عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-09-2010, 05:29 PM   #1
معلومات العضو
الطاهرة المقدامة
إدارة عامة

افتراضي لم ينصف المرأة غير الإسلام



بسم الله الرحمن الرحيم

عاشت المرأة قبل الإسلام في ظلام دامس فالتاريخ يحدثنا أن المرأة كانت في هذه الأزمان تباع وتشتري لأن الناس كانوا ينظرون إليها نظرة تختلف عن نظرتهم للرجال فقد كانوا يرون أنها أدنى من الرجل لأنها أقل منه عقلاً وأدنى خلقاً وهذا هو اعتقادهم جميعاً لا فرق بين العامة والخاصة كلهم يوقنون أن المرأة رجس من عمل الشيطان وأنها لاتصلح إلا للخديعة والنفاق·
ولقد بلغ احتقار المرأة في بعض المجتمعات إلى حد أن الأب كثيراً ما يتخلص من ابنته فقد كان المتبع عند اليونانيين أن الطفل إذا ولد من زواج غير شرعي يعرض على أبيه فإن رفعه بين يديه فإن ذلك إشارة إلى إلحاقه بابيه وضمه إلى أفراد أسرته وإن لم يرفعه قتل وذهب أدراج الرياح وكثيراً ما كان يحصل هذا بالنسبة للبنت ففي غالب الأحيان كان الأب إذا عرضت عليه ابنته لا يلتفت إليها ولا يرفعها بين يديه وعندئذ يهدر دمها وتقتل وتصبح أثرا بعد عين·
ولم يكن الهنود أقل شأناً من اليونانيين في احتقار المرأة والتنكيل بها فقد كانوا يرون أنها يجب أن تموت يوم موت زوجها وأن تحرق معه في موقد واحد·
ولقد شارك هؤلاء في احتقار المرأة المجتمع العربي قبيل ظهور الإسلام فقد اتسم هذا المجتمع بطابع الاحتقار والازدراء للمرأة فما أنصفها ولا أعطى لها حقها بل أهملها كل الإهمال وكأنها مخلوق غريب بعيد كل البعد عن الإنسان فقد كانت المرأة في هذا الوقت حطاماً يورث مع المال والماشية وكل قيمتها عند الذين يستحيونها ولا يقتلونها في طفولتها إنها حصة من الميراث تنتقل من الأباء إلى الأبناء وأنها كما تباع الماشية في قضاء المنافع وترهن كما ترهن الأموال في سداد الديون·
فقد كان السائد إذ ذاك أن الرجل إذا مات وترك زوجته ألقى ابنه الأكبر عليها ثوبه فيرثها فإن شاء تزوجها وإن شاء زوجها لغيره واستولى على مهرها وبهذا نطق القرآن الكريم قال تعالى:{ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف** وكان العرب يدفنون المرأة في طفولتها حية خوف العار الذي يلحقهم وخوف ما يتكبدون من مصاريف الإنفاق عليها فقد كان العربي يرى أن الإنفاق على حيواناته أجدى من الإنفاق على بناته·
هذا هو شأن المرأة قبل الإسلام فما أن أشرق بنوره حتى حتى أخرجها من الظلمات إلى نور الاحترام والكرامة فقد رأى الإسلام أن المرأة كالرجل سواء بسواء فطبيعتها كطبيعته وعقلها كعقله فرفع من شأنها وقرر لها مكانها الطبيعي في الحياة وأعلن أنها والرجل في الإنسانية سواء وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثير ونساء**، فالرجل والمرأة في الانتساب إلى النفس الواحدة وهي آدم عليه السلام سواء، فالمرأة إنسان يرث الخصائص التي يرثها الرجل لأن كلا منهما ينحدر من نفس واحدة، ومما يقرر هذا المعنى ما روي أن الرسول [ قال: >النساء شقائق الرجال<، هذا هو نظر الإسلام إلى إنسانية المرأة ومكانتها في الحياة فقد أزال عنها لعنة الخطيئة·
قرر الإسلام للمرأة الحق في الحياة كالرجل وقضى على ما كان متبعاً من وأد البنات فقد أبى القرآن الكريم على المسلم أن يتبرم من ذرية البنات وأن يغضب إذا ما برزن إلى الحياة قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون**·
ولم يقتصر الإسلام على هذا العطف بالمرأة بل أعطى لها حق التملك والتصرف فيما تملك بعد أن كانت متاعا يورث ويملك قال تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً** أي لا تأخذوهن على سبيل الإرث كرها·
ونحن لو استقصينا التشريعات الإسلامية لوجدناها دائما تهدف إلى صالح الرجل والمرأة على السواء فلا يشرع للمرأة إلا ما فيه خيرها وما فيه سعادتها فتشريع الخطبة قبل الزواج بعد أن فشلت المحاولات الكثيرة قديما في شرعيتها مايؤيد ذلك فما شرعت الخطبة إلا لتهيئ للمرأة الحياة الزوجية المستقرة السعيدة المبنية على أساس التفاهم والرضا قال [: >انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما< وكما شرعت الخطبة ابتغاء إقامة الأسرة على أساس متين حرم كل ما يقوض الأسرة ويفصم عراها وينشأ عنه ايقاع العداوة والبغضاء بين أفرادها فها نحن نرى أن الإسلام يحرم على الابن أن يتزوج بامرأة أبيه حتى لا يؤدي ذلك إلى العداء المستحكم يرشد إلى ذلك قوله تعالى: {ولا تنكحوا مانكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف**·
وكما حرم على الابن أن يتزوج امرأة أبيه حرم على الأب أن يتزوج امرأة ابنه وذلك تكريما للمرأة في كلتا الحالتين حتى لا تكون سببا في قطيعة الرحم وبالتالي في تحطيم الأسرة والقضاء عليها قال تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم التي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بنهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم**·
وعمل الإسلام على تهيئة الجو الصالح للمرأة كي تعيش وادعة هادئة قريرة العين مستريحة الضمير لا يقض مضطجعها فصم عرى المحبة بينها وبين أقاربها ولا يعكر صفوها قطع أواصر الصلة بينها وبين ذويها لذلك حرم الجمع بينهما وبين أختها في عصمة زوج واحد قال تعالى في نهاية الآية السابقة {وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف**·
وكما حرم الجمع بين الأختين في عصمة زوج واحد حرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها أو ابنة أخيها أو ابنة اختها وذلك حرصا على دوام الوفاق والوئام بين النساء الأقارب قال [:>لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على ابنه أخيها ولا على ابنة اختها إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم<·
وقد أعطت الشريعة للمرأة مطلق الحرية في أن تختار من تشاء عند الزواج مادامت بالغة عاقلة رشيدة وفوق هذا أعطت لها حق مباشرة عقد زواجها بنفسها بحيث تصبح طرفاً من أطراف العقد وهذا ماكان ممنوعا منعا باتا بالنسبة لها قبل الإسلام، ولم يترك الإسلام المرأة بعد انفصام عرى الزوجيه سدى بل قرر لها حق التزوج بعد انقضاء العدة ابتغاء راحتها وإسعادها وتحصينها·
ولم يغب عن الإسلام معالجة مشكلة تطويل العدة ابتغاء حبس المرأة عن الأزواج ومنعها من أن تركن إلى زوج آخر يوف لها من رغد العيش وسبل الحياة ما يجعلها تعيش في طمأنينة وصفاء فقد نهى القرآن عن ذلك قال تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه**·
وكما نهى الإسلام عن تطويل العدة دفعا للضرر عن المرأة لم يلزمها بأن تظل مع زوجها الذي تتضرر من عشرته بل شرع لها في هذه الحال أن ترفع أمرها إلى القاضي مطالبة إياه بالتفريق بينها وبين زوجها ولا يسع القاضي في هذه الحال إلا أن يفرق بينهما دفعا للضرر قال [ >لا ضرر ولا ضرار<·
وكما شرع الإسلام ذلك للمرأة شرع لها حق افتداء نفسها بالمال تدفعه إلى الزوج لتنقذ نفسها منه قال تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون**·
ومن رحمة الإسلام مطالبتها بتعليمها نفسها لتنهض بأمتها وتنشئ لها أجيالاً صالحة مشرفة، قال [ >طلب العلم فريضة على كل مسلم<·
والإسلام يرى أن المرأة شقيقة الرجل وأنها متساوية معه ولا فارق بينهما فقد أعطى للمرأة حق الشهادة على الغير كما أعطى ذلك للرجل وقياسا على هذا أعطى لها حق تولية القضاء·
وأعطى لها الحق في الميراث وفي أن تقف جنبا إلى جنب مع الرجل في صفوف الجهاد فمن حق المرأة أن تخرج إلى القتال بعد إذن زوجها إذا لم يهجم العدو ومن دون إذنه إذا هجم فقد روى عن أنس ] >كان رسول الله يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجراح<، فلا يمنع الإسلام المرأة من العمل ومن خوض ميادينه في إطار الحشمة والأخلاق الكريمة·
وقد اعترف القرآن بحصافة رأي المرأة ورجاحته في غير موضع فها هي ذي سورة المجادلة تنطق صراحة باحترام رأي المرأة وسداده فهذه خولة بنت ثعلبة قال لها زوجها أنت علي كظهر أمي وكان الرجل في الجاهلية إذا قال ذلك لامرأته حرمت عليه فابتعدت خولة من زوجها ولم تقترب منه اتبعاعا لما كان سائدا وفي النفس مافيها ولما ضاقت ذرعا بذلك ذهبت إلى الرسول [ تشكو له وتقول إن أوسا تزوجني وأنا شابة مرغوب في فلما كبر سني جعلني عليه كأمه وتركني فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله تنعشني بها وإياه فحدثني بها فقال عليه الصلاة والسلام: >ما أمرت في شأنك بشيء وما أراك إلا حرمت عليه< فقالت ما ذكر يا رسول الله طلاقا وأخذت تجادله وتكرر عليه القول وتقول إن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضممتهم إلى جاعوا وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول اللهم أشكو إليك اللهم فأنزل على نبيك ما يرأب صدعي فنزل قوله تعالى: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير الذي يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهن إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزورا وإن الله لعفو غفور· والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير· فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم**·
فها هو ذا القرآن الكريم يأتي موافقا لما كانت تراه خولة من أن الظهار لا يعد طلاقا ولا يصلح أن يكون حائلاً بين المرء وزوجه الأمر الذي يدل صراحة على الاعتراف الكامل برجاحة عقل المرأة وحصافته وعمق تفكيره وسداد تدبيره·


مجلة الوعي الاسلامي.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة