عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-06-2009, 07:59 AM   #4
معلومات العضو
عطر
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية عطر
 

 

افتراضي

فصل‏:‏ في مبعثه صلى الله عليه وسلم وأول ما نزل عليه

بعثه اللّه على رأس أربعين، وهي سنُّ الكمال‏.‏ قيل‏:‏ ولها تبعث الرسل، وأما ما يذكر عن المسيح أنه رُفعَ إلى السماء وله ثلاث وثلاثون سنة، فهذا لا يعرف له أثر متصل يجب المصير إليه‏.‏

وأول ما بدئ به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من أمر النبوة الرؤيا، فكان لا يَرى رُؤيا إلا جاءتْ مِثْلَ فَلَقِ الصبُّح قيل‏:‏ وكان ذلك ستةَ أشهر، ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة واللّه أعلم‏.‏

ثم أكرمه اللّه تعالى بالنبوة، فجاءه المَلَك وهو بغار حِرَاءٍ، وكان يُحب الخلوة فيه، فأول ما أنزل عليه ‏{‏اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الّذِي خَلَقَ‏**‏ ‏[‏العلق‏:‏ 1‏]‏ هذا قول عائشة والجمهور‏.‏

وقال جابر‏:‏ أول ما أنزل عليه‏:‏ ‏{‏يَأَيّهَا الْمُدّثّرُ‏**‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 1‏]‏

والصحيح قول عائشة لوجوه‏:‏

أحدها أن قوله‏:‏ ‏(‏مَا أَنَا بِقَارِئ‏)‏ صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئاً‏.‏

الثاني‏:‏ الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإِنذار، فإنه إذا قرأ في نفسه، أنذر بما قرأه، فأمره بالقراءة أولاً، ثم بالإِنذار بما قرأه ثانياً‏.‏

الثالث‏:‏ أن حديث جابر، وقوله‏:‏ أول ما أنزل من القرآن ‏{‏يَا أيها المُدَّثر‏**‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 1‏]‏ قول جابر، وعائشة أخبرت عن خبره صلى الله عليه وسلم عن نفسه بذلك‏.‏

الرَّابع‏:‏ أن حديث جابر الذي احتج به صريح في أنه قد تقدم نزول الملَك عليه أولاً قبل نزول ‏{‏يَأيُّهَا المُدَّثَر‏**‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 1‏]‏ فإنه قال‏:‏ ‏(‏فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء، فرجعت إلى أهلي فقلت‏:‏ زملوني دثروني، فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏يَأَيُّهَا المُدَّثَرُ‏**‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 1‏]‏‏)‏ وقد أخبر أن الملك الذي جاءه بحراء أنزل عليه ‏{‏اقرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ‏**‏ ‏[‏العلق‏:‏ 1‏]‏ فدل حديث جابر على تأخر نزول ‏{‏يَا أَيُّهَا المُدثِّرُ‏**‏ ‏[‏المدثر‏:‏ 1‏]‏ والحجة في روايته، لا في رأيه، واللّه أعلم‏.‏

فصل‏:‏ في ترتيب الدعوة ولها مراتب

المرتبة الأولى‏:‏ النبوة‏.‏ الثانية‏:‏ إنذار عشيرته الأقربين‏.‏ الثالثة‏:‏ إنذار قومه‏.‏ الرابعة‏:‏ إنذار قومٍ ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة‏.‏ الخامسة‏:‏ إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدّهر‏.‏

فصل

وأقام صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاث سنين يدعو إلى اللّه سبحانه مستخفياً، ثم نزل عليه ‏{‏فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ‏**‏ ‏[‏الحجر‏:‏ 94‏]‏‏.‏ فأعلن صلى الله عليه وسلم بالدعوة وجاهر قومه بالعداوة، واشتد الأذى عليه وعلى المسلمين حتى أذن اللّه لهم بالهجرتين‏.‏

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة