عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-10-2012, 12:03 PM   #1
معلومات العضو
ابن حزم
إشراقة إدارة متجددة
 
الصورة الرمزية ابن حزم
 

 

افتراضي للإنــســان عـقـلان؛ عقل مادي وآخر ******

كان عالم النفس الأشهر سيجموند فرويد يزعم أن للإنسان عقلين ظاهر وباطن، وأن أغلب أعمال الإنسان مسيرة بعوامل منبعثة من العقل الباطن الذي لا يشعر به الإنسان ولا يدري ماذا يحدث فيه! أما نحن فنقول أن للإنسان عقلين: الأول عقل مادي والآخر عقل روحي، وأن أغلب أعمال وسلوكيات الإنسان مسيرة بعوامل تنبعث من العقل ال****** الذي لا يفهمه الإنسان المادي ولا يعلم ماذا يحدث فيه. المخ الإنساني هو ذلك الجهاز المادي الجبار المسئول و الحاكم والمسيطر علي الجسد بكل أعضائه المادية من عمليات حيوية إرادية وغير إرادية، فهو المسئول عن فهم وترجمة ما تم إدراكه بواسطة العين والأنف والأذن والجلد وكافة الحواس إلي لغة مفهومة للإنسان فيعرف أن هذا الشيء قريب أم بعيد، وأن رائحة هذا الشيء ذكية أم عفنة، وأن هذا الصوت رقيق أم غليظ، وأن ملمس هذا الثوب أملس أم خشن وهكذا، أما القلب البشري الذي هو تلك العضلة الصنوبرية الشكل فله عمل معروف من ضخ الدم إلي كافة جنبات الجسد البشري وغير ذلك مما يعرفه الأطباء. أما القلب ال****** فهو المسئول عن ذات الإنسان، بل هو المسيطر علي الإنسان ذاته وهو الذي يوجهه، وهو الذي يميل، وهو الذي يهوي وهو الذي يكره، وهو الذي يفرح ويحزن. وأقرب مثال أشبه به حال العقل بالنسبة إلي القلب هو حاسوب وإنسان جالس علي هذا الحاسوب، فأما الحاسوب فهو العقل المسئول عنه المخ البشري، وأما الإنسان فهو القلب المسئول عنه القلب ال****** والذي محله الصدر ومستودعه القلب البشري. وللعقل وللقلب البشري تعلق كبير بالروح فالعقل لا يعمل إلا في وجود الروح، أما القلب ال****** فنستطيع أن نقول أنه عقل الروح. لذا فأننا نرجح أن يكون للإنسان عقلان الأول هو المخ البشري وهو عقل الجسد المادي المنطقي، أما العقل الآخر فهو العقل الروحي، وهو ما يطلق عليه القلب ال******.
والمخ البشري هو عبارة عن نيورونات أو خلايا عصبية وكل كائن حي ستجد أن لديه مخ مكون من تلك النيورونات أو الخلايا العصبية، وكلهم في ذلك سواء الرخويات أو القواقع البحرية أو الطفل الصغير أو الرجل الكبير، الفأر أو صاحب جائزة نوبل كل هذه الأمخاخ تتكون من نيورونات تشكل أساس التفكير وتتحكم في السلوك الظاهر.
علي أنه يمتلك الحيوان الرخوي بضع مئات من النيورونات، فإن لدي الطفل مائة مليار نيورون داخلة في مسارات عصبية مختلفة. ولو كانت لديك القدرة علي إزالة جزء من عظام الجمجمة ثم نظرت إلي مخك في المرآة لكنت لاحظت من الفور أنه يتكون من نصفين كرويين متماثلين تقريباً، وهذان النصفان الكرويان يرتبطان فيما بينهما بالعديد من المسارات الليفية الصوارية، وأكبر تلك المسارات هو الجسم الجاسيء الذي يحتوي علي مائتين مليون من الألياف العصبية، وهو لا يري من الخارج لكنك إذا نظرت إلي السطح الداخلي للمخ فستجده بارزاً للغاية، وهو أبيض اللون ويبلغ طوله حوالي 4-6 سم، وكل ليفة عصبية داخل الجسم الجاسيء تبدأ من أحد النصفين الكرويين لتصل إلي الآخر. وكذلك من المعروف طبياً أن كتلة دماغ الإنسان تعد بالنسبة إلي كتلة جسمه أعلي النسب لمختلف الكائنات الحية الأخرى فكتلة دماغ الإنسان بالنسبة لجسمه هي 2% بالإضافة لذلك فإن عدد خلايا الدماغ البشري تتراوح بين 12-14مليار خلية عصبية ويمكن أن يختزن الدماغ البشري في ذاكرته 125 مليار وحدة معلومات أي ما يعادل المعلومات التي جمعت وسجلت عبر التاريخ كافة. وإذا أردنا أن نفحص كل خلية علي حدة ولمدة دقيقة لكل خلية فإننا نحتاج إلي 40,000سنة لفحص الدماغ البشري لإنسان واحد،والدماغ يفقد 1000خلية عصبية دون تعويض كل ساعة أي أنه يفقد حوالي 500مليون خلية خلال العمر ويبقي في حالة عمل وخلايا الدماغ لا تتعب ولا تتوقف عن العمل.(من كتاب المخ البشري لكرستين تمبل) والمخ البشري صفته هي العقل الذي هو عبارة عن تلك الحسابات والمعادلات الكيميائية والحيوية التي يتعامل بها الجهاز المسيطر علي جسد الإنسان والذي له أدوات مادية محسوسة يتعامل من خلالها.
أما القلب ال****** فله غموض الروح ذاتها، فلا نعلم عنه إلا أنه العقل ال****** الذي يوجه الإنسان وهو له كل ما لمفهوم العقل الباطن عند فرويد وأطباء النفس الماديين، ورغم أن الأخيرين لا يؤمنون إلا بما لمسته أيديهم فإنهم سينكرون هذا الكلام رغم أنهم يؤمنون بعقل باطن لا يعرفونه ولا يستطيعون إثباته إلا كما نثبت نحن وجود هذا القلب ال****** أو العقل ال****** والذي سنثبته بإذن الله تعالي في السطور التالية من النص الشرعي الذي دائماً ما نعود إليه في حالة كلامنا عن ******ات فوق عقلية أو منطقية غير مادية أو غيبيات، بالطبع هو النص القرآني، فالله تعالي يقول في كتابه العزيز: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُون** الأعراف179. فالله تعالي يقول أن خلق لجهنم خلق لهم قلوب لا يعقلون بها، وأعين لا يبصرون بها وآذان لا يسمعون بها. فذكر تعالي أن أداة العقل هي القلب كما أن أداة الإبصار العين وأداة السمع الأذن. ثم حدد سبحانه وتعالي محل هذا القلوب التي تعقل فقال وقوله الحق: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور** الحج46. فحدد سبحانه وتعالي مكان القلوب بأنها في الصدور، وفي الصدور كما هو معلوم قلوب فهل هي نفس القلوب التي يعرفها الأطباء بأنها تلك الكتلة العضلية ذات الصمامات والأوردة الخ، أما هي قلوب أخري؟ بالطبع هي قلوب أخري ******ة لها تعلق بهذا القلب البشري أو تلك العضلة القوية التي هي في تجويف النصف الأيسر من الصدر، وهو القلب الذي به نحب ونكره، وهو الذي محله كل صفات النفس من ذكاء وغباء وطيبة وخبث، وجبن وشجاعة، وهدوء وسرعة انفعال، وحزن وفرح إلي آخر ذلك من الصفات النفسية المعروفة بين البشر. وفي الآية الأخيرة فرق تعالي بين ما يدرك ظاهره بالإبصار وبين ما يدرك باطنه بالقلوب التي في الصدور، فكلنا نري الماء ينزل من السحاب، فالماديون يقولون السحاب أنزل المطر، أما ال******ون فيقولون أنزل الله المطر من السحاب، فالماديون يؤمنون بالطبيعة أم ال******ون فيؤمنون بمن خلق الطبيعة. والأولن يتوجهون في حياتهم بالعقل البشري الناقص الذي أدواته السمع والبصر وبقية الحواس الخمس، أما الآخرون أي ال******ون فيتوجهون بالعقل ال****** الأكمل الذي أدواته العقل المادي، والعقل ال****** أي العقل والقلب معاً.
وكان أبو محمد رضي الله عنه -كغالبية علماء القرون الإسلامية الأولي- ينفي العقل البشري أو عمل المخ البشري الذي تحدثنا عنه بأنه العقل الظاهر ويؤكد علي إن للإنسان عقل واحد هو العقل ال****** والذي هو صفة محمولة في النفس.
(كتاب الإنسان؛ بقلم: إسماعيل مرسي أحمد)
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة