عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 14-02-2011, 12:56 PM   #1
معلومات العضو
عبد الغني رضا

Icon41 منهج السلفُ في تزكية النفوس

منهج السلفُ في تزكية النفوس

الحمد لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ علي خاتم النبيين ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله وبعد،،

إنَّ السلوك الصحيحَ وتزكيةَ النفوسِ من أعظم أمور الدين ، حيثُ أهتم سلفُنا الصالح بالسلوك الشرعي علماً وعملاً ، ستأتي أعمالُهُم وأقوالُهُم أثناء هذا الدرس ، ومع شدََةِ الحاجةِ إلى فقه السلوك وتزكيةِ النفوس علماً وعملاً فإننا لا نجدُ من يتكلَّم في هذا الموضوع إلا القليلَ من المحاضرين ، ولأجل ذلك رغبتُ أن أسهم في هذا الموضوع .


أهميةُ الموضوع :

تتجلَّى أهميةُ هذا الموضوع من خلال الأمورِ التالية :

1- أهتمَّ السلفُ الصالحُ بتزكية النفوس ، واعتنوا بالأخلاق علماً وفقهاً ، كما حقَّقوهُ عملاً وهدياً ، فأفردوا كتباً مستقلةً في الزهد والرقائق،بل أنهم يوردون الصفات الأخلاقية في ثنايا كتب العقيدة :

* قال الإسماعيليُّ في اعتقاد أهل السنَّة (ت 371 هـ ) ( يرون مجانبة البدعةِ والآثام والفخرِ والتكبرُّ ويرون كفَّ الأذى وتركَ الغيبةِ إلاّ لمن أظهر بدعةً وهوىً يدعو إليهما، فالقولُ فيه ليس بغيبةٍ عندهم ) صـ53 ،

* ويقول شيخُ الإسلام أبو إسماعيل الصابونيُّ ( ت 449 هـ ) في عقيدة السلف أهل الحديث : ( يرون المسارعة إلى أداء الصلوات المكتوبات ، ويتواصون بقيام الليل للصلاةِ بعد المنام ، وبصلةِ الأرحام وإفشاء السلام وإطعامِ الطعام … والبدارِ إلى فعلِ الخيرات أجمع ، ويجانبون أهل البدع والضلالات … ) صـ.97 ،

* وقال قوّام السنّةُ إسماعيلُ الأصفهانيُّ (ت 535هـ) في كتابه ( الحجَّة في بيان المحجَّة 2/528)( ومن مذهب أهل السنَّةِ ، التورُّعُ في المأكل والمشارب والتحرُّزُ من الفواحش والقبائح ، ومجانبةُ أهل الأهواءِ الضلالة وهجرُهم ، والمسابقةُ إلي فعل الخيرات ، والإمساكُ عن الشبهاتِ ) .

* وذكر ابنُ تيميه جملةً من الصفات السلوكية والأخلاقية لأهل السنّةِ ومن ذلك قولُه يأمرون بالصبر عند البلاء والشكرِ عند الرخاء ،ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسن الأعمالِ ، ويعتقدون معنى قولِه صلي الله عليه وسلم " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خلقاُ، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفاسفها ) الواسطية ، شرح هرّاس صـ172
فالسلفُ الصالح اهتمُّوا بهذا الموضوع ، ونحنُ أتباعهُمُ كذلك يجب أن نَهتَم بتزكية النفوس .

2- وممَّا يُبينُ أهمية الموضوع :
أن هناك تلازمٌ بين السلوك والاعتقاد : فالسلوك الظاهرُ مرتبطٌ بالاعتقادِ الباطن ، فأيُّ انحرافٍِ في الأخلاقِ إنما هو من نقص الإيمان الباطن ،
قال ابنُ تيميه رحمه الله ( إذا نقصت الأعمالُ الظاهرةُ الواجبةُ ، كانَ ذلك لنقص ما في القلب من الإيمان ، فلاُ يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب ، أن تُعدم الأعمالُ الظاهرةُ الواجبةُ ) الفتاوى 7/582،616،621

ويقول الشاطبيُّ ( الأعمالُ الظاهرةُ في الشرع دليلٌ على ما في الباطن فإذا كان الظاهرُ منخرماً أو مستقيماً حكم على الباطن بذلك ) الموافقات 1/233

فالسلوكُ والاعتقادُ متلازمان ، كذلك فإن من الأخلاقِ والسلوك ما هو من شُعَبِ الإيمان .

3- وتأتي أهمية الموضوُع إذا علمنا : ما يترتبُ على تحقيقِ الجانبِ الخُلُقي من الأجر الكثير والثوابِ الجزيل : قال الله تعالى  أُعدّت للمتقين الذين ينفقُون في السرّاءِ والضرّاءِ ، والكاظمين الغيظ  آل عمران 133 . ،

قال صلي الله عليه وسلم " أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خُلقاً " أحمد وأبو داود والترمذي .
وقال " إنَّ المؤمنَ ليُدركْ بحُسنِ خلقُه درجات الصائمِ القائمِ " أحمد وأبو داود
وقال " ما من شيءً يوضعُ في الميزان أثقلُ من حسن الخلق " أحمد وأبو داود والترمذي
وقال ابنُ القيمّ ( الدينُ كلُّه خُلُقٌ ، فمن زاد عليك في الخلُقِ زاد عليك في الدين ) مدارج السالكين 2/307 .
فلهذه الأمور نتكلَّم في هذا الموضوع .


معالمُ في منهج السلوك والأخلاق عند السلف

1- إنّ مصدر تلقي السلوك والأخلاق عند السلف الصالح هو الكتابُ والسنّة لأنَّهم أهلُ اتباعُ :

قال اللهُ تعالى( ونزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءً ) النحل 99 ، ومن ذلك الأخلاقُ ،
قال ابنُ تيميه ( مسائلُ السلوكِ من جنس مسائل العقائد ، كلُّها منصوصةٌ في الكتاب والسنّةِ ) الفتاوى 19/273
ولا يُؤخذُ السلوكُ من الخيالات أو القياسات أو الآراءِ والمنامات كما عند الصوفية ، قال ابنُ القيمّ ( من أحالك على غير (أخبرنا) و (حدثنا ) فقد أحالكَ إمَّا على خيالٍ صوفي ، أو قياسٍ فلسفي ، أو رأيٍ نفسي ، فليس بعد القرآن و( أخبرنا ) و(حدّثنا) إلاّ شبهاتُ المتكلمين ، وآراءُ المنحرفين ، وخيالاتُ المتصوفين ، وقياسُ المتفلسفين ، ومن فارقَ الدليل ضلَّ عن سواءِ السبيل ، ولا دليل إلى الله والجنّةِ سوى الكتابُ والسنّة ) مدارج السالكين 2/468

فلابد من الدليل على السلوك والأخلاق ، ولا يجوزُ ابتداعُ طرقٍ لتزكية النفوس غير الطرق الشرعية .

2- من معالم السلف في السلوك : موافقةُ النصوص الشرعيةِ لفظاً ومعنى :

فيتأدبون مع المصطلحات الشرعية الدينية ، ويستمسكون بألفاظها ومعانيها ، ويحقِّقُون حدوَدها وتعريفاتِها علماً وعملاً ، قال ابنُ تيميه ( الألفاظ التي جاء بها الكتابُ والسنّةُ علينا أن نتبّع ما دلت عليه مثل لفظ الإيمان والتقوى والإحسان والتوكل والحب لله ) الفتاوى 11/25 ،

وقال أيضاً ( وأما الألفاظُ التي ليست في الكتاب والسنّة ولا تقفَ السلف على نفيها أو إثباتها ، فهذه ليس على أحدٍ أن يوافقَ من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده فإن أراد بها معنىً يوافقُ خبرَ الرسول أقرَّ به ، وإن أراد بها معنى يخالفُ خبرَ الرسولِ أنكره ) الفتاوى 12/114،

إنَّ أربابَ الطرقِ الصوفيةِ قد أحدثُوا ألفاظاً مجملةً في السلوك كالتصوفِ والغناء والفقر ونَحوها ، وهذه الألفاظ عموماً لا تخلوا من مخالفاتٍ للكتاب والسنّةِ ، إضافةً إلا ما فيها من التكلُّفِ الشديد ، والتعقيد في الألفاظ والمعاني ) ، قال ابنُ تيميه ( لفظُ الفقر الزهدُ والتصوفِ قد أدخل فيها أمورٌ يحبُّها الله ورسولُه ، كالتوبة والصبر والشكر وقد أدخلَ فيها أمورٌ يكرهها اللهُ ورسولُه كالحلول والاتحادِ والرهبنةِ المبتدعةِ ) الفتاوى 11/28 ،

والإمامُ الشاطبيُّ ذكر المعاني الصحيحةَ والفاسدةَ للتصوف ... الاعتصام 1/265 .

3- ومن معالم السلوكِ الشرعي : مراعاةُ تفاوتِ قدراتِ الناس في فعل الطاعات ، وذلك بسبب اختلاف استعداداتهم

قال الإمامُ مالكٌ رحمه الله ( إنّ الله قسم الأعمالَ كما قسم الأرزاق ، فربَّ رجُلٍ فُتح له في الصلاة ، ولم يفتُح له في الصوم ، وآخرُ فُتح له في الصدقةِ ولم يُفتح له في الصوم ، وآخرُ فُتح له في الجهادِ ، فنشرُ العلم من أفضلِ أعمال البِرِّ ، وقد رضيتُ بما فُتحَ لي فيه ارجوا أن يكون كلانا على خيرٍ وبر ) سير النبلاء 8/114

.وقال ابنُ القيمّ ( من الناس من يكونُ سيِّدُ عمله وطريقُة الذي يُعدُّ سلوكُه إلى الله طريق العلم والتعليم حتى يصل إلى الله

ومن الناسِ من يكونُ سيِّدُ عملهِ ( الذكرُ ، وقد جعله زادَه لمعادة ، ورأسَ ماله لما له ،

ومن الناس من يكونُ سيِّدُ عمله وطريقُة الصلاةَُ ،

ومنهم من يكون طريقُه الإحسانُ والنفعُ المتعدي كقضاء الحاجات وتفريج الكرباتُ وأنواعِ الصدقات ،

ومنهُم الواصلُ إلى الله من كلَّ طريق قد ضرب مع كلَّ فريق بسهم ، فأين كانت العبوديةُ وجدتَه هناك ، إن كانَ علمٌ وجدتَه مع أهله ، أو جهادٌ وجدتَه في صف المجاهدين ، أو صلاةٌ وجدتَه في القانتين ، أو ذكرٌ وجدتَه في الذاكرين ، أو إحسانٌ ونفعٌ وجدتَه في زمرة المحسنين لو قيل له : ما تريدُ من الأعمال ؟ لقال : أريدُ أن أُنْفِذُ أوامر ربي حيثُ كانت
) طريق المجرتين صـ178 ، ومدارج السالكين 3/17 ، 1/88 ،

وهذا الصنفُ الذي ذكره ابنُ القيمّ هم الصديقون وخيرُهُم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " مَنْ أصبح منُكم اليومَ صائماً : قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن تبع منكم اليومَ جناةً ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن أطعم منكم اليومَ مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا قال : فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟ قال أبو بكر : أنا ، فقال رسول الله : ما اجتمعن في امرئٍ إلاّ دخلَ الجنّةَ " مسلم 1028 .


وأهم الصفات الأخلاقية عند السلف الصالح : تزكيةُ النفوس :

في زحمةِ الحياةِ وكثرة المشاغلِ وتعدّد المتطلَّبات ، قد ننسى أن نتعاهد أنفسَنا بالتربية والتزكيةِ ، ومن ثمَّ تقسوا القلوب ، ونتثاقلُ عن الباقياتِ الصالحاتِ ونركُنُ إلى متاع الدنيا ، ولأجل ذلك نتحدثُ عن تزكيةِ النفوس من خلال النقاط التالية :

أ- أهمية الموضوع
ب- معنى التزكية
جـ – وسائل تزكية النفس .

أ – أهمية الموضوع :

ممَّا يدلُّ على أهميته أن الله تعالى أقسم أقساماً كثيرةً ومتواليةً على أن صلاحَ العبدَ وفلاحَه منوطٌ بتزكية نفسِه، فقال تعالى  ونفسٍ وما سوّاها ، فألهمها فجورَها وتقواها ،( قد أفلح من زكّاها) الشمس ،
وتزكيةُ النفوس سببُ الفوزِ بالدرجات العُلي: قال الله تعالى (ومن يأتِه مؤمناً قد عمَل الصالحاتِ فأولئك لهُمُ الدرجاتُ العُلى جنّاتُ عدنٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها وذلك جزاءُ مَنْ تزكىَّ )طه75،76

قال ابنُ كثير( أي طهرَّ نفسه من الدنسِ والخبَثِ والشركِ، وعبدَ اللهَ وحده لا شريك له ) تفسير ابن كثير 3/156
وكانَ من دعائه صلي الله عليه وسلم " اللهم آت نفسي تقواها ، وزكِّها أنت خيرُ من زكاَّها ، أنت وليُّها ومولاها " مسلم 2722،

فلا تزكية إلا بتوفيق الله قال تعالى بلِ اللهُ يزكِّي من يشاء  النساء 49 .

ب-أما معنى التزكية :
فهي إصلاحُ النفوسِ وتطهيرُها عن طريق العلمِ النافعِ والعملِ الصالحِ ، وفعلِ المأموراتِ وتركِ المحظورات .

جـ - وسائلُ تزكية النفس :

لابد أن نعلم أن تزكية النفوس عن طريق الشرع ، فلا سبيل إلى تزكية النفوس إلا من طريق الرُّسلُ ، قال ابنُ القيمّ ( وتزكيةُ النفوس أصعبُ من علاج الأبدان وأشدَّ ، فمن زكَّى نفسه بالرياضةِ والمجاهدة والخلوةِ التي لم يجيءَ بها الرسل ، فهو كالمريضِ الذي يعالجُ نفسَه برأيِه ، فالرسلُ أطباءُ القلوب ، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم والتسليم لهم ) مدارج السالكين 2/315 ،
ولابد أن نعلم أنّ التزكيةَ فضلٌ من الله ورحمةٌ لا تحصل للعبد إلاّ بمشيئة الله تعالى ، قال الله تعالى ( ولولا فضلُ اللهِ عليكمُ ورحمتُهُ ما زكى منكم من أحدٍ أبداً ) النور 21 .وقال تعالى ( بلِ اللهُ يزكِّي من يشاءُ ) النساء 49 ،
ثم يؤخذُ العبدُ بأسباب تزكية النفس .


وتزكيةُ النفوسِ تتحققُ بأمورٍ كثيرةٍ منها :

1- التوحيدُ :

وهم أعظمُ وأكدُ طريقٍ إلى تزكية النفوس ، فالتوحيدُ زكاةٌ ، حيثُ يُنَمِّي ثوابَ الأعمالِ الصالحةِ ويباركَ فيها ، فإنَّ التوحيدَ إذا تمكَّن من طاعةِ ما ، فكانت هذه الطاعةُ خالصةً لوجه الله تعالى فإنَّ أجرها عظيمٌ وثوابَها جزيلٌ أمَّا الشرك فهو محبطٌ لجميع القربات،وموجبٌ للخلود في نار جهنَّم ، بل نجسٌ ونخاسةُ الشرك ملازمةً لا تطهرّها المصائب المكفِّرةُ ولا الحسناتُ الماحية ، ولا تزكو النفسُ بسائر أنواع العبادات حتى تزكو بالتوحيد أولاً ، هو الإيمانُ بالله و ملائكتِه وكتُبه ورسِله واليوم الآخرِ والقدرِ خيرِه وشرِّه ، فكلِّما قويَ الإيمانُ بذلك ، زكت النفسُ واطمئنَّت ، وأثمرت الثمارَ اليانعةَ .

2- الصلاةُ وفعلُ الواجبات والنوافل :

في صحيح البخاري (4/231) حديثُ الولي عنه صلي الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءً أحبَّ إليَّ ممّا افترضتُه عليه )
والصلاةُ أهم العبادات والواجبات بعد الشهادتين ، فهي من أهم وسائل وأسبابَ تزكية النفوس ، قال الله تعالى ( إنَّ الصلاةَ تنهى عن الفحشاءِ والمنكر ) العنكبوت 45 ،

وفي الحديث المتفق عليه ( فذلك مَثَلُ الصلواتِ الخمس يمحُوا اللهُ بهنَّ الخطايا ) ، فعملُ الصالحاتِ يطهرّ النفس ويُزكّيها من الذنوب السابقة، ومن تلك الأعمال بعد الصلاة: الصدقةُ قال الله تعالى ( خذ من أموالهم صدقةً تطهرُهم وتزكِّيهم بها ) التوبة 103 ، فالعملُ الصالح يحصلُ به التطهيرُ والتزكية وكذلك جميعُ الطاعات من واجبات ونوافل ، تكون وسائل لتزكية النفوس .

3- ومن وسائل تزكية النفس : تركُ المحرَّمات عموماً :

قال ابنُ تيميه ( النفسُ والأعمالُ لا تزكوا حتى يُزالَ عنها ما يناقضهُا ، ولا يكونُ الرجلُ متزكياً إلاّ مع ترك الشرِّ ، فإنَّه يدنسُ النفس ويدسيها ، قال ابنُ قتيبه : دسَّاها أي أخفاها بالفجور والمعصية ) الفتاوى 10/629و 10/188 ،
فالابتعادُ عن المحرَّمات كبيرةٍ أو صغيرةٍ يؤدِّي إلى تزكية النفس ، قال تعالى ( قل للمؤمنين يغُضَّوا من أبصارِهم ويحفظوا فروجَهم ذلك أزكى لهم ) النور 30 ،
وارتكابُ المحرَّماتِ والمعاصي يؤدي إلى موت القلب فلا تتزكى


رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوبَ *** وقد يورثُ الذلَّ أدمانهُا
وتركَ الذنوب حياةُ القلوب *** وخيرٌ لنفسك عصيانها

4- ومن وسائل تزكية النفس : محاسبةُ النفس :

- قال ابن القيمّ رحمه الله ( زكاةُ النفس وطهارتُها موقوفةٌ على محاسبتها ، فلا تزكو ولا تطهُر ولا تصلحُ البتَّةَ إلا بمحاسبتها قال الحسنُ رحمه الله : إنّ المؤمنَ لا تراهُ إلا قائماً على نفسِه ما أرادتِ بكلمةِ كذا ؟ ما أردتِ بأكلة كذا ؟ ما أردتِ بمدخلِ كذا ومخرج كذا ؟ ما أردتِ بهذا ؟ مالي ولهذا ؟ والله لا أعودُ إلى هذا ، ونحو هذا من كلامٍ ، فمحاسبةِ النفسِ يّطلعُ على عيوبها ونقائضِها ، فيمكنُه السعيُ في إصلاحها ) مدارج السالكين 2/510
ثم قال أيضاً ( وأخيرُّ ما على المكلَّفِ : الإهمالُ ، وتركُ المحاسبةِ والإسترسال ، وتسهلُ الأمورِ وتمشيتُها ، فإنَّ هذا يؤولُ به إلى الهلاك ، وهذه حال أهل الغرورِ ، يُغمضُ عينَه عن العواقب ، ويَّتكلُ على العفو ، فيهملُ محاسبةَ نفسِه والنظرَ في العاقبةِ ، وإذا فعلَ ذلك سهُل عليه مواقعهُ الذنوب وأنِسَ بها ، وعَسُر عليها فطامُها ) إغاثةُ اللهفان 1/136،
قال ميمونُ بنُ مهران ( لا يكونُ الرجلُ من المتقين حتى يحاسبَ نفسَه أشدَّ من محاسبةِ شريكهِ ، حتى يعلمَ من أين مطعمُه ، ومن أين ملبسُة ، ومن أين مشربُه أمِنْ حلالٍ ذلك أم من حرام ) حليه الأولياء4/89 .

5- ومن وسائل تزكية النفس : الحرص على التأدُّب بآداب وأخلاق الرسول صلي الله عليه وسلم.

6- ومنها : طلبُ العلم الشرعي والعملُ به والدعوةُ إليه والصبرُ على الدعوة.

7- ومنها : مجاهدُة النفسِ والهوى والشيطانِ والدنيا والزهدُ فيها .

8- ومنها : التوبةُ والاستغفارُ إلى الله من كلِّ ذنبٍ في كلِّ وقتٍ .

9- ومنها : الرفقة الصالحةُ ومصاحبةُ الأخيار .

10- ومنها : الحذر : الحذرُ من أمراض النفوس كالعُجب والغرور والكبرْ وغيرها .

11- ومنها : الصبرُ بأنواعه ، على الطاعة وعلى البلاءِ وعن المعصية .


والخلاصةُ أن تزكية النفس سببٌ للفوز بالجنّة .

كتبه

أبو عبد الله إبراهيم المزروعي السلفي ثم الإماراتي
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة