عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 15-01-2013, 05:16 AM   #12
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي


،،،،،،

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله 0

( ياأَيُّهَا الَّذِينءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )

( سورة آل عمران - الآية 102 )

( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )

( سورة النساء - الآية 1 )

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )

( سورة الأحزاب - الآية 70 – 71 )

أما بعد :

فإن أحسن الكلام كلام الله سبحانه وتعالى ، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار 0

عودنا الأخ الحبيب والمشرف القدير سابقاً ( الباحث ) ببعض الاستفسارات الهامة المتعلقة بموضوع الرقية والعلاج والاستشفاء ، وحيث أنني أميل إلى مسألة التأصيل الشرعي لكثير من المسائل التي تعرض علي ، بمعنى العودة للكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة قديماً وحديثاً لإعطاء المسألة حقها من البحث والتحقيق والتعليق ، واليوم يعرض الأخ الحبيب مسألة أرى أن من الواجب بيانها وعرضها من وجهة شرعية حتى يستقيم الأمر على منهج الكتاب والسنة واقوال علماء الأمة ، وأبدأ بعد الاعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى فأقول :

تم سؤالي بخصوص هذه المسألة فكانت الاجابة على النحو التالي :

( أما بخصوص سؤالكَ أخي الحبيب عن العين ، وهل تصيب قبل البلوغ أو بعده ، فالأحاديث النقلية الصريحة الصحيحة جاءت عامة مطلقة دون تحديد ذلك ، وعلى ذلك فلا يستبعد مطلقاً أن يصيب الطفل الصغير بعينه قبل البلوغ ومعه وبعده ، وهذا ما تؤكده الشواهد والأحداث والخبرة في هذا المجال لدى المتخصصون في مجال الرقية الشرعية ، والله تعالى أعلم ) 0


ولكن حسب فهمي ومعرفتي للأخ الحبيب والمشرف القدير ( الباحث – أبو محمود ) فإن ذلك لن يثلج صدره ولن يشفي غليله فهو يحتاج للبحث والتحقيق في المسألة ، ولذلك أحببت أن أوضح الاجابة بالنقاط الهامة التالية :

أولاً : كيف يتم الاصابة بالعين :

قال الشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله - : ( إن الإجابة عن كيفية إصابة العين والكشف عن حقيقة ذلك فعلا ومسببا ليس بالعمل الميسور ، ولم يزل ذلك خفيا حتى اليوم 00 وهذا من الناحية المنهجية ، متعذر أو ممتنع ، لأنه تأثير غير محسوس ، وغير المحسوس لا يمكن إدراكه بالحس ، وإنما الحس يدرك آثاره ، ويحكم بوجوده أو عدمه ، أما كنه عمله وتفاعلاته ، فلا 00 مثله كالروح في الجسم ، وتيار الكهرباء ، وتلك الأشعات الحديثة ، تردك آثارها ويتصور وجودها من تلك الآثار 00 وقديما قالوا : كتأثير المغناطيس في جلب الحديد ، أما ما هو المغناطيس فليس معلوما بماهيته 00 ومن هذا الباب تأثير عين العائن فيمن أصابه بعينه 00 ومع ذلك فقد اجتهد العلماء رحمهم الله تعالى في العصور المتقدمة في الكشف عن حقيقته ، ونقل عنهم – رحمهم الله ما قالوه ، وهو ما بين موجز ومطول ، مع اختلاف وجهات النظر ، شأنهم في ذلك شأنهم في المسائل الاجتهادية ، ولا سيما الخفي منها عن الحسي ) ( العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة – ص 24 ) 0

ويقول ايضا : ( فالوقاية من كل ذلك – يعني العين - وما يشبهه يكون بما يتلائم معه ويدفع ضرره ، وكذلك العلاج والوقاية الطبية فإن من بديهيات الطب وأولياته تشخيص الداء ومن ثم تقديم الدواء 000 والوقاية من كل داء بحسبه من أنواع الأمصال الملائمة له 0

وموضوع العين لم تعرف على التحقيق كيفية الإصابة منها ، كما تقدم لأنها من الأمور المغيبة عنا ، فلا يمكن تشخيصها في مختبرات كيميائية ، ولا بالأشعات الكهربائية ولا بعوارض ظاهرة 000 وعليه فلا سبيل إلى معرفة شيء عنها إلا ما يظهر من عوارض التأثير بعد وقوعها تظهر على من أصابته العين 0

فلا سبيل إلى الوقاية منها قبل وقوعها إلا بما جاء وحياً من كتاب الله أو سنة رسول الله ) ( العين والرقية من القرآن والسنة – ص 39 – 40 ) 0

قال الدكتور فهد بن ضويان السحيمي عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في منظومته العلمية لنيل درجة الماجستير :

( لم يرد في الشرع ما يبين كيفية الإصابة بالعين ، ولسنا مطالبين بمعرفة ذلك ، ولا متعبدين به ، فكل ما أخبر به الشارع وجب علينا الإيمان به والتسليم ولو لم نعقل الحكمة أو الكيفية 0 وإن علمت فذلك مما يزيد في الإيمان وهو خير على خير 0

والذي يمكن معرفته من كيفية الإصابة بالعين هو أن العائن إذا رأى ما يعجبه ولم يبرك قد يخلق الله من الضرر للمعين ما يشاء إذا شاء 0

أما ما ذكره بعض العلماء :

من أن كيفية الإصابة بالعين هو : انفصال قوة سمية من عين العائن أو جواهر لطيفة غير مرئية تتصل بالمعين وتتخلل مسام جسمه 0

فهذا أمر محتمل لا يقطع بإثباته ولا يجزم بنفيه والله أعلم ) ( أحكام الرقى والتمائم – ص 94 ) 0

وقد تعرضت لهذا الموضوع حتى أبين بأنه لا سبيل إلى معرفة شيء عن العين إلا ما يظهر من عوارض التأثير بعد وقوعها وتظهر على من أصابته العين ، وقد تقع من الرجل والمرأة ومن الكبير والصغير المميز كما سوف يتضح من خلاصة بحث المسألة 0

ثانياً : عموم الأدلة النقلية الصريحة الصحيحة التي تؤكد الاصابة بالعين :

قال تعالى في محكم كتابه :

( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّى رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِى سَاجِدِينَ * قَالَ يَابُنَىَّ لا تَقْصُصْ رء يَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ )

( سورة يوسف – الآية 4 ، 5 )

قال ابن كثير : ( يقول تعالى مخبرا عن قول يعقوب لابنه يوسف حين قص عليه ما رأى من هذه الرؤيا التي تعبيرها خضوع إخوته له وتعظيمهم إياه تعظيما زائدا بحيث يخرون له ساجدين إجلالا واحتراما وإكراما فخشي يعقوب - عليه السلام - أن يحدث بهذا المنام أحدا من إخوته فيحسدونه على ذلك فيبغون له الغوائل حسدا منهم له 0 ولهذا قال له : [ لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ] أي يحتالون لك حيلة يردونك فيها ) ( تفسير القرآن العظيم - 2 / 450 ) 0

قلت وبالله التوفيق : كما بين ابن كثير – رحمه الله – فيعقوب عليه السلام خشي على يوسف من اخوته وحسدهم ، وهذا دليل على أنه قد يقع الحسد من اخوة يوسف له ، ومع اني حاولت قدر طاقتي واستطاعتي الوقوف على أعمارة اخوة يوسف ( وكان يوسف عليه السلام ابن اثنتي عشرة سنة حين رأى هذه الرؤيا كما بين ذلك أهل العلم ( انظر تفسير البغوي لسورة يوسف ) ، ولكني لم أفلح ولكن سوف اواصل البحث والتحقيق حتى أصل لذلك بإذن الله عز وجل ، ولو تبين بأن عمر الاخوة قبل البلوغ فهذا دليل على المسألة برمتها والله تعالى أعلم 0

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله :

( العين حق )

( متفق عليه )

قال شمس الحق العظيم أبادي : ( " والعين " أي أثرها " حق " وتحقيقه أن الشيء لا يعان إلا بعد كماله وكل كامل يعقبه النقص ، ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها قاله القاري 0 وفي فتح الودود : والعين حق لا بمعنى أن لها تأثيرا ؛ بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب العادية يخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة انتهى )( عون المعبود - 10 / 259 ) 0

عن جابر وأبي ذر - رضي الله عنهما - قالا : قال رسول الله :

( العين تدخل الرجل القبر ، وتدخل الجمل القدر )

( السلسلة الصحيحة 1249 )

تدخل الرجل القبر : أن يصرع بالعين فيموت

تدخل الجمل القدر : أن تصرع العين الجمل فيذبحه أصحابه ويطبخوه

قال المناوي : ( " العين تدخل الرجل القبر " أي تقتله فيدفن في القبر ، " وتدخل الجمل القدر " أي : إذا أصابته أو أشرف على الموت ذبحه مالكه وطبخه في القدر 0 وهذا يعني أن العين داء والداء يقتل فينبغي للعائن أن يبادر إلى ما يعجبه بالبركة فتكون رقية منه ) ( فيض القدير - 4 / 397 ) 0

يقول الشيخ عطية محمد سالم - رحمه الله - : ( وكذلك أمر علاجها بعد وقوعها – يعني العين – وبالاستقراء لمجموع النصوص الواردة تقريبا وتصنيفها في الجملة ، فإنها تنقسم إلى الآتي :

أولا : نصوص في الوقاية العامة لا تتعلق بشخص بذاته كما في عموم من شر ما خلق ومن شر النفاثات في العقد ، ومن شر حاسد إذا حسد ، أيا كان شر ذلك المخلوق ، وأيا كان من ينفث في العقد وأيا كان الحاسد إذا حسد 00 وكذلك تعوذه  من كل هامة وعين لامة 0

ثانيا : نصوص في الوقاية الخاصة : وهي ما تكون من أشخاص بأعيانهم وفي حالات خاصة بهم عند التخوف من عيونهم 0

ثالثا : نصوص في العلاج منها إذا وقعت ، وهذا ينقسم إلى قسمين بالنسبة للعائن إن كان معروفا بشخصه أو مجهول :

أ )- فإن كان معروفا فالعلاج محسوس باستعمال الماء وغسل بعض الأعضاء ومواضع خاصة منه كقصة سهل بن حنيف – رضي الله عنه – 0

ب)- فإن كان غير معروف فهو علاج معنوي بالرقى الواردة كإبني جعفر ، وهذا هو مجمل الوقاية أو العلاج من العين ) ( العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة - ص 40 ) 0

ثالثاً : ماهية وطبيعة نفوس الأطفال :

دعونا نتعرض للأسباب الرئيسية التي تؤدي في العادة لداء الحسد او العين ونقارن بعد ذلك تلك الأسباب وتوفرها لدى الأطفال حتى يتحقق الايذاء المطلوب بواسطة التأثر بالعين او الحسد :

نجد أن الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى الحسد الأمور التالية :

1)- العداوة والبغضاء والشحناء :

إن من دواعي تغلغل الحسد إلى النفوس واستقراره فيها العداوة والشحناء والبغضاء التي تترسب في نفوس بعض البشر بحيث تتراكم تلك الترسبات إلى أن ترسخ في النفس الحقد ، والحسد يلزم البغض والعداوة ولا يفارقهما ، وجل تلك العدوات ناتجة عن المخالفة في الأغراض والتوجهات وهذا ما يزرع البغض في القلب إلى أن يتحول إلى سيل جارف من الحسد الذي لا نهاية له ، وعلاجه لا يكون إلا بتحقيق ما نصت عليه الآية الكريمة :

( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ 000 )

( سورة آل عمران - جزء من الآية 134 )

2)- خبث بعض النفوس البشرية :

بعض الناس قد جبلت نفوسهم على الخبث ومقارعة الشر فتراه إذا ما وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله فيما أنعم الله به عليه ساءه ذلك فترى وجهه مسودا وهو كظيم ، وعلى العكس من ذلك تماما فإذا ما وصف له سوء حال عبد فرح بذلك فرحا عظيما ، وهذا ما يورث الحسد في النفس فتؤثر تلك النفس بقدر ما تجرعته من خبث وبغض ومكر 0

3)- حب الرياسة والجاه :

بعض الناس قد أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بالعلم الشرعي أو العلم الدنيوي أو الجاه أو الشجاعة أو العبادة أو الصناعة أو الثروة فيصبح من أهل الثناء والمدح ، فتغلب عليه هذه الصفة ويحب أن يستأثرها لنفسه ، وقد ينافسه في ذلك نظير آخر سواء كان في مجتمع بلده أو في المجتمعات الأخرى فيسوءه ذلك ويتمنى موته أو زوال النعمة عنه ، وهذا بطبيعة الحال يورث الحسد في النفس فتؤثر بقدر وقع ذلك التأثير فيها 0

4)- الكبر :

إن من أعظم ما يصيب الإنسان من آفات القلب هو الكبر الذي يؤدي بصاحبه إلى دركات المعصية والفجور بل قد يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله ، وهذا ما كان عليه حال أئمة الكفر في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم والكثير من هؤلاء كان لديهم اليقين في قرارة أنفسهم بأن محمدا هو الرسول المبعوث رحمة للعالمين إلا أنه نتيجة لاستحواذ هذا الداء العظيم على أفئدتهم والعياذ بالله ، خالفوه وحاربوه وماتوا على الكفر 0

والكبر قد يكون له حالان :

الأول : أن يصيب بعض نظرائه مالا أو ولاية ، فيخاف أن يتكبر عليه ولا يطيق تكبره 0

الثاني : أن يكون من أصاب ذلك دونه 0 فلا يحتمل ترفعه عليه أو مساواته 0

5)- الخوف من فوت المقاصد :

والأصل في ذلك التزاحم على غرض واحد من أغراض الدنيا ، وأكثر ما يكون ذلك بين الأقران والأمثال والإخوة وبني العمومة ، ومن ذلك حسد إخوة يوسف له لفوزه بمحبة أبيهم ، قال تعالى في محكم كتابه : ( إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ) ( سورة يوسف - الآية 8 ) 0

ولذلك ترى العالم يحسد العالم دون العابد ، والعابد يحسد العابد دون العالم ، والتاجر يحسد التاجر وهكذا 0

قال الماوردي : ( واعلم أن دواعي الحسد ثلاثة :

أحدها : بغض المحسود فيأسى عليه بفضيلة تظهر أو منقبة تشكر ، فيثير حسداً قد خامر بغضاً ، وهذا النوع لا يكون عاماً ، وإن كان أضرها لأنه ليس يبغض كل الناس 0

والثاني : أن يظهر من المحسود فضل يعجز عنه فيكره تقدمه فيه ، واختصاصه به ، فيثير ذلك حسداً ، لولاه لكفَّ عنه 0 وهذا أوسطها ، لأنه لا يحسد من دناه وإنما يختص بحسد من علا ، وقد يمتزج بهذا النوع ضرب من المنافسة ، ولكنها مع عجز فلذلك صارت حسداً 0

والثالث : أن يكون في الحاسد شح بالفضائل وبخل بالنعم ، وليست إليه فيمنع منها ولا بيده فيدفع عنها ، لأنها مواهب قد منحها الله من شاء ، فيسخط على الله عزَّ وجلَّ في قضائه ، ويحسد على ما منح من عطائه ، وإن كانت نعم الله عزَّ وجلَّ عنده أكثر ومنحه عليه أظهر ، وهذا النوع من الحسد أعمها وأخبثها ، إذ ليس لصاحبه راحة ، ولا لرضاه غاية ، فإن اقترن بشرٍّ وقدرةٍ كان بوراً وانتقاماً ، وإن صادف عجزاً ومهانة كان جهداً وسقاماً 0 وقد قال عبد الحميد : الحسود من الهمّ كساقي السمّ فإن سرى سمّه زال عنه همّه ) ( أدب الدين والدنيا – نقلاً عن شفاء الحاسد والمحسود – ص 35 – 36 ) 0

قال الأستاذ محمد زهير الحريري عن أسباب الحسد : ( مداخله كثيرة ، ولكن يحصر جملتها سبعة أبواب : العداوة والتعزز ، والكبر ، والتعجب ، والخوف من فوت المقاصد المحبوبة ، وحب الرياسة ، وخبث النفس وبخلها ) ( شفاء الحاسد والمحسود – ص 37 ) 0

وقال أيضاً : ( فهذه هي أسباب الحسد ، وقد يجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها ، أو جميعها في شخص واحد ، فيعظم فيه الحسد بذلك ويقوى قوة لا يقدر معها على الإخفاء والمجاملة ؛ بل ينتهك حجاب المجاملة ، وتظهر العداوة بالمكاشفة 0 وأكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب 0 وقلما يتجرّد سبب واحد منها ) ( شفاء الحاسد والمحسود – ص 37 ) 0

ولو تمعنا في تلك الأسباب ومدى مقارنتها بنفسية الأطفال لوجدنا ان المميز فقط هو الذي يملك مثل تلك التفاعلات كالكره وخبث النفس والرياسة ونحوه ، وبالتالي يمكن القول بأن الطفل المميز فعلاً هو الذي قد يصيب بداء العين او الحسد دون من هو أصغر من ذلك ، والذي أصلاً لا يعي مثل تلك المصطلحات المذكورة ، والله تعالى أعلم 0

رابعاً : الثابت ان الأطفال عموماً قد يصابون بداء العين او الحسد :

لما ثبت من حديث عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قال : رخص النبي لآل حزم في رقية الحية ، وقال لأسماء بنت عميس :

( مالي أرى أجسام بني أخي ضارعة تصيبهم الحاجة ) قالت : لا ، ولكن العين تسرع إليهم ، قال : " ارقيهم " قالت : فعرضت عليه فقال : " ارقيهم " )

( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب السلام ( 60 ) - برقم 2198 )

قال النووي : ( قوله : " ما لي أرى أجسام بني أخي ضارعة ؟ " بالضاد المعجمة أي نحيفة ، والمراد أولاد جعفر – رضي الله عنه - ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 355 ) 0

قال القرطبي : ( وفيه أن الرقى مما يستدفع به البلاء ، وأن العين تؤثر في الإنسان وتضرعه ، أي تضعفه وتنحله ، وذلك بقضاء الله تعالى وقدره ) ( الجامع لأحكام القرآن - 9 / 226 ) 0

وقد ثبت تواتراً بأن الأطفال معرضون للإصابة بداء العين والحسد كما تم ببا ذلك في نقطة سابقة 0

خامساً : السؤال المطروح هل مسألة الاصابة بداء العين والحسد هي صفة مكتسبة أو وراثية بمعنى هل الرجل الكبير يكسب هذه الصفة منذ ولادته أن انها تكتسب لديه بعد التمييز :

الظاهر والمشاهد للعيان بأن هذا الداء هو صفة مكتسبة وليست وراثية على الاطلاق ، والنظرة الثاقبة لهذا الموضوع والمشاهد والمحسوس للعيان بأنها مكتسبة عند الطفل بعد التمييز لتوفر الأسباب الرئيسية لهذا الداء بعد ذلك السن ، والله تعالى أعلم 0

وقد قلت في موضع آخر تحت عنوان ( وجدت هذا الأثر في كتب التفسير بأن العين قد تكون وراثية ، فهل ذلك صحيح أم ماذا ؟؟؟ ) عندما تفضلت أحد المشرفات الفاضلات بالحديث عن أسر معروفة بالعين ، حيث قلت :

المعنى المقصود في الأثر أن يشهد لعائلة معينة بأنهم أصحاب ( قيافة ) او على سبيل المثال لا الحصر بأنهم أصحاب فراسة أي اشتهروا بتلك الصفة وليس المقصود هو عامل الوراثة ، والله تعالى أعلم 0

والذي أراه بأن الوراثة عوامل حسية ملموسة محسوسة ، والعين وأثرها أمر غيبي ، لا يتكلم فيها إلا بالدليل النقلي الصريح الصحيح ، ولا نستطيع القياس في أثر غيبي على أثر حسي ، والله أعلم 0

ثم قلت :

ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله - : ( الحسد مرض من أمراض النفس وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا القليل من الناس ولهذا يقال " ما خلا جسد من حسد " لكن اللئيم يبديه والكريم يخفيه )( أمراض القلوب وشفاؤها - ص 21 ) 0

* ويقول ايضا : ( " من وجد في نفسه حسداً لغيره فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر فيكره ذلك من نفسه " وقال النبي " ثلاث لا ينجو منهن أحد : الحسد ، والظن ، والطيرة 0 وسأحدثكم بما يخرج من ذلك : إذا حسدت فلا تبغض ، إذا ظننت فلا تحقق ، وإذا تطيرت فامض " رواه ابن أبي الدنيا : وفي السنن عن النبي أنه قال : " دبّ إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد ، والبغضاء ، وهي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين " 0 فسماه داء أي مرضا )( مجموع الفتاوى – 10 / 126 ) 0

الحديث الأول آنف الذكر : أخرجه العراقي في " المغني عن حمل الأسفار " – 3/183 ، وقد ذكره الغزي في " إتقان ما يحسن من الأخبار "– برقم ( 1619 ) ، والسبكي في " الأحاديث التي لا أصل لها في الإحياء " – برقم ( 343 ) – وقال : : لم أجد له اسناداً ( 6 / 343 ) ، وابن طولون في " الشذرة في الأحاديث المشتهرة " – برقم ( 820 ) ، والفتني في " تذكرة الموضوعات " – برقم ( 166 ) ، والعجلوني في " كشف الخفاء " – برقم ( 2208 ) ، والشوكاني في " الفوائد المجموعة " برقم ( 227 ) ، وقال الأستاذ محمود بن محمد الحداد في تخريجه لأحاديث كتاب " إحياء علوم الدين " ( ص 1836 ) : رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الحسد من حديث أبي هريرة ، وفيه يعقوب بن محمد الزهري وموسى بن يعقوب الزمعي ضعفهم الجمهور ( وفي رواية ثلاث لا ينجو منهن أحد وقل من ينجو منهن ) رواهـا ابن أبي الدنيـا من رواية عبدالرحمن بن معاوية وهو مرسل ضعيف 0

والحديث الثاني آنف الذكر : جزء من حديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 1 / 165 ، 167 ، والترمذي في سننه – أبواب صفة القيامة ( 20 ) برقم ( 2641 ) ، وقال الألباني حديث حسن ، انظر صحيح الجامع 3361 / 1 ، صحيح الترمذي ( 2038 ) ، مشكلة الفقر ( 20 ) الإرواء ( 238 ) - التعليق الرغيب - 3 / 12 – غاية المرام ( 414 ) 0

* قال ابن القيم - رحمه الله - : ( تأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية ، وهو أصل الإصابة بالعين ، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة ، وتقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية )( زاد المعاد – ص 117 ) 0

* وقال – رحمه الله - : ( ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية ، بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره ! ، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية )( زاد المعاد – ص 117 ) 0


سادساً : نقل بالتواتر بين أثبات المعالجين ، كما نقل التواتر بين العامة والخاصة على أن الطفل المميز قد يصيب بالعين ، والله تعالى أعلم 0

هذا وقد تام الاتصال بفضيلة الشيخ محمد عطية الهدهودي في مصر الكنانة وسألته السؤال التالي :

هل الطفل يصيب بداء العين ؟؟؟

الجواب : ( أحاديث العين وأن الإنسان إذا لم يبرك على ما يراه مما لا شك فيه أنه قد يضره وليس شرط التكييف ، ولكن لا بد أن يرتبط ذلك بشي معين وهو سن التمييز عند الأطفال بحيث يفرق الطفل بين الحسن والقبيح ، فيستحسن الحسن ويستقبح القبيح ، وهذا يختلف من طفل لآخر ، وأرى أنه ليس بأقل من عشر سنوات والله تعالى أعلم ) 0

الشيخ أبو عطية محمد عطيه الهدهودي
فتوى بتاريخ 26 / 02 / 1433 هـ 0
الموافق : 06 / 01 / 2013 م 0
من أرض الكنانة مصر

هذا ما تيسر لي بخصوص هذه المسألة ، وأختم فأقول :

( ما أصبت من الله سبحانه وتعالى وحده ، وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان والله ورسوله بريبئان )

وأدعو لعامة مرضى المسلمين فأقول :

( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكُم )
( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكُم )
( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيكُم )

( أعيذكُم بعزة الله وقدرته من شر ما تجدون وتحاذرون )
( أعيذكُم بعزة الله وقدرته من شر ما تجدون وتحاذرون )
( أعيذكُم بعزة الله وقدرته من شر ما تجدون وتحاذرون )

بارك الله في الجميع ، وحياكم الله وبياكم في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0[/B]
 

 

 

 


 

توقيع  أبو البراء
 

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 28-01-2013 الساعة 01:35 AM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة