عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 13-11-2010, 06:58 AM   #1
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي مَتَىٰ يُعْذرُ الجاهِلُ بِجَهْلِه ؟

مَتَىٰ يُعْذرُ الجاهِلُ بِجَهْلِه ؟



سُئِلَ الشَّيْخِ العَلاَّمة عبيد بن عبد الله بن سليمان الجابري : مَتَىٰ يُعْذرُ الجاهِلُ بِجَهْلِه ؟


فأَجابَ حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَىٰ :


بِسْمِ الله ، والْحَمْدُ لله ، وصَلَّىٰ الله وسلَّم عَلىٰ نبيِّنا مُحمَّدٍ وعلىٰ آلهِ وصَحبهِ أَجْمعين .



أَمَّا بَعْدُ :


العُذرُ بالجهل للعلماء فيهِ قَولان :



• أَحَدُهما : جواز العُذر بالجهل ، ولربَّما توسَّعوا .



• والآخر : منعُ هٰذا ، وأَنَّه لا يُعْذَرُ أَحَدٌ بالجهل في التَّوحيد .



والَّذي ثبت عندي بالاسْتقراء أَنَّهُ يُعْذَرُ المَرءُ بالجَهْلِ فِي مَا يَخْفىٰ عَلَىٰ أَمْثَالِه ، حَتَّىٰ فِي العَقِيدَة ، فإِنَّ فِي الْقَدَر أُمورًا خَفِيَّة ،

لَا يُدْرِكُهَا إِلَّا أَهْلُ الْعِلم ، عَوامِّ النَّاسِ لَا يُدْرِكونها .



هٰذا الَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدي فِي الْمَسْأَلة .




وَذَكَرتُ الْقَدَر عَلىٰ سَبِيل المِثال ، وَفِي الصَّحِيح : « قِصَّة الرَّجلِ المُسْرِفِ عَلَىٰ نَفْسِه ، حِينَ قَرُبَ أَجَله

أَوصىٰ بَنيهِ أَنْ إِذا مِتُّ احْرقوني ، ثُمَّ اسْحقُوني ، ثُمَّ ذَرُّوني ؛

فوالله ! لئِن قَدِرَ اللهُ عليَّ ليعذِّبني عَذابًا لا يُعذبه أَحَدًا مِنَ العَالَمين ؛


فَفعلوا بهِ وَصيته ، فأَحياهُ الله سُبحانهُ وتَعَالىٰ ، وقالَ : مَا حَمَلَكَ عَلىٰ ذٰلك ؟


قَالَ : خشيتُكَ يا ربِّ !، قالَ : قَدْ غَفْرتُ لك » (1) .



فهٰذا مؤمنٌ باللهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالىٰ .


وأَوْصىٰ بما أَوْصىٰ بهِ خوفًا مِنَ الله ؛ وكانَ يظُنُّ أَنَّهُ إِذا فُعِلَ بِه هٰذا يُفْلِتُ مِن الله ؛ ولا يَبْعَثهُ الله ؛ فَــ عَفا اللهُ عنه ، وغَفَر له .


فهو وإِنْ كانَ مؤمنًا بالله ، لـٰكنهُ خَفِيَ عليهِ هٰذا الفَرد مِن أَفرادِ القُدرة .


وهو أَنَّ مَن أُحْرِقَ ، ثُمَّ سُحِقَ ، ثُمَّ ذَرَّ ، لا يَبْعثهُ الله .


وهٰذا الصَّنيع لَو صنَعَهُ أَحَدٌ من العارفين الَّذين فقِهُوا العقيدَة فقهًا تامًّا ، وآمَنوا بالبعث علىٰ كلِّ حال ،

وأَنَّ اللهَ يبعثُ مَن مَاتَ ، سواءً كان ماتَ حرقًا ، أَوْ غَرَقًا ، أَوْ هَدْمًا ، أَوْ أَكلتهُ السِّباع ،

لو فَعَلَ هٰذا مَنْ كانَ كذٰلك - عَافَانَا الله وإِيَّاكُم - لكَان مِن نارٍ إِلىٰ نار !!


لـٰكن ذٰلكم الرَّجل يَظُنُّ أنَّه لا يُبْعَث حينَ يُفْعَلُ بهِ هٰذا الفعل ؛ - واللهُ أَعلم - .



وتتمَّةً أَقول : كثيرٌ مِنَ النَّاس مِن دُول الكُفرِ ، فِي الهند وأَمريكا ، وأُروبا ، ومجاهل أَفريقيا شَرقها وغَربها وجَنوبها ،

يسْلموا علىٰ أَيدِي مُتَصوِّفة القُبورية ؛ يعبدون القُبور ، فيظنُّ هٰذا الَّذي أَسْلمَ عَلىٰ أَيدِيهم أَنَّ هٰذا مِن دين الله ؛

فهو مَعذور حتَّىٰ تَبْلغهُ الحِجَّة الرَّسَاليِّة . نعم .


.....................................
(1) عَن أَبي هريرةَ ، عَن رَسول ِاللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ : « أَسْرفَ رجلٌ علىٰ نفسِه ، فلمَّا حضَرهَ الموتُ أوصىٰ بنيه فقالَ :
إِذا أَنا مِتُّ فأَحْرقوني ثمَّ اسْحقوني ثمَّ ذَرُّوني في الرِّيحِ في البَحرِ ، فواللهِ ! لئِن قَدِرَ عليَّ ربِّي ليعذِّبني عذاباً ما عذَّبه أَحداً ، قالَ :
ففعلوا به ذٰلكَ ، فقالَ للأَرضِ : أَدِّي مَا أَخذتِ ، فإِذا هو قائمٌ ،فقالَ لهُ :
مَا حمَلكَ عَلىٰ مَا صَنعْتَ ؟ قالَ : خشيتُكَ - أَوْ مخافتُكَ - يَا رَبِّ ! فَغَفَرَ له لذٰلكَ » .
قال الشيخ الألباني : صحيح . صحيح سنن ابن ماجة ( 3 / 384 ) برقم : ( 4331 ) .

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة