عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-04-2010, 02:50 PM   #10
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

المطلب الثاني:
ضوابط في الرقية
أولاً: أن تكون من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من الأدعيه المباحة المشتملة على التعلق بالله وحده لا شريك له فى جلب الخير ودفع الشر وعلى الوحدانية فى الشفاء قال تعالى:﴿ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾[ الشعراء:80] فلقد اتفق الفقهاء على أنه يشترط في الرقية أوالتميمة أن يكون لها أصل في القرآن أو السنة بأن تكون موافقة لهما، فتجوزالرقية بآية أو آيات من كتاب الله تعالى، أو باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته، أوبذكر الله تعالى أو دعائه الذي ورد في القرآن أو السنة (1)،ويؤيد ذلك ما روى مسلم : عن جَابِرٍ قال نهى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن الرُّقَى فَجَاءَ آلُ عَمْرِو بن حَزْمٍ إلى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ إنه كانت عِنْدَنَا رُقْيَةٌ نرقى بها من الْعَقْرَبِ وَإِنَّكَ نَهَيْتَ عن الرُّقَى قال فَعَرَضُوهَا عليه فقال ما أَرَى بَأْسًا من اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ " (2)،فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من آل عمروبن حزم أن يعرضوا عليه رقاهم ليرى هل هي موافقة لما جاء به من القرآن أو لا؟ فأقرهالأنها موافقة، وقال لهم: "ما أرى بأساً"(3).
وعن أبي سَعِيدٍ قال كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَعَوَّذُ من الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ حتى نَزَلَتْ الْمُعَوِّذَتَانِ فلما نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ ما سِوَاهُمَا " (4) ، وقال الربيع سألت الشافعي عن الرقى فقال: "لابأس إن رقى بكتاب الله، أو بما يعرف من ذكر الله" (5).
أما إذا لم يكن للرقية أو التميمة أصل فيالقرآن أو السنة، أو لم تكن موافقة لهما، فيحرم التداوي بها؛ فلا يجوز التداويبالرقى اليهودية والنصرانية المخالفة لما في القرآن والسنة، ولا يجوز التداويبتعليق خرزة زرقاء، أو حلقة من حديد أو نحاس أو خزف، ولا بتراب قبر ولي، أو بتعليققطعة سترة تابوت ولي، أو بالشرب من ماء طاسة الضربة "الرجه"، أو غير ذلك منالخرافات التي ورثها الناس عن الشعوب الجاهلية؛ مما لا يوجد له أصل في القرآنوالسنة (6) .
والقرآن الكريم كله شفاء يصح التداوي بأيةسورة منه،أو آية منه؛ لقوله تعالى:﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾[الإسراء:82]وهنا"من"في الآية للبيان، وليست للتبعيض، لأنه يلزم من كونها للتبعيض أن بعض القرآن لا شفاء فيه، وهو ليس كذلك(1)، لكن الأولى تحرى الآيات والسور التي ورداستعمالها في الرقى والتعوذات، لإعطاء نتائج سريعة ومن ذلك:فاتحة الكتاب، المعوذات﴿ قل هو الله أحد..، قل أعوذ بربالفلق…، وقل أعوذ برب الناس ﴾، آية الكرسي﴿ البقرة:255 ﴾ ، أسـماء الله تعالى وصفاته ، آيات الأدعـية والأذكـار.
وفى الســنة النبوية وردت تعــوذات لكثير منالأمراض تنظر في مواضعها من كــتب الأحاديث. وكان النبــي صلى الله عليه وسلم يكثرمن اســتعمال هذه الرقيــة: فلقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى مَرِيضًا أو أتى بِهِ قال أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ الناس اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا"(2) وكان إذا اشْتَكَى رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَقَاهُ جِبْرِيلُ قال بِاسْمِ اللَّهِ يُبْرِيكَ وَمِنْ كل دَاءٍ يَشْفِيكَ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إذا حَسَدَ وَشَرِّ كل ذِي عَيْنٍ " (3).
ثانياً: أن لا تتضمن الرقية شركاً أو تشمل على صيغ مجهولة من طلاسم ورموز ونحو ذلك.
قال تعالى﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا ﴾ [ النساء:116]فينبغي أن تخلو الرقية والتميمة من أي نوع منأنواع الشرك ، كما روى عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقى في الجاهلية،فقلنا: يا رسول الله كيف ترى ذلك؟ فقال: "اعرضوا علي رقاكم. لا بأس بالرقى ما لميكن فيه شرك" (4).
ثالثاً: أن لا تتضمن الرقية سحراً: وقد اتفق العلماء على منع التداويبالرقى التي تتضمن السحر كالعقد والعزائم والطلسمات التي تشتمل على أسماء معينه،يزعم السحرة أنها ملائكة وكلهم سليمان بقبائل الجان، فإذا أقسم على صاحب الاسم ألزمالجن بما يريد (5) .
ومما يؤيد منع هذه الرقى، وما يقوم به السحرةمن أعمال السحر قوله تعالى: ﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾[طه:69] وحديث :" اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قالوا يا رَسُولَ اللَّهِ وما هُنَّ قال الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ الله إلا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يوم الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ " (6)، وقال ابن حجر في الحكمة من منع تلك الرقى: "يدعي تسخير الجن له ، فيأتي بأمور مشتبهة مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر اللهوأسمائه ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ بمردتهم" (1) .
رابعا: أن تكون باللسان العربي، أو بمايفهم معناه: وذلك أن تكون باللغة العربية خشية أن تكون فى اللغات الأخرى من الخلل والزلل فى الدعاء والتعلق بما لا يجوز أويجهله أهلها فهي مظنة الشرك بالله تعالى والسحر. اتفق الفقهاء على أنه يشترط في الـرقية أنتكون بلغة مفهومة المعنى ، فيقرأ على العربي بلغة عربية. ولذا لا تصح الرقيةبلغة أعجمية أو عبرية أو غير ذلك من اللغات. كما لا تصح الرقية بالدعوات المجهولةالتي لا تعرف لها حقيقة ولا أصل، وإنما يزعم أهلها أنها من الدعوات المستجابة. ومن ذلك: لمخيثا وشمخيثا وباغليهوش،كشهشطليوس، قطيهوج وطحير طمحيليال، برهيم، يالوش، هميالوش، طياروش، طلوش، طلش،عجريش، وهليش، مراهيش ، ويدل على منع التداوي بتلك الرقى قول النبيصلى الله عليه وسلم لمن كان يرقي قبل الإسلام: "اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ لَا بَأْسَ بِالرُّقَى ما لم يَكُنْ فيه شِرْكٌ "(2) ، قال ابن حجر: "دل الحديث أنه ما كان من الرقىيؤدى إلى الشرك يمنع، وما لم يعقل معناه لا يؤمن أن يؤدي إلى الشرك، فتمنعاحتياطاً"(3) ، قالالمازري : جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره ، ومنهي عنها إذا كانتباللغة الأعجمية أو بما لا يدرى معناه لجواز أن يكون فيها كفر(4)، فتمنع تلك الرقى وإن لميعرف الراقي أنها شرك أو سحر، ولا يجوز للمريض استعمالها والتداوي بها.
خامساً: أن تكتب الرقية بطاهر:إذا كانت الرقية مكتوبة في ورقة، فلابد أنتكتب بمادة طاهرة كالحبر، والزعفران، وبعض الأصباغ. فلا يجوز أن يكتبها بما هو نجسكالدم، والبول، والغائط؛ لأن كلام الله تعالى وأسماءه وصفاته ينبغي أن تـنزه عنذلك.
فإذا تخلف شرط من هذه الشروط تحولت الرقيه إلى ضرب من الدجل والوهم والشعوذة وقد يصل الأمر إلى الشرك بالله واتجه إليها الاستثناء من الإباحة فى قوله صلى الله عليه وسلم: " لابأس بالرقى مالم تكن شركا "، فإن اختل شرط من تلك الشروط تصبح رقية محرمة،وإن اعتقد أنها الفاعلة أو السبب المؤثر كان ذلك كفرا أكبر، وإن اعتقد مقارنتها للشفاءكان ذلك شركا أصغر، والله أعلم .


(1) حاشية ابن عابدين : 6/57 ، الثمر الداني : 1/711 ، المغني 3/94 ، فتح الباري : 10/195 شرح النووي على مسلم : 14/168 ، عمدة القاري 12/96 ، نيل الأوطار 9/91 ، سبل السلام : 3/81 .

(2) أخرجه مسلم في كتاب السلام باب استحباب الرقية من العين ..( 2199) 4/1726 .

(3) سبق تخريج الحديث .

(4) سبق تخريج الحديث .

(5) الأم : 7/228 .

(6) انظر بحث : " ضوابط التداوي بالرقى في الفقه الإسلامي : د. محمد عثمان شبير" ( ضمن كتاب : قضايا طبية معاصرة 2/496-515 )

(1) تفسير القرطبي : 10/315 .

(2) سبق تخريج الحديث .

(3) أخرجه مسلم في كتاب السلام باب الطب والمرض والرقى ( 2185 ) 4/1718 .

(4) سبق تخريج الحديث .

(5) تبيين الحقائق : للزيلعي 6/33، الإنصاف : المرداوي 10/352، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 1/362، عمدة القاري 14/63 .

(6) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا باب قوله تعالى ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) ( 2615 ) 3/1017 ، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان الكبائر وأكبرها ( 89 ) 1/92 .

(1) فتح الباري : 10/196 ، عمدة القاري : 21/265 .

(2) سبق تخريج الحديث .

(3) فتح الباري : 10/195.

(4) شرح النووي على صحيح مسلم "14/168 ، طرح التثريب:8/185 ، نيل الأوطار: 9/91 ، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : 19/13 .
 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة