عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-02-2009, 09:44 AM   #1
معلومات العضو
خالد الهنداوي
إشراقة إشراف متجددة
 
الصورة الرمزية خالد الهنداوي
 

 

افتراضي دروس وعبر من هجرة الحبيب صلي الله عليه وسلم

إنَّ في حياةِ رسول الله صلي الله عليه وسلم أحداثاً حوّلت مجرَى التاريخ وأحدَثت أعظمَ نقلة وأعقبت أقوَى الآثار، تبوَّأت منها الهجرة النبوية المبارَكَة مكاناً عليًّا ومقاماً كريماً، حيث كانت بحقٍّ فتحاً مبيناً ونصراً عزيزاً ورِفعة وتمكيناً وظهوراً لهذَا الدّين، وهزيمةً وصَغاراً للكافرين
وفي وقائِع هذه الهجرة مِن الدّروس والعبَر ما لا يكاد يحِيط به الحصر ولا يستوعِبه البيان، فمنها أنَّ العقيدةَ أغلى من الأرض،، وأنَّ الإيمان أثمنُ من الأوطان، وأنَّ الإسلامَ خير من الذهب والفضّة، يتجلّى هذا المعنَى بيّنًا في خروجِ هذا النبيّ الكريم صلوات الله وسلامه عليه مع صاحبِه الصدّيق رضي الله عنه مهاجرَيْن من هذا الحِمى المبارَك والحرمِ الآمِن والأرضِ الطيّبة التي صوّر واقعَها الحديثُ الذي أخرجَه أحمد في مسندِه بإسناد صحيح عن عبد الله بن عديّ بن حمراء الزّهريّ أنّه قال: رأيتُ رسول الله واقفًا على الحَزْوَرَة[1]قال: ((والله، إنَّك لخيرُ أرضِ الله وأحبُّ أرضِ الله إلى الله، ولولا أنِّي أُخرجتُ منكِ ما خرجت))

وخروج اصحابه مهاجرين تاركين من خلفهم الابناء والزوجات والاموال والبيوت في اعظم تضحيات ممكن ان تقدم من بشر علي مر الزمان

وفي الهجرة كمَال اليقينِ بمعيّة الله تعالى لعبادِه المؤمنين الصَّادقين، ذلك اليقين الرَّاسخ الذي لا تزعزِعُه عواصِف الباطل، يستبينُ ذلك جليًّا في حالِ هذَين المهاجرَين الكريمَين حين عظُم الخَطب وأحدَق الخطرُ ببلوغ المشركين بابَ الغارِ الذِي كانَا فيه، وحينَ قال أبو بكر رضي الله عنه: والله يا رسول الله، لو أنَّ أحدَهم نظر إلى موضعِ قدمَيه لرآنا، فقال رسول الله قولتَه التي أخذَت بمجامعِ القلوبِ. ((يَا أبَا بَكر، مَا ظنُّكَ باثنَين اللهُ ثالثُهما)) ، وأنزَلَ سبحانه مصداقَ ذلك في كتابه، أنزل قولَه : إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:40].
ويضع النبى خطة الهجرة بمنتهى الدقة والحكمة .
فيأذن لسائر المؤمنين بالهجرة ويأمر أن يبقى أبو بكر وعلى رضى الله عنهما.
والمدينة المنورة تقع إلى الشمال من مكة والمسافر إليها يتجه شمالاً ولكنه يتجه جنوباً ناحية اليمن ليضلل المطاردين .
والأمر يحتاج إلى دابة قوية فيجئ الصديق براحلتين قويتين ويقوم على أمرهما.
والطريق يحتاج إلى رجل خبير لا يعرف الطرق الممهدة فقط بل يجب أن يعرف الطرق الجانبية والفرعية التى يمكن أن تُسلك ليتمكنوا من الفرار من المطاردين ، ولا حرج أن يكون على الشرك بعدما تيقن من أمانته.
ولن تهدأ قريش في الأيام الثلاثة الأولى – لا في الليل ولا في النهار – عن البحث عن النبي صلي الله عليه وسلم وصاحبه . إذن فلا بد من الاختفاء في الغار في هذه الأيام.
وكيف تُعرف الأخبار؟ّ والخطط التى تدبرها قريش؟!
يأتي عبد الله بن أبي بكر بالليل لينقل كل ما سمع من أخبار وقبل الفجر يكون في مكة كأنه بات فيها.
وكيف التغلب على آثار الأقدام على الرمال وأهل مكة يجيدون معرفة الآثار؟! فليأت عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق ليرعى الأغنام فتمحو الآثار ويحلب لهما اللبن ، ويقدم لهما الطعام .
وفي بيت المصطفى ينام علىّ على فراشه ، ويلتف ببرده الكريم ، حيطة بالغة ودقة محكمة لم يعرف تاريخ البشرية لها مثيلاً وهذا هو المعنى الحقيقى للتوكل على الله عز وجل..إنه الاحترام الكامل لقانون السببية الذى أودعه الله في هذا الكون مع الثقة في نصر الله عز وجل]

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة