الموضوع: رحلة النور
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 23-05-2017, 06:46 AM   #4
معلومات العضو
سراج منير

افتراضي


بحيرى الراهب


بسم الله



- في خروجه عليه الصلاة والسلام مع عمه أبي طالب إلى الشام وقصته مع بحيرى الراهب


1-قال ابن إسحاق: ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام.فلما تهيا للرحيل وأجمع السير صب به (أي تعلق وتشبث) رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يزعمون - فرق له أبو طالب وقال والله لاخرجن به معي ولا أفارقه ولا يفارقني أبدا - كما قال - فخرج به.



فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها راهب يقال له بحيرى في صومعة له.وكان إليه علم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب فيها.إليه يصير علمهم عن كتاب، فيما يزعمون.يتوارثونه كابرا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى - وكانوا كثيرا ما يمرون به فلا يكلمهم ولا يعرض لهم - حتى كان ذلك العام


.فلما نزلوا قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شئ رآه وهو في صومعته، يزعمون أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركب حتى أقبل وغمامة تظلله من بين القوم ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه.فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت (مالت وتدلت) أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها.فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بطعام فصنع.ثم أرسل إليهم.



-فقال إني صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فأنا أحب أن تحضروا كلكم، كبيركم وصغيركم، وعبدكم وحركم.فقال له رجل منهم: والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم.ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم ؟ قال له بحيرى صدقت قد كان ما تقول، ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما فتأكلون منه كلكم، فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم، لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة فلما رآهم بحيري لم ير الصفة التي يعرف ويجده عنده، قفال: يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي، قالوا: يا بحيرى ما تخلف أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام، وهو أحدثنا سنا فتخلف في رحالنا.قال لا تفعلوا، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم.قال فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى، إن كان للؤم بنا أن يتخلف محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من بيننا.



-ثم قام إليه فاحتضنه (أي اجلسه إلى جنبه.) وأجلسه مع القوم، فلما راة بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده، قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرى وقال له يا غلام: أسألك بحق اللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك عنه.وإنما قال له بحيرى ذلك لانه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لا تسألني باللات والعزى شيئا.فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضهما.


فقال له بحيرى: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه ؟ فقال له سلني عما بدا لك.فجعل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره.فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره.فوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته.


-ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه موضعه من صفته التي عنده، فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب، فقال [ له ] ما هذا الغلام منك ؟ قال: ابني قال بحيرى ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا، قال: فإنه ابن أخي.قال فما فعل أبوه ؟ قال مات وأمه حبلى به، قال صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود.فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده، فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام




5-وفى رواية قال: خرج أبو طالب إلى الشام ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش.فلما أشرفوا على الراهب - يعني بحيري - هبطوا فحلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج ولا يلتفت إليهم.قال: فنزل وهم يحلون رحالهم.فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فقال

هذا سيد العالمين. هذا رسول رب العالمين، بعثه الله رحمة للعالمين.


فقال له أشياخ من قريش: وما علمك ؟ فقال إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدون إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه [ مثل التفاحة ].


ثم رجع فصنع لهم طعاما فلما أتاهم به - وكان هو في رعية الابل - فقال: أرسلوا إليه.فأقبل وغمامة [ عليه ] تظله.فلما دنا من القوم قال انظروا إليه عليه غمامة فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلي فئ الشجرة فلما جلس مال فئ الشجرة عليه.قال انظروا إلى فئ الشجرة مال عليه.قال: فبينما هو قائم عليهم وهو ينشدهم (يناشدهم) ألا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إن رأوه عرفوه بالصفة فقتلوه

.فلم يزل يناشده حتى رده، وبعث معه أبو بكر بلالا وزوده الراهب من الكعك والزيت.


-وشب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي طالب يكالؤه الله [ عزوجل ] ويحفظه ويحوطه من أمور الجاهلية ومعائبها لما يريد [ به ] من كرامته حتى بلغ أن كان رجلا، أفضل قومه مروءة، وأحسنهم خلقا، وأكرمهم مخالطة، وأحسنهم جوارا، وأعظمهم حلما وأمانة، وأصدقهم حديثا، وأبعدهم من الفحش والاذى.ما رئي ملاحيا ولا مماريا أحدا، حتى سماه قومه الامين.لما جمع الله فيه من الامور الصالحة فكان أبو طالب يحفظه ويحوطه وينصره ويعضده حتى مات.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة