عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 10-01-2021, 03:05 PM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

تابع / ما قبله 000

ثانيا : لا بد أن نعلم أن الشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده :

أولا : النصوص القرآنية الدالة على أن القرآن شفاء :

1)- يقول تعالى :

( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا )


( سورة الإسراء - الآية 82 )


* قال ابن القيم - رحمه الله - : ( والأظهر أن " من " هنا لبيان الجنس فالقرآن جميعه شفاء ورحمة للمؤمنين ) ( إغاثة اللهفان - 1 / 24 ) 0

* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( أي : فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة 0 وليس ذلك لكل أحد ، وإنما ذلك للمؤمنين به ، المصدقين بآياته ، العاملين به 0
وأما الظالمون بعدم التصديق به ، أو عدم العمل به ، فلا تزيدهم آياته إلا خسارا إذ به تقوم عليهم الحجة 0
فالشفاء : الذي تضمنه القرآن ، عام لشفاء القلوب ، من الشبه ، والجهالة ، والآراء الفاسدة والانحراف السيئ ، والقصود الرديئة 0 فإنه مشتمل على العلم اليقين ، الذي تزول به كل شبهة وجهالة 0 والوعظ والتذكير ، الذي يزول به كل شهوة ، تخالف أمر الله 0
ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها 0 وأما الرحمة ، فإن ما فيه من الأسباب والوسائل ، التي يحث عليها ، متى فعلها العبد ؛ فاز بالرحمة والسعادة الأبدية ، والثواب العاجل والآجل 0 هذه طبيعة الإنسان ، من حيث هو ، إلا من هداه الله )( تيسير الكريم الرحمن - 3 / 128 ) 0


2)- وقال تعالى :

( يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ )


( سورة يونس - الآية 57 )


* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( " وشفاء لما في الصدور " وهو : هذا القرآن ، شفاء لما في الصدور ، من أمراض الشهوات الصادرة عن الانقياد للشرع ، وأمراض الشبهات ، القادحة في العلم اليقيني 0 فإن ما فيه من المواعظ ، والترغيب ، والترهيب ، والوعد والوعيد ، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة 0 وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير ، والرهبة عن الشر ، ونمتا على تكرر ما يرد إليها ، من معاني القرآن ، أوجب ذلك ، تقديم مراد الله على مراد النفس ، وصار ما يرضي الله ، أحب إلى العبد من شهوة نفسه 0 وكذلك ما فيه ، من البراهين ، والأدلة التي صرفها الله ، غاية التصريف ، وبينها أحسن بيان ، مما يزيل الشبه القادحة في الحق ، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين 0 وإذا صح القلب من مرضه ، ورفل بأثواب العافية ، تبعته الجوارح كلها ، فإنها تصلح بصلاحه ، وتفسد بفساده )( تيسير الكريم الرحمن - 2 / 326 ) 0

3)- وقال تعالى :

( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ )


( سزرة فصلت - الآية 33 )


قال الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( ولهذا قال : " 000 قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ 000 " ( سورة فصلت – جزء من الآية 44 ) أي : يهديهم لطريق الرشد ، والصراط المستقيم ، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة 0 وشفاء لهم من الأسقام البدنية ، والأسقام القلبية ، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق ، وأقبح الأعمال ، ويحث على التوبة النصوح ، التي تغسل الذنوب ، وتشفي القلب )( تيسير الكريم الرحمن - 4 / 403 ) 0

* أقوال أهلم العلم والباحثين على أن القرآن الكريم شفاء للأمراض على اختلاف أنواعها :

قال ابن القيم – رحمه الله - : ( وقد اشتملت الفاتحة على الشفاءين : شفاء القلوب ، وشفاء الأبدان 0
أما تضمنها لشفاء الأبدان : فنذكر منه ما جاءت فيه السنة ، ثم ساق - رحمه الله – حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – الى أن قال : فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هـذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه ، فأغنته عن الدواء وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء 0
هذا مع كون المحل غير قابل ، إما لكون هؤلاء الحي غير مسلمين ، أو أهل بخل ولؤم ، فكيف إذا كان المحل قابلا )( تهذيب مدارج السالكين – باختصار – ص 53 – 55 ) 0

* قال الشوكاني : ( واختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين :
الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله 0
والقول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقي والتعوذ ونحو ذلك 0 ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين من باب عموم المجاز ، أو من باب حمل المشترك على معنييه )( فتح القدير – 3 / 253 ) 0

وقال أيضاً : ( أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" عن وائلة بن الأسقع : أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع حلقه 0 فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه : في القرآنِ شفاءآن القرآنُ والعسلُ ، القرآنُ شفاءٌ لما في الصدورِ ، والعسلُ شفاءٌ مِنْ كلِّ داءٍ " )( فتح القدير – 2 / 454 ، أنظر سنن البيهقي الكبرى – 9 / 345 ) 0


قلت : ولم أقف على مدى صحة الحديث آنف الذكر إلا أن معناه صحيح كما يتضح من خلال الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة الدالة على ذلك 0

* قال السيوطي : ( وأخرج البيهقي عن طلحة بن مصرف قال : كان يقال : أن المريض إذا قرئ عنده القرآن وجد له خفة 0 فدخلت على خيثمة وهو مريض فقلت : إني أراك اليوم صالحا 0 قال : إنه قرئ عندي القرآن )( الدر المنثور - 3 / 553 ) 0

* روى الخطيب أبو بكر البغدادي – رحمه الله – بإسناده قال : ( أن الرماوي الحافظ الحجة أبي بكر بن منصور كان إذا اشتكى شيئاً قال : هاتوا أصحاب الحديث ، فإذا حضروا ، قال " اقرءوا علي الحديث " قال الإمام النووي : فهذا في الحديث فالقرآن أولى )( تذكرة الحافظ - 2 / 546 ، وقد ذكره النووي في " التبيان في آداب حملة القرآن " ) 0


* قال الدكتور عمر يوسف حمزة : ( وقد ذهب عدد من العلماء إلى أن القرآن يتضمن شفاء الأبدان كما تضمن شفاء الروح 0 ومن هؤلاء العلماء الإمام الرازي في التفسير الكبير 21 / 35 والإمام أبو حيان في البحر المحيط 6 / 74 والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 9 / 316 وغيرهم ، وذكروا في تأييد رأيهم بأن القرآن شفاء من الأمراض الجسمانية فلأن الترك بقراءته يدفع كثيراً من الأمراض ، ولما اعترف الجمهور من الفلاسفة وأصحاب الطلسمات بأن لقراءة الرقي المجهولة والعزايم التي لا يفهم منها شيء آثاراً عظيمة في تحصيل المنافع ودفع المفاسد ، فلأن تكون قراءة هذا القرآن العظيم المشتمل على ذكر جلال الله وكبريائه وتعظيم الملائكة المقربين وتحقير المردة والشياطين سبباً لحصول النفع في الدين والدنيا كان أولى ويتأكد ما ذكرنا بالأحاديث الصحيحة )( التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 41 ) 0

* قال الأستاذ سعيد اللحام : ( القرآن الكريم هو هدى وشفاء للذين آمنوا أما الذين لم يؤمنوا فهؤلاء لم يهتدوا بهديه وأصروا على ضلالاتهم وكفرهم 0
والذين لا يؤمنون بما قدّر الله من الشفاء به ، شفاء العقول من الشرك والكفر والنفاق والعمى عن طريق الحق ، وشفاء للنفوس من أدوائها كالحسد والضغينة وحب الدنيا وشهواتها والتكالب عليها والسعي خلف المحرمات فيها وشفاء للصدور مما بها من ضيق وتعب ونصب وقلق 0
وهو شفاء لكل ما تسببه أدواء وأوصاب العقل والنفس والصدر من أمراض ، وهو شفاء أيضاً لبعض ما قدَّره الله على العباد من أمراض )( التداوي بالقرآن الكريم – ص 22 – 23 ) 0


قلت : ومن خلال تتبع النصوص القرآنية والحديثية وأقوال أهل العلم الأجلاء يتضح بما لا يدع مجالا للشك بأن القرآن شفاء لأمراض القلوب من حقد وحسد ونميمة ونحوه ، وكذلك هو شفاء لأمراض الأبدان على اختلاف أنواعها وبحسب مراتبها ، وكل ذلك يحتاج من المريض للإرادة والعزيمة واليقين التام بكل آية بل بكل حرف من كتاب الله عز وجل ، وبكل ما نطق به رسول اللهصلى الله عليه وسلم من السنة المأثورة 0


* ثانيا : النصوص الحديثيـة الدالة على أن القرآن والسنة شفاء :

1- عن ابن مسعود وعائشة ومحمد بن حاطب وجميلة بنت المجلل - رضوان الله تعالى عنهم أجمعين - :

( كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا أَتَى المَرِيضَ يَدْعُو له قالَ : " أَذْهِبِ البَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا " وفي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: فَدَعَا له، وَقالَ: وَأَنْتَ الشَّافِي )


( متفق عليه )


قال المناوي : ( " مذهب الباس " شدة المرض " رب الناس " أي الذي رباهم بإحسانه وعاد عليهم بفضله وحذف حرف النداء إشهارا بما له من القرب لأنه في حضرة المراقبة " اشف " أبرئ " أنت " لا غيرك " الشافي " المداوي من المرض المبرئ " ، لا شفاء إلا شفاؤك " وفي رواية " لا شافي إلا أنت " فيه أن كل ما يقع في التداوي إنما ينجع بتقدير الله ، " لا يغادر " لا يترك وفائدته أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر ، " سقما " مرضا ولا يشكل الدعاء بالشفاء مع أن المرض كفارة لأن الدعاء عبادة ، ولا ينافي الثواب والكفارة لحصولهما بأول المرض وبالصبر عليه ، والداعي ما يحصل له مطلوبه أو يعوضه )( فيض القدير - باختصار - 2 / 150 - 151 ) 0

قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال ابن بطال في وضع اليد على المريض : تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعوا له بالعافية على حسب ما يبدوا له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا )( فتح الباري - 10 / 126 ) 0

وقال أيضا : ( " أنت الشافي " يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين : أحدهما أن لا يكون في ذلك ما يوهم نقصا ، والثاني أن يكون له أصل في القرآن وهذا من ذاك ، فإن في القرآن : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )" سورة الشعراء – الآية 80 " )( فتح الباري - 10 / 207 ) 0

قال النووي : ( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ، ثم قال " أذهب الباس " إلى آخره فيه استحباب مسح المريض باليمين ، والدعاء له ، ومعنى " لا يغادر سقما " أي لا يتـرك ، والسقم بضم السين وإسكان القاف ، وبفتحهما ، لغتان )( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 351 ) 0

قال ابن القيم : ( في هذه الرقية توسل إلى الله بكمال ربوبيته ، وكمال رحمته بالشفاء ، وأنه وحده الشافي ، وأنه لا شفاء إلا شفاؤه ، فتضمنت التوسل إليه بتوحيده وإحسانه وربوبيته )( زاد المعاد - 4 / 188 ) 0


2- عن عثمان بن أبي العاص الثقفي - رضي الله عنه - أنه قال : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني ، فقال :

( أتاني رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وبي وجَعٌ قد كان يُهلِكُني ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : امسَحْ بيمينِكَ سبعَ مرَّاتٍ وقل : أعوذُ بعزَّةِ اللَّهِ وقدرتِهِ وسُلطانِهِ مِن شرِّ ما أجدُ قالَ : ففَعلتُ فأذهبَ اللَّهُ ما كانَ بي ، فلَم أزَلْ آمرُ بهِ أهْلي وغيرَهُم )


( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 67 ) : باب استحباب وضع يده على موضع الألم ، مع الدعاء – برقم ( 2202 ) واللفظ بنحوه )


قال المباركفوري : ( قوله " قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني " ولمسلم وغيره من رواية الزهري عن نافع عن عثمان أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم " امسح " أي موضع الوجع " بيمينك سبع مرات " 0 وفي رواية مسلم : فقال له ضع يديك على الذي يألم من جسدك 0 وللطبراني والحاكم : ضع يمينك على المكان الذي تشتكي فامسح بها سبع مرات " وقل أعوذ بعزة الله وقدرته وسلطانه من شر ما أجد " وفي رواية مسلم : وقل بسم الله ثلاثا ، وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر 0 وللترمذي في الدعوات وحسنه والحاكم وصححه عن محمد بن سالم قال : قال لي ثابت البناني : يا محمد إذا اشتكيت فضع يديك حيث تشتكي ثم قل بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي ثم ارفع يدك ثم أعد ذلك وترا ، قال فإن أنس بن مالك حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك " قال " أي عثمان " ففعلت " أي ما قال لي " فأذهب الله ما كان بـي " أي من الوجع " فلم ازل آمر به أهلي وغيرهم " لأنه من الأدوية الإلهية والطب النبوي ، لما فيه من ذكر الله والتفويض إليه والاستعاذة بعزته وقدرته ، وتكراره يكون أنجع وأبلغ كتكرار الدواء الطبيعي لاستقصاء إخراج المادة ، وفي السبع خاصية لا توجد في غيرها )( تحفة الأحوذي - 6 / 211 - 212 ) 0

قال النووي : ( ومقصوده أنه يستحب وضع يده على موضع الألم ، ويأتي بالدعاء المذكور 0 والله أعلم )( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 357 ) 0


3- عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( ما مِنْ مسلِمٍ يعودُ مريضًا لم يحضرْ أجلُهُ فيقولُ سبعَ مرَّاتٍ : أسألُ اللهَ العظيمَ، ربَّ العرْشِ العظيمِ، أنْ يشْفِيَكَ إلَّا عُوفِيَ )


( صحيح الجامع 5766 )


4- عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( عليكُم بالشِّفاءينِ : العَسلِ، والقرآنِ )


( السلسلة الضعيفة 1514 )


قلت : ومع أن الحديث فيه كلام لبعض أهل العلم ، إلا أن معناه صحيح ، لما له من شواهد دالة على صحته سواء من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما ذكرته آنفا في أدلة كتاب الله على أن القرآن شفاء يغني عما سواه ، وقد دلت النصوص النقلية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن العسل شفاء بإذن الله ، يقول تعالى في محكم كتابه :

( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحلِ أَنْ اتَّخِذِى مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِى مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِى سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لأيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )


( سورة النحل – الآية 68 – 69 )


وقد ثبت من حديث ابن عباس – رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(الشفاءُ في ثلاثةٍ : شربةُ عسلٍ ، وشرْطَةُ محْجمٍ ، وكَيَّةُ نارٍ ، وأنهى أمتي عن الكيِّ )


( متفق عليه )


قال ابن طولون : ( وقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالشفاءين العسل والقرآن " وجمع في هذا القرآن بين الطب البشري والطب الإلهي ، وبين الفاعل الطبيعي والفاعل ال****** ، وبين طب الأجساد وطب الأنفس ، وبالسبب الأرضي والسبب السماوي 0 وقوله صلى الله عليه وسلم " عليكم بالشفاءين " فيه سر لطيف أي لا يكتفى بالقرآن وحده ويبطل السعي ؛ بل يعمل بما أمر ويسعى في الرزق كما قدر ، ويسأله المعونة والتوفيق )( المنهل الروي في الطب النبوي - بتصرف - ص 250 - 252 ) 0

5- عن عائشة - رضي الله عنها - :

( أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ دخلَ عليها وامرأةٌ تعالجُها أو تَرقيها ، فقالَ : عالجيها بِكِتابِ اللَّهِ )


( السلسلة الصحيحة 178 )


قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : ( وفي الحديث مشروعية الترقية بكتاب الله تعالى ، ونحوه مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الرقى كما تقدم في الحديث ( 178 ) عن الشفاء قالت : دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال لي : ( ألا تُعلِّمينَ هذِهِ رُقيةَ النَّملةِ كَما علَّمتيها الكِتابةَ )( صحيح أبو داوود – برقم 3887 ) 0 وأما غير ذلك من الرقى فلا تشرع ، لا سيما ما كان منها مكتوبا بالحروف المقطعة ، والرموز المغلقة ، التي ليس لها معنى سليم ظاهر ، كما ترى أنواعا كثيرة منها في الكتاب المسمى بـ " شمس المعارف الكبرى " ونحوه )( سلسلة الأحاديث الصحيحة - 4 / 566 ) 0

قلت : وهذا الكتاب يعتبر من أشد وأخطر كتب السحر على الإطلاق ، وهو طبعة مصرية صفراء ، كتب عليه " شمس المعارف الكبرى ولطائف العوارف " وهو في أربعة أجزاء لأحمد البومني – وبه أربع كتب هي :
1- كتاب ميزان العدل في مقاصد أحكام الرمل 0
2- كتاب نوائح الرغائب في خصوصيات أوقات الكواكب000
3- كتاب زهر المروج من دلائل البروج 0
4- كتاب لطائف الإشارة من الكواكب السيارة 0


6- عن جابر – رضي الله عنه – :


( أنَّ عَمْرَو بنَ حَزْمٍ دُعِيَ لِامرأةٍ بالمَدينةِ لَدَغَتْها حَيَّةٌ لِيَرْقيَها، فأبى، فأُخبِرَ بذلك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فدَعاه، فقال عَمْرٌو: يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ تَزجُرُ عن الرُّقى، فقال: ا قْرِأْها عليَّ، فقَرأها عليه ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: ( لا بَأسَ، إنَّما هي مَواثيقُ فارْقِ بها )


( السلسلة الصحيحة 472 )


قال صاحب الفتح الرباني : ( وإنما قال صلى الله عليه وسلم " اقرأها علي " خشية أن يكون فيها شيء من شرك الجاهلية ، فلما لم يجد شيئا من ذلك قال :" لا بأس وأذن له بها " )( الفتح الرباني - 17 / 178 ) 0

7- عن عائشة بنت سعد أن أباها قال :

( تَشَكَّيْتُ بمَكَّةَ شَكْوًا شَدِيدًا، فَجاءَنِي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعُودُنِي، فَقُلتُ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، إنِّي أتْرُكُ مالًا، وإنِّي لَمْ أتْرُكْ إلَّا ابْنَةً واحِدَةً، فَأُوصِي بثُلُثَيْ مالِي وأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فقالَ: لا قُلتُ: فَأُوصِي بالنِّصْفِ وأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قالَ: لا قُلتُ: فَأُوصِي بالثُّلُثِ وأَتْرُكُ لها الثُّلُثَيْنِ؟ قالَ: الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِيرٌ ثُمَّ وضَعَ يَدَهُ علَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ علَى وجْهِي وبَطْنِي، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وأَتْمِمْ له هِجْرَتَهُ ) فَما زِلْتُ أجِدُ بَرْدَهُ علَى كَبِدِي - فِيما يُخالُ إلَيَّ - حتَّى السَّاعَةِ )


( أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المرضى ( 13 ) - برقم 5659 )


ثالثا : أقوال أهل العلم والمتخصصين في الرقية الشرعية :

* قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرح " وما أدراك أنها رقية " : ( فيه التصريح بأنها رقية فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام والعاهات )( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 356 ) 0

قال صاحب ابن منظور : ( الأسقام من سقم وهو المرض )( لسان العرب- 12/288 ) 0

قال ابن منظور : ( قال الليث : العاهة البلايا والآفات )( لسان العرب ) 0

* قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال الإمام القرطبي معلقا على حديث عائشة " بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفي سقيمنا ، بإذن ربنا " : فيه دلالة على جواز الرقى من كل الآلام )( فتح الباري – 10 / 208 ) 0

* وقال أيضا : ( قال البغوي - رحمه الله - : " تجوز الرقية بذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأوجاع " )( فتح الباري - 12 / 162 ) 0

* قال ابن القيم - رحمه الله - : ( فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ، ووضعه على دائه بصدق وإيمان ، وقبول تام ، واعتقاد جازم ، واستيفاء شروطه ، لم يقاومه الداء أبدا ، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها ، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه ، قال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )( سورة العنكبوت - الآية 51 ) فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله )( الطب النبوي - ص 352 ) 0

* وقال في موضع آخر : ( وقد علم أن الأرواح متى قويت ، وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره ، فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه ، وفرحت بقربها من بارئها ، وأنسها به ، وحبها له ، وتنعمها بذكره ، وانصراف قواها كلها إليه ، وجمعها عليه ، واستعانتها به ، وتوكلها عليه ، أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية ، وأن توجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية ، ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس، وأغلظهم حجابا ، وأكثفهم نفسا، وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية )( الطب النبوي - ص 12 ) 0

* وقال أيضا : ( ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة ، فما الظن بكلام رب العالمين ، الذي فضله على كل كرم كفضل الله على خلقه ، الذي هو الشفاء التام ، والعصمة النافعة ، والنور الهادي ، والرحمة العامة ، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلاله ، قال تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )( سورة الإسراء – الآية 82 ) و " من " هنا بيان الجنس ، لا للتبعيض 0 هذا أصح القولين )( زاد المعاد - 4 / 177 ) 0

* وقال : ( واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله ، وتمنع من وقوعه ، وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا وإن كان مؤذيا ، والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء ، فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب ، وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه ، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة ، ولإزالة المرض )( زاد المعاد - 4 / 182 ) 0


إن التدبر والتفكر في تلك الكلمات والمعاني التي أطلقها ابن القيم - رحمه الله - يورث صفاء ونقاء للنفس البشرية ، وفهما يربط العبد بخالقه أيما ارتباط ، ويؤصل مفهوما حقيقيا في التوكل والاعتماد واللجوء والخوف والرجاء ، بحيث تسمو النفس بكل ذلك لتصل لمرتبة عظيمة من مراتب الإيمان ، قل أن يصلها العبد دون إدراك وفهم لتلك المقومات ، إن كثيرا من الناس أصيبوا بمرض عضال ، وقد بين الطب استحالة شفائهم من ذلك المرض ، وذكروا لهم أن أيامهم في الحياة معدودة ، وعلم أولئك أن الموت والحياة بيد الله سبحانه ، فأناخوا جنابهم له ، وتضرعوا بسرهم ونجواهم إليه ، وسألوه من قلب مخلص ذليل مسألة المحتاج ، وانطرحوا على اعتاب بابه يسألونه الصحة والعافية ، بعد علمهم أن الحول والقوة بيده سبحانه ، ولجأوا لقرآنه، وللرقية بكتابه والأدعية المأثورة الثابتة عن رسوله صلى الله عليه وسلم وفجأة ينقلب الأمر ، ويعود ذلك الإنسان إلى سابق عهده بصحته وعافيته ، ويقف الطب المادي عاجزا عن تفسير ذلك ، مع أن تفسيره سهل ميسور ، فالذي أودع الحقائق في هذا الكون وسخره ودبره ، هو الذي جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم عليه السلام ، وهو الذي جعل الرقية سببا للشفاء والعلاج ، إذا توفرت الشروط والقواعد والأسس التي تضبطها من قبل المعالِج والمعالَج ، فهو الذي كتب الأمراض ويسر الشفاء بأمره سبحانه ، يقول تعالى في محكم كتابه :

( وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ )


( سورة القمر – الآية 50 )


ويقول في موضع آخر :

( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )


( سورة النحل – الآية 40 )


ويقول سبحانه في موضع آخر :

( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ )


( سورة البقرة – الآية 117 )


إن الذي أرشدنا لطريق الرقية وأسلوبها ومنهجها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد والمنة على ما أنعم به على عباده 0


* قال ابن حزم : ( جربنا من كان يرقي الدمل الحاد القوي الظهور في أول ظهوره ، فيبدأ من يومه ذلك بالذبول ، ويتم يبسه في اليوم الثالث، ويقلع كما تقلع قشرة القرحة إذا تم يبسها ، جربنا من ذلك مالا نحصيه، وكانت هذه المرأة ترقي أحد دملين قد دفعا على إنسان واحد ، ولا ترقي الثاني ، فيبس الذي رقت ، ويتم ظهور الذي لم ترق ، ويلقى منه حامله الأذى الشديد ، وشاهدنا من كان يرقي الورم المعروف بالخنازير ، فيندمل ما يفتح منها ، ويذبل ما لم ينفتح ، ويبرأ )( الفصل في الملل والأهواء والنحل - 2 / 4 ) 0

* أخبرنا عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال : ( اكتوى ابن عمر من اللقوة ، ورقى من العقرب )( مصنف عبدالرزاق – 11 / 18 ) 0

قال ابن منظور تحت مادة لقا : ( اللَّقْوة: داء يكون في الوجه يَعْوَجُّ منه الشِّدق، وفي حديث ابن عمر: أَنه اكْتَوَى من اللَّقْوَة، هو مرض يَعْرِضُ لوجه فيُميلُه إِلى أَحد جانبيه )( لسان العرب ، أنظر " مختار الصحاح " ) 0

* أخبرنا عبدالرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل قال : ( أخبرني من رأى ابن عمر ورجل بربري يرقي على رجله من حمرة - ورم من جنس الطواعين - بها أو شبهة )( مصنف عبدالرزاق – 11 / 18 ) 0

* قال الشبلي : ( وفي التطبب والاستشفاء بكتاب الله عز وجل غنى تام ، ومنفع عام ، وهو النور ، والشفاء لما في الصدور ، والوقاء الدافع لكل محذور ، والرحمة للمؤمنين من الأحياء وأهل القبور 0 وفقنا الله لإدراك معانيه ، وأوقفنا عند أوامره ونواهيه 0 ومن تدبر من آيات الكتاب ، من ذوي الألباب ، وقف على الدواء الشافي لكل داء مواف ، سوى الموت الذي هو غاية كل حي ، فإن الله تعالى يقول : ( مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِنْ شِىْء ) ( سورة الأنعام – الآية 38 ) وخواص الآيات والأذكار لا ينكرها إلا من عقيدته واهية ، ولكن لا يعقلها إلا العالمون لأنها تذكرة وتعيها أذن واعية والله الهادي للحق )( أحكام الجان - ص 140 ) 0

* سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن التداوي والعلاج بالقرآن والاستشفاء به من الأمراض العضوية كالسرطان ونحوه ، وكذلك الاستشفاء به من الأمراض الروحية كالعين والمس وغيرهما ؟

فأجاب –رحمه الله- : ( القرآن والدعاء فيهما شفاء من كل سوء – بإذن الله - والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى : ( 000 قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ 000 )( سورة فصلت - جزء من الآية 44 ) وقوله سبحانه : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ 000 )( سورة الإسراء – جزء من الآية 82 ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم " إذا اشتكى شيئا قرأ في كفيه عند النوم سورة " قل هو الله أحد " و " المعوذتين " ثلاث مرات ثم يمسح في كل مرة على ما استطاع من جسده فيبدأ برأسه ووجهه وصدره في كل مرة عند النوم ، كما صح الحديث بذلك عن عائشة – رضي الله عنها – " " أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب فضائل القرآن – باب فضل المعوذات ( 14 ) - برقم 5017 " ) ( مجلة الدعوة - العدد 1497 - 1 صفر 1416 هـ ) 0


* سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان السؤال التالي : ( نسمع في هذه الأيام عن أناس يعالجون بالقرآن مرضى الصرع والمس والعين وغير ذلك ، وقد وجد بعض الناس نتيجة مرضية عند هؤلاء ، فهل في عمل هؤلاء محذور شرعي ؟ وهل يأثم من ذهب إليهم ؟ وما الشروط التي ترون أنها ينبغي أن تكون موجودة فيمن يعالج بالقرآن ؟ وهل أثر عن بعض السلف علاج المسحورين والمصروعين وغيرهم بالقرآن ؟

فأجاب : ( لا بأس بعلاج مرضى الصرع والعين والسحر وغيرها من الأمراض بالقرآن وذلك ما يسمى بالرقية ، بأن يقرأ القارئ وينفث على المصاب ، فإن الرقية بالقرآن وبالأدعية جائزة ، وإنما الممنوع الرقية الشركية ، وهي التي فيها دعاء لغير الله ، واستعانة بالجن والشياطين ، كعمل المشعوذين والدجالين ، أو بأسماء مجهولة ، أما الرقية بالقرآن والأدعية الواردة ، فهي مشروعة 0
وقد جعل الله القرآن شفاء للأمراض الحسية والمعنوية من أمراض القلوب وأمراض الأبدان ، لكن بشرط إخلاص النية من الراقي والمرقي ، وأن يعتقد كل منهما أن الشفاء من عند الله ، وأن الرقية بكلام الله سبب من الأسباب النافعة 0
ولا بأس بالذهاب إلى الذين يعالجون بالقرآن إذا عرفوا بالاستقامة وسلامة العقيدة ، وعرف عنهم أنهم لا يعملون الرقى الشركية ، ولا يستعينون بالجن والشياطين ، وإنما يعالجون بالرقية الشرعية 0
والعلاج بالرقية القرآنية من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل السلف ، فقد كانوا يعالجون بها المصاب بالعين والصرع والسحر وسائر الأمراض ، ويعتقدون أنها من الأسباب النافعة المباحة ، وأن الشافي هو الله وحده 0
ولا بد من التنبيه على أن بعض المشعوذين والسحرة قد يذكرون شيئا من القرآن أو الأدعية ، لكنهم يخلطون ذلك بالشرك والاستعانة بالجـن والشياطين ، فيسمعهم بعض الجهال ، ويظن أنهم يعالجون بالقرآن ، وهذا من الخداع الذي يجب التنبه له والحذر منه )( السحر والشعوذة – 94 – 95 ) 0

* سئل الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عن حكم العلاج بالقرآن فأجاب – حفظه الله - : ( لا شك أن الرقية جائزة 0 فقد ثبت أن جبريل عليه السلام رقى الرسول صلى الله عليع وسلم ، وثبت كذلك أن بعضا من أصحابه صلبى الله عليه وسلم كانوا في سفر واستضافوا بعض الأعراب فلم يضيفوهم فأصيب سيدهم بلسعة عقرب فجاءوا إليهم يسألونهم هل فيهم قارئ فأجابوا نعم ولكن بأجرة ، فقرأ عليه أحدهم بفاتحة الكتاب الحمد لله رب العالمين فبرأ من لسعته وأعطوهم أجرتهم قطيعا من الغنم 0 فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتصرف في هذا إلا بعد سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فأقرهم على هذا وفي بعض الروايات قال :" واضربوا لي معكم بسهم " والأخذ بالرقية لا ينافي التوكل )( مجلة الأسرة -صفحة 38 -العدد 69 ذو القعدة 1419 هـ ) 0

* قال فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي - حفظه الله – تحت عنوان من أي شيء تكون الرقية ؟ ما نصه : ( أثبتت الأحاديث الصحاح : أن الرقية مشروعة من كل الآلام والأمراض التي تصيب المسلم )( موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى – ص 167 ) 0


* قال الدكتور الحسيني أبو فرحة - رئيس قسم التفسير - جامعة الأزهر : ( إن العلاج بالقرآن الكريم من مختلف الأمراض أمر صحيح يحتاج إلى رجل صالح يمتلئ قلبه إيمانا بالله عز وجل ويقينا في قدرته سبحانه وتعالى ، فقد ثبت في الصحيح أن بعض الصحابة عالجوا سيد أحد أحياء العرب من لدغة العقرب بقراءة سورة الفاتحة على موضع اللدغ مقابل قطيع من الغنم كأجر ، وعندما عرضوا الأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرهم على العلاج بالقرآن وعلى أخذهم الأجر على ذلك 0
وكان صلى الله عليه وسلم يؤتى إليه بالمريض فيأخذ في علاجه بالدعاء وقراءة القرآن فيبرأ المريض ، وقد اختلف العلماء هل هذا العلاج لكل من اتبعه صلى الله عليه وسلم من كبار الربانيين أي العلماء العاملين أهل الصدق والولاية ، فذهب إلى هذا قوم ، وذهب إلى ذاك قوم آخرون ، والذي أرجحه أن كل ولي في المسلمين في أي زمان ومكان يمكنه أن يعالج بهذا العلاج النبوي الشريف )( العلاج بالقرآن من أمراض الجان - ص 151 - 152 ) 0

* يقول الدكتور عبدالمنعم القصاص ، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية وعضو لجنة الفتوى بالأزهر : ( أنه يجوز علاج جميع الأمراض حين قال سبحانه وتعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ )( سورة الإسراء - جزء من الآية 82 ) ولكن مع العلاج بالقرآن لا بد أن نذهب إلى الأطباء ولا ننسى دورهم في هذا الشأن ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتداوي ، فهذه الأمراض الفتاكة بجسم الإنسان يجب أن يتداوى الناس منها بالقرآن وعند الأطباء المتخصصين )( العلاج بالقرآن من أمراض الجان - ص 152 ) 0

* قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( فإن من أعظم العلاجات وأنفعها بإذن الله الرقى الشرعية بالكتاب والسنة 0
ففي الرقية المشروعة خير كثير بإذن الله تعالى ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على ذلك ) ( فتح الحق المبين - ص 92 ) 0

* قال الدكتور عبدالغفار البنداري في تعليقه على كتاب الطب النبوي للإمام البخاري - رحمه الله - : ( والذي قد تأكد من شرعة الله أن مجتمع المسلمين قد تميز عن كل مجتمع دونه بقوى علاج هي في مظهر تعد من القوى الخفية التي جعلها الله تعالى ميزة الالتزام بأمره والتوكل عليه ، لقد قدر الله تعالى أن يكون في الدواء قوة تأثير فعالة وهذا مدرك ومرصود ، لكن جعل الله تعالى فيما عرف بالرقية قوة الدواء على المرض بل أكثر - ولا يعني توصل الطب وعلومه الحديثة إلى معرفة نواميس الشفاء بتلك القوى الخفية أنها ليست موجودة ، بل الثابت والمسجل فعلا أن حالات العلاج بالرقية والشفاء قد سجلت وعرفت فعلا وكم مريض أوشك على الهلاك ولم تجدي فيه وسائل العلاج المعروفة من الطب والجراحة حتى إذا يأسوا من شفائه ولجأوا إلى الذكر وتلاوة القرآن والرقية بالقرآن برأ وشفي بإذن الله 0
إن اليقين بالشفاء بالقرآن لهو عنصر من عناصر فعالية الشفاء بالقرآن والرقية ) ( الطب النبوي - ص 64 - 65 ) 0

* يقول الأخ فتحي الجندي : ( مما لا شك فيه أن الإسلام جاء بالعلاج الشافي لأمراض القلوب والأبدان ، إما نصا وإما إجمالا على سبيل الدلالة ، وقد تداوى النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بالتداوي )( النذير العريان - ص 35 ) 0

* قال الأستاذ عكاشة عبدالمنان الطيبى : ( إن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي نافعة شافية بإذن الله تعالى ، وتستدعي قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره ، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل ، أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء ، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية ، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء 0
وقد يكون المانع قوي يمنع من اقتضائه أثره ، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول ، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام وكان للراقي نفس فعالة وهمة مؤثرة ساعد في إزالة الداء بإذن الله تعالى )( الإصابة بالعين وعلاجها - ص 73 ) 0


وقفات مع بعض التصرفات للملا علي كلك الكردستاني :

بعد أن علمنا يقينا بأن الشفاء من الله سبحانه وتعالى ، لا بد أن نقف على فعل المذكور ( الملا علي كلك الكردستاني ) حتى يتبين لنا القول الفصل في أفعاله وأقواله وهل هي بالمجمل توافق الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة :

1)- من خلال تتبع قراءة المذكور فهي لا تتعدى قراءة بعض الآيات ومنها :

- قول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل :


( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )


( سورة الشعراء – الآية 80 )


- وقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل :

( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا )


( سورة الإسراء - الآية 82 )


- وقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل :

( يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ )


( سورة يونس - الآية 57 )


- وقول الحق تبارك وتعالى في محكم التنزيل :

( لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ * وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )


( سورة الحشر – الآية 21 )


تقريبا هذه الآيات التي تم الاطلاع عليها في بعض المقاطع المصورة ، وقد لفت انتباهي بعض الملاحظات الهامة :

1)- ان الرجل يلحن لحنا جليا ولحنا خفيا ، ولا بد من ايضاح المعنى الاصطلاحي لذلك :

اللحن في اللغة هو: هو مخالفة وجه الصواب في اللغة والإعراب 0

واصطلاحا : هو الخطأ في القراءة . وينقسم عند علماء القراءات إلى قسمين :

الأول : اللحن الجلي : وهو الخطأ الذي يطرأ على اللفظ فيخل بمعناه إخلالا ظاهرا- سواء أدّى هذا الخطأ إلى فساد المعنى أو لم يؤدّ، مثل تبديل حرف بحرف أو حركة بحركة 0 ومثال ذلك لو ضم الطالب التاء في ( أنعمت ) فقد أدّى إلى فساد المعنى أو ضم الهاء في ( الحمد لله ) فإن ذلك يخلّ بالمعنى رغم أنه ربما لا يتغير المعنى 0 وكذلك ترك الإدغام والإظهار وقصر المدود وتفخيم ما هو مرقق وترقيق ما هو مفخم .وكذلك الوقف القبيح الذي يؤدي إلى فساد المعنى . وأيضا الابتداء القبيح الذي يؤدّي إلى تأويل المعنى إلى غير المعنى المقصود 0

وذهب جمهور العلماء إلى أن اللحن الجلي في سورة الفاتحة خاصة مبطل للصلاة كما لا تصح قراءة من يقع في اللحن الجلي ولا ينبغي الصلاة خلفه ويأثم إذا أهمل 0

ثانيا : اللحن الخفي: هو الخطأ الذي يتعلق بكمال إتقان النطق إلا بتصحيح . ولا يعرفه إلا أهل الترتيل والتجويد وقد يخفى على العامة مثال ذلك عدم ضبط مقدار المدود بالزيادة والنقصان وأيضا قلة المهارة في تحقيق الصفات والمخارج وتطبيق الأحكام كزيادة التكرير في الراءات وتغليظ اللامات في غير محل التغليظ إلى غير ذلك من الأحكام 0

وذهب جمهور العلماء إلى أن حكمه أخف من اللحن الجلي - ويعتبره أهل العلم مخلا بالإتقان والصلاة خلفه صحيحة . والله أعلم 0

والمذكور يقرأ ( يشفين ) يشفيني ، ويقرأ ( وتلك الأمثال نضربها للناس ) يقرأها ( للناسي ) وهذا اخلال بالمعنى 0

2)- اجتماعه بالنساء الكاسيات العاريات دون رادع ديني او وازع اخلاقي 0
3)- تلمس النساء وكما ظهر لكل من شاهد في أكثر من مقطع من المقاطع المتداولة 0
4)- أخذ الصور مع نساء كاسيات عاريات وبأوضاع مخلة 0
4)- وضع إصبعه في فم النساء 0


تلك بعض الروابط الخاصة بمثل تلك التجاوزات واعتذر عن تلك المقاطع بسبب وضعية النساء :




وتحت هذه النقاط الهامة في التعامل مع النساء ادرج الموضوع الهام التالي والذي ذكرته في كتابي الموسوم ( القواعد المثلى العلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان :


( التقيد بالأمور الشرعية الخاصة بالنساء ) :

ومن ذلك تقيد المرأة بلباسها الشرعي الإسلامي ، وعدم الخلوة بها ، أو النظر اليها أو مس المرأة الأجنبية في أي موضع أو مصافحتها، وتحت هذا العنوان لا بد من بحث الأمور التالية:

* أدلة السنة المطهرة على عدم جواز مس المرأة الأجنبية :

- عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( لَأَنْ يُطعَنَ في رأسِ أحَدِكُمْ بِمَخْيَطٍ من حَدِيدٍ خَيرٌ له من أنْ يَمسَّ امْرأةً لا تَحِلُّ لَهُ )


( السلسلة الصحيحة 226 )



قال المناوي : ( " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط " وهو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوها " من حديد " خصه لأنه أصلب من غيره وأشد في الطعن وأقوى في الإيلام " خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " أي لا يحل له نكاحها وإذا كان هذا في مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة فما بالك بما فوقه ؟! )( فيض القدير - 5 / 258 ) 0




(أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَمْتَحِنُ مَن هَاجَرَ إلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بهذِه الآيَةِ بقَوْلِ اللَّهِ : ( يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )( سورة الممتحنة - الآية 12 ) ، قالَ عُرْوَةُ: قالَتْ عَائِشَةُ: فمَن أقَرَّ بهذا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ، قالَ لَهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قدْ بَايَعْتُكِ كَلَامًا، ولَا واللَّهِ ما مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ في المُبَايَعَةِ، ما يُبَايِعُهُنَّ إلَّا بقَوْلِهِ: قدْ بَايَعْتُكِ علَى ذَلِكِ )


( أخرجه الإمام البخاري في صحيحه-كتاب التفسير- باب (إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات)- برقم ( 4891 )


قال الحافظ بن حجر في الفتح في معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة : " قد بايعتك " كلاما : ( أي يقول ذلك كلاما فقط لا مصافحة باليد كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة )( فتح الباري – 8 / 636 ) 0

يقـول الشيـخ محمد السفاريني : ( وفي الحديث إشارة إلى مجانبة النساء الأجانب وعدم النظر إليهن ومجانبة مسهن )( شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد - 2 / 930 ) 0


يقول الدكتور أحمد بن محمد أبابطين الأستاذ المساعد في قسم الدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض تعقيبا على الحديث آنف الذكر : ( وإذا كان هذا في حق رسول الله  وهو المعصوم - فيكون في حق الأمة آكد وأوجب حيث لا تؤمن الفتنة 0
وإذا كان الخطر قد تناول أهم المسائل في طاعة ولي الأمر وذلك في البيعة العامة ، فإن تحريم مس الرجل للمرأة الأجنبية عنه في الأمور الأخرى من باب أولى )( المرأة المسلمة المعاصرة – ص 421 ) 0


* أقوال أهل العلم في عدم جواز مس المرأة الأجنبية :

- قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي : ( اعلم أنه لا يجوز للرجل الأجنبي أن يصافح امرأة أجنبية منه ولا أن يمس شيء من بدنه شيئا من بدنها والدليل على ذلك أمور :
الأول : أن النبي  ثبت عنه أنه قال : ( إني لا أُصافحُ النساءَ ) ( قال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح ابن ماجة 2323 ) ، والله تعالى يقول : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )( سورة الأحزاب - جزء من الآية 21 ) 0
وكونه لا يصافح المرأة ولا يمس شيء من بدنه شيئا من بدنها في الوقت الذي يقتضيها وهو وقت المبايعة ، دل ذلك على أنها لا تجوز وليس لأحد مخالفته صلى الله عليه وسلم لأنه المبين للشرع المشرع لأمته بأقواله وأفعاله وتقريراته 0
الثاني : هو ما قدمناه من أن المرأة كلها عورة يجب عليها أن تحتجب وإنما أمر بغض البصر خوف الوقوع في الفتنة ، ولا شك أن مس البدن للبدن أقوى في إثارة الغريزة وأقوى داعيا إلى الفتنة من النظر بالعين ، وكل منصف يعلم صحة ذلك )( اضواء البيان - 6 / 603 ) 0


- سئل فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عن جواز أن يمس القارئ شيئا من جسد المرأة أثناء الرقية ، أو الكشف عن يديها أو صدرها للنفث ، فأجاب - رحمه الله - : ( لا مانع من استعمال الرقية على المرأة مع النفث والنفخ ، ولكن لا يحل لهـا أن تكشف شيئا من جسدها لغير النساء أو المحارم ، ولا يحل للقـارئ الأجنبي أن يباشر لمس بشرتها بدون حائل ، بل يقرأ عليها وهي متحجبة ، أو يقرأ عليهـا إحدى نسائها أو محارمها ، أو تقرأ هي على نفسها بما تيسر من القرآن ، فالكل يرجى فيه الشفاء والنفع من الله 0 وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم )( النذير العريان – ص 267 ) 0

- وسئل أيضاً عن حكم كشف المرأة لوجهها أو أذنيها أو إظهارها لعينيها أثناء الرقية أمام الراقي ، وما حكم وضع يد الراقي على أماكن معينة من جسد المرأة كالرأس أو الصدر أو البطن أو الظهر أو الساق أو الفخذ أثناء الرقية الشرعية ؟

فأجاب – رحمه الله - : ( وبعد ، فلما كانت المرأة عورة كل جسدها بالنسبة لغير المحرم ، لم يجز أن تكشف شيئاً من بدنها لأجنبي ، وحرم على الأجنبي النظر إلى ما لا يجوز كشفه ، كالوجه والخد والظهر والبطن ، كما يحرم عليه أن يمس شيئاً من جسدها بدون حائل ، كالرأس والصدر والبطن والساق والفخذ وغيرها ، حيث أن ذلك من العورة ، وأن مس ذلك يثير الشهوة من الجانبين ، لكن يجوز ذلك للضرورة القصوى كإنقاذها من الغرق والحرق أو الهدم ونحو ذلك ، فأمـا مجرد الرقية فإنها تحصل مع التستر ، ويستطيع القارئ النفث والنفخ من وراء الحائط ، فإن احتاج إلى وضع يده على الرأس وكان ذلك مفيداً وهي مختمرة جاز ذلك بقدر الحاجة ، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم )( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 313 – تاريخ الفتوى 26 / 8 / 1414 هـ ) 0

وسئل فضيلته عن جواز كشف ولمس المعالج بالرقية الشرعية للمرأة عند الحاجة لذلك ، كأن يكون مرضها عضوياً كالسرطان والتقرحات الجلدية وغيرها ؟

فأجاب – رحمه الله - : ( أقول أن مس الرجل للمرأة الأجنبية لا يجوز ولو كان طبيباً أو راقياً ، وذلك أن مس بشرة المرأة المكلفة يثير الشهوة غالباً ، وفيه أيضاً تلذذ ومتعة ، لكن عند الضرورة القصوى يباح للطبيب ولو كافراً علاج المرأة بقدر الحاجة ، كإجراء عملية وضرب بإبرة ووضع سماعة ونحوه ، وأما الراقي فقد يوجد من النساء من ترقي ويحصل النفع برقيتها كالرجل ، فمتى وجدت لم يجز للمرأة الذهاب إلى الرجال للرقية ، فإن لم يوجد فأرى أن الرقية يحصل نفعها وتأثيرها ولو من وراء حائل ، فيمكن أن يقرأ الراقي عليها وهي متحجبة ويمسح أخوها أو محرمها على موضع الألم أو تمسح هي عليه أو إحدى نسائها أو تضع هي يدها على موضع الألم وتقول : " بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " فلا أرى ضرورة إلى لمس القـارئ بشرة المرأة الأجنبية ، والله أعلم )( مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز - ص 335 ) 0


- سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن جواز الذهاب بالمرأة المسحورة إلى أحد المشائخ للقراءة عليها ؟

فأجاب – حفظه الله - : ( إذا كان هذا الشيخ معروفا بالصلاح والدين وصلاح العقيدة ويقرأ عليها من القرآن مع التستر والاحتجاب ، وهذا الشيخ يكون عنده تحفظ من الفتنة فلا بأس بذلك لعدم المحذور أما إذا كان هذا الشيخ غير معروف لا بسلامة العقيدة ولا معروفا بما يعمل ولا بما يقرأ فلا يذهب إليه ، أو كان من المتساهلين في أمور النساء ومن لمس النساء والنظر إلى النساء - فلا يذهب إليه لوجود الفتنة في هذا 0
وإذا ذهب إليه في الحالة الأولى مع الضوابط التي ذكرناها ؛ فلا يحصل خلوة بينه وبينها ، بل يكون هذا بحضور وليها معها لا يخلو بها هذا الشخص ولو كان صالحا فالفتنة لا تؤمن على أحد ولو كان صالحا ! لا يخلو بها ولا تكشف له شيئا من جسمها أو من زينتها ، ولا تذهب إليه وهي متزينة أو متعطرة )( السحر والشعوذة - ص 99 ) 0

سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم مس جسد المرأة يدها أو جبهتها أو رقبتها مباشرة من غير حائل بحجة الضغط والتضييق على ما فيها من الجان خاصة أن مثل هذا اللمس يحصل من الأطباء في المستشفيات وما هي الضوابط في ذلك ؟

فأجابت اللجنة - حفظها الله - : ( لا يجوز للراقي مس شيء من بدن المرأة التي يرقيها لما في ذلك من الفتنة وإنما يقرأ عليها بدون مس ، وهنا : فرق بين عمل الراقي وعمل الطبيب لأن الطبيب قد لا يمكنه العلاج إلا بمس الموضع الذي يريد علاجه ، بخلاف الراقي فإن عمله وهو القراءة والنفث لا يتوقف على اللمس ) ( منشورات دار الوطن – " 10 مخالفات في الرقية " – رقم الفتوى : 20361 بتاريخ 17/4/1419 هـ ، نقلاً عن كتاب " مهلاً أيها الرقاة " – ص 115 ) 0


* التجوز الحاصل من بعض المعالِجين في مس المرأة الأجنبية قياسا بفعل الطبيب :

تجوز بعض المعالِجين مس المرأة الأجنبية للضرورة ، وبالنظر للنصوص الشرعية والتجربة والخبرة العملية لبعض المعالِجين ممن أقحم نفسه في هذا الأمر ، وندم حيث لا ينفع البكاء والندم ، يتضح عدم جواز ذلك الأمر للاعتبارات التالية :

أ)- إن التجوز الحاصل في هذه المسألة يستند في الاستدلال والقياس بعمل الأطباء ، والطبيب قد يعمد إلى ذلك الأمر من باب القاعدة الفقهية ( الضرورات تبيح المحظورات ) وبدراسة هذه المسألة من الناحية الشرعية يتضح الآتي :

1)- لا يجوز للمرأة أن تذهب إلى طبيب إلا للضرورة القصوى ، وفي حالة احتياجها لذلك ، إما لعدم توفر طبيبة مسلمة ، أو اضطرت لذلك الأمر لأي سبب من الأسباب 0

2)- قد يلجأ الطبيب إلى لمس المرأة لتحديد مكان الألم وطبيعته والأسباب الداعية إليه 0

3)- إن هذا الإجراء من قبل الطبيب يجب أن يتوافق مع نص القاعدة الفقهية ( الضرورة تقدر بقدرها ) فلا يجوز له في هذه الحالة أن يتعدى حدود منطقة الألم إلا فيما يعتقد أنه ضروري لذلك 0

ب)- إن الطبيب يتعامل مع أمور محسوسة ملموسة ، تحتاج في تشخيصها وقياسها لتكنولوجيا متقدمة ، كاستخدام الأشعة والمناظير وغيره من الأجهزة الطبية المتطورة ، وأما المعالِج فيتعامل مع أمر غيبي غير محسوس أو ملموس ، ولا يستطيع أن يقطع أو أن يجزم به ، مهما بلغت خبرته ونضجه في تلك المسائل ، وفي هذه الحالة تنتفي الحاجة لقيامه بهذا الإجراء ، والتعدي على حدود الله وشرعه ومنهجه 0

ج)- لم أعهد من خلال التجربة العملية المتواضعة في هذا المجال ومن متابعاتي لبعض المعالِجين ممن أقحم نفسه في هذا الأمر دون علم شرعي أو سؤال العلماء الأجلاء أن هذا الإجراء وهو لمس المرأة الأجنبية في أي موضع كان ، يؤدي إلى أية نتائج بل على العكس من ذلك تماما ، فقد يؤدي إلى مفسدة عظيمة ، ويكفينا في التعامل مع هذه الناحية القاعدة الفقهية التي تنص على أن : ( درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ) ، مع اليقين بأنه ليست هناك أدنى مصلحة شرعية البتة في قيام المعالِج بمس امرأة أجنبية لا تحل له ، كما بينت النصوص القرآنية والحديثية هذا المفهوم وأكدت عليه 0

د)- قد يؤدي فتح هذا الباب إلى استغلال ذلك من بعض ذوي النفوس المريضة ، ويصبح ذريعة إلى مفسدة أعظم وأشد 0


سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم مس جسد المرأة يدها أو جبهتها أو رقبتها مباشرة من غير حائل بحجة الضغط والتضييق على ما فيها من الجان خاصة أن مثل هذا اللمس يحصل من الأطباء في المستشفيات وما هي الضوابط في ذلك ؟

فأجابت – حفظها الله - : ( لا يجوز للراقي مس شيء من بدن المرأة التي يرقيها لما في ذلك من الفتنة وإنما يقرأ عليها بدون مس – وهناك فرق بين عمل الراقي وعمل الطبيب لأن الطبيب قد لا يمكنه العلاج إلا بمس الموضع الذي يريد أن يعالجه ، بخلاف الراقي فإن عمله وهو القراءة والنفث لا يتوقف على اللمس )( جزء من فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء – الفقرة الثالثة – برقم ( 20361 ) وتاريخ 17 / 4 / 1419 هـ ) 0



قال الأستاذ درويش مصطفى حسن صاحب كتاب " فصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب " : ( يقوم جواز الكشف في هذه الحالات استنادا إلى الضرورة 00 ذلك لأن الحرمات الشرعية يجوز أن يسقط اعتبارها شرعا لمكان الضرورة 00 كحرمة الميتة 00 وشرب الخمر حالة المخمصة والإكراه 0
ويمكن أن يقال أن هذه الحالات لا تستند إلى الضرورة فحسب 00 بل هي تستند إلى المصلحة المرسلة 00 وهي دليل شرعي معتبر 00 ذلك أن ضرورة العلاج ، وضرورة العدل ، وإحقاق الحق ، وضرورة العلم كلها اعتبارات للحفاظ على النفس والمال والدين 00 وهي المصالح الجوهرية التي تقوم عليها المصلحة المرسلة ) 0


ثم ذكر بعض الحالات التي يجوز فيها كشف النقاب لحاجة ضرورية كما بينها الفقهاء في صور محددة ومنها ( العلاج ) فقال :

( روى مسلم في صحيحـه عن أم سلمة أنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة 00 فأمر أبا طيبة أن يحجمها )( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 72 ) – برقم 2206 ) 0 هذا عن دليل التداوي من الرجل 00 أما فيما يتعلق بما يجوز كشفه من المرأة أمام الطبيب فالأصل في الحاجة ألا تكشف المرأة سوى وجهها وكفيها إن لزمها التداوي لأن ما وراء ذلك لا يحل النظر إليه سواء للمحارم أو لغيرهم إلا موضع المرض فحسب لأنه من المقرر أن الضرورة تقدر بقدرها ، ولا يجوز كشف ما وراء ذلك لكي يتعداه نظر الطبيب 00 لأن علة الإجازة في الكشف والنظر إلى موضع المرض ثابتة بالضرورة 00 فلا يصح أن يزيد الحكم على قدر هذه العلة 0
أما شروط كشف موضع المرض من المرأة أمام الطبيب فهي فيما يلي :
1 - ألا تكون هناك طبيبة مختصة بعلاجها ، أو أن تكون هناك طبيبة ولكن الانتقال إليها يخشى معه الهلاك 00 وهنا يجب أن تعلم المرأة علوم الطب لتداوي النساء وأن يسود ذلك جميع الجهات وهذا من مسؤوليتها كلما استطاعت إلى ذلك سبيلا 00 فإن استطاعت وتركت علوم الطب إيثارا للقرار في البيت كانت آثمة 00 والله تعالى أعلم بالصواب 00 ومثل ذلك الشرط يقال عند المرأة للرجل 00 أي لا يكون هناك رجل يستطيع معالجته 0
2 - أن تستر المرأة من كل شيء سوى موضع المرض ثم يداويها بحيث لا يرى إلا ذلك الموضع ، وأن يغض بصره ما استطاع 00 لأن ما يجاوزه نظره محرم ، ويحرم النظر كذلك لو تمكن الطبيب من معرفة العلة بالمس فقط 0
3 - ألا تذهب المرأة لطبيب غير أمين مع وجود الطبيب الأمين وألا يكون ذميا مع وجود المسلم 0 أو ذمية مع وجود مسلمة بالنسبة للرجل 0
4 - أن يكون ذلك بحضور زوجها أو محرم لها أو امرأة ثقة خشية الخلوة 00 فإن لم يوجدا فصبي غير مراهق )( فصل الخطاب في مسألة الحجاب والنقاب –70 - 72 ) 0


قلت تعقيبا على كلام صاحب صاحب ( فصل الخطاب في مسالة الخجاب والنقاب ) : ( ظاهر هذا الكلام جواز كشف الوجه والكفين مطلقا ، وهذه المسألة من المسائل الخلافية بين أهل العلم قديما وحديثا ، والذي يظهر في عصرنا الحاضر هو تغطية الوجه والكفين بسبب وقوع فتنة عظيمة ، وهذا ما أجمع عليه الأئمة الأربعة فيما أعلم ، والله تعالى أعلم ) 0

يقول شيخنا الدكتور الشيخ ابراهيم البريكان – رحمه الله - تعقيبا على كلام صاحب صاحب ( فصل الخطاب في مسالة الحجاب والنقاب ) : ( ظاهر هذا الكلام جواز كشف الوجه والكفين مطلقا وهذا فيه نظر )( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى – الحاشية - 5 / 77 ) 0

قلت : ( إن الحاجة ماسة في العصر الحاضر لتعلم المرأة الطب بكافة تخصصاته ، وقد تكون من أهم الأسباب الداعية لذلك حفظ أعراض المسلمين وحمايتها من أصحاب النفوس المريضة ، وحاجة المجتمع الإسلامي لهذه التخصصات لا يعني مطلقا أن يترك الأمر دون حسيب أو رقيب ولا بد من توفر شروط وضوابط شرعية مهمة ودون تحقق تلك الضوابط قد تصبح الآثار عكسية وقد يصيب المجتمع المسلم ضرر شديد ، ودمار عظيم ، ومن أهم تلك الضوابط : دراسة حاجة المجتمع الإسلامي لهذه التخصصات ، وعدم اختلاط الرجال بالنساء سواء كان ذلك في الناحية النظرية أو العملية ، وكذلك تخصص بعض المستشفيات والمصحات في علاج النساء فقط دون الرجال ) 0

* وقفة مع فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله - :

وقفت على فتوى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حول حكم كشف مواضع الألم للراقي عند القراءة كالرأس والصدر واليد والقدم ، - وهي على النحو الآتي :

( إذا كان الأمر كما قلت في السؤال ، أن الرجل من أصحاب التقى والصلاح وليس متهما في دينه وأخلاقه وقال لا بد من كشف موضع الألم حتى أقرأ عليه مباشرة فلا بأس بالكشف ولكن لا بد أن يكون هناك محرم حاضر بحيث لا يخلو بها القارئ لأنه لا يجوز الخلوة إلا مع ذي محرم )( الفتاوى الذهبية - ص 96 ) 0


قلت : وهذا الكلام فيه نظر ، بسبب الاعتبارات التالية :

1)- لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الفعل أو كشفه لجسد أية امرأة أجنبية لا تحل له ، وهو صلى الله عليه وسلم الأسوة والمعلم والقائد والقدوة في السلوك والتصرف ، ومعروف بزهده وورعه وتقاه بل قد توعد وحذر مما هو أقل من ذلك :

كما ثبت من حديث علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( يا عليُّ : لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ فإنَّما لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخِرةُ )


( قال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح الجامع 7953 )


وإن كان هذا في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم ، وكذلك في حق صحابته – رضي الله عنهم – فيكون في حق الأمة آكد وأوجب حيث لا تؤمن الفتنة ، ومن أراد التوسع في هذا الموضوع لمعرفة جزئياته وتفصيلاته فليراجع النقطة الرابعة من هذا المبحث تحت عنوان " اتقاء فتنة النساء " 0


قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - عندما سئل عن طريقة علاج النساء : ( لا يخلو بها ولا تكشف لـه شيئا من جسمها أو من زينتها ولا تذهب إليه وهي متزينة أو متعطرة )( السحر والشعوذة - ص 99 ) 0


2)- لا يمكن القياس في هذه المسألة على ما يقوم به الطبيب لاعتبارات كثيرة كنت قد ذكرتها آنفا 0

3)- ليست هناك أية مصلحة شرعية البتة من كشف موضع الألم مباشرة ، والاعتقاد السائد بل الأكيد أن فعل ذلك سوف يترتب عليه مفاسد شرعية عظيمة تتعلق بالرجل والمرأة على السواء ، وهذه المفاسد لا يعلم مداها وضررها إلا الله سبحانه تعالى 0

4)- قد يقصد المعالِج أحيانا الخير وعدم التعدي على حرمات الله ومحارمه ، وحالما ينقلب الأمر بسبب تحرك الغرائز والشهوات وتغذيتها من قبل الشيطان وأعوانه ، وإن أمن المعالِج على نفسه في هذه الحالة وهذا الأمر نادر الوقوع بسبب طبيعة وجبلة البشر وما فطروا عليه من غرائز وشهوات ، فإنه لا يأمن على الطرف الآخر وهي المرأة التي تعتبر من أشد وأعتى أسلحة الشيطان على الإطلاق ، ويستطيع أن ينفذ عن طريقهـا للمعالِج فيتمكن منه ويستحوذ عليه ، وهذا ما قررته السنة النبوية المطهرة فجعلت فتنة بني إسرائيل في النساء ، وجعلت المرأة من أشد الفتن على الإطلاق 0

5)- يعتبر نشر مثل تلك الفتاوى بين العامة والخاصة مسوغا لكثير من ذوي النفوس المريضة على انتهاك حرمات الله ومحارمه ، بطرق شتى ووسائل جمة 0


ومن أجل ذلك كله ، ونظرا لفتاوى كثير من أهل العلم المشهود لهم بالخير والصلاح والاستقامة كما مر معنا آنفا ، يؤخذ بعدم جواز كشف مناطق من جسد المرأة كالرأس واليد والصدر والقدم سواء كان ذلك مباشرة أو بحائل خفيف كالملابس ونحوه ، والله أعلم 0


قلت : وهذا الكلام لا يعني مطلقا التقليل من مكانة فضيلة الشيخ محمد ابن صالح العثيمين العلمية والعملية ، فهو يعتبر مرجعا علميا ومعينا غدقا وبحرا في العلوم الشرعيـة ، فأين الثرى من الثريا ، وأين الماء الأجاج من الماء العذب الفرات ، ولكن قول المعصوم مقدم على من سواه ، وقد علّمنا فضيلة الشيخ أن نوافق ما وافق الكتـاب والسنة ، وأن نترك ما سوى ذلك ، سائلا المولى عز وجل أن يحفظـه ويمد في عمره وينفعنا بعلمه إنه سميع مجيب الدعاء 0

* التجاوزات السلوكية الشرعية عند بعض المعالِجين :

وتلك بعض التجاوزات الشرعية التي لا يجوز فعلها بأي حال من الأحوال ، وقد يستغرب البعض من تلك التصرفات السلوكية وبعدها كل البعد عن الأهداف السامية النبيلة للرقية الشرعية ، ناهيك أن فيها تعديا صارخا على حرمات الله وتجاوزا ممقوتا ومحرما للأحكام الشرعية ، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن مرتكبي تلك التجاوزات أناس لا خلاق لهم ، استدرجهم الشيطان من أوسع أبواب الفتنة ، وأشهر لهم سلاحه المرعب الفتاك المتمثل بالمرأة بكل ما تحمله من المعاني ، وقد أكدت النصوص القرآنية والحديثية على خطورة هذه الفتنة العظيمة وذلك بأروع بيان وأصدق برهان ، وحذرت أشد التحذير وتوعدت أشد الوعيد من الوقوع فيها أو الاستدراج لحبائلها ، ومن هنا كان حري بالمسلم الحذر كل الحذر من هذه الفتنة الدهماء وليتسلح بالعلم والإيمان والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بالطاعات ، وليحذر شديد عقابه وقدرة انتقامه 0

ومن تلك التجاوزات السلوكية :


1)- وضع اليد على مناطق معينة من جسد المرأة خاصة منطقة الصدر أو البطن ونحوه 0
2)- مسك اليد أو الاصبع 0
3)- مسك القدم أو أصابع القدم 0
4)- النظر في أعين النساء 0
5)- بل قد وصل الأمر ببعض الجهلة إلى تدليك النساء من القدم إلى مفرق الرأس ، وقد نقل لي ذلك أحد الثقات 0


قال الأخ فتحي الجندي : ( هذا وما زلنا مع القوم في زيادة - ولا أدري إلى أين سنصل ؟ فلقد سمعنا أن هناك – ونعوذ بالله مما هناك !
هناك من يعالج الرجال والنساء بالتجرد الكامل من الثياب ثم يقوم بتدليك كل الجسد جميعه بالزيت !
وإن تعجب فأعجب لأن هذا الشخص وهو أعجمي - كان ينصب خيمته في البر ، وتتقاطر عليه السيارات المحملة بالمرضى وذويهم ، كل ينتظر دوره لعدة أيام )( النذير العريان - ص 264 ) 0


6)- ومن الغرابة أنني سمعت بأحد الجهلة ممن يقوم بعض أصابع النساء بادعاء أن الأرواح الخبيثة تتأذى من ذلك الفعل 0

وقس على ذلك الكثير مما فيه انتهاك لحرمات الله ومحارمه ، ولا بد من الوعي والإدراك خاصة عند أخواتنا المسلمات ، ومعرفة أن تلك الأفعال ليس لها علاقة بالعلاج من قريب أو بعيد ، ولا تصدر إلا من نفوس خبيثة استحكمت فيها الأهواء والشهوات وانقادت وراء الشياطين تنفث سمومها بادعاء الرقية وهي أبعد ما يكون عن هذا الهدف السامي والنبيل ، ولا بد لكل عفيفة طاهرة تتعرض لمثل ذلك الأمر أن تبادر فورا إلى إبلاغ الجهات المسؤولة أو العلماء وطلبة العلم لكف هذا الشيطان عن فعله ، وإيقافه عند حده ، ولا نشك البتة بأن ولاة الأمر لن يتوانوا أبدا بإنزال أقصى العقوبات لكل من تسول له نفسه بانتهاك حرمات المسلمين ، ولا فرق بين شخص وآخر عرف أو لم يعرف ، سواء أشير له بالبنان أو غير ذلك ، إنما الحكم يكون على الأشخاص بمسلكهم وتصرفهم ومدى تمشي ذلك مع الكتاب والسنة وأقوال أئمة الأمة وعلمائها 0

قال القاسمي : ( والمحترفون بهذه الحرفة في غاية من الكثرة ، وبعضهم أكثر رواجاً من بعض ، يأتي إليهم النساء – وهم أكثر زبائنهم – ثم البسطاء من الرجال ، ويشكون إليهم مرضاً عسر برؤه ، أو وسواساً ، أو أحلاماً مخيفة ، أو سرقة دراهم أو حلي أو دابة ، أو نكاية عدو أو ضرة ، ويطلبون منهم حجباً ؛ فعند ذلك يقرأ الراقي على المرقي وينفث عليه ، ويعده بتميمة يعلقها أو ورقة كذلك ، ولكن بعد أن يشترط عليه من الدراهم مقداراً ، ومن البخورات ومن أدوات الحجاب ما شاء هواه وقلة دينه وتقوله ، وأكله أموال الناس بالباطل الذي ما أنزل الله به من سلطان ! كثر في هذه الحرفة الدجالون والمتكهنون والجهلة كثرة عجيبة ، نساءً ورجالاً ، ولم يزل الاعتقاد فيهم قوياً ، رغماً عن أخذ الكون بالتنبه وترقي الأفكـار ، ولكن لا عجب ؛ فهل يخلو الكون من الحمقى والأغرار والمغفلين ؟ هيهات ! فما دام هؤلاء في هذا الوجود كانت معيشة أولئك عليهم ، ماذا يعد المرء من مخازي كثير من الأشقياء المحترفين بهذه الحرفة الأبالسة ، وكم كانوا سبباً في هتك أعراض وفراق أزواج ، وكم ارتكبوا الفواحش في مخدّرات يأتين إليهم ويلقين إليهم القياد تخلصاً مما ألمّ بهن ويعتقدن الشفاء أو النجاح في الأمل عندهم ؟! ) 0

قال : ( وقد حكى الثقات عن دجال سكن ظاهر البلدة أنه كان يكتب للمرأة على بطنها ويقول لها : لا يؤثر إلا هنا ، وكان كلما كتب يلحس ، كأنه غلط ، ليستأنف الكتابة ؛ قبحه الله !
وقال آخر – مرة – لامرأة : هذه التميمة لا تكتب إلا بماءين ماء رجل وماء امرأة ، حتى اضطرها بخداعه إلى أن سلّمته نفسها ، وأوهمها أنه يأخذ ماءها وماءه عليه لعنة الله ؛ فنمي إلى وجيه في قرب من محله فذهب إليه وجلده ما لا يعد وطرده من محله 0
دع عنك تكشفهن أمامهم والعشرة اللعينة والتكسر والتخنث مما هو منكر بإجماع الملل والنحل ، نعم ؛ يوجد منهم من ظاهره الكمال ، ولكن من حام حول الحمى 000
وحدثني أحد صالحيهم أنه بالرغم عنه يؤتى ليرقي ، وأنه ما كلمته امرأة إلا أمذى ؛ فتأمل ، وهذا صالحهم ؛ فكيف بغيره ؟!
ولهم عجائب في اقتراح الخيوط والحرير والأوعية والحبر والإتيان بعصفور أو صرصور ووضعه حيّاً في " قزيزة " على حجمه ولحمها وسدها عليه ، وكذلك الكتابة على أسفل القدم أو بالدم وغير ذلك 000
وأقلّ أحوال هذه الحرفة الدّنيئة أن يدخلها الكذب والخداع رغماً عن كل احتياط وتورّع ، أليس يقول للمرقي : ائتني بوعاء لأكتب عليه ، وهاته في الوقت الفلاني ، وإياك أن تتأخر 000 تدليساً وتلبيساً ، ولو أن هؤلاء الراقين درسوا علم النجوم ومطالعها ؛ لكان يقال : هؤلاء يريدون أن ينهجوا منهج الفلاسفة المنجمين ، فينتقل الكلام معهم إلى بحث التنجيم واعتماد المطالع ؛ فحينئذ يقال : رجعوا إلى علم ، ومشوا مع قواعد الفن ، وأما هؤلاء ؛ فلا علم ولا عمل ، ولا دين ولا تقوى 0
ولو أراد المتفرغ أن يكتب في شأنهم وأحوالهم وخداعهم وتلاعبهم مع النسـاء وحكاياتهم معهن وما نقل من المنكرات عنهم ؛ لاحتاج إلى مجلدات ، وفيما ذكرنا كفاية ، نسأله تعالى أن يعافينا وذريتنا من بلائه ، ويجنبنا وإياهم ما لا يرضاه ؛ فإنه لا يرضى عن القوم الفاسقين )( قاموس الصناعات الشامية – باختصار - ص 231 – 234 ) 0


قلت : بعض من تكلم عنهم القاسمي يدخلون ضمن السحرة والمشعوذين والعرافين ، ولكن بعض من تصدى للرقى خلط الحابل بالنابل نتيجة لجهله بالشريعة وأحكامها ، خاصة في التعامل مع النساء،ولا يستغرب الأمر فيما ذكره القاسمي وقد روي أشد وأخطر من ذلك وكنت شاهداً على بعض الحالات من النساء اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي وانتهاك العرض ، فلا حول ولا قوة إلا بالله 0


وأذيل كل ذلك بكلام للأستاذ خليل ابراهيم أمين حيث يقول : ( وفي هذا الموضوع الخطير ، الشديد الفتنـة ، فقد قالوا الكثير ، وما أكثر ما قالوا ، وفي هذا الجانب خصيصا لن أذكر مما قالوا :

يـا أيهـا الرجـل المعلـم غيـره
هلا لنفسك كـان ذا التعليـم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى
كيما يصح به وأنـت سقيـم
وأراك تلقـح بالرشـاد عقولنــا
نصحا وأنت من الرشاد عديـم
ابدأ بنفسـك فانههـا عن غيهــا
فإذا انتهت عنـه فأنت حكيم
فهنـاك يقبل مـا تقول ويقتـدي
بالعلم منك وينفـع التعليـم
( الرقية والرقاة – ص 43 ) 0


قلت : ولا بد للمعالج أن يحرص في تعامله مع النساء ، فلا يجوز له أن يلمس أو أن يضع يده على أي جزء من أجسامهن لثبوت الأدلة النقلية في ذلك ، وبإمكان القارئ الكريم مراجعة بحث هذه المسألة مفصلة في هذه السلسلة ( القواعد المثلى لعلاج الصرع والسحر والعين بالرقى ) تحت عنوان ( التقيد بالأمور الشرعية الخاصة بالنساء ) 0

ولا بد للمعالِج من أن يسلك المسلك الشرعي في التعامل مع النساء وينضبط بكافة الضوابط الشرعية من خلال ذلك الأمر ، وليحذر أشد الحذر في تعامله مع المرأة وليعلم أنها سلاح الشيطان إلى قلب ابن آدم ، وعليه معرفة ذلك وتوخيه والحذر منه ، وليتقي الله سبحانه وتعالى في السر والعلن ، ويتخلق بأخلاق القرآن والسنة المطهرة ، ويسير على نهج الصحابة والتابعين والسلف وعلماء الأمة ، وقد دلت النصوص الثابتة في الكتاب والسنة على خطورة هذه الفتنة وضررها العظيم ، فقد ثبت من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


( ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ )


( متفق عليه )



قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن ، ويشهد له قوله تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ )( سورة آل عمران - جزء من الآية 14 ) ، فجعلهن من حب الشهوات ، وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك ، ويقع في المشاهدة حب الرجل ولده من امرأته التي هي عنده أكثر من حبه ولده من غيرها ، وقد قال بعض الحكماء : النساء شر كلهن وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن ، ومع أنها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين كشغله عن طلب أمور الدين ، وحمله على التهالك على طلب الدنيا ، وذلك أشد الفساد 0 وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيد في أثناء حديث : " 000 وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ 000 " ( والحديث رواه أبو سعيد الخدري وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتـاب الذكر والدعـاء ( 99 ) – برقم 2742 " )( إتحاف القاري - 4 / 54 ) 0

قال القرشي : عن حسن بن صالح قال : ( سمعت أن الشيطان قال للمرأة أنت نصف جندي ، وأنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطئ وأنت موضع سري ورسولي في حاجتي ، ولا تثق بدينك فيستفزك الشيطان ويثير في قلبك نار الشهوة ويوقعك في المعاصي ويرديك المهالك )( نقلا عن كتاب " الرقية والرقاة " – ص 44 – 45 ) 0

قال ابن قدامة - رحمه الله - : ( وأما شهوة الفرج ، فأعلم أن شهوة الوقاع سلطت على الآدمي لفائدتين :
احداهما : بقاء النسل ، والثانية : ليدرك لذة يقيس عليهـا لذات الآخرة ، فإن ما لم يدرك جنسه بالذوق ، لا يعظم إليـه الشوق ، إلا أنه إذا لم ترد هذه الشهوة إلى الاعتدال ، جلبت آفات كثيرة ، ومحنا ، ولولا ذلك ما كان النساء حبائل الشيطان 0
وفي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ ) ( متفق عليه ) 0
وقال بعض الصالحين : لو ائتمنني رجل على بيت مال ، لظننت أن أؤدي إليه الأمانة ، ولو ائتمنني على زنجية أخلو بها ساعة واحدة ما ائتمنت نفسي عليها 0
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يَخلوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ؛ فإنَّ الشَّيطانَ ثالثُهما )( جزء من حديث رواه ابن عمر رضي الله عنه ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح الترمذي 934 ، 1758 ) 0
وقد ينتهي الإفراط في هذه الشهوة ، حتى تصرف همة الرجل إلى كثرة التمتع بالنساء فيشغله عن ذكر الآخرة ، وربما إلى الفواحش ، وقد تنتهي بصاحبها إلى العشق وهو أقبح الشهوات ، وأجدرها أن يستحيى منه ، وقد يقع عند كثير من الناس عشق المال ، والجاه ، واللعب بالنرد ، والشطرنج ، والكنبور ونحو ذلك ، فتستولي هذه الأشيـاء على القلوب فلا يصبرون عنها 0
ويسهل الاحتراز عن ذلك في بدايات الأمور ، فإن آخرها يفتقر إلى علاج شديد ، وقد لا ينجع ، ومثاله من يصرف عنان الدابة عند توجهها إلى باب تريد دخوله ، فما أهون منعها بصرف عنانها ، ومثال من يعالجه بعد استحكامه مثال من يتركها حتى تدخل الباب وتجاوزه ، ثم يأخذ بذنبها يجرها إلى وراء ، وما أعظم التفاوت بين الأمرين )( مختصر منهاج القاصدين - ص 154 ) 0


ولبيان مدى كيد النساء عامة ، فإني أنقل قصة ذكرها ابن القيم الجوزية – رحمه الله – حيث يقول : ( أن امرأة جميلة كانت بمكة ، وكان لها زوج ، فنظرت يوما إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها : أترى أحدا يرى هذا الوجه ولا يفتتن به ؟ قال : نعم ، فقالت : من ، قال : عبيد بن عمير ، قالت : فأذن لي فيه فلأفتننه : قال : أذنت لك ، قال : فأتته كالمستفتية ، فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام فأسفرت عن وجه كفلقة القمر ، فقال لها : يا أمة الله استري ، فقالت : إني قد فتنت بك ، قال : إني سائلك عن شيء فإن أنت صدقتني نظرت أمرك ، قالت : لا تسألني عن شيء إلا صدقتك ، قال : أخبريني لو أن ملك الموت أتاك ليقبض روحك أكان يسرك أن أقضي لك هذه الحاجة ؟ قالت : اللهم لا ، قال : صدقت ، قال : فلو دخلت قبرك وأجلست للمساءلة أكان يسرك أني قضيتها ؟ قالت : اللهم لا ، قال : صدقت ، قال : فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك أكان يسرك أني قضيتها لك ؟ قالت : اللهم لا ، قال : صدقت ، قال : فلو أردت المرور على الصراط ولا تدرين هل تنجين أو لا تنجين أكان يسرك أني قضيتها لك ؟ قالت : اللهم لا ، قال : صدقت ، قال : فلو جيء بالميزان وجيء بك فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل أكان يسرك أني قضيتها لك ؟ قالت : اللهم لا ، قال : فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة أكان يسرك أني قضيتها لك ؟ قالت : اللهم لا ، قال صدقت ، قال : اتقي الله فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك ، قال : فرجعت إلى زوجها فقال ما صنعت ؟ قالت : أنت بطال ونحن بطالون ، فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة ، فكان زوجها يقول : ما لي ولعبيد بن عمير أفسد عليّ امرأتي ، كانت في كل ليلة عروسا فصيرها راهبة ) ( روضة المحبين ونزهة المشتاقين – ص 340 ) 0


وقد يكون الأمر أعم وأشمل في مجال الرقية ، حيث يتعرض المعالج لكثير من المواقف المتعلقة بالنساء ، وإذا لم يكن الوازع الديني وتقوى الله في قلبه كبير ؛ فلربما ينساق في هذا الطريق الخطير ، وقد وقع الكثير من المعالجين والرقاة في براثن الشيطان عن طريق المرأة ، فلا حول ولا قوة إلا بالله 0


تابع / ما بعده 000
 

 

 

 


 

توقيع  أبو البراء
 

التعديل الأخير تم بواسطة أبو البراء ; 12-01-2021 الساعة 09:05 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة