أمرَ مبكياتك لا أمرَ مضحكاتك:
كان لفتاة من العرب عمات و خالات، و كانت تزورهنّ، فإذا زارت خالاتها عاملنها برقة و أضحكنها، و لم ينبهنها إلى خطأ أو عيب فتسرّ لذلك، و إذا زارت عماتها أدبنها و حاسبنها و نبهنها إلى الأخطاء و العيوب، فكانت تألف خالاتها و تحبهنّ، و تنفر من عماتها.
و لمّا رأى أبوها ميلها إلى خالاتها و انصرافها إليهنّ، و نفورها من عماتها و إعراضها عنهنّ، ناقشها في ذلك، فقالت:" إنّ خالاتي يضحكنني، أمّا عماتي فيبكينني " فقال أبوها: " أمر مبكياتك، لا أمر مضحكاتك " أي: اقبلي أمر مبكياتك فإنّه أنفع لك، أمّا أمر مضحكاتك فإنّه إذا سرّك اليوم فسوف يسوؤك غدا.
إنّ العصا قرعت لذي الحلم:
كان عامر بن الظرب العدواني من حكماء العرب، لا تعدل بفهمه فهما، و لا بحكمه حكما، و أطلقت عليه لقب (ذي الحلم).
فلمّا كبر و طعن في السنّ، أنكر من عقله شيئا، فقال لبنيه: " لقد كبرت سني، و عرض لي سهو، فإذا رأيتموني خرجت من كلامي، و أخذت في غيره، فاقرعوا لي المجنّ (الترس) بالعصا."
فكان أولاده يقرعون له العصا كلما خرج من كلامه أو سها، فينتبه.
[معجم الأمثال العربية لمحمود إسماعيل صيني ص: 149-151 ]