عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 18-11-2016, 09:16 PM   #2
معلومات العضو
ريحانة مغربية

افتراضي

الطريق الى قبول الأعمال (2)
احبائى في الله
مازلنا مع قبول الأعمال

فبدأنا بالإخلاص والنية والمتابعة للسنة ..ثم نأتي إلي تطهير النفوس وتزكيتها .
فنأتي للمحرك الأساسي وهو القلب ...

يقول عز من قائل: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنّ السّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلّ أُولـَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً** (الإسراء 36)

وعن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (...ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).جزء من حديث رواه البخاري ومسلم.

وهنا دليل على أن صلاح العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقائه للشبهات بحسب صلاح قلبه ..والقلب من الجسد هو الراع وهو المسئول عن رعيته التي هي باق الجسد ..ولذلك كان نظر الباحثين موجه إلي أمراض القلب وعلاجها ..واتخذوه أصل لصلاح الكل ..
ولما كان وصف القلب بالحياة أو ضدها .
فلقد قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام .
أولا: القلب الصحيح : وهو القلب السليم الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه.. وَسَلم من عبودية سواه.. وخلص عمله لله ..فإن أحب أحب في الله.. وإن أبغض أبغض في الله ..وإن أعطى أعطى لله .وإن منع منع لله .
ولا يكفيه هذا حتى يعقد عقدا محكما على الإقتداء برسول الله في الأقوال والأعمال .والطاعات والنواهي .وهو قلب حي..مخبت.. لين.. واع..
وفيه قال رب العزة : {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ**(88) {إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ**(89) الشعراء .

ثانيا: القلب الميت :هو معكوس القلب السليم ..فهو الذي وقف على شهواته ولذاته.ولا يبالي بسخط ربه ..فهو متعبد لغير الله ..إن أحب أحب لهواه ولما فيه مصلحته ..وإن أبغض لهواه وإن أعطى أعطى لهواه..وإن منع منع لهواه ..فهو للهوى عبد.. وللدنيا تابع.. وللشهوات خاضع ..لا يستجيب للناصح.. ويتبع كل شيطان مريد ..فمخالطة صاحب هذا القلب. سقم. ومعاشرته سم. ومجالسته هلاك .فهو قلب ميت يابس..

ثالثا القلب المريض: هو القلب الذي به حياة وبه علة فيتبع كل منهما حين ..ففيه حب الله .والإيمان به .والإخلاص له ..والتوكل عليه ..وفيه من حب الشهوات وإيثارها..ومن الحسد والكبر والعجب ماهو فيه هلاكه وعطبه ..
فهنا جمع بين داع الآخرة وداع العاجلة ..وهو إنما يجيب أقربهما إليه بابا وأدناهما له جوارا .. وهو إما إلي السلامة أدنى أو إلى العطب أدنى ..فهو يجنح إلى الله تارة فيأتي بالطاعات ثم تأخذه الشهوات فتبعده عن ذكر الله..ويقترب من المحرمات ..


نأتي أولا إلي علامات مرض القلب :

فمن علامات مرض القلوب عدولها عن الغذاء والدواء النافعين ..فأفضل الغذاء هو الإيمان وأنفع الدواء هو القرآن ..
فالقلب المريض لا تُألم صاحبه جراح المعاصي ولا تُألمه عقائده الباطلة وقد يجد في الدواء مرارة
( الحلال والحرام والأوامر والنواهي) فلا يلجأ إليه .

أما علامات صحة القلب :

• فمنها أنه يضرب على صاحبه حتى ينيب إلي الله ويتعلق به تعلق المحب الملهوف إلى محبوبه .
• وإذا فاته ورد أو عمل صالح أو طاعة من الطاعات وجد لذلك ألما شديدا كمن يتألم لفقده ماله وولده .
• أن يكون في هذه الدنيا غريبا مجهزا نفسه دائما يأخذ منها ما يعينه للارتحال إلي وطنه (الآخرة) كما روى (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال : (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) رواه البخاري واحمد والترمذي
• وأن لا يفتر عن ذكر الله ويجد في الصلاة قرة عينه وسرور قلبه وذهاب غمه وراحته ونعيمه.
• وأن يشتاق إلي عبادة الله وخدمته ولا يأنس بغيره ويحرص على الإخلاص والنصيحة والإحسان...كما قال يحي بن معاذ ( من ُسر بخدمة الله ُسرت الأشياء كلها بخدمته ومن قرت عينه بالله قرت عيون كل أحد بالنظر إليه )

أما أسباب مرض القلب فهي:

أولا: وأشدها الفتن.. ولقد قسمها رسول الله إلي قسمين..... كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرهها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تعود القلوب على قلبين ،قلب أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه وقلب ابيض لا تضره فتنة مادامت السموات والأرض)رواه مسلم باب الإيمان... (والمقصود بمربادا هو بين السواد والغبرة –ومجخيا أي مائلا عن الاستقامة والاعتدال أي منكوسا)

فالقسم الأول يتشرب الفتن كما تشرب الإسفنجة الماء حتى يسود وينتكس..وإذا اسود اشتبه عليه المعروف بالمنكر – والسنة بالبدعة والبدعة بالسنة وقد يرى الحق باطلا والباطل حق..

والقسم الثاني : قلب أبيض أشرق بنور الإيمان إذا عرضت له الفتنة أنكرهها وردها ولا يحتاج إلي تدبر أو مجادلة أو تمحيص ..هداه الله بنوره إلي الحق فلا يرجى غيره سبيلا..

وأشهر سموم القلب:

فضول الكلام – وفضول النظر - وفضول الطعام - وفضول المخالطة..(وسنأتي إليهم بالتفصيل في اللقاء القادم بإذن الله ).
فمن أراد سلامة قلبه فعليه بتخليص قلبه من آثار تلك السموم..والمحافظة عليه منها وإن تناول منها شيء على سبيل الخطأ فليسارع بالتخلص منها بالاستغفار والتوبة..والحسنات الماحية للسيئات.

وقانا الله وإياكم القلب المريض..وقوى إيماننا..وجعلنا ممن بيض الله وجوههم يوم العرض عليه..ونقى قلوبهم من الحسد والكبر.والبغضاء..وجعلنا أحبة في الله..اللهم آمين..
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

يتبع إن شاء الله

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة