْ كقسيِّ النُّكْسِ *

ثم دهنها وخطمها بوتر، واتَّخذ مِنْ بُرايتها خمسة أسهم، وجعل يقلِّبها في كفِّه ويُنشد:

هُنَّ وربِّي أسْهُمٌ حِسانُ * يلذ للرَّامِي بها البـَنـانُ

كأنّما قوَّمها ميـزانُ * فأبشروا بالخصب يا صِبيانُ

* إن لم يعقني الشؤمُ والحِرمانُ *

ثم أتى قُتَرَة على موارد حُمُر، فكَمَنَ فيها، فمرَّ به قطيع، فرمى عَيْرًا منها بسهم، فأنفذه وجازه وأصاب الجبل، فأَوْرَى (أشعل) نارا، فظن أنه أخطأه، فأنشد يقول:

أعوذ بالله العزيز الرحـمـانْ * مِن نكَد الجد معا والحِـرمانْ

ما لي رأيت السهم بين الصوّانْ * يُورِي شَرارا مثل لوْن العِقيان

* فأخلف اليوم رجاء الصبيان *

ثم مر به قطيع آخر، فرمى عَيْرا فأنفذه السهم فصنع صنيعه الأول، فأنشأ يقول:

لا بارك الرحمان في رمي القتر * أعوذ بالخالق من شر القدرْ

أأمخط السهم لإرهاق الضرر * أم ذاك من سوء احتيال ونظرْ

* أم ليس يغني حذر عنه قدر *

ثم مر به قطيع آخر فرمى عيرا، فأمخطه السهم، فصنع صنيعه الأول فأنشأ يقول:

ما بال سهمي يوقد الحُباحِبا * قد كنت أرجو أن يكون صائبا

فأخطأ العيْـرَ وولَّى جانبـا * فصـار رأيي فيه رأيا ختائبـا

ثم مر به قطيع آخر فرمى عيرا بسهم فأمخطه السهم وصنع ما صنع أولا فأنشأ يقول:

يا أسفـا والجـد النكـد * في قوس صدق لم تزين بأود

أخلف ما أرجو لأهل وولد * فيها ولم يغن الحذار والجلد

* فخاب ظن الأهل جمعا والولد *

ثم مر قطيع آخر فرمى عيرا بسهم فأمخطه السهم وصنع كما صنع أولا فأنشأ يقول:

أبَعد خمسٍ قد حفظت عدَّها * أحمِل قوسي وأريد ردَّها

أخزى الإله لينها وشـدَّها * والله لا تسلم منّي بعـدها

* ولا أرجِّي ما حيِيتُ رِفْدَها *

ثم أخذ القوس فكسرها على حجر وبات، فلما أصبح أبصر الأعيار الخمسة مطروحة حوله، فأسف وندم على كسر القوس، وعضّ على إبهامه فقطعها تلهّفًا، وأنشأ يقول:

ندمت ندامة لو أن نفسي * تطاوعني إذا لـقـطعت خمسي

تبيّن لي سفاه الرأي مني * لعمر أبيك حين كسرت قوسي

وبالكسعي يتمثل الفرزدق حين يقول:

ندِمت ندامة الكسعي لما * غدتْ منِّي مطلّقة نوارُ

وكانت جنتي فخرجت منها * كآدمَ حين أخرجه الضِّـرارُ

ولو أني ملكت يدي ونفسي * لأصبح لي على القدر اختيارُ

وكنت كفاقئ عينيه عمدا * فأصبح ما يضيء له نهارُ

[شرح مقامات الحريري للشريشي (1/258)]


 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة