الموضوع: رحلة النور
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-05-2017, 06:59 AM   #22
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي


هجرة الصديق



بسم الله




عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة



1-قال ابن إسحاق: وقد كان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - كما حدثت عائشة، حين ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الاذى، ورأى من تظاهر قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما رأى، استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فأذن له، فخرج أبو بكر رضي الله عنه مهاجرا، حتى إذا سار من مكة يوما - أو يومين - لقيه ابن الدغنة أخو بني الحارث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد الاحابيش فقال: إلى أين يا أبا بكر ؟ قال أخرجني قومي وآذوني وضيقوا علي.قال ولم ؟ فوالله إنك لتزين العشيرة، وتعين على النوائب، وتفعل المعروف وتكسب المعدوم.أرجع فإنك في جواري.فرجع معه حتى إذا دخل مكة قام معه ابن الدغنة فقال: يا معشر قريش، إني قد أجرت ابن أبي قحافة فلا يعرض له أحد إلا بخير.قالت (عائشة): فكفوا عنه.
قالت: وكان لابي بكر مسجد عند باب داره في بني جمح فكان يصلي فيه، وكان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى قالت: فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء يعجبون لما يرون من هيئته، قالت: فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة




.فقالوا [ له ]: يا ابن الدغنة إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا، إنه رجل إذا صلى وقرأ ما جاء به محمد يرق [ ويبكي ] وكانت له هيئة، ونحن نتخوف.على صبياننا ونسائنا وضعفائنا أن يفتنهم، فأته فمره بأن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء.قالت: فمشى ابن الدغنة إليه فقال [ له ]: يا أبا بكر، إني لم أجرك لتؤذي قومك.وقد كرهوا مكانك الذي أنت به، وتأذوا بذلك منك، فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت.
قال: أو أرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله.قال فاردد علي جواري.قال: قد رددته عليك.قالت: فقام ابن الدغنة فقال: يا معشر قريش، إن ابن أبي قحافة قد رد علي جواري فشأنكم بصاحبكم.




2-وقد روى الامام البخاري أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبواي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون، خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة، حتى إذا بلغ برك الغماد (موضع بناحية اليمن)، لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر: أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الارض فأعبد ربي.فقال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج مثله، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل (هو ما يثقل حمله من القيام بالعيال ونحوه مما لا يقوم بأمر نفسه )، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.وأنا لك جار فارجع، فاعبد ربك ببلدك.فرجع وارتحل معه ابن الدغنة



وطاف ابن الدغنة عشية في اشراف قريش فقال لهم:
إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم، ويصل الرحم، ويحمل الكل، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق ؟ فلم يكذب قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ويصل فيها وليقرأ ما شاء، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا.فقال ابن الدغنة ذلك لابي بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره، ولا يستعلن بصلاته، ولا يقرأ في غير داره.ثم بدا لابي بكر فابتنى مسجدا بفناء داره [ وبرز ]



وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، [ فيتقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه.وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فافزع ذلك أشراف قريش من المشركين، فأرسلوا إلى ابن الدغنة، فقدم عليهم.فقالوا [ له ]: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره، فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره، فأعلن في الصلاة والقراءة فيه، وأنا قد خشينا أن يفتتن أبناؤنا ونساؤنا فأنه فإن أحب على أن يقتصر أن يعبد ربه في داره فعل، وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فسله أن يرد عليك ذمتك، فإنا قد كرهنا [ أن ] نخفرك ولسنا مقرين لابي بكر الاستعلان.



قالت عائشة: فاتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي قد عاقدت عليه قريش فإما أن تقتصر على ذلك، وأما أن ترد إلي ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له.فقال أبو بكر: فإني أرد عليك جوارك وأرضى بجواز الله عزوجل.
وقد : لقيه - يعني أبا بكر الصديق حين خرج من جوار ابن الدغنة - سفيه من سفهاء قريش وهو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابا، فمر بأبي بكر الوليد بن المغيرة - أو العاص بن وائل - فقال له أبو بكر رضي الله عنه: ألا ترى ما يصنع هذا السفيه ؟ فقال: أنت فعلت ذلك بنفسك.[ قال ] وهو يقول أي رب ما أحلمك.أي رب ما أحلمك، أي رب ما أحلمك.



19-وقد ذكر محمد بن إسحاق - رحمه الله - بعد إبطال الصحيفة قصصا كثيرة تتضمن نصب عداوة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنفير أحياء العرب والقادمين إلى مكة لحج أو عمرة أو غير ذلك منه، وإظهار الله المعجزات على يديه دلالة على صدقه فيما جاءهم به من البينات والهدى، وتكذيبنا لهم فيما يرمونه من البغي والعدوان والمكر والخداع، ويرمونه من الجنون والسحر والكهانة والتقول، والله غالب على أمره.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة