فتاوى نور على الدرب > تصفح برقم المجلد > المجلد الأول > السحر > سؤال السحرة والعرافين وعلاج السحر
سؤال السحرة والعرافين ، وعلاج السحر
س88: يقول السائل في رسالته : كنت غافلا فوجدت سحرا قد عملوه لي ولزوجتي ليطردوني عن داري ؛ لأنهم يقولون إن هذا البيت مسكون وفيه شياطين ، وذهبت إلى سيد من السادة أهل الدين وكشف لعائلتي ولبيتي ، وقال لي فعلوا لك سحرا قدره مائتان وخمسون دينارا فهل هذا صحيحا ووجدت فيه قطعة طويلة مكتوبة بالأزرق ، فذهبت إلى هذا السيد ، وأخذ مني عشرين دينارا وأما البيت فلم يأته أي شيء ، فهل يصيبني ذنب فيما فعلت أم لا ؟ وقد ذهبت إلى محافظة أخرى في بلادنا وسألت بعض علماء الدين حول هذا الأمر ، فقالوا لي : ضع مصحفا في بيتك وآية للرسول فلا يصيبك إثم ولا ذنب ؟
الجواب : السحرة والكهنة والعرافون لا يجوز سؤالهم ولاتصديقهم فيما يقولون ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : صحيح مسلم السلام (2230)،مسند أحمد بن حنبل (4/68).من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة رواه مسلم في الصحيح .
والعراف من يدعي معرفة الأمور الغيبية عن طريق التكهن والاستعانة بالجن ، وهكذا الكاهن وهو من له رئي من الجن أي صاحب من الجن يخبره ببعض المغيبات التي يسمعها من الناس في البلدان القريبة أو البعيدة ، أو يسمعها من مسترق السمع من الشياطين من جهة السماء ، فهؤلاء لا يسألون ولا يصدقون .
وهكذا السحرة وهم الذين يتعاطون أمورا يضرون بها الناس بواسطة الاستعانة بالشياطين من الجن ، فالسحر له وجود وله حقيقة وبعضه خيال ، لكن بعضه له حقيقة يقتل ويمرض ويفرق بين المرء وزوجه فلا يجوز سؤال السحرة ولا تصديقهم ولا العلاج عندهم ، ولكنك تعالج المرض عند الأطباء المعروفين ، أو بقراءة القرآن ، فيقرءون عليك القرآن وآيات السحر وينفثون عليك ، أو في الماء تشربه وتغتسل به فلا بأس .
أما المعروفون بتعاطي السحر أو الكهانة أو العرافة التي فيها دعوى علم الغيب فهؤلاء كلهم لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم ، وعليك أن تتوب إلى الله من سؤال هذا الساحر .
وعليك أن تعمل الأدوية المباحة والطب المباح ، ومن ذلك أن تقرأ أنت أو يقرأ لك بعض الإخوان الطيبين أصحاب العقيدة الطيبة في ماء فيقرأ لك الفاتحة وآية الكرسي ، و سورة الإخلاص الآية 1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين ، وآيات السحر الموجودة في سورة الأعراف ،
وسورة يونس ، وسورة طه ، يقرؤها في الماء ثم تشرب من هذا الماء وتغتسل بالباقي .
هذا بإذن الله علاج لما قد يقع من السحر ، وقد يجعل فيه سبع ورقات من السدر الأخضر تدق وتجعل في الماء . ويكون هذا أيضا من باب الطب والعلاج المباح ؛ لأنه مجرب ونافع في حق المسحور وفي حق من حبس عن زوجته .
فإن هذا العلاج الشرعي بقراءة الفاتحة وآية الكرسي ، وآيات السحر المعروفة في سورة الأعراف وسورة يونس وسورة طه ، و سورة الكافرون الآية 1قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ و سورة الإخلاص الآية 1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين ؟ تقرأ في الماء وفيه السدر أو ليس فيه سدر ، ثم يشرب منه الإنسان ، ويغتسل منه المصاب بالسحر ، أو المحبوس عن زوجته ، فيبرأ بإذن الله عز وجل .
وإن نفث فيه مع ذلك بقوله : صحيح البخاري الطب (5418)،صحيح مسلم السلام (2191)،سنن ابن ماجه الطب (3520)،مسند أحمد بن حنبل (6/126).اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما وكرر هذا ثلاثا فهو مناسب ؛ لأنها هذه الدعوات طيبة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهكذا الدعاء المعروف : صحيح مسلم السلام (2186)،سنن الترمذي الجنائز (972)،سنن ابن ماجه الطب (3523)،مسند أحمد بن حنبل (3/56).باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك يقولها ثلاث مرات أيضا ، فلهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا .
فإذا نفث بهذا في الماء أو على المريض فهو أيضا طيب ، ومن أسباب الشفاء وهو علاج نبوي وعلاج شرعي ، وهذا من الدعاء الطيب الذي يرجى فيه النفع ، والله المستعان .
وذلك كله مع سؤال الله عز وجل الشفاء والعافية ، فعلى الإنسان أن
يسأل ربه أن يمن عليه بالشفاء ، ويضرع إلى الله في سجوده ، وفي آخر التحيات ، وبين الأذان والإقامة ، وفي آخر الليل ، وفي جميع الأوقات يدعو ربه ويسأله ويضرع إليه أن يشفيه مما أصابه ، ويزيل عنه ما به من أذى ، والله يحب السائلين جل وعلا ، وهو القائل سبحانه : سورة غافر الآية 60ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر : 60]
وأما عن قول من قال لك : ضع مصحفا في بيتك وآية للرسول فلا يصيبك إثم ولا ذنب ، فهذا لا أصل له ، وهذا غلط ؛ فوضع المصحف لا يمنع من الأدواء ، إنما أنزل الله المصحف لقراءته والعمل به لا ليجعل حرزا للبيوت .
فهذا كله لا أصل له ، وهكذا الآية للنبي ، فهذا الكلام لا معنى له .
وما معنى آية للنبي ؟ ! هل يعني آية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ! فالمصحف كله فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم !
والمقصود أن هذا غلط ، وشيء لا وجه له ولا أصل له ، وليست وضع المصحف في البيت حرزا للبيت ، وإنما الحرز للبيت التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " ثلاث مرات صباحا ومساء كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا ينفع الله به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك يقرأ آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة ، فهذا من أسباب العافية والحفظ .
كذلك يقرأ : سورة الإخلاص الآية 1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين بعد كل صلاة ، فهذا من أسباب العافية والحرز ، ويقرؤها بعد صلاة المغرب ثلاثا ، وبعد
صلاة الفجر ثلاثا ، وعند النوم يقرأ سورة الإخلاص الآية 1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ والمعوذتين ثلاث مرات ، وكل هذا من أسباب حفظ الله للعبد وتسليمه إياه من شر أعدائه من الشياطين كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما المصحف وكونه يوضع في دولاب ، أو في فرجة ، أو في محل ما في البيت ، فليس هذا حرزا ولا أصل له ، وإنما الحرز والسبب العظيم هو استعماله ما شرعه الله سبحانه وتعالى من أدعية وقراءة وتعوذات كما تقدم