عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-03-2011, 03:37 PM   #1
معلومات العضو
( أم عبد الرحمن )
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي ومانرسل بالآيات الا تخويفا (للشيخ أبى الحارث حفظه الله)

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...
فقال الله تعالى في سورة الإسراء :
وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ
وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)
وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ
وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ
(60)
وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ... وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا
كلمات تخشع لها القلوب ... وتدمع بها العيون ... وتأخذ بلب كل ظالم مغبون
كلمات حُقَّ لكل مصري أن يتأملها في هذه الأيام ... لما وقع فيها من عبر وعظات وأحداث عظام
فكم من طاغية أذله الله من بعد عزة إلى هوان ... وكم من ظالم أخذه الله من بعد إيغاله في الظلم والطغيان
ما أخوف أن يرى المرء أناسا كانوا يتمتعون ويلهون ويلعبون ثم يصير بهم الحال إلى السجون
[ إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم ]
عزيز على أعدائه ، رحيم بأوليائه
والذي وقع في مصرنا حفظها الله آية من آيات الله ... ودليل قاطع وبرهان ساطع على قدرة الله
والله سبحانه لا يرسل بالآيات إلا تخويفا
قال الإمام البغوي في تفسيره :
[** وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ ** أي: العبر والدلالات ** إِلا تَخْوِيفًا ** للعباد ليؤمنوا
قال قتادة : إن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يرجعون.
ثم قال رحمه الله :
** وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ ** التخويف ** إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا ** أي: تمردا وعتوا عظيما.]اهـ
فاتخاذ هذه الآيات مصدرا للهو واللعب ... والسخرية والاستهزاء والمزاح بالكذب
لا يليق بمؤمن خشع قلبه لله ... وفهم عقله لمراد الله
فهذه الآيات ما هي إلا عظة للمؤمنين ... وتخويف للظالمين المتكبرين...
اللذين أمرنا الله بالنظر في سوء عاقبتهم إلى يوم الدين
كما في قوله تعالى في سورة آل عمران :
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)
وقوله في النحل :
وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ
فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ
فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)
وقوله في الأنعام :
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)
وقوله في النمل :
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (69)
وقوله في الروم :
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (42)
وقوله في يوسف :
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَدَارُ الْآَخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (109)
وقوله في محمد :
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10)



وأمر الله الظالمين الضعفاء بالاعتبار بهلاك من سبقهم من الظالمين الأقوياء
فقال جل وعلا في سورة فاطر:
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا (44)
وقال جل وعلا في غافر:
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (82)
وقال جل وعلا فيها أيضا :
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ
كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21)
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (22)
وقال جل وعلا في الروم :
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (9)
بل إن أولياء الله من الأنبياء والصديقين والشهداء قد أمروا بالنظر بعين القلب إلى سوء عاقبة الظالمين
كقوله جل وعلا لنبينا صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف :
تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا
وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ
كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101)
وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)
ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103)



وقوله في يونس :
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)
بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ
كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39)
وقوله فيها أيضا حكاية عن قوم نوح :
فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)
وقوله في النمل حكاية عن آل فرعون :
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14)
وقوله في القصص حكاية عنهم أيضا :
وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ (39)
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40)
وقوله في الصافات :
وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (71) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (72)
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)
وقوله في الزخرف :
وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آَثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آَبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24)
فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)
وأخيرا ما جاء في سورة النمل حكاية عن ثمود قوم صالح :
وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50)
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51)
فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)
وما أعظم انفعال النبي صلى الله عليه وسلم لآيات الله وأمر الله بالنظر فيها والاتعاظ بها
ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر[ديار ثمود] قال :
لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم
ثم تقنع بردائه [أي غطى رأسه ووجهه] وهو على الرَحْل [أي الدابة]
وفي رواية الحديث عند مسلم في صحيحه قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:
مررنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم
ثم زجر[أي زجر الدابة] فأسرع حتى خَلَفَها[أي ترك ديار ثمود وراء ظهره]
يالله !
إذا كان نبينا المعصوم صلى الله عليه وسلم يخاف هذا الخوف ويتقنع عند المرور بديار اللذين ظلموا
فماذا نفعل نحن العصاة ؟!
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا لأصحابه اللذين رضي الله عنهم ورضوا عنه
فماذا لو كنا نحن اللذين معه ؟!
نحن الذين نمر بالآيات فرحين لاعبين ... نفرح بدخول مساكن الذين ظلموا البائدة
بل ونفرح بزيارة قبورهم الهرمية الخالدة
فنلهو عندها ... ونفخر ببناتها وأهلها
أين نحن من خوف نبينا صلى الله عليه وسلم لمجرد المرور بها
أين نحن من أمر نبينا صلى الله عليه وسلم بالبكاء عندها
ثم كانت الطامة الكبرى في هذه الأيام ... بتحول آية من آية الله في الانتقام
إلى جملة من النكت والجمل الساخرة تتردد على ألسنة الأنام
الحذرَ الحذرَ يا إخواتاه ... لئلا يصيبنا بذنوبنا ما أصاب هؤلاء الطغاه
كتبه أخوكم الفقير إلى عفو ربه العلي
أبو الحارث الشافعي
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة