عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 01-09-2009, 10:36 PM   #1
معلومات العضو
لقاء
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي ((*::*التبيان في بعض بدع القنوت في رمضان*::*))






التبيان في بعض بدع القنوت في رمضان



الحمد لله الذي نصب على الحق والسنة أعلاماً ومنارات يهتدي بها من أراد الوصول إليها ومن سبق في علم الله وقدره له الهداية إلى سلوكها والثبات عليها .

والصلاة والسلام على من بعثه الله للعالمين بشيراً ونذيراً وفرض على الناس طاعته واتباع هديه وسنته وتقديمها على سائر الأقوال والمذاهب كائناً من كان قائلها .

أما بعد، فإن الدعاء شأنه عظيم، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( الدعاء هو العبادة )) وتصديق ذلك في كتاب الله في مثل قوله تعالى (( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ **غافر60


وهذا يعم نوعي الدعاء، دعاء المسألة والطلب، ودعاء الثناء والحمد .

وفي القران والسنة أدعية كثيرة تجل عن الحصر، وكلها من جوامع الدعاء التي كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وغيرهم من الصالحين يسألون بها حاجاتهم ويرغبون بها إلى الله .

والعجب كل العجب ممن يرغب عن تلك الدعوات الصالحات من أولئك الأخيار الذين جعلهم الله أسوة حسنة لخلقه، فيخترع أدعية من عنده يتكلف في كثير منها الألفاظ ويطيل فيها الكلام، فتجد الدعاء في صفحات، وفيه من التكرار والإطالة ما يشغل قلب الداعي عن الحضور ويصرفه عن التفكر في معنى ما يقول، مما قد يمنعه الإجابة، كما في الحديث (( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه )) أخرجه الترمذي [ح 3474] .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك )) رواه أبو داود [ح 1482] .

وللدعاء آداب ينبغي للداعي معرفتها وامتثالها حتى لا يقع في مخالفة السنة وربما أثم في دعائه، كما قد يأثم العابد في عباداته الأخرى إذا أتى بها على غير الوجه الشرعي .

ولأن المقام لا يتسع للإسهاب في بيان هذه المسألة العظيمة،
فإني أقتصر على ذكر بعض الملاحظات في أدعية الناس خاصة في قنوت صلاة القيام في رمضان دون تخصيص بلد أو مسجد أو طائفة، فأقول وبالله التوفيق:

1- يلاحظ على كثير من الأئمة التطويل في الدعاء بطريقة مملة، مع أن الوارد في الحديث في دعاء القنوت لا يزيد على أسطر معدودة وهو (( اللهم اهدني فيمن هديت ......)) الحديث .

هذا على فرض ثبوت لفظ القنوت في الحديث، فإن ابن خزيمة وابن حبان ضعفا هذا اللفظ . انظر التلخيص الحبير [ 1/247] .

2- نشأ من هذا التطويل غفلة كثير من الداعين عن معاني الدعاء وربما حصل نوع من السآمة بسبب الإعياء من طول القيام ورفع الأيدي، وهو مما قد يضعف الإجابة وينافي المقصود .

3- الإعراض عن الأدعية المأثورة في القرآن وصحيح السنة والاعتياض عنها بأدعية مخترعة ينقص في الأجر والثواب وهو من استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ويكفي فاعله إعراضه عن السنة ويأثم إن ظن أن غيرها من كلام الناس يقوم مقامها أو يفضلها .

وغاية ما في أدعية الناس المخترعة أن تكون جائزة، أما الاستحباب ففي الأدعية المأثورة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (( والمشروع للإنسان أن يدعو بالأدعية المأثورة، فإن الدعاء من أفضل العبادات وقد نهانا الله عن الاعتداء فيه. فينبغي لنا أن نتبع فيه ما شرع وسنَّ، كما أنه ينبغي لنا ذلك في غيره من العبادات .

والذي يعدل عن الدعاء المشروع إلى غيره - وإن كان من أحزاب المشايخ - الأحسن له أن لا يفوته الأكمل الأفضل، وهي الأدعية النبوية، فإنها أفضل وأكمل باتفاق المسلمين من الأدعية التي ليست كذلك، وإن قالها الشيوخ ...

ومن أشد الناس عيباً من يتخذ حزباً ليس بمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان حزباً لبعض المشايخ، ويدع الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم وإمام الخلق وحجة الله على عباده، والله أعلم )) انتهى كلامه. انظر الفتاوى [22/525] .

وقال شيخ الإسلام في موضع آخر (( المنصوص المشهور عن الإمام أحمد أنه لا يدعو في الصلاة إلا بالأدعية المشروعة المأثورة، كما قال الأثرم: قلت لأحمد بماذا أدعو بعد التشهد ؟

قال: بما جاء في الخبر . قلت له: أوليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )) ؟ قال: يتخير مما جاء في الخبر . فعاودته فقال: ما في الخبر . هذا معنى كلام أحمد ....)) انظر الفتاوى [22/474] .

4- وفي بعض الأدعية المخترعة اعتداء صريح في الدعاء، وهو منهي عنه بنص القرآن والسنة . قال تعالى (( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين )) . الأعراف [55] .

*وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (( سيكون قوم يعتدون في الدعاء )) .رواه أبو داود [ح 1480] .

*وسمع سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ابنه يقول في دعائه (( اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا فنهاه )) ثم ذكر الحديث السابق .

*وسمع ابن مغفل رضي الله عنه ابنه يقول (( اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها، فنهاه عن ذلك أيضاً. رواه أبو داود [ح96] .

5- وفي الأدعية المخترعة سجع وتكلف، وقد صح عن حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما قوله (( فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب )) رواه البخاري [ح 6337] .

6- وتلحين الصوت بالدعاء وتحسينه وترتيله على هيئة قراءة القرآن يخالف ما ينبغي أن يكون عليه الداعي من التضرع والتمسكن . وللدعاء شأن غير شأن القراءة التي يطلب فيها الجهر والتزيين .

وقد ذكر شيخ الإسلام ما نصه (( ينبغي للداعي إذا لم تكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب. قال بعض السلف: إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع, وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء، فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به، فإن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب. ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه ..)) انظر الفتاوى [22/489] .

قال سمير: وفي معنى ما ذكره ابن تيمية رحمه الله تكلف تزيين الصوت في الدعاء على هيئة القراءة، فإنه يتكلف التجويد والمدود والغنة مع تكلفه تحسين صوته مما قد يؤثر في خشوعه وحضور قلبه، والله أعلم .

7- ورفع الصوت بالدعاء مخالف للسنة، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه لما سمعهم يرفعون أصواتهم بالتكبير (( اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً بصيراً وهو معكم والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته )) رواه البخاري ومسلم. انظر جامع الأصول [4/160 ] .

وبعض الأئمة في المساجد يزعجون الناس برفع أصواتهم ويتعمدون تقريب أفواههم من الميكرفونات أثناء رفع الصوت يريدون إثارة الناس وتحميسهم للبكاء والخشوع وقد يتباكون لتحميس الناس، وهذا من الرياء، وهو ما يسميه بعض العلماء (( خشوع النفاق )) ولعل كثيراً من هؤلاء الأئمة المتباكين أمام الناس لا تدمع أعينهم في حال صلاتهم ودعائهم منفردين، فإلى الله المشتكى، ونعوذ به سبحانه من الشرك الخفي، ثم أين ذهب البكاء والعويل أيها الإمام وأنت تقرأ الآيات التي تقشعر منها الجلود وتلين لها القلوب وتذرف من مواعظها العيون ؟

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والأئمة المهديون من بعدهم ترق قلوبهم وتدمع أعينهم عند قراءتهم للقرآن وسماعهم له كما دلت على ذلك الأحاديث والآثار، وهي مشهورة لا حاجة إلى ذكرها هنا .

8- نص بعض أهل العلم على أن قنوت الوتر في رمضان لا يزاد فيه على الوارد في الآثار. قال النووي في المجموع [3/495] في معرض حديثه عن قنوت صلاة الصبح الذي استحبه الشافعية [ السنة في لفظ القنوت اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت )). هذا لفظه في الحديث الصحيح بإثبات الفاء في (( فإنك )) والواو في (( وإنه لا يذل )) ].

إلى أن قال [ فاعتمد ما حققته فإن ألفاظ الأذكار يحافظ فيها على الثابت عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ] ثم نقل النووي الخلاف في الزيادة على المأثور في الدعاء، ثم قال [ قال أصحابنا ولو قنت بالمنقول عن عمر رضي الله تعالى عنه كان حسناً، وهو الدعاء الذي ذكره المصنف، رواه البيهقي وغيره. قال البيهقي هو صحيح عن عمر ] .

ثم نقل النووي دعاء عمر وهو (( اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على عدوك وعدوهم. اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك، اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين . بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك . بسم الله الرحمن الرحيم: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق )) .

قال النووي [ وقوله (( اللهم عذب كفرة أهل الكتاب )) إنما اقتصر على أهل الكتاب لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر، وأما الآن فالمختار أن يقال (( عذب الكفرة )) ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، فإن الحاجة إلى الدعاء على غيرهم أكثر والله أعلم .

قال أصحابنا: يستحب الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وبين ما سبق، فإن جمع بينهما فالأصح تأخير قنوت عمر، وفي وجه يستحب تقديمه . وإن اقتصر فليقتصر على الأول، وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفرداً أو إمام محصورين يرضون بالتطويل، والله أعلم ] .

ثم ذكر النووي الخلاف في استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد القنوت ورجح الاستحباب لورودها في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما حيث قال في آخره (( وصلى الله على النبي )) .

قال سمير: وإنما نقلت كلام النووي هنا، وإن كان في معرض الحديث عن قنوت صلاة الصبح المستحب عند الشافعية، لأنه ذكر في المجموع [4/16] في معرض كلامه عن قنوت الوتر أنه يقال فيه ما يقال في قنوت الصبح .

وتأمل رحمك الله قوله في الجمع بين (( اللهم اهدني فيمن هديت )) وقنوت عمر، أنه يستحب لإمام محصورين يرضون بالتطويل، فجعل الجمع بينهما تطويلاً، فكيف لو رأى ما يصنعه أئمة مساجدنا خاصة الحرمين والعدد كبير جداً والتطويل أضعاف أضعاف ذلك. والله المستعان .

ويؤخذ من فعل عمر رضي الله عنه استحباب لعن كفرة أهل الكتاب اليهود والنصارى وإشهار ذلك، ولا بأس أن يعم الكفار كلهم كما قال النووي، وهذه سنة قديمة لكنها صارت مهجورة اليوم في كثير من مساجد المسلمين مع عظم الحاجة إليها أكثر من ذي قبل خاصة

9- ومما أحدثه بعض الأئمة في القنوت الدعاء للأمراء والرؤساء والملوك، وهذا مما لا أعلم له أصلاً في سنن الأولين، أعني تخصيص الدعاء للسلطان في قنوت الوتر في رمضان .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة