عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-10-2008, 08:48 AM   #9
معلومات العضو
( أم عبد الرحمن )
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي

هل يجوز مس المصحف من دون طهارة ؟

حيث إن لدينا مدرس يقول: يجوز أن تمس غلاف المصحف وحواف صفحاته من غير وضوء , ولكن إذا أردت أن تمس الآيات فعليك بالوضوء .




الجواب/ قراءة المُحـدِث للقرآن

لا يوجد دليل صحيح صريح في منع المُحدِث من قراءة القرآن ، ولا من مسّ المصحف ، سواء كان حدثا أصغر أم أكبر .

أما الاستدلال بعموم قوله تعالى : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) فليس بصواب – والله أعلم – ذلك أن الآية مرتبطة بما قبلها

فإن الله تبارك وتعالى قال في سياق الآيات : ( إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ )

فالذي في الكتاب المكنون هو ما في اللوح المحفوظ ، وقد تكرر وصف القرآن بذلك .قال الله جل جلاله : (بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ )

هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى فإن المقصود بـ (الْمُطَهَّرُونَ) هم الملائكة . وأما البشر فإنهم لا يُطلق عليهم ( مطهّرون ) لأنهم يتطهرون ولذا قال الله عز وجل في شأن البشر (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)

وقال في أهل قباء : (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) وقال في شأن النساء : (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) فالناس يتطهّرون ، ولا يُوصفون بأنهم ( مُطهّرون )

قال ابن عباس : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : الكتاب الذي في السماء .

وقال مرة : يعني الملائكة . وكذا ورد عن ابن مسعود حيث قال : هو الذكر الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة

قال قتادة : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : لا يمسه عند الله إلا المطهرون ، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس ، والمنافق الرجس ، وقال : وهي في قراءة ابن مسعود ( ما يمسه إلا المطهرون ) وقال أبو العالية ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) قال : ليس أنتم . أنتم أصحاب الذنوب .

قال الإمام مالك أحسن ما سمعت في هذه الآية : ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) إنما هي بمنـزلة هذه الآية التي في عبس وتولى ؛ قول الله تبارك وتعالى : (كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ) .

إذاً سقط الاستدلال بالآية على منع المُحدث حدثا أصغر أو أكبر من مس المصحف.

وهنا مسألة ، وهي : ينبغي التفريق بين مس المصحف ، وبين قراءة القرآن .

وبقي الاستدلال ببعض الأحاديث التي استدل بها مَن منع الحائض أو الجُـنُـب من قراءة القرآن ، أو منع غير المتوضئ من مسّ المصحف .

فقد استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ، ولا يحجزه - وربما قال - ولا يحجبه عن ذلك شيء ليس الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة والحاكم وقال : هذا حديث صحيح الإسناد والشيخان لم يحتجا بعبد الله بن سلمة فمدار الحديث عليه ، وعبد الله مطعون فيه .

ورواه ابن الجارود في المنتقى ، وقال : قال يحيى : وكان شعبة يقول في هذا الحديث : نعرف وننكر . يعني أن عبد الله بن سلمة كان كبر حيث أدركه عمرو .

وأطال الشيخ أبو إسحاق الحويني في تخريجه وذكر طُرقه ، وذلك في غوث المكدود بتخريج منقى ابن الجارود ( ح 94 ) ، ورجّح ضعفه .

ومن قبله الشيخ الألباني – رحمه الله – فقد أطال في تخريجه والكلام عليه في الإرواء ( ح 485 ) ثم إن هذا الحديث لو صـح فإنه لا يدل على المنع ؛ لأنه حكاية فعل ، وحكاية الفعل المُجرّد لا يدل على المنع ولا يدل على الوجوب .

قال ابن حجر : قال ابن خزيمة : لا حجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة ؛ لأنه ليس فيه نهي ، وإنما هي حكاية فعل . اهـ .

ومع أنه حكاية فعل إلا أنه حديث ضعيف لا تقوم به حُجّـة .

ومما استدلوا به أيضا حديث علي رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ، ثم قرأ شيئا من القرآن ، ثم قال : هكذا لمن ليس بجُـنب ، فأما الجنب فلا ولا آية . رواه الإمام أحمد وأبو يعلى والضياء في المختارة ، وضعفه الشيخ الألباني في الإرواء . الموضع السابق .

إذا ليس هناك حديث صحيح صريح في منع المُحدِث من قراءة القرآن ، سواء كان حدثا أكبر أو أصغر .

ثم إن البراءة الأصلية تقتضي عدم منع الجنب أو الحائض من مس المصحف أو من قراءة القرآن ، إذ الأصل عدم التكليف .

وهذه المسألة مما تعمّ به البلوى ، أعني الجنابة والحيض ، ومع ذلك لم يرد حديث واحد صحيح في منع الجنب أو الحائض في قراءة القرآن .

قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - : وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل إثماً ممن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام ، فالكل إما من التقوّل على الله تعالى بما لم يَـقـُـل ، أو من إبطـال مـا قـد شرعـه لعباده بلا حُجـة . اهـ .

ومذهب جماعة من السلف جواز قراءة الجُنب للقرآن ، إذ أن الجنابة والحيض مما تعمّ به البلوى ، ومع ذلك لم يرِد النهي عن القراءة في هذه الأحوال ، فعُلِم أنه مما عُفيَ عنه ، وبقي على أصله من عدم تأثيم قارئ القرآن في هذه الأحوال .

ولذا بوّب البخاري - رحمه الله - باباً في الصحيح فقال : تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت . وقال إبراهيم : لا بأس أن تقرأ الآية ، ولم يَــرَ ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا .

قال ابن حجر في توجيه التبويب : والأحسن ما قاله ابن رشيد تبعا لابن بطال وغيره : إن مراده الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يَستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف ، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة ، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك ، فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه .انتهى .

ولما سُئل سعيد بن جبير : يقرأ الحائض والجنب ؟ قال : الآية والآيتين .

وهذا الذي رجّحه الشيخ الألباني - رحمه الله - ومن قبله الشوكاني . بل إن الشيخ الألباني - رحمه الله - يرى جواز قراءة الجنب للقرآن ، وأنه لا يوجد دليل صحيح يمنع الجنب من قراءة القرآن ، وإن كان الأولى أن يُقرأ القرآن على طهارة كاملة .

وقد ناقش الشيخ الألباني - رحمه الله - هذه المسألة في تمام المنة . ص 107 - 118 ورجّح أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم : لا يمس القرآن إلا طاهر .

أن المقصود بـ ( الطاهر ) المؤمن . والمشرك نجس بنص القرآن ، والمؤمن طاهر بنص قوله صلى الله عليه وسلم : المؤمن لا ينجس . متفق عليه .

قال - رحمه الله - : والمراد عدم تمكين المشرك من مسِّـه . ويُراجع قوله - رحمه الله – وتفصيله في المسألة في تمام المنة في التعليق على فقه السنة

ثم إن النبي صلى الله عليه على آله وسلم ثبت عنه أنه كان لا ينام حتى يقرأ : ألم تنـزيل (السجدة) ، وتبارك الذي بيده الملك . رواه الإمام أحمد والترمذي .

ولم يُنقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه تركهما لأجل الجنابة ، أو أنه قرأ بهما قبل أن يُجنِب .مع أنه عليه الصلاة والسلام كان ينام ولا يمسّ ماء .

قالت عائشة – رضي الله عنها – عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبرى .

ولا شك أن قراءة القرآن على طهارة كاملة أنه هو الأولى والأفضل ، لقوله – عليه الصلاة والسلام – : إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر - أو قال - على طهارة . رواه الإمام أحمد وأبو داود .

والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم .
http://al-ershaad.com/vb4/showthread.php?t=1060
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة