عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-07-2005, 11:44 PM   #2
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي



فمن المعالم التي لا بدّ من التفقه فيها من معاني الإخلاص أنه:


[1] ليس الاعتبار لكثرة الأعمال: فقد قال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ) والتنكير هنا يفيد التكثير (فجعلناه هباءً منثورا)

وقال صلى الله عليه وسلم (إنّ المفلس من أمتي مَن يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا. فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته. فإن فنيتْ حسناتُه قبل أن يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم ثم طُرحتْ عليه, ثم طُرِح في النار) رواه مسلم.

فلا بدّ من التقوى ليكون للأعمال ثمرة كما قال عز وجل(إنما يتقبّل الله من المتقين).




[2] ليست العبرة كذلك في عظمة هذه الأعمال من حيث هي، أو أنها كبيرةٌ في أعين الناس. فالجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام, وأعظم الأعمال أن يقاتل المرء في سبيل الله بنفسه وماله (يا أيها الذين آمنوا هل أدلُّكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون)

ولكن إذا قاتل ليقال شجاع وليرى مكانه من الناس وليثبت أن له حميةً أو ولاءً لقبيلة أو غيرها ـ وليس في سبيل إعلاء كلمة الله ـ فإنه محرومٌ من الأجر ولو قُتل في الجهاد بل هو من الثلاثة الذين هم أوّل من تُسعَّر بهم النار.

وقد روى الشيخان عن أبي موسى رضي الله عنه قال : (سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حميّةً ويقاتل رياءً أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).




[3] نيّة التقرُّب إلى الله هي العمدة في قبول العمل صغيرا أو كبيرا. كما قال تعالى: ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد (إنك لن تنفق نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرتَ عليها حتى ما تجعله في فيّ امرأتك) قال: فقلت أُخَلَّف بعد أصحابي؟ قال: ( وإنك لن تُخلَّف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجةً ورفعةً.).

فلم يمنع الأجر ما يُعلم ـ عادة ـ من حبّ الرجل إطعام زوجته ما دامت نية القُربى حاضرة.

وقريب من هذا ما رواه البخاري من حديث يزيد بن الأخنس أنه وضع في المسجد صدقة فأخذها ولده معن فتخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( لك ما نويتَ يا يزيد ولك ما أخذتَ يا معن).

وتأمَّلْ سؤال الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم (أيأتي أحدنا شهوته ويكون له بها أجر)؟! وهذه لفتة جليلة إلى أنّ النيّة الصالحة ما ينبغي أن تغيب عن المسلم في كلّ أموره (وكلّ شيء فعلوه في الزبر وكلّ صغير وكبير مستطر).

ومن هنا أجاب النبي صلى الله على عليه وسلم معاذاً لما سأله (يا رسول الله وإنّا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك وهل يُكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.




[4] ومن أحسن الأدلّة على أنّ العمل القليل ينفع ويضرّ بحسب نية صاحبه ما رواه مالك والترمذي عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه. وإنّ الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه)

وأصله في البخاري عن أبي هريرة مختصراً، ونحوه حديث أبي هريرة في الصحيحين (إنّ العبد يتكلم بالكلمة ما يتبيّن فيها يزل بها إلى النار أبعد ممّا بين المشرق والمغرب) قال النووي "ومعنى (يتبيّن) يفكّر أنّها خير أم لا"




[5] قد لا يقدر المؤمن على أداء العمل، ولكنْ تكون نيّتُه منعقدةً على ذلك الفعل؛ فيُكتب له أجره وإن لم يفعله ـ منّةً من الله وكرما ـ لعلمه سبحانه بصدق نيّة العبد في القيام بالأمر.

وقد قال جابر رضي الله عنه: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: ( إنّ بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض) قال النووي: وفي رواية (إلا شركوكم في الأجر). وفي البخاري: ( حبسهم العذر).

وما أروع حال البكّائين الذين لم يخرجوا من ديارهم ولم يلقوا عدوّهم ولم يركبوا ظهر فرس أو بعير، ومع ذلك نالوا رضوان الله والأجر الوفير(الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون).

وما شأن عثمان رضي الله عنه ببعيد حيث غاب عن بيعة الرضوان ليخاطب أهل مكة لمكانته وشرفه بينهم؛ فبايع عنه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ( هذه عن عثمان )!


التعديل الأخير تم بواسطة مسك الختام ; 11-04-2006 الساعة 07:36 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة