عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 13-07-2014, 10:39 AM   #3
معلومات العضو
حكيـــمة
مشرفة عامة لمنتدى الرقية الشرعية

افتراضي

التنبيه السادس:
اشتهر عند أهل التواريخ والسير أن غزوة بدر وفتح مكة كانا في شهر رمضان، فإذا كان الجهاد البدني مشروعاً في شهر رمضان وليس من الأشهر الحرم فكذلك الجهاد العلمي، وهو أجل من جهاد السيف.
قال ابن القيم
في الفروسية [ ص157 ]:
(
فالفروسية فروسيتان فروسية العلم والبيان وفروسية الرمي والطعان
ولما كان أصحاب النبي أكمل الخلق في الفروسيتين فتحوا القلوب بالحجة والبرهان والبلاد بالسيف والسنان.
وما الناس إلا هؤلاء الفريقان ومن عداهما فإن لم يكن ردءا وعونا لهما فهو كل على نوع الإنسان.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بجدال الكفار والمنافقين وجلاد أعدائه المشاقين والمحاربين فعلم الجدال والجلاد من أهم العلوم وأنفعها للعباد في المعاش والمعاد ولا يعدل مداد العلماء إلا دم الشهداء والرفعة وعلو المنزلة في الدارين إنما هي لهاتين الطائفتين وسائر الناس رعية لهما منقادون لرؤسائهما).
اهـ

وقال في مفتاح دار السعادة (1/80):
(
وقد اختلف في تفضيل مداد العلماء على دم الشهداء وعكسه وذكر لكل قول وجوه من التراجيح والادلة ونفس هذا النزاع دليل على تفضيل العلم ومرتبته.
فإن الحاكم في هذه المسئلة هو العلم فيه واليه وعنده يقع التحاكم والتخاصم والمفضل منهما من حكم له بالفضل.
فإن قيل: فكيف يقبل حكمه لنفسه قيل وهذا ايضا دليل على تفضيله وعلو مرتبته وشرفه.
فإن الحاكم إنما لم يسغ ان يحكم لنفسه لاجل مظنة التهمة والعلم تلحقه تهمة في حكمه لنفسه فإنه إذا حكم حكم بما تشهد العقول والنظر بصحته وتتلقاه بالقبول ويستحيل حكمه لتهمة فإنه إذا حكم بها انعزل عن مرتبته وانحط عن درجته فهو الشاهد المزكي العدل والحاكم الذي لا يجور ولا يعزل).
اهـ

ولا يعزب عن ذهنك أن الرد على أهل البدع أولى من الرد على الكفار.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح (12/ 34):"
قال ابن هبيرة وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين والحكمة فيه أن في قتالهم حفظ راس مال الاسلام وفي قتال أهل الشرك طلب الربح وحفظ رأس المال أولى.اهـ
وبهذا يدفع قول من كره الكلام في أهل البدع في شهر رمضان.
ويا ليت شعري إذا كان لا ينكر على من أفضى إلى امرأته في ليلة الصيام لقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ** [البقرة: 187]

مع كون هذا الأمر مباحاً في أصله، وقاصر النفع على الرجل وامرأته، فكيف ينكر على من اشتغل بما هو دائرٌ بين الفرض الكفائي، والفرض العيني، ونفعه متعدٍ للمسلمين، ويتأكد في هذه الأعصار التي كثرت فيها الفتن والبدع.

قال الخطيب البغدادي
في شرف أصحاب الحديث [ ص225]:
(
أخبرني عبد الغفار بن أبي الطيب المؤدب، قال: حدثنا عمر بن أحمد بن عثمان، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قال: حدثني جدي، قال: سألت أحمد بن حنبل، قلت:
يا أبا عبد الله أيهما أحب إليك: الرجل يكتب الحديث أو يصوم ويصلي؟
قال: يكتب الحديث.
قلت: فمن أين فضلت كتاب الحديث على الصوم والصلاة ؟
قال: لئلا يقول قائل: إني رأيت قوما على شيء فاتبعتهم.
قال الخطيب قلت: طلب الحديث في هذا الزمان أفضل من سائر أنواع التطوع لأجل دروس السنن وخمولها، وظهور البدع واستعلاء أهلها).
اهـ

أقول:
هذا في زمن الخطيب فكيف في زماننا؟
ولا يأتي زمان إلا والذي بعد شرٌ منه كما ورد في الخبر.
وقال معمر
في جامعه [1092]: عن الزهري قال:
(ما عُبد الله بمثل الفقه)
.

والزهري أحد المنقول عنهم ترك إقراء الحديث في رمضان فلا تنس ذلك!
.

وقال ابن عبد البر
في جامع بيان العلم وفضله (2/ 178):
(والكلام في العلم أفضل من الأعمال، وهو يجري عندهم مجرى الذكر والتلاوة إذا أريد به نفي الجهل ووجه الله تعالى والوقوف على حقيقة المعاني).
اهـ

والناس في زمن ابن عبد البر لا شك أنهم أعلم بالحديث وآثار الصحابة والعربية من أهل عصرنا، ومع ذلك قيل هذا، فما يقال في أهل أعصرنا ؟

التنبيه الأخير:
قال البيهقي
في شعب الإيمان:
(فصل في الاستكثار من القراءة في شهر رمضان و ذلك لأنه شهر القرآن).
اهـ

أقول: ولا أعلم أحداً سبقه إلى تسمية رمضان بــ
(شهر القرآن).
فإن هذه التسمية لم تكن مشتهرةً عند السلف بل لم تكن موجودةً أصلاً، وما رأيت أحداً تابعه عليها فلا تجد لهذه التسمية ذكراً في كلام شيخ الإسلام ولا تلميذه ابن القيم ولا ابن رجب ولا النووي ولا ابن حجر ولا أئمة الدعوة النجدية، ولكنها اشتهرت بين المعاصرين والله أعلم.

هذا، وصلِّ اللهم على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة