عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-04-2005, 11:29 AM   #1
معلومات العضو
د.عبدالله
اشراقة ادارة متجددة

Thumbs up المداواة الطبيعية !!!

المداواة الطبيعية : ( في سبيل موسوعة نفسية .. 13 )

إذا كان العلماء المسيحيون قد حظروا تناول العقاقير والأدوية المادية ، وحرموا على المرضى تناولها ، ودعوا إلى المعالجة بالوسائل النفسية وال******ة الصرفة ، فقد قام فريق آخر من علماء النفس إلى المطالبة بضرورة معالجة الأمراض العقلية والشذوذ الخلقي والنفسي بواسطة العقاقير والأدوية التي يصفونها للمريض ، كونها تؤثر في الجسم أولا ، وتؤمن له الشفاء من علله وأمراضه ، ثم يصل تأثيرها وفاعليتها إلى العقل والنفس فتزول الأمراض ويتم الشفاء التام .
وهم يرون أن الإضطرابات العقلية على اختلاف أنواعها ، ليست سوى اضطرابات في سلوك الإنسان وانفعالاته ، وما سلوك الإنسان وانفعالاته إلا مجموعة من العمليات التي تصدر منه أو فيه ، وبعض هذه العمليات تقوم بها الأطراف أو الفم أو اللسان ، وبعضها تقوم به الأجهزة الباطنية ، فكيف يمكن أن تعترف بأن العمليات الخارجية ، التي تصدر عن المصاب بمرض عقلي نتيجة لحركة أطرافه أو لسانه أو شفتيه ــ مستقلة إستقلالا تاما عن العمليات الباطنية التي تحدث في الجسم نفسه ــ ذلك الجسم الذي يبحث في وظائفه علم وظائف الأعضاء ؟ .
أليس النجاح في انسجام العمليات الخارجية مع البيئة الخارجية ضروريا للوصول إلى الحياة السعيدة الهنية ؟ لأن هذا النجاح بعرفنا يتوقف على وجود هذا الإنسجام بين العمليات الخارجية ، وبين العمليات الباطنية التي تقوم بها الأجهزة الداخلية . والصحة العقلية تتوقف على هذين الأمرين ، أي على انسجام العمليات والإنفعالات الخارجية ، وعلى توافق الأعمال الخارجية مع الأعمال والإنفعالات الباطنية .
وإذا ما نظرنا إلى الخلل الذي يصيب السلوك الخارجي نلاحظ أنه متأتي عن خلل في الأجهزة الباطنية ، وإذا لاحظنا شذوذا في السلوك تبين لنا أنه يعود إلى نقص في الحياة الجسدية . ولا بد من أن تعتبر أن المجنون مثلا مصابا بمرض جسماني مهما يكن مظهره ، ومنظره الصحي .
وإذا درسنا أحوال من يصاب بمرض عقلي منذ طفولته أو مراهقته ، نراه يحتفظ بمظهره الصحي حتى الشيخوخة ، لذلك يمكننا أن نجزم بأن هذه مشكلة غامضة ، ليس بمقدورنا حلها كوننا نجهل حياة الإنسان العادية ، وكذلك الأسباب التي تقصر العمر العادي ، وتقلل من النشاط البشري الحيوي .
ومن يعرف أن هذا الإنسان الذي تبدو عليه دلائل الصحة والعافية الجسدية ـ مع مرضه العقلي ــ غير مصاب بمرض جسدي غير معروف ، بحيث لو بريء منه لكان منظره الخارجي أبهى وأحسن ، ولعاش مدة أطول ، ولاستمتع بنشاط أقوى وأغرز ؟
ومن يعلم بأننا ربما نكون قد خدعنا أنفسنا عندما ننظر إلى ما يقوم به المجانين أو مرضى العقول من أعمال تثبت إنهم يتمتعون بصحة جيدة ؟
ومن هذه المنطلقات التحليلية لا بد لنا من تطبيق مذهب السلوكيين عندما نحاول مداواة ومعالجة الأمراض العصبية والعقلية . فهؤلاء حسب مذهبهم السلوكي لا يعترفون بوجود أمراض عقلية ، وإنما يعترفون بوجود شذوذ سلوكي انفعالي يجب دراسته وتحليله ، لا دراسة القضايا العقلية والشعورية . وما نسميه نحن مرضا عقليا يرونه ليس سوى شذوذا في السلوك ، ويردونه إلى خلل أو اضطراب في الحالة الجسمية الباطنية علاجا ناجعا صح الجسم ، وذهب الشذوذ .

وللحديث بقية ..... ( من كتاب في سبيل موسوعة نفسية / الدكتور مصطفى غالب )


التعديل الأخير تم بواسطة د.عبدالله ; 06-04-2005 الساعة 05:59 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة