عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-08-2005, 09:08 AM   #9
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي

وحكي عن شريك بن أبي شمر قال: رأيت أسناني في النوم وقعت فسألت عنها سعيد بن المسيب فقال: أوساءك ذلك إن صدقت رؤياك لم يبق من أسنانك أحد إلا مات قبلك فعبرها سعيد باللفظ لا بالأصل, لان الأصل في الأسنان أنها القرابة. وحكي عن بشر بن أبي العالية قال: سألت محمدا عن رجل رأى كأن فمه سقط كله فقال: هذا رجل قطع قرابته فعبرها محمد بالأصل لا باللفظ. وحكي عن الأصمعي قال: اشترى رجل أرضا فرأى أن ابن أخيه يمشي فيها فلا يطأ إلا على رأس حية فقال: إن صدقت رؤياه لم يغرس فيها شيء إلا حيي قال: وربما اعتبر الاسم إذا كثرت حروفه بالبعض على مذهب القائف والزاجر مثل السفرجل إذا رآه ولم يكن في الرؤيا ما يدل على أنه مرض تأؤله سفرا لأن شطره سفر, وكذلك السوسن إن عدل به عما ينسب إليه في التأويل وحمل على ظاهر اسمه تأول فيه السوء لأن شطره سوء, قال الشاعر:
سوســــنة أعطيتهــا فمــا كـنت بإعـطـائي لهـا محسنــه
أولها ســــوء فإن جئت بالآخر منهــا فهــو ســوى ســنه
واما التفسير بالمعنى فأكثر التأويل عليه كالأترج إن لم يكن مالا وولدا عبر بالنفاق لمخالفة ظاهره باطنه قال الشاعر:
أهـدى لــه أحبابـه أترجـة فبكى وأشفق مـن عيافة زاجر
متعجبــا لمــا أتته وطعمها لونان باطنها خلاف الظـاهـر
وأما التأويل بالمثل السائر واللفظ المبتذل فكقولهم في الصائغ أنه رجل كذوب لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: فلان يصوغ الأحاديث. وكقولهم فيمن يرى أن في يديه طولا أنه يصطنع المعروف لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: هو أطول يدا منك وأمد باعا أو أكثر عطاء. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه رضي الله عنهن: أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا فكانت زينب بنت جحش أول أزواجه موتا وكانت تعين المجاهدين وترفدهم, وكقوله في المرض أنه نفاق لما جرى على ألسنة الناس لمن لا يصح لك وعده: هو مريض في القول والوعد, وقال الله عز وجل: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا أي نفاقا.
وكقولهم في المخاط أنه ولد لما جرى على ألسنة الناس من قولهم لمن أشبه أباه هو مخطته. والهر مخطة الأسد. وأصل هذا أن الأسد كان حمله نوح عليه السلام في السفينة فلما آذاهم الفأر دعا الله تعالى نوح فاستنثر الأسد فخرجت الهرة بنثرته وجاءت أشبه شيء به. وكقولهم فيمن رمى الناس بالسهام أو البندق. أو حذفهم أو قذفهم بالحجارة أنه يذكرهم ويغتابهم لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: رميت فلانا بالفاحشة, وقال تعالى: والذين يرمون المحصنات والذين يرمون أزواجهم وكقولهم فيمن قطعت أعضاؤه أنه يسافر ويفارق عشيرته أو ولده في البلاد لما جرى على ألسنة الناس من قولهم: تقطعوا في البلاد, والله عز وجل يقول في قوم سبأ: ومزقناهم كل ممزق وقال: وقطعناهم في الأرض أمما وكقولهم في الجراد إنها في بعض الأحوال غوغاء الناس لأن الغوغاء عند العرب الجراد. وكقولهم فيمن غسل يديه بالأشنان إنه اليأس من شيء يطلبه لقول الناس لمن ييأس منه: قد غسلت يدي منك بأشنان, قال الشاعر:
واغسـل يديك بأشنان وأنقهما غسل الجنابة من معروف عثمان
وكقولهم في الكبش إنه رجل عزيز منيع لقول الناس: هذا كبش القوم, وكقولهم في الصقر إنه رجل له شجاعة وشوكة لقول الناس: هو صقر من الرجال, وقال أبو طالب:
تتـابع فيهـا كـل صقـر كأنـه إذا ما مشى في رفرف الدرع أجرد
وأما التأويل بالضد والمقلوب فكقولهم في البكاء إنه فرج وفي الضحك إنه حزن. وكقولهم في الرجلين يصطرعان والشمس والقمر يقتتلان إذا كانا في جنس واحد: إن المصروع هو الغالب والصارع هو المغلوب, وفي الحجامة إنها صك وشرط, وفي الصك إنه حجامة. وقولهم في الطاعون إنه حرب وفي الحرب إنه طاعون, وفي السيل إنه عدو وفي العدو إنه سيل, وفي أكل التين إنه ندامة وفي الندامة إنه أكل تين, وفيمن يرى أنه مات ولم يكن لموته هيئة الموت من بكاء أو حفر قبر أو إحضار كفن إنه ينهدم بعض داره, وقولهم في الجراد إنه جند وفي الجند إنه جراد

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة