عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 29-03-2012, 01:11 AM   #1
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي -هل للدعاء أثرٌ في زيادةِ العمر ونقصانه ؟-



قوله: "وضرب لهم آجالاً".

-هل للدعاء أثرٌ في زيادةِ العمر ونقصانه ؟-

الجواب: أن الدعاء ليس له أثر في زيادة العمر ونقصانه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- لأم حبيبة رضي اللـه عنهـا: "قـد سألـتِ اللـهَ لآجـالٍ مضروبـة"، كما تقدم. فعُلِمَ أن الأعمارَ مقدرةٌ، لـم يُشـرَعُ الـدعـاءُ بتغييـرهـا(1)، أمـا إن كـان الدعـاءُ بتغييـر العمـر يتضمـن النفـع الأخـروي، فهـو مشـروع، كمـا قـال -صلى الله عليه وسلم-: "اللهـم بعلمـك الغيـب، وقدرتـك على الخلـق أحينـي مـا كانـت الحيـاة خيـراً لـي، وتوفنـي إذا كانـت الوفاةُ خيراً لي"(2). وكـان الإمـام أحمـد رحمـه اللـه يكـره أن يُدعـى لـه بطـول العمـر، ويقـول: هـذا أمـر قـد فـُرِغَ مـنـه.

(1) هذا الكلام لا يصح على إطلاقه، وبخاصة أن السُّنَّة دلت على خلافه، حيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا لأنس بن مالك بطول العمر، كما في الحديث عنه قال: دعا لي رسول اللـه فقال: "اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته"، فاللـه أكثر مالي حتى إن كرماً لي لتحمل في السنة مرتين، وولد لصلبي مئة وستة. وقد عمَّرَ -رضي الله عنه- مئة وثلاث سنين، وقيل: مئة وسبع سنين .. وكذلك لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، قال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً، فأبقني لها. وكذلك دعوة سعد بن أبي وقاص على الرجل الذي قال في سعد: فإنه كان لا يعدل في القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية، فقال سعد: اللهم إن كان كاذباً، فأعم بصره، وأطل عمره، وعرضه للفتن. قال عبد الملك بن عمير: فأنا رأيته بعدُ يتعرض للإماء في السكك. فإذا سُئل كيف أنت؟ قال: كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد. والقصة متفق على صحتها فقد رواها البخاري ومسلم. فدل أن الدعاء له تأثير في زيادة العمر ونقصانه، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يرد القدر إلا الدعاء"، ولا شك أن الموت والحياة، والأعمار هي من القدر، كما قال تعالى: {وإن من شيء إلا بقدر** ، وما استدل به الشارح -رحمه اللـه- على منع تأثير الدعاء في الأعمار لاحجة فيه، حيث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على أم حبيبة رضي اللـه عنها دعاءها بأن يمتعها اللـه بزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبأبيها وأخيها، وإنما بين لها أن ما سألته فهو مقدور وكائن لا محال، ثم بين لها الدعاء الأفضل، فقال لها: "ولو كنت سألت اللـه أن يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر، كان خيراً وأفضل". فمفهوم الحديث أن سؤالها بأن يمتعها اللـه تعالى بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبأبيها وبأخيها فضيل، ولكن الأفضل لو سألت اللـه أن يعيذها من عذاب في النار، وعذاب في القبر.
فإن قيل الآجال محدودة فيكف يكون الدعاء سبباً في إطالتها؟
فالجواب: يقال ما قيل في تأثير صلة الرحم على إطالة العمر، حيث أن اللـه تعالى يعلم أن هذا العبد سيُدعى له بطول العمر، وينال الدعاء عند اللـه تعالى القبول، فيطيل أجله وعمره بناء على علمه السابق في ذلك قبل خلقه.
(2) صحيح، رواه النسائي، والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.
(3) وهذا كفر، لتضمنه الشتم ووصف اللـه تعالى بالعجز والضعف، وبما لا يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا. واعلم أن أي إطلاق أو تعبير بحق اللـه تعالى مفاده وصف اللـه تعالى بصفات تتضمن الضعف والنقص والعجز، فهو كفر يوقع صاحبه بالكفر والردة.
(4) الطاعة منها ما يعتبر من لوازم الإيمان ومتطلباته؛ وهو العمل بالتوحيد قلباً وقالباً واجتناب الشرك، وكذلك إقامة الصلاة، فهذا جانب ينتفي الإيمان بانتفائه، وما دون ذلك من الطاعات تعتبر من مكملات الإيمان، يزداد الإيمان بإتيانها والقيام بها، وينقص بتركها، ولا ينتفي مطلقاً بانتفائها.
(5) من المعاصي ما تخرج صاحبها من الملة وتوقعه في الكفر والردة، وذلك عندما تصل إِلى درجة الشرك أو الكفر باللـه تعالى، كالتوجه بالعبادة أو بشيء من مجالاتها لغير اللـه تعالى فهو كفر يخرج صاحبه من الملة، وكذلك مظاهرة المشركين على المسلمين وغيرها من المعاصي والممارسات التي تعتبر من نواقض الإيمان.
وما سوى ذلك من المعاصي كارتكاب الكبائر وما دونها من الذنوب، فهي توجب على صاحبها الوعيد والعذاب، ولكن لا تنفي عنه مطلق الإيمان الذي ينفع صاحبه يوم القيامة. والمعصية تطلق في القرآن والسنة على الكفر، وعلى ما هو دون الكفر.
(6) اعلم أن غاية الغايات التي لأجلها خلق الإنس والجن عبادة اللـه -عز وجل-، فحيثما تتحقق سلامة العبادة -بمفهومها الشامل- وجب على المسلم أن يقيـم ويشـد إليـه الرحـال، وحيثمـا تنعـدم
سلامة العبادة والدين يتعين على المسلم الفرار بدينه من ذلك المكان إِلى حيث تتحقق سلامة العبادة، والشح بالوطن والديار والأموال لا يبرر لصاحبه قط أن يتخلف عن عبادة اللـه كما أُمِر، والهجرة ما شرعت إلا لتحقيق هذا المطلب الهام.

تهذيب شرح العقيدة الطحاوية

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة