الموضوع: سلسلة الكبائر
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-05-2017, 06:33 AM   #9
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي

الكبيرة السادسة و الخمسون : لبس الحرير و الذهب للرجال

1-في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة

و هذا عام في الجند و غيرهم

2- لقوله صلى الله عليه و سلم : حرم لبس الحرير و الذهب على ذكور أمتي

3-و عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نشرب في آنية الذهب و الفضة و أن نأكل فيها ، و عن لبس الحرير و الديباج و أن نجلس عليها ، أخرجه البخاري

فمن استحل لبس الحرير من الرجال فهو كافر ، و إنما رخص فيه الشارع صلى الله عليه و سلم لمن به حكة أو جرب أو غيره ، و للمقاتلين عند لقاء العدو و أما لبس الحرير للزينة في حق الرجال فحرام بإجماع المسلمين ، سواء كان قباء أو قبطياً أو كلوثة و كذلك إذا كان الأكثر حريراً كان حراماً ، و كذلك الذهب لبسه حرام على الرجال ، سواء كان خاتماً أو حياصة أو سقط سيف حرام لبسه و عمله


4- و قد رأى النبي صلى الله عليه و سلم في يد رجل خاتماً من ذهب فنزعه و قال : يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده


- و كذلك طراز الذهب و كلوثة الزركش حرام على الرجال و اختلف العلماء في جواز إلباس الصبي الحرير و الذهب فرخص فيه قوم و منع آخرون

5-لعموم قوله صلى الله عليه و سلم عن الحرير و الذهب : هذان حرام على ذكور أمتي حل لأناثهم فدخل الصبي في النهي ، و هذا مذهب الإمام أحمد و آخرين رحمهم الله


ومن السلسة الصحيحة للالبانى

384- عن ابو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة و من شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في الآخرة و من شرب في آنية الذهب و الفضة في الدنيا لم يشرب بها في الآخرة ثم قال : لباس أهل الجنة و شراب أهل الجنة و آنية أهل الجنة " "السلسلة الصحيحة" 1 / 666 :


الالبانى : و اعلم أن الأحاديث في تحريم لبس الحرير ، و شرب الخمر ، و الشرب في أواني الذهب و الفضة ، هي أكثر من أن تحصر ، و إنما أحببت أن أخص هذا بالذكر لأنه جمع الكلام على هذه الأمور الثلاثة ، و ساقها مساقا واحدا ، ثم ختمها بقوله " لباس أهل الجنة ... "


، الذي يظهر أنه خرج مخرج التعليل ، يعني أن الله تعالى حرم لباس الحرير

( على الرجال خاصة ) لأنه لباسهم في الجنة كما قال تعالى : ( و لباسهم فيها حرير ) ، و حرم الخمر على الرجال و النساء لأنه شرابهم في الجنة ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن ، و أنهار من لبن لم يتغير طعمه ، و أنهار من خمر لذة للشاربين ) ، و حرم الشرب في آنية الذهب و الفضة على الرجال و النساء أيضا لأنها آنيتهم ( ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون .

يطاف عليهم بصحاف من ذهب و أكواب ) . فمن استعجل التمتع بذلك غير مبال و لا تائب عوقب بحرمانها منها في الآخرة جزاء وفاقا .


و ما أحسن ما روى الحاكم ( 2 / 455 ) عن صفوان بن عبد الله بن صفوان قال : " استأذن سعد على ابن عامر ، و تحته مرافق من حرير ، فأمر بها فرفعت ، فدخل عليه ، و عليه مطرف خز ، فقال له : اسأذنت علي و تحتي مرافق من حرير ، فأمرت



بها فرفعت ، فقال له : نعم الرجل أنت يا ابن عامر إن لم تكن ممن قال الله عز و جل ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) ، و الله لأن اضطجع على جمر الغضا أحب إلي من أن أضطجع عليها " . صحيح


و اعلم أن الحرير المحرم إنما هو الحرير الحيواني المعروف في بلاد الشام بالحرير البلدي و أما الحرير النباتي المصنوع من ألياف بعض النباتات ، فليس من التحريم في شيء .


و أما الخمر فهي محرمة بجميع أنواعها و أجناسها ، ما اتخذ من العنب أو الذرة أو التمر أو غير ذلك ، فكله حرام ، لا فرق في شيء منه بين قليله و كثيره ، لأن العلة الخمرية ( السكر ) و ليس المادة التي يحصل بها ( السكر ) كما قال صلى الله عليه وسلم :
" كل مسكر خمر ، و كل خمر حرام " . رواه مسلم .
و قال : " ما أسكر كثيره فقليله حرام " .



و لا تغتر بما جاء في بعض الكتب الفقهية عن بعض الأئمة من إباحة جنس منها بتفاصيل تذكر فيها ، فإنما هي زلة من عالم ، كان الأحرى أن تدفن و لا تذكر لولا العصبية الحمقاء .








الكبيرة السابعة و الخمسون : اباق العبد

1-روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة .

2- و قال صلى الله عليه و سلم : أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة .

3- و روى ابن خزيمة في صحيحه من حديث جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة و لا يصعد لهم إلى السماء حسنة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، و المرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى ، و السكران حتى يصحو









الكبيرة الثامنة و الخمسون الذبح لغير الله عز و جل

مثل من يقول بسم الشيطان أو الصنم أو باسم الشيخ فلان قال الله تعالى و لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه

@ قال ابن عباس يريد الميتة و المنخنقة إلى قوله و ما ذبح على النصب و قال الكلبي ما لم يذكر اسم الله عليه أو يذبح لغير الله تعالى و قال عطاء ينهي عن ذبائح كانت تذبحها قريش و العرب على الأوثان و قوله إنه لفسق يعني و إن كل ما لم يذكر اسم الله عليه من الميتة فسق أو خروج عن الحق و الدين و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم أي يوسوس الشيطان لوليه فيلقي في قلبه الجدال بالباطل ، و هو أن المشركين جادلوا المؤمنين في الميتة قال ابن عباس أوحى الشيطان إلى أوليائه من الأنس كيف تعبدون شيئاً لا تأكلون ما يقتل و أنتم تأكلون ما قتلتم ؟ فأنزل الله هذه الآية و إن أطعتموهم يعني في استحلال الميتة إنكم لمشركون ، قال الزجاج و في هذا دليل على أن كل من أحل شيئاً مما حرم الله أو حرم شيئاً مما أحل الله فهو مشرك

فإن قيل كيف أبحتم ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية و الآية كالنص في التحريم ؟ قلت إن المفسرين فسروا ما لم يذكر اسم الله عليه في هذه الآية بالميتة و لم يحمله أحد على ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية و في الآية أشياء تدل أن الآية في تحريم الميتة و منها قوله و إنه لفسق و لا يفسق آكل ذبيحة المسلم التارك للتسمية

و منها قوله و إن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم و المناظرة إنما كانت في الميتة بإجماع من المفسرين لا في ذبيحة تارك التسمية من المسلمين ، و منها قوله و إن أطعتموهم إنكم لمشركون و الشرك في استحلال الميتة لا في استحلال الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها

1- عن عائشة رضي الله عنها أن قوماً قالوا يا رسول الله إن قوماً يأتونا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم سموا عليه و كلوا و قد تقدم قوله صلى الله عليه و سلم لعن الله من ذبح لغير الله



النذر

478- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " قال الله عز و جل : لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه ، و لكنه شيء أستخرج به من البخيل يؤتيني عليه ما لا يؤتيني على البخل . و في رواية : ما لم يكن آتاني من قبل " . الصحيحة" 1 / 781 :
2-و للحديث طريق 2 بلفظ :" لا تنذروا ، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا و إنما يستخرج به من البخيل " . مسلم


فقه الحديث :


الالبانى : دل الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده ، بل هو مكروه ، و ظاهر النهي في بعض طرقه أنه حرام ، و قد قال به قوم . إلا أن قوله تعالى : " أستخرج به من البخيل " يشعر أن الكراهة أو الحرمة خاص بنذر المجازاة أو المعاوضة ، دون نذر الابتداء و التبرر ، فهو قربة محضة ، لأن للناذر فيه غرضا صحيحا و هو أن يثاب عليه ثواب الواجب ، و هو فوق ثواب التطوع . و هذا النذر هو المراد - و الله أعلم - بقوله تعالى ( يوفون بالنذر ) دون الأول .



قال الحافظ في " الفتح " ( 11 / 500 ) : " و قد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى


( يوفون بالنذر ) قال : كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و العمرة و مما افترض عليهم فسماهم الله أبرارا ، و هذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة " .


و قال قبل ذلك : " و جزم القرطبي في " المفهم " بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي ، على نذر المجازاة ، فقال : هذا النهي محله أن يقول مثلا : إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا . و وجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه ، بل سلك فيه مسلك المعاوضة ، و يوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه ، و هذه حالة البخيل ، فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا و هذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله : " و إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه " .


و قد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض ، أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر ، و إليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضا " فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا " .

و الحالة الأولى تقارب الكفر ، و الثانية خطأ صريح " .

قال الحافظ : قلت : بل تقرب من الكفر أيضا .
ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة و قال : " الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد ،فيكون إقدامه على ذلك محرما ، و الكراهة في حق من لم يعتقد ذلك " . و هو تفصيل حسن ، و يؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة .



قلت : يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم ( 4 / 304 ) من طريق فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث أنه سمع عبد الله بن عمر و سأله رجل من بني كعب يقال له مسعود بن عمرو : يا أبا عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله و إنه وقع بالبصرة طاعون شديد فلما بلغ ذلك نذرت : إن الله جاء بابني أن أمشي إلى الكعبة ، فجاء مريضا ، فمات ، فما ترى ؟ فقال ابن عمر : ( أو لم تنهوا عن النذر ؟ ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " النذر لا يقدم شيئا ،


و لا يؤخره ، فإنما يستخرج به من البخيل " ، أوف بنذرك ) . حسنة الالبانى


قلت و بالجملة ففي الحديث تحذير للمسلم أن يقدم على نذر المجازاة ، فعلى الناس أن يعرفوا ذلك حتى لا يقعوا في النهي و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !


2- - عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " النذر نذران ، فما كان لله فكفارته الوفاء ، و ما كان للشيطان فلا وفاء فيه و عليه كفارة يمين " . الصحيحة" 1 / 784 :


و في الحديث دليل على أمرين اثنين :


الأول : أن النذر إذا كان طاعة لله ، وجب الوفاء به و أن ذلك كفارته ، و قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه ، و من نذر أن يعصي الله فلا يعصه " . متفق عليه .
و الآخر : أن من نذر نذرا فيه عصيان للرحمن ، و إطاعة للشيطان ، فلا يجوز الوفاء به ، و عليه الكفارة كفارة اليمين ، و إذا كان النذر مكروها أو مباحا فعليه الكفارة من باب أولى ،


و لعموم قوله عليه الصلاة و السلام : " كفارة النذر كفارة اليمين " أخرجه مسلم و غيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه ، و هو مخرج في " الإرواء " ( 2653 ) . و ما ذكرنا من الأمر الأول و الثاني متفق عليه بين العلماء ، إلا في وجوب الكفارة في المعصية و نحوها ، فالقول به مذهب الإمام أحمد و إسحاق كما قال الترمذي ( 1 / 288 ) ، و هو مذهب الحنفية أيضا ، و هو الصواب لهذا الحديث و ما في معناه مما أشرنا إليه





الكبيرة التاسعة و الخمسون : فيمن ادعى إلى غير أبيه و هو يعلم

1-عن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من ادعى إلى غير أبيه و هو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام رواه البخاري

2-و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كافر رواه البخاري

3-و فيه أيضاً من ادعى إلى غير أبيه فعليه لعنة الله

4- و عن زيد بن شريك قال : رأيت علياً رضي الله عنه يخطب على المنبر فسمعته يقول : و الله ما عندنا من كتاب نقرؤه إلا كتاب الله تعالى و ما في هذه الصحيفة فنشرها ، فإذا فيها أسنان الإبل و شيء من الجراحات ، و فيها : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : المدينة حرام ما بين عير إلى ثور ، فمن أحدث فيها حدثاً ، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ، لا يقبل الله يوم القيامة منه صرفاً و لا عدلا ، و من تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك ، و ذمة المسلمين واحدة رواه البخاري






الكبيرة الستون : الجدل و المراء و اللدد

قال الله تعالى : و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام * و إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد

و مما يذم من الألفاظ : المراء ، و الجدال ، و الخصومة

@ قال الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله : المراء طعنك في كلام لإظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله و إظهار مزيتك عليه و قال : و أما الجدال فعبارة عن أمر يتعلق بإظهار المذاهب و تقريرها قال : و أما الخصومة فلجاج في الكلام ليستوفي به مقصوداً من مال غيره و تارة يكون ابتداءً و تارة يكون اعتراضاً و المراء لا يكون إلا اعتراضاً هذا كلام الغزالي


@ و قال النووي رحمه الله : اعلم أن الجدال قد يكون بحق و قد يكون بباطل ، قال الله تعالى : و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ،

و قال الله تعالى : و جادلهم بالتي هي أحسن ، و قال الله تعالى : ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ، قال : فإن كان الجدال للوقوف على الحق و تقريره كان محموداً ، و إن كان في مدافعة الحق أو كان جدالاً بغير علم كان مذموماً ، و على هذا التفصيل تنزل النصوص الواردة في إباحته و ذمه و المجادلة و الجدال بمعنى واحد قال بعضهم : ما رأيت شيئاً أذهب للدين و لا أنقص للمروءة و لا أشغل للقلب من الخصومة

( فإن قلت ) لا بد للإنسان من الخصومة لاستيفاء حقوقه ، ( فالجواب ) ما أجاب به الغزالي رحمه الله : اعلم أن الذم المتأكد إنما هو لمن خاصم بالباطل و بغير علم كوكيل القاضي فإنه يتوكل في الخصومة قبل أن يعرف الحق في أي جانب هو فيخاصم بغير علم

و يدخل في الذم أيضاً من يطلب حقه لأنه لا يقتصر على قدر الحاجة بل يظهر اللدد و الكذب و الإيذاء و التسليط على خصمه ، كذلك من خلط بالخصومة كلمات تؤذي و ليس له إليها حاجة في تحصيل حقه ، كذلك من يحمله على الخصومة محض العناد لقهر الخصم و كسره فهذا هو المذموم

و أما المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدد و إسراف و زيادة لجاج على الحاجة من غير قصد عناد و لا إيذاء ، ففعل هذا ليس حراماً و لكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا ، لأن ضبط اللسان في الخصومة على حد الإعتدال متعذر ، و الخصومة توغر الصدور و تهيج الغضب ، و إذا هاج الغضب حصل الحقد بينهما حتى يفرح كل واحد منهما بمساءة الآخر و يحزن لمسرته و يطلق لسانه في عرضه فمن خاصم فقد تعرض لهذه الآفات ، و أقل ما فيها اشتغال القلب حتى أنه يكون في صلاته ، و خاطره متعلق بالمحاججة و الخصومة فلا تبقى حاله على الإستقامة ، و الخصومة مبدأ الشر و كذا الجدال و المراء فينبغي للإنسان ألا يفتح عليه باب الخصومة إلا لضرورة لا بد منها





1-و عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أتوا الجدال ثم تلا ما ضربوه لك إلا جدلاً الآية



: يكره التغيير في الكلام بالتشدق ، و تكلف السجع بالفصاحة بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون ، فكل ذلك من التكلف المذموم ، بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته لفظاً يفهمه جلياً و لا يثقله

1-و روينا فيه أيضاً عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، و إن من أبغضكم إلي و أبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون و المتشدقون و المتفيهقون قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارون و المتشدقون ، فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون قال الترمذي حديث حسن قال : و الثرثار هو كثير الكلام ، و المتشدق من يتطاول على الناس في الكلام و يبذو عليهم

و اعلم أنه لا يدخل في الذم تحسين ألفاظ الخطب و المواعظ إذا لم يكن فيها إفراط و أغراب ، إلا أن المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله تعالى و لحسن اللفظ في هذا أثر ظاهر ، و الله أعلم





الكبيرة الحادية و الستون منع فضل الماء

قال الله تعالى

قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين

1-و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة لا يكلمهم الله و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم رجل على فضل ماء بفلاة يمنعه ابن السبيل ، و رجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا فإن أعطاه منها و فى له و إن لم يعطه منها لم يف له ، و رجل بايع رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذتها بكذا و كذا فصدقه و هو على غير ذلك أخرجاه في الصحيحين و زاد البخاري و رجل منع فضل مائه فيقول الله اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك







الكبيرة الثانية و الستون : نقص الكيل و الزراع و ما أشبه ذلك

قال الله تعالى : ويل للمطففين

-يعني الذين ينقصون الناس و يبخسون حقوقهم بالكيل و الوزن قوله : الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون

- يعني يستوفون حقوقهم منها قال الزجاج : المعنى إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم و كذلك إذا اتزنوا و لم يذكر إذا اتزنوا لأن الكيل و الوزن بهما الشراء و البيع فيما يكال و يوزن فأحدهما يدل على الآخر و إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون أي ينقصون في الكيل و الوزن و قال السدي : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة و بها رجل يقال له أبو جهينة له مكيالان يكيل بأحدهما و يكتال بالآخر فأنزل الله هذه الآية

1-و عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس بخمس قالوا يا رسول الله و ما خمس بخمس ؟ قال : ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ، و ما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ، و ما ظهرت فيهم الفاحشة إلا أنزل الله بهم الطاعون ـ يعني كثرة الموت ـ و لا طففوا الكيل إلا منعوا النبات و أخذوا بالسنين ، و لا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم المطر ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون

-قال الزجاج : المعنى لو ظنوا أنهم مبعوثون ما ما نقصوا في الكيل و الوزن ليوم عظيم أي يوم القيامة يوم يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين أي لأمره و لجزائه و حسابه ، و هم يقومون بين يديه لفصل



و المطفف : هو الذي ينقص الكيل و الوزن مطففاً لأنه لا يكاد يسرق إلا الشيء الطفيف ، و ذلك ضرب من السرقة و الخيانة و أكل الحرام ثم وعد الله من فعل ذلك بويل و هو شدة العذاب و قيل واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من شدة حره





الكبيرة الثالثة و الستون الأمن من مكر الله

قال الله تعالى حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة

أي أخذهم عذابنا من حيث لا يشعرون قال الحسن من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له ، و من قتر عليه فلم ير أنه ينظر إليه فلا رأي له ثم قرأ هذه الآية

حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون

و قال مكر بالقوم و رب الكعبة أعطوا حاجتهم ثم أخذوا

1-و عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معصيته فإنما ذلك منه استدراج ثم قرأ فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون

الإبلاس اليأس من النجاة عند ورود الهلكة ، و قال ابن عباس أيسوا من كل خير و قال الزجاج المبلس الشديد الحسرة اليائس الحزين



2-و في الحديث الصحيح إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها

3-و في صحيح البخاري عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار و إنه من الجنة ، و يعمل الرجل بعمل أهل الجنة و إنه من أهل النار ، و إنما الأعمال بالخواتيم



-و قد قص الله تعالى في كتابه العزيز قصة بلعام و إنه سلب الإيمان بعد العلم و المعرفة ، و كذلك برصيصاً العابد مات على الكفر ، و روي أنه كان رجل بمصر ملتزم المسجد لللآذان و الصلاة ، و عليه بهاء العبادة و أنوار الطاعة ، فرقي يوماً المنارة على عادته للآذان ، و كان تحت المنارة دار لنصراني ذمي فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب الدار ـ و كانت جميلة ـ فافتتن بها و ترك الآذان و نزل إليها فقالت له ما شأنك و ما تريد ؟ فقال أنت أريد قالت لا أجيبك إلى ريبة قال لها أتزوجك ، قالت له أنت مسلم و أبي لا يزوجني بك ،

- قال أتنصر قالت له إن فعلت أفعل ، فتنصر ليتزوجها و أقام معهم في الدار ، فلما كان في أثناء ذلك اليوم رقى إلى سطح كان في الدار فسقط فمات ، فلا هو فاز بدينه و لا هو تمتع بها نعوذ بالله من مكره و سوء العافية و سوء الخاتمة

1-و عن سالم عن عبد الله قال كان كثيراً ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يحلف لا و مقلب القلوب رواه البخاري ،

-و معناه يصرفها أسرع من ممر الريح على اختلاف في القبول و الرد و الإرادة و الكراهة و غير ذلك من الأوصاف و 2- و قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك فقلت يا رسول الله إنك تكثر أن تدعو بهذا فهل تخشى ؟ قال و ما يؤمنني يا عائشة و قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ،

- إذا أراد أن يقلب قلب عبد قلبه فإذا كانت الهداية معروفة و الإستقامة على مشيئته موقوفة و العاقبة مغيبة و الإرادة غير مغالبة ، فلا تعجب بإيمانك و عملك و صلاتك و صومك و جميع قربك ذلك إن كان من كسبك ، فإنه من خلق ربك و فضله الدار عليك ، فمهما افتخرت بذلك كنت مفتخراً بمتاع غيرك ، ربما سلبه عنك فعاد قلبك من الخير أخلى من جوف العير

فكم من روضة أمست و زهرها يانع عميم ، أضحت و زهرها يابس هشيم ، إذ هبت عليها الريح العقيم ، كذلك العبد يمسي و قلبه بطاعة الله مشرق سليم و يصبح و هو بمعصية الله مظلم سقيم ، ذلك تقدير العزيز العظيم

ابن آدم الأقلام عليك تجري ، و أنت في غفلة لا تدري ، ابن آدم دع المغاني و الأوتار ، و المنازل و الديار ، و التنافس في هذه الدار ، حتى ترى ما فعلت في أمرك الأقدار ،



درر

ينادي مناد من قبل العرش أين فلان أين فلان فلا يسمع أحد ذلك الصوت إلا و تضطرب فرائصه ، قال ، فيقول الله عز و جل لذلك الشخص أنت المطلوب هلم إلى العرض على خالق السموات و الأرض فيشخص الخلق بأبصارهم اتجاه العرش و يوقف ذلك الشخص بين يدي الله عز و جل ، فيلقي الله عز و جل عليه من نوره يستره عن المخلوقين ثم يقول له عبدي أما علمت أني كنت أشاهد عملك في دار الدنيا ؟ فيقول بلى يا رب ، فيقول الله تعالى عبدي أما سمعت بنقمتي و عذابي لمن عصاني ؟

فيقول بلى يا رب ، فيقول الله تعالى أما سمعت بجزائي و ثوابي لمن أطاعني ؟ فيقول بلى يا رب ،

فيقول الله تعالى يا عبدي عصيتني ؟ فيقول يا رب قد كان ذلك ، فيقول الله تعالى عبدي فما ظنك اليوم بي ؟ فيقول يا رب أن تعفو عني ، فيقول الله تعالى عبدي تحققت أني أعفو عنك ؟

فيقول نعم يا رب لأنك رأيتني على المعصية و سترتها علي قال فيقول الله عز و جل قد عفوت عنك و غفرت لك و حققت ظنك ، خذ كتابك بيمينك فما كان فيه من حسنة فقد قبلتها ، و ما كان من سيئة فقد غفرتها لك و أنا الجواد الكريم



إلهنا لولا محبتك للغفران ما أمهلت من يبارزك بالعصيان ، و لولا عفوك و كرمك ما سكنت الجنان

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا

اللهم انظر إلينا نظر الرضى ، و أثبتنا في ديوان أهل الصفا ، و نجنا من ديوان أهل الجفا

اللهم حقق بالرجاء آمالنا ، و حسن في جميع الأحوال أعمالنا ، و سهل في بلوغ رضاك سبلنا و خذ إلى الخيرات بنواصينا ، و آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار



الكبيرة الخامسة و الستون : تارك الجماعة فيصلي وحده من غير عذر

1-عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لقوم يتخلفون عن الجماعة : لقد هممت أن آمر رجل يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجماعة بيوتهم رواه مسلم

2- و قال عليه الصلاة و السلام : لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين رواه مسلم

3-و قال صلى الله عليه و سلم : من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه أخرجه أبو داود

4- و عن حفصة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : رواح الجمعة واجب على كل محتلم أي على كل بالغ





ثلاثة لا تسأل عنهم

542- عن فضالة ابن عبيد : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة و عصى إمامه و مات عاصيا ، و أمة أو عبد أبق فمات ،

و امرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده ، فلا تسأل عنهم . و ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل نازع الله عز وجل رداءه ، فإن رداءه الكبرياء و إزاره العزة ، و رجل شك في أمر الله و القنوط من رحمة الله " الصحيحة" 2 / 71



الكبيرة السادسة و الستون : الإصرار على ترك صلاة الجمعة و الجماعة من غير عذر

قال الله تعالى : يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون إلى السجود و هم سالمون

قال كعب الأحبار : ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات

و قال سعيد بن المسيب إمام التابعين رحمه الله : كانوا يسمعون حي على الصلاة حي على الفلاح فلا يجيبون و هم سالمون أصحاء

1-و في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و الذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة في الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار

2- و في رواية لمسلم من حديث أبي هريرة : لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا لي حزماً من حطب ثم آتي قوماً يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم

- و في هذا الحديث الصحيح و الآية التي قبله وعيد شديد لمن يترك صلاة الجماعة من غير عذر فقد روى أبو داود في سننه بإسناد إلى

3- ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سمع المنادي فلم يمنعه من إتيانه عذر ـ قيل و ما العذر يا رسول الله قال خوف أو مرض ـ لم تقبل منه الصلاة التي صلى يعني في بيته

و روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل يصوم النهار و يقوم الليل و لا يصلي في جماعة و لا يجمع ، فقال : إن مات هذا فهو في النار

4-و روى مسلم أن رجلاً أعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فرخص له ، فلما ولى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال : فأجب و في رواية أبي داود أن ابن أم مكتوم جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام و السباع و أنا ضرير البصر فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ؟ قال : نعم قال : فأجب ، فحي هلا و في رواية أنه قال : يا رسول الله إني ضرير شاسع الدار و لي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة : و قوله ( فحي هلا ) أي تعال و أقبل



5-و روى الحاكم في مستدركه على شرط الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : و من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر فلا صلاة له قالوا و ما العذر يا رسول الله ؟ قال : خوف أو مرض

6- و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لعن الله ثلاثة ـ من تقدم قوماً و هم له كارهون ، و امرأة باتت و زوجها عليها ساخط ، و رجلاً سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجب

قال أبو هريرة : لأن تمتلىء أذن ابن آدم رصاصاً مذاباً خير من أن يسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لا يجيب-

@-و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، قيل من جار المسجد ؟ قال : من يسمع الآذان ، قال أيضاً : من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر

@و قال ابن مسعود رضي الله عنه : من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن ، فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه و سلم سنن الهدى ، و إنها من سنن الهدى ، و لو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، و لو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، و لقد رأيتنا و ما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض و لقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف ، يعني يتكىء عليهما من ضعفه حرصاً على فضلها و خوفاً من الإثم في تركها



و فضل صلاة الجماعة عظيم كما في تفسير قوله تعالى



و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون

إنهم المصلون الصلوات الخمس في الجماعات و في قوله تعالى : و نكتب ما قدموا و آثارهم أي خطاهم

1-و في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته أحدهما تحط خطيئة و الأخرى ترفع درجة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه الذي صلى فيه يقولون : اللهم اغفر له ، اللهم ارحمه ما لم يؤذ فيه أو يحدث فيه

2-و قال صلى الله عليه و سلم : ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، و كثرة الخطا إلى المساجد ، و انتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط فذلكم الرباط رواه مسلم





الكبيرة السابعة و الستون : الإضرار في الوصية

قال الله تعالى : من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار

أي غير مدخل الضرر على الورثة ، و هو أن يوصي بدين ليس عليه يريد بذلك ضرر الورثة فمنع الله منه و قال الله تعالى : وصية من الله و الله عليم حليم

قال ابن عباس : يريد ما أحل الله من فرائضه في الميراث و من يطع الله و رسوله في شأن المواريث يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله قال مجاهد فيما فرض الله من المواريث

و قال عكرمة عن ابن عباس من لم يرض بقسم الله و يتعد ما قال الله يدخله ناراً

و قال الكلبي يعني يكفر بقسمة الله المواريث و يتعدى حدوده استحلالاً يدخله ناراً خالداً فيها و له عذاب مهين

1- و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث صححه الترمذي







الكبيرة الثامنة و الستون : المكر و الخديعة

قال الله عز و جل : و لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله

و قال النبي صلى الله عليه و سلم : في حديث : و أهل النار خمسة ، و ذكر منهم رجلاً لا يصبح و لا يمسي إلا و هو يخادعك عن أهلك و مالك





الكبيرة التاسعة و الستون : من جس على المسلمين و دل على عوراتهم

1-فيه حديث حاطب بن أبي بلتعة و أن عمر أراد قتله بما فعل ، فمنعه رسول الله صلى الله عليه و سلم من قتله لكونه شهد بدراً ، إذا ترتب على جسه وهن على الإسلام و أهله و قتل أو سبي أو نهب أو شيء من ذلك ، فهذا ممن سعى في الأرض فساداً و أهلك الحرث و النسل فيتعين قتله و حق عليه العذاب فنسأل الله العفو و العافية

و بالضرورة يدري كل ذي جس أن النميمة إذا كانت من أكبر المحرمات فنميمة الجاسوس أكبر و أعظم

نعوذ بالله من ذلك و نسأله العفو و العافية ، إنه لطيف خبير جواد كريم





الكبيرة السبعون : سب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم

1-ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يقول الله تعالى : من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ،

2- و قال صلى الله عليه و سلم : لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم و لا نصيفه مخرج في الصحيحين

3-و قال صلى الله عليه و سلم : الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ، و من آذاهم فقد آذاني ، و من آذاني فقد آذى الله و من آذى الله أوشك أن



و قوله صلى الله عليه و سلم : ( الله الله ) كلمة تحذير و انذار كما يقول المحذر : النار النار أي احذروا النار ، و قوله : ( لا تتخذوهم غرضاً بعدي ) أي لا تتخذوهم غرضاً للسب و الطعن ، كما يقال : اتخذ فلان غرضاً لسبه أي هدفاً للسب ) و قوله : ( فمن أحبهم فبحبي أحبهم و من أبغضهم فببغضي أبغضهم ) ، فهذا من أجل الفضائل و المناقب لأن محبة الصحابة لكونهم صحبوا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نصروه و آمنوا به و عزروه و واسوه بالأنفس و الأموال ، فمن أحبهم فإنما أحب النبي صلى الله عليه و سلم فحب أصحابي النبي صلى الله عليه و سلم عنوان محبتي و بغضهم عنوان بغضه

- كما جاء في الحديث الصحيح : حب الأنصار من الإيمان و بغضهم من النفاق ،

- و ما ذاك إلا لسابقتهم و مجاهدتهم أعداء الله بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم و كذلك حب علي رضي الله عنه من الإيمان و بغضه من النفاق ، و إنما يعرف فضائل الصحابة رضي الله عنهم من تدبر أحوالهم و سيرهم و آثارهم في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم و بعد موته من المسابقة إلى الإيمان و المجاهدة للكفار ، و نشر الدين ، و اظهار شعائر الإسلام ، و إعلاء كلمة الله و رسوله ، و تعليم فرائضه و سننه ، و لولاهم ما وصل إلينا من الدين أصل و لا فرع ، و لا علمنا من الفرائض و السنن سنة و لا فرضاً و لا علمنا من الأحاديث و الأخبار شيئاً

فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين و مرق من ملة المسلمين ، لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم و إضمار الحقد فيهم و إنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم ، و ما لرسول الله صلى الله عليه و سلم من ثنائه عليهم و فضائله و مناقبهم و حبهم و لأنهم أرضى الوسائل من المأثور و الوسائط من المنقول و الطعن في الوسائط طعن في الأصل ، و الازدراء بالناقل ازدراء بالمنقول ، هذا ظاهر لمن تدبره ، و سلم من النفاق و من الزندقة و الإلحاد في عقيدته ، و حسبك ما جاء في الأخبار و الآثار من ذلك كقول النبي صلى الله عليه و سلم : إن الله اختارني و اختار لي أصحاباً ، فجعل لي منهم وزراء و أنصار و أصهار فمن سبهم فعليه لعنة الملائكة و الناس أجمعين ، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً و لا عدلاً

-: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله اختارني و اختار لي أصحابي و جعل لي أصحاباً و إخواناً و أصهاراً ، و سيجيء قوم بعدهم يعيبونهم و ينقصونهم فلا تواكلوهم و لا تشاربوهم و لا تناكحوهم و لا تصلوا عليهم و لا تصلوا معهم



و قد نص النبي صلى الله عليه و سلم في حديث العرباض بن سارية حيث قال : عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و محدثات الأمور الحديث

و الخلفاء الراشدون هم : أبو بكر و عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم أجمعين و أنزل الله في فضائل أبي بكر رضي الله عنه آيات من القرآن ، قال الله تعالى


آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


التعديل الأخير تم بواسطة رشيد التلمساني ; 23-05-2017 الساعة 10:51 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة