عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-09-2004, 11:27 AM   #4
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أود أن أبدأ ردي بأن أضع هنا الرسالة الأولى التي كتبتها في سجل الزوار وقمتم بحذفها، وأقول بأنني راسلتكم أيضاً عبر البريد الالكتروني ولم أتلقى الرد حتى البارحة مع الوصلة إلى المنتدى. للأسف الشديد لم أحفظ الرسالة الثانية، ولكني أعلم جيداً ما كتبت فيها، وإن كنتم تحتفظون بها فأرجوا أن تنشروها هنا أمام الجميع.

الرسالة الأولى:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

إخوتي الأعزاء،
لقد مررت بصفحتكم وقرأت بعض القصص التي تسمونها واقعية عن التلبّس بالجن والرقية الشرعية منها. أود أن ألفت انتباهكم إلى أن المؤمن الحق لا خوف عليه من الجن، مع احترامي لآرائكم وقصص الأطباء والعارفين التي تسردونها عن تجاربهم وما مروا به مع المرضى، وموافقتي لكم على أن الرقية الشرعية أمر صحيح ومفيد ومذكور في القرآن، ولكن هذا التلبس بالجن ليس صحيحاً لمن هو مؤمن يخشى الله، فإن الجن لا يتعامل إلا مع من يشرك بالله ويؤمن بقدرة الجن ، وما تفعلونه في سرد هذه القصص إنما يعين على هذا. فأرجوكم، ساهموا في إرساء الإيمان والتقوى في قلوب المسلمين وحثوا على قراءة القرآن لأنه دليلنا في هذه الدنيا وملاذنا، وفيه شفاء للناس، ولا داعي لهذه الخرافات عن الجن ومن تلبّس بهم، فأغلب هذه القصص غير واقعية، وتفسيرها الأمثل أنها لمرضى الانفصام، الوسواس، وأمراض أخرى نفسية من التي يخجل معظم مجتمعاتنا من التداوي منها، بينما لا يخجلون من الادعاء بأنهم متلبسون بالجن لأغراض شتى.

أرجو ألا تعتبروا رسالتي لكم نقداً يجب عدم الإصغاء إليه، لكن إن كان لكم رأي غير هذا، تفضلوا بفتح باب النقاش، وإن شاء الله سنهتدي جميعاً إلى الخير والصلاح.

الأمة الإسلامية اليوم بحاجة لمن يقوي إيمانها ويجعل من المسلمين مؤمنين حقاً وليس بالاسم فقط كما هو حالنا، فكونوا دعاة خير وصلاح، جزاكم الله خيراً على ما تحاولون القيام به، وهدانا وهداكم إلى الصراط المستقيم، وما فيه خير أمة محمد (عليه الصلاة والسلام) في الدنيا والآخرة.

أختكم في الله،
مها



أشكر لكم فتح باب الحوار والنقاش، مع أنني أحسست بالكثير من التهكّم في إجابتكم، والطريقة التي ذكترم فيها مراسلتي لكم صورتني بمن يكيل الاتهامات بينما هو على غير دراية بشيء، فقولكم " إنما ذهبت الأخت إلى أبعد من ذلك فاتهمتنا في عقيدتنا وديننا، ومن هنا فقد حذفت الموضوع " بعيد عن الحقيقة، فأنا لم أتهمكم في عقيدتكم أو دينكم، وخاطبتكم بإخوتي في الله، فأرجو منكم مراجعة رسالتي الأولى والثانية، وبيان مصدر اتهاماتكم لي.

هناك بعض أنواع المعارف التي يجب أن يعرفها كل مسلم مؤمن، وهي فرض عين على كل مسلم، من هذه العلوم التوحيد والإيمان بالله واليوم الآخر، وموضوع الجن من العقائد التي يجب أن تُعلم بالضرورة، لأنه لولا هذه المعرفة ضاع المؤمنون أمام أول من يدعي معرفة ابسط الأشياء، والغيبيات بما فيها الجن، مثال على ذلك.

ستجدون المواضيع والكتب التي استعنت بها في إجابتي في آخر الرد تحت عنوان مراجع، ويمكن لجميع القراء العودة إليها للبحث المستفيض في هذا الموضوع، وهي لعلماء معروفين مشهود لهم مثل د. يوسف القرضاوي، د. محمد راتب النابلسي، د. محمد حسان، وأطباء نفسيين معروفين بأسسهم الدينية ممن يجيبون على أسئلة الناس على صفحات ----- ( ؟؟؟؟؟؟؟ )

الموضوع يهمني جداً وقرأت كل ما وجدت عن هذا الموضوع عن العلماء والأئمة وتفاسير القرآن، والحمد لله قمت بحفظ كل هذا في مراجع، واليوم بعون الله سأعرضها على كل من يهمه الأمر كي يحكم بعقله حسب قول الله تعالى ورسوله الكريم. كل ما قصدته فتح باب الحوار في هذه المسألة التي أصبحت مسلّمة عند الكثير من ضعاف الإيمان حتى بات هاجس الجن والتلبس به يطغى على حياتهم ويشغلهم عن أمور دنياهم وينغص عليهم.

أشكر لكم دعاءكم المستمر لي بالهداية خلال الإجابة، وأنا بدوري أدعو لي ولكم ولجميع المسلمين بالهداية إلى طريق الصواب والبعد عن طريق البدع والضلالات. كما أحب أن أخبركم بأنني قمت بتصفح الموقع بأكمله وأنا الآن بصدد مناقشة الموقع بأكمله وليس قسم القصص الواقعية فقط.

سوف أحصر إجابتي حول النقاط التالية:
 لقد أبديت اهتمامي بصفحة "قصص واقعية"، والقصد من النقاش أن الأمة الإسلامية اليوم بحاجة إلى من يقوي إيمانها بدلاً من تخويف الناس الذين لا يعلمون ماهية عالم الجن وما أخبرنا به ديننا الحنيف، فيصدقون كل ما يقال، ويعزون كل ما يحدث معهم مما شابه ما سمعوه إلى الجن، فتكبر مخاوفهم وتشغلهم عن أسس ديننا، وتقوي قدرة الشيطان على الوسوسة إليهم.
 تصوروا أن إنسانا دخل في الإسلام حديثاً، ما هو موقفه من هذه القصص؟
 أنا ككل المسلمين، أؤمن بوجود عالم الجن، وتأثيرهم على ضعاف الإيمان ممن يسلمون بقدرة الجن على مس الإنسان بالضرر، ولكن ليس لهم سلطان على المؤمنين الحق، وهنا تكمن مهمتنا، في تثبيت الإيمان وعدم إزاغة العقول إلى غير ذلك عن طريق هذه القصص.
 هناك نوعان من الصرع: مرض عصبي، ومرض نفسي من مس الشيطان إذا كفر الإنسان بالله، أما إذا اعتقد الإنسان بالله، وقال أعوذ بالله من همزات الشياطين وأن يحضرون فليس للشيطان على الإنسان من سلطان، إذن، ليس هناك داعي للخوض في هذه الأمور وليس هناك خوف على المؤمنين الذاكرين.
 الجن أقوام مثل الإنس، ومنهم الصالح ومنهم الطالح. الخبيث من الجن هم الشياطين الذين أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نستعيذ به منهم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول" أعوذ بالله من الخبث والخبائث"
 الجن لا يعلم الغيب، ولكنهم عالم يمتلك خصائص تختلف عن خصائص عالم الإنس، لهذا يمكنهم أن يعلموا بعض الأمور التي وقعت، وأكثرهم كاذبون، وأي تعامل بين أي جن وبين أي إنسان يكفّر الإنسان.
 أي إنسان يتعامل مع الجن أفاك أثيم مهما كان زيه ولو لبس العمامة وادعى معرفة بالله
 هل يُلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً ؟
 هل للشياطين سلطان على الإنس في عقائدهم وإرادتهم وأعمالهم ؟


بيت القصيد، وأكثر ما يهمني من كل هذا النقاش، هو أنه ولله الحمد، المؤمنون معصومون من أذى الشيطان ومسه ولبسه ماداموا يتقون الله ويعلمون أنه ليس للجن عليهم من سلطان، قال الله تعالى في سورة الحجر:

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ 42 وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ

وأبدأ حديثي هنا عن الجن كمفهوم مما ورد في القرآن والسنة، ومن آراء العلماء الذين قرأت لهم، واستمعت إلى خطبهم، وحضرت دروسهم:

ورد ذكر الجن صراحة في القرآن الكريم سورة الرحمن، قال تعالى:
يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (الرحمن 33)

وبناء على ذلك, فأنا لا أنكر وجود الجن، ولا أنكر تأثير بعض خبثاء الجن على الإنس، ولكن ما يهمني هو أنه ليس كل ما نسمعه من قصص عن الجن صحيحة، وأغلبها ملفقة ولا تمس الواقع بصلة، فهناك من الفتيات من تخطئ مع شاب ثم تأتي وتدّعي أن هناك من الجن من يجامعها، وهناك من له مصلحة من وراء هذه الادعاءات سواء مادّية (يستخدم الرقية "الشرعية" وأساليب مقززة للحصول على عائد مادي مدعياً قدرته على الاتصال بالجن وطردهم من الإنسان المصروع) أو معنوية في أن يجعل من نفسه مهاباً ومسموع الكلمة بين الناس ضعيفي الإيمان بالله.

هناك من ضعاف الإيمان من يقرأ أو يسمع قصة عن الجن فيصدق ويبدأ بعزو كل ما يعزب عليه إلى الجن وهذا العالم الغيبي، وأردت منكم ألا تعينوا الشيطان على المسلمين، فالجن لا يؤثر على أحد إلا إذا استكان لهم وخضع لهم واتبعهم واعتقد بهم وأشركهم مع الله عز وجل.. هذا الذي يفعل ذلك يتحمل تأثيراتهم، فكل من يستكين بأوهامه لهم، و يتخيل أنهم بيدهم نفعه أو ضره يتعرض لمسّهم وتخبطاتهم، لإستعاذته بهم، وإلتماسه نفعهم، أو استخدامهم للإضرار بأعدائه من الإنس.

علّمنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نستعيذ بالله من همزات الشياطين، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا فَزِعَ أَحَدُكُمْ فِي النَّوْمِ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَنْ يَحْضُرُونِ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ *

ففي هذا الحديث بين الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الشياطين لن تضرالإنسان إذا استعاذ، فلماذا إذاً نقوي سلطانهم بمحاولة إقناع الناس بأنها تضر الإنسان, بينما تأثيرها متوقف على الكافر كما سأبين لاحقاً, ونحن بحمد الله مؤمنون موحدون.

تقولون: "والجن مسلَّطون على الإنس بالوسوسة والإغواء تارة ، وتارة أخرى يلبسون جسم الإنسان ، فيصاب عن طريقهم بمرض من الأمراض كالصرع والجنون والتشنج ، وقد يضلون الإنسان عن الطريق ، أو يسرقون له بعض الأموال ، أو يعتدون على نساء الإنس ، وغير ذلك ) "
يعتدون على نساء الإنس؟ هل يعقل هذا؟ وأين الله؟ هل تحسب أن الله يكلنا إلى الجن يفعل بنسائنا ما يشاء؟ لا والله، قال تعالى في سورة الحجر:
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ 42 وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ

فهل نحن مؤمنون؟ هل نحن عباد الله أم من الغاوين؟

إذاً هذا هو السلاح المجدي، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
إِنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضَرَةٌ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْخَلاءَ فَلْيَقُلْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ *

فالفكرة الأولى أن الشياطين ليس لهم سلطان على الإنسان إلا إذا اعتقد بهم أو أشركهم مع الله، وخضع لسلطانهم توهم أنهم ينفعونه أو يضرونه، أو ابتغى النفع عندهم، أو استعاذ بهم، التجأ إليهم، أراد أن يكيد لإخوانه من الإنس عن طريقهم، إذا فعل هذا !! مسّه شرهم ومسته همزاتهم ودفع ثمن شركه وبغيه وعدوانه غالياً.

هل يُلقي الجن للإنس علوماً وأخباراً ؟
لايمكن لإنسان يتعاون مع الجن إلا أن يكون كافراً، لأن من أدق تعريفات الساحر هو الذي يتصل بالجن وقد قال عليه الصلاة والسلام:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: َ مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً ثُمَّ نَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ وَمَنْ سَحَرَ فَقَدْ أَشْرَكَ وَمَنْ تَعَلَّقَ شَيْئًا وُكِلَ إِلَيْهِ *

هذا اتصال هدفه إضلال البشر، ولو تزيّ هذا الذي يتصل بالجن بزيّ ديني ولبس عمامة خضراء، هو عند رسول الله كافر، لأن هدفه إيهام الناس أن بيد الجن النفع والضر وتحويل الناس عن الله سبحانه وتعالى إلى خلقه.
وفي تكذيب من يلقي سمعه للشياطين وإثمه الكبير قال تعالى في سورة الشعراء:
هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ 221 تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ 222 يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (الشعراء )

أما العلوم والأخبار التي يمكن أن يلقيها الجن إلى قرنائهم من الكهان فهي بحسب مواضيع هذه العلوم التي يلقونها، فإن كانت من العلوم التي تتعلق بالأمور المشهودة فالجن أحياناً يستطيعون أن ينقلوا هذه الأخبار " التي وقعت "، وهي أخبار تحتمل الصدق والكذب، وليس ببعيد أن يوجد في الجن كذابون، وقد أثبت الله تعالى أن منهم العصاة الكافرون.
ومن جهة ثانية، فإنه لا يصح الثقة بأخبارهم لانعدام المقاييس التي بحوذتنا في معرفة صدقهم وكذبهم. فإنتقال الجن سريع جدا، والدليل، قال تعالى:
قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ( النمل 39)

وإن كانت الأخبار من الغيبيات, فهم كاذبون, لأن الله استأثر بعلمها حيث يقول:
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (سورة لقمان34)

أما تأثير الجن على الإنسان فنوعان:
النوع الأول: نوع مرض عصبي
المرض العصابي كما قال بعض الأطباء تخريش بالدماغ، وهذه تعالج من قبل الطبيب النفسي
وهنا تجدون تحليلاً مستفيضاً لهذا من طبيب نفسي مسلم يحلل الموضوع على أسس إسلامية في شبكة أسلام أون لاين:
http://www.islamonline.net/Question...uestionID=11993

والنوع الثاني: من تأثر الإنسان بالشيطان وهذا يكون إذا أعتقد به، أو استسلم له، أو ابتغى النفع من عنده، أو توهم أنه ينفعه أو يضره، أو أشركه مع الله عز وجل، أو خنع له. أما إذا اعتقد بالواحد الديان وقال أعوذ بالله من همزات الشياطين، لمجرد أن يذكر الله يذهب عنه الشيطان.

هل للشياطين سلطان على الإنس في عقائدهم وإرادتهم وأعمالهم ؟
لا سلطان للشياطين على الناس، لا في عقائدهم ولا في إرادتهم ولا في أعمالهم مطلقاً لأن الله جل وعلا حجزهم عن ذلك ولم يجعل لهم سلطاناً على بني آدم لتكون إرادة الإنسان حرة في اختيارها طريق الخير أو طريق الشر.
ويخاطب الله عز وجل رأس الشياطين إبليس، وأقدرهم على سلطان إن كان هناك سلطان فيقول في سورة الحجر:
41 إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ 42 وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ
وفي سورة الناس:
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ 1 مَلِكِ النَّاسِ 2 إِلَهِ النَّاسِ 3 مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ 4 الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ 5 مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ

معنى الخناس أنه يهرب سريعاً بمجرد قول " أعوذ بالله " خنس و انتهى الأمر. إذن ينحصر عمل الشيطان مادام ليس له علاقة بعقائدنا، ولا بإرادتنا ولا بأعمالنا ولا يعلم عن الغيب شيئاً، ولا يؤثر على أجسامنا، عمله محصور في وظيفة دقيقة جداً هي الوسوسة الخفية، وهذا كل ما يملك.

وأعود وأكرر, ينحصر عمل الشيطان في الوسوسة الخفية ولا يزيد على ذلك شيئاً وهذه الوسوسة تخنس وتتخاذل أمام حزم المؤمن وإرادته والتجائه إلى الله تعالى بالاستعاذة والذكر والمراقبة، أما إخوان الشياطين فإنهم يستجيبون لوسوستهم وينساقون معهم فيتسلط الشيطان عليهم فيمدهم في الغيّ ويزين لهم الشر والضلالة، وأي عمل فيه شر ظاهر هو من عمل الشيطان الذي يوسوس للناس، قال تعالى:
وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ (القصص 15)

وقد علمنا الله سبحانه وتعالى:
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (الأعراف 200)

إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ 201 وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ (الأعراف 202)

فإن وجد إنسان في نفسه شيئاً من الوسواس, وأحس بما يريبه, فعليه بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, فبمجرد استشعار الإنسان وجود الله وقدرته العظيمة، يخنس الشيطان, وإن عاد إلى الإنسان الوسواس, فما عليه إلا أن يكرر الاستعاذة والدعاء والضراعة إلى الله، وهو على يقين من الإجابة, فالله عند ظن العبد به. أما ما فوق ذلك من الصرع, فالله أمرنا بالعلم, وكما في الشرح المستفيض للدكتور وائل أبو هند في الوصلة, فعلى المؤمن أن يلجأ إلى الطبيب النفسي الذي يعالجه على أسس الدين, وليس في هذا حرج أو عيب, وإنما يعالج الإنسان من المرض النفسي كما يعالج من المرض العضوي بالأدوية والعقاقير, وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم, فضل العالم على العابد.

وهذا يبين أن العلاج من هذا المس هو تذكر وحدانية الله وذكر قدرته وعجز الشيطان عن إيذاء المؤمن فيخنس الشيطان. فإذا استجبت للملك فأنت مؤمن وإن استجبت للشيطان كفرت، أما هذا فله حديث شريف، يقول عليه الصلاة والسلام:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً بِابْنِ آدَمَ وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ الأخْرَى فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ثُمَّ قَرَأَ ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) *

حديث آخر عن إبن مسعود رضي الله عنه: قال عليه الصلاة والسلام:
عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ قَالُوا وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِيَّايَ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِحَقٍّ

هناك ادعاءات كاذبة، يقوم بها بعض مدعي الاتصال بالجن، ويفترون على الله افتراءات ما أنزل الله بها من سلطان. فينسبون إلى الجنّ علم الغيب وينقلون عنهم كذباً، يزعمونه من علم الغيب، ويتلاعبون في عقول السُذج من النساء وصغار العقول، أو يدّعون قدرة الجن على النفع أو الضرر، والجن أنفسهم لا حول لهم ولا طول، ولا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضرا إلا أن يشاء الله.
وقد بيّن القرآن أن أهل الجاهلية الذين كانوا يعوذون برجالٍ من الجن لم ينفعوهم شيئاً بل زاد وهم غيّاً وضلالاً وبعداً عن الأمن الذي يرجونه منهم، قال تعالى:
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (سورة الجن 6)

عن حفصة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً *

هذا إن لم يصدقه، فلو صدقه فقد كفر! قاس العلماء على ذلك قراءة الفنجان، قراءة الكف، والتطيّر "التشاؤم".

وإن يكن للجن شيء من القوة المادية فيما بينهم فقد صرفهم الله تعالى في مجرى العادات عن أن يكون لهم سلطان على الإنس والجن في نفعٍ أو ضرر إلا أن يشاء الله عزّ وجل شيئاً لحكمة أرادها.

26 يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (الأعراف 27)

الإمام الشافعي يقول: "من قال إني رأيت الجن: لا تقبل شهادته لأنه كذاب ومزوّر " أنصدقه أم نصدق الله سبحانه وتعالى، الله جلّ في علاه يقول:
" إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ "

النبي عليه الصلاة والسلام قال:
عَنْ جَابِرٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا فَقَالَ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) قَالُوا لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَكَ الْحَمْدُ *

أهم ما في الموضوع أن الله سبحانه وتعالى يقول في سورة الجنّ بالذات

قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا 20
فالعلماء قالوا: " الشرك هنا أن تعتقد بأن الجن ينفعون أو يضرون ".

قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (سورة الجن 21)

إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام، وحبيب الحق، وسيد الخلق، وسيد ولد آدم، وأعلى مخلوق في الكون لا يملك نفعاً ولا ضراً " أفيملك النفع والضر الجنّ؟!
جاءت هذه الآية في سورة الجن ليعلمنا الله سبحانه وتعالى أن الجن لا يملكون نفعاً ولا ضراً، ولا يعلمون الغيب، ولا يملكون إلا شيئا واحداً، ألا وهو الوسوسة الخفية. فإذا قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إنتهى كل شيء..

عندما يرتكب الإنسان معصية يصبح قريباً من الشيطان، فإذا أطاع الله عزّ وجل، يصبح الشيطان بعيداً عنه. لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر: يا عمر ما سلكت فجاً إلا وسلك الشيطان فجاً آخر.
على قدر استطاعتك يبعد عنك الشيطان، على قدر المعصية يقترب منك الشيطان.

174 إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 175( آل عمران)

في بلادنا العربية، وخصوصاً الخليج العربي، يعتبرون من يذهب إلى الطبيب النفسي مجنوناً ويفضلون العذاب بصمت على العلاج من قبل طبيب نفسي يعالج عن دراية وأسس دينية إسلامية. أتمنى على كل من يجد في نفسه ما يريبه, أو فيمن يحب ما يبدو عليه هذا, أن يلجأ إلى الله بالدعاء, ويعيد حساباته ويقوي إيمانه, ويلجأ إلى الطبيب النفسي حين الحاجة, هدانا الله وهداكم, وثبتنا على الطريق القويم. وشكراً.

مهى

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة