عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 03-09-2004, 09:43 AM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،

لقد قرأت ما كتبه أخي الحبيب ( عمر السلفيون ) حول موضوع الحوار الذي دار بينه وبين أخت فاضلة تستفسر عن حالتها الخاصة ، وكون أن منهجي في تقرير المسائل الخاصة والمتعلقة بمعاناة الأمراض الروحية ( الصرع ، السحر ، العين ) هو دراسة الحالة دراسة تاريخية ابتداء من المعاناة ثم التسلسل التاريخي للحالة ثم مباشرة الرقية الشرعية واستخدام العلاج للوقوف على المعاناة والألم ثم وصف الدواء النافع بإذن الله عز وجل 0

ومن هنا فإنني بناء على ما ذكرته آنفاً فلن أعلق على الحالة التي ذكرها أخي الحبيب ( عمر السلفيون ) بقدر ما سوف أنتقد الطريقة التي يتبعها في تشخيص الحالة وأرى من خلال تتبعي لمنهج الأخ الكريم هو الاتجاه لتقرير الجانب النفسي في كثير من الحالات التي يتحدث عنها ، ولأهمية التوجيه السديد فيما يختص هذا المنهج ، مع حرصي الشديد على اتساع صدر أخي لما سوف أقول ، فنحن هنا بصدد تعقيد وتأصيل لكل جزئية من جزئيات هذا العلم 0

لقد كتبت موضوعاً هاماً في كتابي ( الأصول الندية في علاقة الطب بمعالجي الصرع والسحر والعين بالرقية ) تحت عنوان ( الخوض في قضايا الطب النفسي ) ، قلت فيه :

وتجدر الإشارة إلى أمر هام لا بد أن يعرج عليه تحت هذا العنوان ، وهو إيحاء بعض المعالجين بالرقية الشرعية لكثير من الحالات المرضية بأن معاناتهم ناتجة عن أمراض نفسية ، وهذا التوجه يوحي لفهم خاطئ خاصة من قبل العامة ، بحيث يتوجهوا للعلاج والاستشفاء لدى المصحات النفسية والأطباء النفسيين ، ويعزفوا عن التوجه للرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، وأرد على ذلك من عدة أوجه :

1)- سبق الإشارة إلى إنه لا يجوز للمعالج التدخل في القضايا الطبية ، إلا في حالة حصوله على اجازة طبية سواء كانت في الطب العضوي أو النفسي ، أما إعطاء الأحكام جزافا دون الدراسة والاجازة ، فهذا من أعظم الجهل الذي يترتب عليه مفاسد عظيمة لا يعلم مداها وضررها إلا الله ، ولقد أقصد هنا أحد بعينه ، إنما أقصد الأمر بعمومه ، وكم من أسر شتتت وعائلات ضيعت نتيجة لذلك ، ولو كان هناك أدنى شعور بالمسؤولية الشرعية لما تجرأ هذا الصنف على الكلام في تلك القضايا الطبية 0

إن المشكلة الأساسية التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية هي الجهل بالعلم الشرعي ، ونتيجة لذلك برزت هذه الفئة التي لا تقدر قاعدة المصالح والمفاسد ، ولا تعلم ما يترتب عن الخوض في الأمور الطبية النفسية من مفاسد خطيرة تؤدي للضياع والتشتت 0

2)- لا أنكر مطلقا أن بعض الحالات وليس معظمها كما يزعمون حالات أو أمراض نفسية ، تحتاج لخبرة واستشارة الطبيب النفسي الحاذق في صنعته المتمرس لمهنته ، أما إطلاق الأمر وتعميمه من قبل المعالج وتفسيره لكافة المظاهر والأعراض واحالتها للأمراض النفسية كالاكتئاب والوسواس القهري ونحوه ، ففيه تجاوز وتعدي سافر على الطب النفسي وأهله ، وخدش للأمانة الملقاة على عاتقه ، مع أن الكثيرين اليوم ممن يعانون من أمراض تعزى للطب النفسي ثبت أن أساسها ومنبعها تلك الأمراض الروحية ، وقد أشار لذلك المفهوم ابن القيم - رحمه الله - حيث يقول :

( ولو كشف الغطاء ، لرأيت أكثر النفوس البشرية صرعى هذه الأرواح الخبيثة ، وهي في أسرها وقبضتها تسوقها حيث شاءت ، ولا يمكنها الامتناع عنها ولا مخالفتها ، وبها الصرع الأعظم الذي لا يفيق صاحبه إلا عند المفارقة والمعاينة ، فهناك يتحقق أنه كان هو المصروع حقيقة ، وبالله المستعان ) ( الطب النبوي – ص 69 ) 0

قلت : ذلك قول العلامة ابن القيم - رحمه الله - في العصر الذي عاش فيه ، فكيف يكون الحال والمآل في عصرنا الحاضر 0

إن المتأمل في أحوال المجتمعات المعاصرة يجد أن معظم الحالات والأمراض والتخبطات والاضطرابات التي تعاني منها تلك المجتمعات ، نتيجة للبعد عن التمسك بأهداب الشريعة السمحاء ، ولذلك ترى المجتمعات الغربية ، تعيش في فراغ قاتل وانحلال خلقي واسع ، وقد أدى ذلك لكثير من الأمراض النفسية التي يعانون منها اليوم ، ولا يستبعد أن يكون كثير من هؤلاء صرعى لتلك الأرواح ، وقد أخبر الحق تبارك وتعالى عن ذلك بقوله : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) ( سورة طه – الآية 124 ) ، وقد ثبت من حديث ابن عباس – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) ( صحيح الجامع 6778 ) 0

قال المناوي : ( " نعمتان " تثنية نعمة ، وهي : الحالة الحسنة ، أو النفع المفعول على وجه الاحسان للغير 0 وزاد في رواية : من نعم الله " مغبون فيهما " قال الجوهري : في البيع بالسكون وفي الراوي بالتحريك فيصح كل في الخبر 0 إذ من لا يستعملهما فيما ينبغي فقد غبن ولم يحمد رأيه " كثير من الناس : الصحة والفراغ " من الشواغل الدنيوية المانعة للعبد
عن الاشتغال بالأمور الأخروية ، والصحة والفراغ برأس المال لكونهما من أسباب الأرباح ومقدمات النجاح فمن عامل الله بامتثال أوامره ربح ، ومن عامل الشيطان باتباعه ضيع رأس ماله 0 والفراغ نعمة غبن فيها كثير من الناس 0 ونبه بكثير على أن الموفق لذلك قليل 0 وقال حكيم : الدنيا بحذافيرها في الأمن والسلامة 0 وفي منشور الحاكم : من الفراغ تكون الصبوة ، ومن أمضى يومه في حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه : فقد عتق يومه وظلم نفسه 0 قال :
لقد هاج الفراغ عليك شغلا00000000000000000000وأسبـاب البلاء من الفراغ ( فيض القدير – باختصار – 6 / 288 ) 0

ويقول القائل :

إن الشباب والفراغ والجده0000000000000000000000مفسدة للمرء أي مفسده

ونتيجة لذلك كثر الانتحار والشذوذ الجنسي والجرائم والقتل وغيره مما تعاني منه تلك المجتمعات ، وكل ما نخشاه أن تصل تلك الانحرافات إلى مجتمعاتنا الإسلامية ، مع رؤية بعض تلك المظاهر في العصر الحالي فنسأل الله العافية والسلامة 0

3)- ليس من المصلحة الشرعية نشر ذلك بين العامة والخاصة أو إظهار ذلك في الكتب ونحوه ، ونشر ذلك وقراءته خاصة من قبل العامة ، يعني ترك الاستشفاء بالكتاب والسنة وطرق أبواب الأطباء النفسيين ، وبعض أولئك لا يؤمنون بالأمراض التي تصيب النفس البشرية من صرع وسحر وعين وحسد ونحوه ، ويترتب عن ذلك مفسدة عظيمة ، وأساس العلاج لأي مرض سواء كان عضويا أو نفسيا أو روحيا ، هو ربط المريض بخالقه سبحانه ، مع اتخاذ الأسباب الشرعية والحسية المباحة للعلاج ، ومنها التوجه للرقية الشرعية وكذلك مراجعة المصحات النفسية والطبيب النفسي المسلم الذي تكون غايته وهدفه ربط الإنسان بخالقه سبحانه وتعالى 0

قال الشيخ عبدالمحسن العبيكان : ( علم النفس مأخوذ - غالبا - عن الكفار ، ويتنافى بعض ما فيه مع عقيدتنا الإسلامية الصحيحة ، ولا يجوز الاعتماد عليه لنفي شيء جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل سلف الأمة 0
وقد ذكر شيخ الإسلام آية الربا ، وحديث جريان الشيطان في الإنسان مجرى الدم ، وهذا الجريان حقيقي ، وقد باشر النبي صلى الله عليه وسلم علاج بعض المرضى ، وإخراج الجن منهم ، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة ، وفعل ذلك بعض الأئمة كالإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيميه وغيرهما ، بل الأطباء قديما وحديثا يثبتون ما نفاه العمري أخيرا ) ( المعالجون بالقرآن – ص 133 ) 0

4)- لا بد من التيقن بأن شفاء كثير من الأمراض بصورها المختلفة ، وأشكالها المتنوعة سواء العضوية أو النفسية أو الروحية ، يكون بالاستشفاء بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد بينت الأدلة الثابتة في الكتاب والسنة ذلك ، والخبرة والتجربة خير شاهد ودليل عليه ، وقد سمعنا بقصص كثيرة لأناس كانوا يدمنون المخدرات ويتعاطونها ، وقد من الله عليهم بالشفاء والعافية بعد عودتهم لجادة الحق ، والفطرة السليمة السوية ، يقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) ( سورة الرعد – الآية 28 ) ، ويقول تعالى أيضا : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0

5)- لا يعني ذلك مطلقا منع المرضى من الذهاب للطب النفسي ومراجعة الأطباء النفسيين الموثوق بهم دينيا وعلميا والاستمرار بالاستشفاء والعلاج بالكتاب والسنة ، وبذلك تجتمع أسباب الشفاء الشرعية والحسية المباحة والتي فيها الخير العظيم للمريض بإذن الله تعالى 0

6)- إن المصلحة الشرعية تقتضي الاستشفاء بالكتاب والسنة لمن يعاني من الأمراض التي تصيب النفس البشرية من صرع وسحر وعين ونحوه ، وذلك لعدم وجود بديل آخر للعلاج ، فليس بمقدور الطب النفسي معالجة ذلك ، لأن تلك الأمراض خارجة عن نطاق البحث والدراسة المتعلقة بالجانب الطبي النفسي ، خاصة إن اتبع المعالج منهجا قويما وأساسا سليما في طريقته بحيث تتحقق من وراء ذلك الفائدة المرجوة ، وأن يكون هدفه ربط المرضى بخالقهم بعد بعدهم وضلالهم وانحرافهم عن الطريق الصحيح0

7)- إن الاعتقاد الجازم يؤكد بأن نشر ذلك بين الناس يوهم الكثيرين بالابتعاد عن العلاج والاستشفاء بالرقية الشرعية ، فيلجأ هؤلاء للطب النفسي للاستشفاء من أمراضهم ، ونقع في محظور شرعي بحيث نربطهم بالمخلوقين ، مع أن الأساس في كافة القضايا الطبية والعلاج ، ربط المخلوق بالخالق ، والتيقن بأن الشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده ، مع اتخاذ الأسباب الحسية المباحة لذلك إذا دعي الأمر كمراجعة المصحات النفسية والأطباء النفسيين الإسلاميين 0

قال ابن القيم - رحمه الله - : ( وأين يقع هذا وأمثاله من الوحي الذي يوحيه الله إلى رسوله بما ينفعه ويضره ، فنسبة ما عندهم من الطب إلى هذا الوحي كنسبة ما عندهم من العلوم إلى ما جاءت به الأنبياء ، بل ها هنا من الأدوية التي تشفي من الأمراض ما لم يهتد إليها عقول أكابر الأطباء ، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم ، وأقيستهم من الأدوية القلبية ، وال******ة ، وقوة القلب ، واعتماده على الله ، والتوكل عليه ، والالتجاء إليه ، والانطراح والانكسار بين يديه ، والتذلل له ، والصدقة ، والدعاء ، والتوبة ، والإستغفار ، والإحسان إلى الخلق ، وإغاثة الملهوف ، والتفريج عن المكروب ، فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها ، فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء ، ولا تجربته ، ولا قياسه ) ( الطب النبوي - ص 11 ، 12 ) 0

فالواجب تقوى الله من قبل المعالج ، وأن تكون الغاية والهدف الأساسي لعمله ذلك ربط الناس بخالقهم ، واتخاذ الأسباب المباحة للشفاء ، وليس العكس من ذلك 0

فليحرص المسلمون كافة ، ومن خلال مواقعهم العملية ، أن يكونوا دعاة للكتاب والسنة ، مدافعين ومنافحين عنهما في كافة المحافل العلمية والطبية والاقتصادية ونحوه ، وأن لا نقدم علم البشر القاصر على علم الخالق سبحانه ، كما يفعل كثير من الناس اليوم ، وفي ذلك خطر عظيم يوقع الإنسان في محاذير شرعية عظيمة ، فنسأل الله التوفيق والسداد 0

والقصد من كل ما ذكر أن لا يتسرع المعالج في الحكم على الحالة المرضية ويتفهم كافة الأمور المتعلقة بها ، ولا يجوز مطلقاً التدخل في قضايا الطب النفسي ، وإن استشعر المعالج أن القضية تتعلق بالناحية النفسية ، فعليه أن يحيل الحالة المرضية إلى الأخصائيين النفسيين للإشراف على العلاج والاستشفاء 0

أقدر لأخي الحبيب ( عمر السلفيون ) ثقته ، وأرجو أن لا يحمل في نفسه شيء ، فالمسألة ليست شخصية مطلقاً ، إنما هو دين وعلم وأمانة 0 سائلاً المولى عز وجل أن يحفظ أخينا ( عمر السلفيون ) ويرزقه الإخلاص في القول والعمل ، وأنت يهدينا جميعاً لما يحب ويرضى 0

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة