الموضوع: أنواع الرؤى
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-09-2012, 04:21 PM   #3
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي


|| ░ » الرؤيا الصادقة « ░ ||



الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى

آله وصحبه أجمعين، وبعد:

|| ░ » أنواع الرؤى
|| ░ » النوع الثالث :: الرؤيا الصادقة
وهو ما يكون إلهاماً من الله للعبد، وقيدها بعض علماء الرؤى
بقولهم:
وذلك عندما تصفو نفسُه، وتتخلص سَريرتُه من أفكار السوء،
ويتعلق قلبُه بذكر الله، فلا يرى إلاَّ حقاً وصدقاً، وتلك هي الرؤيا الصادقة التي

توصف بأنها جزء من النبوة.
يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه وهو عند

أحمد في مسنده أيضاً من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه:
(( رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)).
ولي عند هذا الحديث وقفة مُطوّلة لاشتماله على بعض المسائل المهمة:
فأقول:
هذا الحديث رُوي عن جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، فروى حديثَ أنس هذا

الشيخان، وروى الإمام أحمد والشيخان مثله عن عبادة بن الصامت، وكذلك أبو

داود والترمذي، ورواه الإمام أحمد والشيخان وابن ماجه من حديث أبي

هريرة.
وبالنسبة لعدد الأجزاء: فقد جاء عدة روايات أو جزها مقتصراً على الشاهد

فقط كما جاء في شرح صحيح مسلم للنووي مفصلاً:
فقد جاء في البخاري ومسلم:
((الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)).
وجاء في مسلم:
(( من خمس وأربعين جزءاً)) وجاء فيه أيضاً: ((من سبعين

جزءاً))
وجاء في الطبراني: ((جزء من ستة وسبعون جزءاً)).
ولابن عبد البر رواية: ((من ستة وعشرين جزءاً)).
وعند الإمام أحمد: (( جزء من خمسين جزءاً)).
وجاء عند الترمذي: ((جزء من أربعين جزءاً)).
وعند الطبري:
((جزء من تسعة وأربعين جزءاً))، وله أيضاً: ((من أربعة

وأربعين)).
وجاء أيضاً عن ابن عباس: ((جزء من أربعين جزءاً)).
ونحن هنا أمام روايات متعددة وأقلّها جزء من ستة وعشرين وأكثرها جزء من

ستة وسبعين،
قال النووي في شرح صحيح مسلم:
هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي، فالمؤمن الصالح تكون رؤياه

جزءاً
من ستة وأربعين جزءاً والفاسق جزءاً من سبعين جزءاً، فالاختلاف بحسب

مراتب الأشخاص وكلما قلّت الأجزاء كانت الرؤيا أقرب إلى الصدق، وقيل

المراد أنَّ الخفي منها جزء من سبعين، والجلي جزء من ستة وأربعين.
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: وكون العدد جزء من ستة وأربعين

جزءاً موافقٌ للواقع بالنسبة للوحي الذي أُوحي إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم

لأن أول الوحي كان بالرؤيا الصالحة من ربيع الأول إلى رمضان وهذا ستة

أشهر، ثم أوحى الله إليه بعد ذلك في اليقظة بقية مدة حياته، فإذا نسبت هذا إلى

بقية زمن الوحي كان جزءاً من ستة وأربعين جزءاً؛ لأن الوحي كان ثلاثاً

وعشرين سنة وستة أشهر.ا.هـ.
وقد اسْتُشْكِل كون الرؤيا جزءاً من النبوة مع أنَّ النبوة انقطعت بموت النبي

صلى الله عليه وسلم، وسأذكر بعضاً مما قيل في توضيح هذا.
قال القرطبي معنى كونها جزءاً من النبوة:
أنَّ المسلم الصادق الصالح، يناسب حاله حال الأنبياء، وهو الاطلاع على الغيب، بخلاف الكافر والفاسق والمُخلّط،وتعقب هذا القول الإمام محمد السفاريني بقوله:
[بل يشابه حال الأنبياء في صحة رؤياه وصفاء خاطره واتصال روحه في حال نومه بعالم الملكوت].
وهذا هو الصحيح فلا يعلم الغيب إلا هو سبحانه وقال بعض العلماء:
مَعْنى كونِها جزءاً من أجزاء النبوة على سبيل المجاز، وهو أنها تجيء على موافقة النبوة؛ وذلك لأنها جزء من النبوة.
وقيل: المعنى: أنها جزء من علمها، لأنها وإن انقطعت النبوة فعلمها باقٍ.
وقيل: معنى كونها جزءاً من أجزاء النبوة مشابهتها في صدق الأخبار عن الغيب، والخبر بالغيب أحد ثمرات النبوة.
والخلاصة من هذا العرض: أنَّ رؤيا الكافر لا تُعدّ أصلاً من أجزاء النبوة، وبعده الفاسق وهو مثل الكافر، وذكر بعضهم أنَّ رؤيا الفاسق تُعدُّ من أقصى الأجزاء فيبقى المسلم الصالح والمؤمن وهو الذي رؤياه من هذا النوع يقول الجلال السيوطي رحمه الله وهو يعلّق على هذا الحديث:
[هذا الحديث عندي من الأحاديث المتشابهة التي نؤمن بها وَنِكلُ معناها المراد إلى قائله صلى الله عليه وسلم ولا نخوضُ في تفسير هذا الجزء من هذا العدد ولا حكمته، خصوصاً قد اختلفت الروايات في كمية العدد كما تقدم فالله أعلم بالمراد بالمقصود من ذلك]أ.هـ
والرؤيا الصالحة من أقسام الوحي، وقد تكون سبباً لشرع بعض الأحكام ومن ذلك رؤيا إبراهيم عله الصلاة والسلام، وقد كان إبراهيمُ نذر إنْ رزقه الله ولداً من سارة أن يذبحه قرباناً فرأى في المنام: أن أوفِ بنذرك، وحديث الطفيل أخي عائشة لأمها حول قول ما شاء الله وشاء محمد
وأمرهم الرسول بعدها أن يقولوا:
ما شاء الله وحده، أو ما شاء الله ثم محمد،
ولا يقولوا: ما شاء الله ومحمد،
ورؤيا عبد الله بن زيد في الأذان وتشريع الأذان بعدها
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عنها: إنها رؤيا حق.
كذلك أثبت أبو بكر رضي الله عنه رؤيا من رأى ثابت بن قيس بن شماس
حول درع سلبت منه بعد موته
واستردادها بهذه الرؤيا وتنفيذ الوصية بها وانتزاع الدرع ممن هي في يده بها،ولكن أبا بكر الصدِّيق هو أول الخلفاء الراشدين وهو ممن زكّاه الرسول صلى الله عليه وسلم فاجتهاده في هذا وقبول الصحابة لهذا الاجتهاد بوجود القرائن الدالة على الصدق مقبولٌ، ويوجد الكثير من الشواهد على مثل هذا في كتب الفقه.
أما اليوم فتنفيذ وصية أو أمر له علاقة بالشرع من خلال الرؤى غير جائز لا عقلاً ولا شرعاً كما لا يخفى على كل ذي لب.
وهذه الرؤيا الصالحة جاءت من هذا الصحابي الجليل لتؤكد لنا وجودها من الرجل الصالح كما أقَرّ هذا علماء هذا الفن تأسيساً على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وقال فيه
(...وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً...)).
وقوله صلى الله عليه وسلم(رؤيا المؤمن جزء من ....))

الحديث،
يشمل المرأة المؤمنة الصالحة كذلك وقد عنون البخاري في صحيحه: باب رؤية النساء،
وأورد ابن حجر: ما ذكره ابن بطّال من الاتفاق على أنَّ رؤيا المؤمنة الصالحة داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم :
((رؤيا المؤمن الصالح جزء من أجزاء النبوة))،
فلا فرق بين الرجل والمرأة من حيث الرؤى، ولكن قد يوجد الفرق من ناحية التعبير،
فالمعبرون يقولون: إن المرأة إذا رأت ما ليست له أهلٌ، فهو لزوجها،
وقالوا: كذلك الطفل رؤياه غالباً تكون لأبويه، والله أعلم.
وأعود لقصة ثابت بن قيس بن شماس، وكان من خيار الصحابة رضي الله عنهم

وقد ثبت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا ثابت أما ترضى أن تعيشَ حميداً وتُقتلَ شهيداً وتدخل الجنة؟))
قال مالك بن أنس وهو أحد رواة الحديث:فقتل ثابت بن قيس يوم اليمامة شهيداً.

وقصة ثابت هذا ذكرها ابن القيم .
قال: لما كان يوم اليمامة وهي الحرب ضد المرتدين، خرج ثابت مع خالد بن الوليد إلى قتال مسيلمة فلما التقوا وتكشفوا
قال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ثم حفر كل واحد له حفرة فثبتا وقاتلا حتى قُتلا وعلى ثابت يومئذ درعٌ له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينما رجل من المسلمين نائم إذ أتاه في منامه_ أَيْ ثابت _ فقال له:
أوصيك بوصية فإياك أن تقول هذا حلم فَتُضِيْعُه،
إني لمّا قُتلت مرّ بي رجل من المسلمين فأخذ درعي، وَمْنزلُه في أقصى الناس وعند خبائه فرسٌ يَسْتَنُّ _ أي يعدو بمرح ونشاط _
وقد كفأ على الدرع بُرْمَةً _ أي قدرٌ من الحجارة _
وفوق البرمة رَحْلٌ _ وهو ما يوضع على ظهر الدابة للركوب _
فَأْتِ خالداً فَمُرْهُ أن يبعثَ إلى درعي فيأخذَها، وإذا قَدِمْت المدينة على خليفة

رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أبا بكر الصدِّيق،
فقل له: إنَّ عَليَّ من الدَّين كذا وكذا وفلانٌ من رَقيقي عَتيقٌ، فأتى الرجل خالداً، فأخبره فبعث إلى الدرع فَأُتي بها ووجدها كما أخبرهم في الرؤيا تحت البرمة وعندها الفرس بوصفه، وأجاز أبو بكر باقي وصيَّته.
قال عمر بن عبد البر وغيره من الأقدمين، وكذلك الشيخ محمد بن صالح العثيمين حديثاً رحمة الله عليهم:
أجاز أبو بكر وَصيَّتَهُ لوجود القرائن التي تدُلّ على صدقها،
قال أبو عمر بن عبد البر:
ولا نعلم أحداً أُجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس رحمه الله،أ.هـ.
إذاً كما نلاحظ: اتفق خالد بن الوليد وأبو بكر الصدِّيق والصحابة معه على العمل بهذه الرؤيا وتنفذ ما جاء فيها.

موقع / الدكتور فهد بن سعود العصيمي



 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة