عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-05-2006, 08:02 AM   #7
معلومات العضو
القطوف الدانيه

افتراضي هدهد سليمان عليه السلام (2)

رسالة سليمان إلى ملكة سبأ :

يقول تعالى ( قالت يا أيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم ) ( النمل : 29)
الهدهد أخذ الكتاب وطار إلى سبأ ، وذهب إلى بلقيس ، وألقى إليها الكتاب ، فلما قرأته :
( قالت يا أيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم ) .. ولكن القرآن لم يذكر هذا كله ؛ للدلالة على أن أوامر سليمان عليه السلام أوامر محوطة بالتنفيذ العاجل ؛ ولذلك وصلت إجابة بلقيس في الكلام الذي أمر به الهدهد مباشرة ، دون ذكر لما حدث من الهدهد بعد صدور الأمر إليه ، وكأن الهدهد بعد صدور الأمر إليه نفذ الأمر بمنتهى السرعة . والملأ هم أعيان القوم وأشرافهم والمستشارون عند الملكة - بلقيس - ووصفت كتاب سليمان بأنه : ( كتاب كريم ) فهل كانت تسمع عن سليمان ؟؟ أم أن الخطاب بهرها بخطه الجميل وورقه الراقي وختمه الغريب .

وبعد ذلك قالت : ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ) .. ( النمل ) . وهذا يدل على انها كانت تعرف حكاية سليمان وأنه ملك ونبي .. الخ وانظروا إلى كتاب سليمان وإيجازه الشديد حيث يقول : ( بسم الله الرحمن الرحيم . ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ) ؛ فنص الخطاب عبارة عن برقية موجزة كلمة ( تعلوا ) أي تتغطرسون وتظنون أنفسكم ملوكاً ، وتزهون بما عندكم من ملك ولا تستجيبون لدعوتي ؛ فإياكم وهذا التعالي والتكبر مثلما نقول " هي كلمة واحده " ... بلقيس حينما ألقي إليها الخطاب وقرأته ، جمعت الملأ وقالت لهم : لقد وصلني كتاب من سليمان ونصه كذا وكذا ، وبعد ذلك طلبت مشورتهم وأن يشيروا عليها بما تفعل فقالت : ( قالت يا أيها الملؤا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ) ... فمعنى ( أفتوني ) أي أعطوني قوة في الحكم الذي تصدرونه ، فهي سألتهم أن يفتوها في أمرها ، مع أن الأمر ليس أمرها وحدها ، ولكنه أمرهم جميعاً ، ولكن المقصود بقولها ان هذا الأمر قبل ان يخدش الرعية سيخدشها هي أولاً .

وقولها : ( ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ) .. أي لا أبت في امر ( حتى تشهدون ) أي تحضرون عندي ، وهذا يدل على أنها رغم مالها من سيطرة وهيمنة وسلطان ، إلا أنها شاورت الملأ وأرادت أن تسمع رأيهم في الأمر .

قال تعالى ( قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين ) .. أي نحن أصحاب قوة وشجاعة وعددنا كبير ونملك الآت وجيش قوي ، وهذه كلها مظاهر قوة ، فإذا كنت تريدين الدخول مع سليمان في حرب فنحن جاهزون ، ونحن لا نقول هذا لندفعك إلى الحرب ، ولكن الأمر والرأي الأخير لك .

ولكن المرأة كانت عاقلة فلم تغتر بالقوة ، وحذرت قومها من دمار الحرب وآثارها ، فردت عليهم بقول الله تعالى ( قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون ) ...
لإن الذي جاء ليأخذ الملك يريد أن يكون من المالكين ، وينهب كل ما عندهم ؛ لإنه ساعة يصل إلى مكان القوم لا يضمن أن ينتصر عليهم ، فيخرب ما يستطيع تخريبه من ممتلكاتهم ، ولا يحافظ على شئ إلا بعد أن يضمن استقرار الأمور له .
وقوله تعالى ( وجعلوا أعزة أهلها أذلة ) .. كلام صحيح لإنك إذا نظرت إلى أي حاكم يستولي على الحكم بعد حاكم آخر ؛ أو أي نظام يخلف نظاما ًفي الحكم ، تجد الإنتقام يكون من الحكام السابقين ، والصاق شتى التهم بهم من فساد وغيره ؛ لإن الحكم الجديد قام على أنقاضهم ، وبين النظامين لدد وخصومة .
وقوله تعالى ( وكذلك يفعلون ) ...... وهذا الكلام من الله سبحانه وتعالى تأييداً لكلام بلقيس ، فهي قالت رأيها والحق سبحانه وتعالى أيدها فيه ..... أي أنها صادقة في هذا ، مما يدل على أن الحق سبحانه وتعالى - رب الخلق أجمعين - إذا سمع من عبد من عبيده كلمة حق يؤيده فيها ، سبحان الله العظيم .....
كما ترك الملأ القرار الأخير للملكة ؛ لتفعل ما تراه مناسباً ، بدأ عقلها وفطنتها يعملان ، فقالت : إن كان ملكاً سيطمع في خيرنا ، وإن كان نبياً فلن يأبه بهذا الخير ، فأنا سأرسل إليه بهدية .

هذه الهدية تناسب سليمان وبلقيس معاً ، فهو ملك وهي ملكة ، فلا بد أن تكون الهدية ثمينة جداً ؛ حتى تأخذ بلب سليمان ، وحتى تثبت له أنها على جانب كبير من الثراء والغنى والترف ، فقالت لقومها : أنا سأرسل إليه بهدية ، فإن كان من أهل الملك والدنيا سيقبل الهدية ، فنعرف أنه يريد بعض الخراج والمال ، وإن رد الهدية فهو نبي لا يطمع في شئ مما في أيدينا ؛ قال سبحانه وتعالى على لسانها : ( وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون ) ... أي سنرى كيف يقابلهم وماذا سيقول لهم ؟ وهذا رأي جميل منها ، ودليل على حصافتها وذكائها ، مما جعل القوم يفوضونها في تسيير أمور مملكتهم . أما ( المرسلون ) هم الذين أرسلتهم بالهدية إلى سليمان عليه السلام ....... ( يتبـــــــــــع )

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة