السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
6. هل يمكن ان تعتبر من مات بفعل سحر او حسد او عين شهيدا؟
والإجابة بنعم منهم شهداء بإذن الله تعالى، وإليك الكلام مفصلا:
الجن تتسبب في الأمراض العضوية:
للجن القدرة على التأثير في جسم الإنسان وإصابته بالأمراض العضوية، فقد صح أن الجن قد تصيب الإنسان بالأمراض القاتلة، ومنها الطاعون والاستحاضة (النزيف)، وهما نموذجين من الأمراض العضوية التي تصيب الإنسان، وهما يمثلان نوعين من أخطر الأمراض تأثيرًا على حياة الإنسان، منهما ما هو مرض عضوي مختص بعرق في الرحم، وهو عضو من أعضاء الجسد، والطاعون هو داء من الأدواء التي تصيب أحد وظائف الجسد الطبيعية، وليس مجرد عطب في أحد أعضائه، فهو له القدرة على التحكم في الأعضاء البشرية وإفساد وظيفتها، سواء بتسلط مباشر عليها أو من خلال الكائنات الحية الدقيقة.
فعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فناء أمتي بالطعن والطاعون)، فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال: (وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهداء)،(( ) أخرجه: أحمد (18707). )
وهذا الطاعون داء من الأدواء التي تصيب الإنسان وعن عائشة مرفوعًا: (الطاعون شهادة لأمتي، وخز أعدائكم من الجن، غدة كغدة الإبل، تخرج بالآباط والمراقِّ، من مات فيه مات شهيدًا، ومن أقام فيه [كان] كالمرابط في سبيل الله، ومن فر منه كان كالفار من زحف).(( ) انظر: (السلسلة الصحيحة) (1928). )
(المراقِّ): ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق الجلود. وعن عبد الله بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الطاعون فقال: (وخز من أعدائكم من الجن وهي شهادة المسلم).(( ) أخرجه: أحمد (18876). )
والاستحاضة أو النزيف إذا استمر بالمرأة فقد يقتلها، والمتسبب فيه هو الشيطان، إذا فسيطرة الجن على الأعضاء ووظيفتها د يفضي إلى القتل.
فعن حمنة بنت جحش قالت كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش فقلت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم فقال: (أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم)، قالت: هو أكثر من ذلك قال: (فاتخذي ثوبا)، فقالت: هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر وإن قويت عليهما فأنت أعلم)، قال لها: (إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان ..).(( ) أخرجه: أبي داود (248). )
فإذا ثبت لنا شرعا قدرة الجن على التلبس بالحيوانات والحشرات والهوام، كما ورد عن ابن عباس قال جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فأحرقت منها مثل موضع الدرهم فقال: (إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم). (( ) أخرجه: أبي داود (4567). ) وهذا قد يؤدي إلى حرق البيوت بمن فيها وقتلهم اختناقا بالدخان وحرقا بالنار، اي أنها جريمة قتل بواسطة الجن بطريق غير مباشر.
وإذا ثبت لنا قدرة الجن على التصاغر والتعاظم، أي تغيير حجمه، إذا فالاحتمال قائم بقدرتهم على التحكم في الكائنات الحية الدقيقة مثل المايكروبات والجراثم، وإعادة توجيهها للإضرار بالإنسان، وقد يفضي هذا الضرر إلى الموت قتلا، ولكن بدون وجود أدنى شبهة جنائية.
خاصية تغيير الحجم (التصغير والتكبير):
إن الشيطان يستطيع التحرك داخل الجسد مع حركة الدم في العروق، وهذا يعني قدرته على التحكم في حجمه، من الصغر المتناهي إلى الطول المفرط، ليسمح له بالتحرك خلال الأوعية الدموية التي تتسع وتضيق من مكان إلى الآخر، فعن والد أبي المليح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقل تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت، ويقول: بقوتي صرعته، ولكن قل: باسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يصير مثل الذباب)،( ( ) (صححه الألباني) انظر حديث رقم: (7401) في صحيح الجامع.)
وفي رواية عن أبي تميمة الهجيمي عن ردف النبي صلى الله عليه وسلم أو من حدثه عن ردف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ردفه فعثرت به دابته فقال: تعس الشيطان فقال: (لا تفعل، فإنه يتعاظم إذا قلت ذلك حتى يصير مثل الجبل، ويقول: بقوتي صرعته، وإذا قلت: بسم الله، تصاغر حتى يكون مثل الذباب)،(( ) أخرجه: أحمد (22013). )
ومن حوار لساحر تائب يقول: (للجن أشكال وأنواع كثيرة تصل إلى 350 نوعًا، وحجمهم الحقيقي 4سم)،( ( ) انظر: هلال، ا.أحد توفيق، تحقيق (السحر في ميزان الشريعة)، مجلة (الوعي الإسلامي)، العدد (439)، ربيع الأول 1423_ مايو/ يونيو2002. صفحة (24).)
وأضيف إلى هذا حسب علمي عن عالم الجن أن أطوالهم غير ثابتة عند هذا الحد، فهناك عمالقة منهم يبلغ طول الواحد منهم 17 سنتيمتر، وهو نادر وجوده بينهم، وعليه فالجن يستطيع الوصول إلى أي مكان في الجسد مهما كان ضيقًا، ومن المعلوم أن الدم يصل إلى كل مكان في الجسد، وعليه يستطيع الجن الوصول إلى أي مكان في الجسد، وهذا ليس على إطلاقه، حيث يختلف من جني إلى الآخر، فأهم وأخطر مكان يمكن أن يصل إليه الجن هو المخ، فلو دخل إليه كل أنواع الجن لعمت الفوضى في الجسد، فللمخ حصانة خاصة من الله تعالى ضد الجن، ولصارت كل حالات المس متشابهة، من حيث مدى سيطرة الجن وتحكمه في الجسد.
وعلى أساس هذه المعلومة سيتم بناء كل التفاصيل الممكن توفرها لنا عن سيطرة الجن على الجسد وتحكمه فيه، فالجن يبدأ في تتبع مسار الشرايين في الجسد، خاصة وأنها تتحرك دائمًا مع خط سير الأعصاب، ثم يسيطر عليها ويتحكم فيها حتى يصل إلى مركز الانتباه في المخ، فإذا وصل الجن إلى المخ سيطر على إرادة المريض وانفعالاته، وقد لا يستطيع الجني دخول المخ ولكن من الممكن أن يتحكم في الإشارات الذاهبة إلى المخ، وبالتالي يصدر المخ إشارات إلى الأعصاب بناء على الإشارة الكاذبة التي وصلت إليه، لذلك نجد تنوع في صور وأشكال تحكم الجن في الجسد، فنجد حالات يتحكم فيها الجن في عضو دون الآخر، وفي حالات أخرى يتحكم الجن في الجسد بالكامل، وهو أشد ما يكون من أنواع حالات السيطرة والتحكم في الجسد.
وعلى أساس ما تقدم هنا ستثار قضية أخرى هل الجن يتسلطون على كل الحيوانات والحشرات للإضرار بالإنسان؟ وهل سيتوقف هذا التسلط بعد نزول المسيح عليه السلام؟
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينزل عيسى ابن مريم إمامًا عادلاً، وحكمًا مقسطًا فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويرجع السلم، ويتخذ السيوف مناجل، وتذهب حمة كل ذات حمة، وتنزل السماء رزقها، وتخرج الأرض بركتها، حتى يلعب الصبي بالثعبان فلا يضره، ويراعي الغنم الذئب فلا يضرها، ويراعي الأسد البقر فلا يضرها). (( ) أخرجه: أحمد (9871). )
هل هناك علاقة بين تسلط الجن على الحيوانات وذهاب حمة كل ذات حمة؟ قضية جديدة مطروحة للبحث والدراسة، فإذا ثبت صحتها أمكن بذلك ترويض الحيوانات المفترسة والجوارح والحشرات السامة وغيرها بالعلاج بالقرآن، وهذا إن صح فله منافع كثيرة جدا، منها السيطرة على الحيات واستخراج سمومها لاستخدامها في صناعة الدواء مثلا، مجرد خيال وفكرة قد تجدي في يوم ما.
وسأتابع تكملة الإجابات حسبما يتاح لي من وقت
.