عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 11-07-2005, 04:02 AM   #5
معلومات العضو
قندهار
عضو نشط

افتراضي

فسبحان من احتجب بإشراق نوره واختفى عن البصائر بظهوره، ولا يتعجب من اختفاء ذلك بسبب الظهور، فإن الأشياء تستبان بأضدادها وما عم وجوده حتى أنه لا ضد له عسر إدراكه، فلو اختلفت الأشياء فدل بعضها دون بعض أدركت التفرقة على قرب، ولما اشتركت في الدلالة على نسق واحد أشكل الأمر، ومثاله: نور الشمس المشرق على الأرض، فإنا نعلم أنه عرض من الأعراض يحدث في الأرض ويزول عند غيبة الشمس، فلو كانت الشمس دائمة الإشراق لا غروب لها لكنا نظن أنه لا هيئة في الأجسام إلا ألوانها وهي السواد والبياض وغيرهما، فإنا لا نشاهد في الأسود إلا السواد وفي الأبيض إلا البياض، فأما الضوء فلا ندركه وحده، ولكن لما غابت الشمس وأظلمت المواضع أدركنا تفرقة بين الحالين، فعلمنا أن الأجسام كانت قد استضاءت بضوء واتصفت بصفة فارقتها عند الغروب، فعرفنا وجود النور بعدمه، وما كنا نطلع عليه لولا عدمه إلا بعسر شديد، وذلك لمشاهدتنا الأجسام متشابهة غير مختلفة في الظلام والنور، هذا مع أن النور أظهر المحسوسات إذ به تدرك سائر المحسوسات، فما هو ظاهر في نفسه وهو مظهر لغيره، انظر كيف تصور استبهام أمره بسبب ظهوره لولا طريان ضده؟ فالله تعالى هو أظهر الأمور وبه ظهرت الأشياء كلها، ولو كان له عدم أو غيبة أو تغير لانهدت السموات والأرض وبطل الملك والملكوت، ولأدرك بذلك التفرقة بين الحالين، ولو كان بعض الأشياء موجوداً به وبعضها موجوداً بغيره لأدركت التفرقة بين الشيئين الدلالة، ولكن دلالته عامة في الأشياء على نسق واحد، ووجوده دائم في الأحوال يستحيل خلافه، فلا جرم أورثت شدة الظهور خفاء، فهذا هو السبب في قصور الأفهام.
وأما من قويت بصيرته ولم تضعف منته فإنه في حال اعتدال أمره لا يرى إلا الله تعالى ولا يعرف غيره، يعلم أنه ليس في الوجود إلا الله. وأفعاله أثر من الآثار قدرته فهي تابعة له فلا وجود لها بالحقيقة ودونه، وإنما الوجود للواحد الذي به وجود الأفعال كلها. ومن هذه حاله فلا ينظر في شيء من الأفعال إلا ويرى فيه الفاعل ويذهل عن الفعل من حيث إنه سماء وأرض وحيوان وشجر، بل ينظر فيه من حيث أنه صنع الواحد الحق فلا يكون نظره مجاوزاً له إلى غيره، كمن نظر في شعر إنسان أو خطه أو تصنيفه ورأى فيها الشاعر والمصنف ورأى آثاره من حيث أثره لا من حيث إنه حبر وعفص وزاج مرقوم على بياض، فلا يكون قد نظر إلى غير المصنف، وكل العالم تصنيف الله تعالى، فمن نظر إليه من حيث إنه فعل الله وعرفه من حيث إنه فعل الله وأحبه من حيث إنه فعل الله لم يكن ناظراً إلا في الله ولا عارفاً إلا بالله ولا محباً إلا له، وكان هو الموحد الحق الذي لا يرى إلا الله، بل لا ينظر إلى نفسه من حيث نفسه بل من حيث إنه عبد الله، فهذا الذي يقال فيه إنه فني في التوحيد وإنه فني عن نفسه. وإليه الإشارة بقول من قال: كنا بنا ففنينا عنا فبقينا بلا نحن. فهذه أمور معلومة عند ذوي البصائر، أشكلت لضعف الأفهام عن دركها وقصور قدرة العلماء بها عن إيضاحها وبيانها بعبارة مفهمة موصلة للغرض إلى الأفهام، أو باشتغالهم بأنفسهم واعتقادهم أن بيان ذلك لغيرهم مما لا يعنيهم، فهذا هو السبب في قصور الأفهام عن معرفة الله تعالى، وانضم إليه أن المدركات كلها التي هي شاهدة على الله إنما يدركها الإنسان في الصبا عند فقد العقل، ثم تبدو فيه غريزة العقل قليلاً قليلاً وهو مستغرق الهم بشهواته وقد أنس بمدركاته ومحسوساته وألفها فسقط وقعها عن قلبه بطول الأنس، ولذلك إذا رأى على سبيل الفجأة حيواناً غريباً أو نباتاً غريباً أو فعلاً من أفعال الله تعالى خارقاً للعادة عجيباً انطلق لسانه بالمعرفة طبعاً فقال: "سبحان الله " وهو يرى طول النهار نفسه وأعضاؤه وسائر الحيوانات المألوفة وكلها شواهد قاطعة لا يحس بشهادتها لطول الأنس بها، ولو فرض أكمه بلغ عاقلاً ثم انقشعت غشاوة عينه فامتد بصره إلى السماء والأرض والأشجار والنبات والحيوان دفعة واحدة على سبيل الفجأة لخيف على عقله أن ينبهر لعظم تعجبه من شهادة العجائب لخالقها.

التسبيح لله عزوجل ....التسبيح لله عزوجل ليلاً ونهاراً...... سبحان الله وبحمده...سبحان الله وبحمده.
قوله تعالى:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا .
قوله تعالى:
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى.
قوله تعالى:
يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ .
قوله تعالى:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا .
قوله تعالى:
أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ .
قوله تعالى:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ.
قوله تعالى:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ 15 آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ 16 كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ 17 وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ .
قوله تعالى:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ.
قوله تعالى:
قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا 2 نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا 3 أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا .
قوله تعالى:
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .
قوله تعالى:
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا .

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة