عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 22-05-2010, 01:53 PM   #1
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان ؟ ( ابن عثيمين ـ رحمه الله")

ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان ؟ ( ابن عثيمين ـ رحمه الله")



قال العلامة ابن عثيمين "رحمه الله"



أستدل المؤلف ـ رحمه الله ـ بقول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) [النور: من الآية19] .

ولمحبة شيوع الفاحشة في الذين آمنوا معنيان :

المعنى الأول : أن يحب شيوع الفاحشة في المجتمع المسلم ، ومن ذلك من يبثون الأفلام الخليعة ، والصحف الخبيثة الداعرة ، فإن هؤلاء ـ لا شك ـ يحبون أن تشيع الفاحشة في المجتمع المسلم ، ويريدون أن يفتتن المسلم في دينه بسبب ما يشاع من هذه المجلات ، والأفلام الخليعة الفاسدة ، أو ما أشبه ذلك .

وكذلك تمكين هؤلاء مع القدرة على منعهم ، داخل في محبة ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا ) [النور: 19] ، فالذي يقدر على منع هذه المجلات وهذه الأفلام الخليعة ، ويمكن من شيوعها في المجتمع المسلم ، فهو ممن يحب أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ( لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ )أي عذاب مؤلم في الدنيا والآخرة .

ونقول : إنه يحب على كل مسلم أن يحذر من هذه الصحف وأن يتجنبها ، وألا يدخلها في البيت ، لما فيها من الفساد : فساد الخلق ويتبعه فساد الدين ؛ لأن الأخلاق إذا فسدت ؛ فسدت الأديان ، نسأل الله العافية .

المعنى الثاني : أن يحب أن تشيع الفاحشة في شخص معين ، وليس في المجتمع الإسلامي كله ، فهذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، مثل أن يحب أن تشيع الفاحشة في زيد من الناس لسبب ما ، فهذا أيضا له عذاب أليم في الدنيا الآخرة ، لاسيما فيمن نزلت الآية في سياق الدفع عنه ، وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؛ لأن هذه الآية في سياق آيات الإفك ، والإفك هو الكذب الذي افتراه من يكرهون النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، ومن يحبون أن يتدنس فراشه ، ومن يحبون أن يعير بأهله من المنافقين وأمثالهم .

وقضية الإفك مشهورة (1) ، وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا ؛ أقرع بين نسائه ، وذلك من عدله عليه الصلاة السلام ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها ، فأقرع بين نسائه ذات سفرة ؛ فخرج السهم لعائشة فخرج بها .

وفي أثناء رجوعهم عرّسوا في أرض ، يعني ناموا في آخر الليل ، فلما ناموا احتاجت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن تبرز لتقضي حاجتها ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرحيل في آخر الليل ، فجاء القوم فحملوا هودجها ولم يشعروا أنها ليست فيه ؛ لأنها كانت صغيرة لم يأخذها اللحم ، فقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ولها ست سنين ، ودخل عليها ولها تسع سنين ، ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة ، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه ثم ساروا .

ولما رجعت ؛ لم تجد القوم في مكانهم ، ولكن من عقلها وذكائها لم تذهب يميناً وشمالاً تطلبهم ؛ بل بقيت في مكانها وقالت : سيفقدونني ويرجعون إلى مكاني .

ولما طلعت الشمس إذا برجل يقال له صفوان بن المعطل ، وكان من قوم إذا ناموا لم يستيقظوا ، كما هو حال بعض الناس الذين إذا ناموا لا يستيقظون ، حتى ولو علت الأصوات من حوله . فكان صفوان من جملة هؤلاء القوم ، فكان إذا نام ؛ تعمق في النوم فلا يمكن أن يستيقظ إلا إذا أيقظه الله عز وجل كأنه ميت .

فلما استيقظ وجاء وإذا أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ وحدها في مكان في البر ـ وكان يعرفها قبل أن ينزل الحجاب ـ فما كان منه إلا أن أناخ بعيره ولم يكلمها بكلمة ، لم يقل لها : ما الذي أقعدك ؟ أو لماذا ؟

والسبب في أنه لم يتكلم هو احترامه لفراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يريد أن يتكلم مع أهله بغيبته رضي الله عنه ، فأناخ البعير ووضع يده على ركبة البعير ولم يقل اركبي ولا تكلم بشيء ، فركبت ثم ذهب بالبعير يقودها ، ولم يكن يسوقها حتى لا ينظر إليها ـ رضي الله عنه ـ .

ولما أقبل على القوم ضحى وقد ارتفع النهار ؛ فرح المنافقون أعظم فرح أن يجدوا مدخلاً للطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاتهموا الرجل بالعفاف الرزان الطاهرة النقية فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، اتهموه بها وصاروا يشيعون الفاحشة بأن هذا الرجل فعل ما فعل ، وسقط في ذلك أيضا ثلاثة من الصحابة الخلَص وقعوا فيما وقع فيه المنافقون ، وهم : مسطح بن أثاثة بن خالة أبي بكر ، وحسان بن ثابت رضي الله عنهما ، وحمنة بنت جحش .

فصارت ضجة ، وصار الناس يتكلمون : ما هذا ؟ وكيف يكون ؟ من مشتبه عليه الأمر ، ومن منكر غاية الإنكار . وقالوا : لا يمكن أن يتدنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أطهر الفراش على وجه الأرض .

وأراد الله بعزته وقدرته وحكمته لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أن تمرض عائشة ـ رضي الله عنهاـ وبقيت حبيسة البيت لا تخرج ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من عادته إذا عادها في مرضها سأل وتكلم وتحفَّى . أما في ذلك الوقت فكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم ، يأتي ويدخل ويقول : (( كيف تيكم ؟ )) أي كيف هذه ، ثم ينصرف ، وقد استنكرت ذلك منه رضي الله عنها ، ولكنها ما كان يخطر ببالها أن أحدا يتكلم في عرضها بما فيه دنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فقد أشاع المنافقون هذه الفرية على الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كراهة لذاتها ؛ ولكن كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبغضاً له ، ومحبة في إيذائه وأن يدنس فراشه قاتلهم الله أنى يؤفكون .

ولكن الله تعالى أنزل في هذه القصة عشر آيات من القرآن ابتدأها بقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[النور:11] ، والذي تولى كبره هو رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ المنافق ، فإنه هو الذي كان يشيع الخبر .

لكنه خبيث لا يشيعه بلفظ صريح فيقول مثلاً إن فلاناً زنى بفلانة ، لكنه يشيع ذلك بالتعريض والتلميح ؛ كأن يقول : يذكر ، يقال ، يقولون : وما أشبه ذلك لأن المنافقين جبناء يتسترون ولا يصرحون بما في نفوسهم ، فيقول عز وجل : ( وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) ( لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) [النور: 11 ـ12] .

وفي هذا توبيخ من الله عز وجل للذين تكلموا في هذا الأمر ، يقول : لولا إذا سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً ، وذلك أن أم المؤمنين أمهم فكيف يظنون ما لا يليق بها رضي الله عنها، وكان الواجب عليهم لما سمعوا هذا الخبر ؛ أن ظنوا بأنفسهم خيراً وتبرؤوا منه وممن قاله .

منقول للفائدة
 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°

التعديل الأخير تم بواسطة أسامي عابرة ; 22-05-2010 الساعة 01:56 PM.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة