" في سورة الشعراء آية (52) قال تعالى في قصة أصحاب موسى ـ : ( أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ) فلما ضعف توكلهم ، ولم يستشعروا كفاية الله لهم ، سلبهم هذا الوصف الشريف ، فقال عنهم (61) : ( قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ) " .
[ د . محمد بن عبدالله بن جابر القحطاني ]
*******
" يجب على من علم كتاب الله أن يزدجر بنواهيه ، ويخشى الله ويتقيه ، ويراقبه ويستحييه ، فإنه حمل أعباء الرسل ، وصار شهيداً في القيامة على من خالف من أهل الملل ، فالواجب على من خصه الله بحفظ كتابه ، أن يتلوه حق تلاوته ، ويتدبر حقائق عبارته ، ويتفهم عجائبه ، ويتبين غرائبه ، قال الله تعالى : ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) " .
[ القرطبي في مقدمة تفسيره ]
*******
من بركة الإقبال على القرآن حسن الخاتمة :
فقد مات شيخ الإسلام ابن تيمية عند قوله تعالى
( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ(*) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) ، وآخر آية فسرها العلامة الشنقيطي هي :
( أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ) وغير ذلك كثير جدا ، فنسأل الله تعالى حسن الخاتمة .
*******
تأمل في قوله تعالى عن المنافقين ( ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ ) [ البقرة / 17 ] كيف قال ( بِنُورِهِمْ ) فجعله واحداً ، ولما ذكر ( الظلمات ) جمعها ،
لأن الحق واحد ـ وهو الصراط المستقيم ـ بخلاف طرق الباطل ، فإنها متعددة متشعبة ، ولهذا يفرد الله الحق ويجمع الباطل ،
كقوله ( اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ... الآية ) ".
[ ابن القيم ]
*******
شرب عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ماء باردا ، فبكى فاشتد بكاؤه ، فقيل له ما يبكيك ؟! قال : ذكرت آية في كتاب الله :
( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ ) فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله عزوجل :
( أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ ) .
*******
التأمل في القرآن هو تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقّله
وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم ، ولا تدبر قال تعالى
: ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ )
*******
سمعت العلامة ابن باز يبكي لمَّا قريء عليه قوله تعالى ـ عن أهل الكتاب ـ : ( وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً ) ويقول : نعوذ بالله من الخذلان ! بدلاً من أن يزيدهم القرآن هدىٍ وتقىٍ زادهم طغياناً وكفراً !
وهذا بسبب إعراضهم وعنادهم وكبرهم ،
فاحذر يا عبدالله من ذلك حتى لا يصيبك ما أصابهم " .
[ د . عمر المقبل ]
*******
من المفاتيح المعينة على تدبر القرآن : معرفة مقصد السورة ، أي : موضوعها الأكبر الذي عالجته ،
فمثلاً : سورة النساء تحدثت عن حقوق الضعفة كالأيتام ، والنساء والمستضعفين في الأرض ،
وسورة المائدة في الوفاء بالعقود والعهود مع الله ومع العباد ،
بينما سورة الأنعام ـ هي كما قال أبو إسحاق الإسفراييني ـ : فيها كل قواعد التوحيد وقس على ذلك " .
[ د . عصام العويد ]
*******
لم ترد آية في الربا إلا جاء قبلها أو بعدها ذكر الصدقة أو الزكاة ،
وفي هذا إشارة لطيفة بأن الربح الحقيقي في الصدقة والزكاة ، لا بالربا ، كما يتوهم المرابون ،
و آية الروم كشفت المكنون : ( وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ) .
[ أ . د . ناصر العمر ]
*******
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ " استنبط بعض الأذكياء من قوله تعالى :
( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ )
أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالد بولده ، حيث أوصى الوالدين بأولادهم ، فعلم أنه أرحم بهم منهم ،
كما جاء في الحديث الصحيح " فنسأل الله أن يشملنا بواسع برحمته .
*******
وصف الله كتابه بأنه ( مثاني ) " أي تثنى فيه القصص والأحكام ، والوعد والوعيد ، وتثنى فيه أسماء الله وصفاته ،
وكذلك القلب يحتاج دائماً إلى تكرار معاني كلام الله تعالى عليه ،
فينبغي لقاريء القرآن ، المتدبر لمعانيه ، أن لا يدع التدبر في جميع المواضع منه ،
فإنه يحصل له بسبب ذلك خير كثير ، ونفع غزير " .
[ ابن سعدي ].
*******
ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل :
كثرة تلاوة القرآن ، وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم ،
قال خباب بن الأرت لرجل : تقرب إلى الله ما استطعت ، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه .
[ ابن رجب ]
*******
الإستغفار بعد الفراغ من العبادة هو شأن الصالحين ، فالخليل وابنه قالا ـ بعد بناء البيت ـ : ( وَتُبْ عَلَيْنَا ) وأمرنا به عند الإنتهاء من الصلاة : ( فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ ) وبينت السنة أن البدء بالإستغفار ، وكذا أمرنا به بعد الإفاضة من عرفة ، فما أحوجنا إلى تذكر منة الله علينا بالتوفيق للعبادة ، واستشعار تقصيرنا الذي يدفعنا للإستغفار.
[ د . عمر المقبل ]
*******
فتدبر القرآن إن رمت الهدى *** فالعلم تحت تدبر القرآن
[ ابن القيم في النونية ]
*******
لما افتخر فرعون بقوله ( وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي )
عُذب بما افتخر به فأغرق في البحر !
وعاد عذبت بألطف الأشياء ـ وهي الريح ـ لما تعالت بقوتها ،
وقالت : ( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) ؟ " .
[ ابن عثيمين ]