الأمراض القديمة والحديثة تتحالف ضد الفقراء
أعلن وزير الصحة والسكان في مصر، حاتم الجبلي، نجاح أول عملية جراحية لزراعة كبد بشري، تم إجراؤها في أحد المستشفيات التابعة للوزارة، مشيراً إلى أن الأطباء في نفس المستشفى يدرسون إجراء ثماني عمليات مماثلة، خلال الفترة القادمة. وأوضح الوزير ان العملية تمت لزوج تبرعت له زوجته بالفص الأيسر، وقال إنه سيتم إجراء 8 جراحات أخرى بمستشفى “الساحل التعليمي” بالقاهرة، خلال الشهور القادمة.
أشار الجبلي إلى أن العملية التالية يتم الإعداد لها حالياً، ومن المقرر اجراؤها بعد أسبوعين من العملية الاولى بنفس الفريق الطبي الذي يعمل بالمستشفى ويضم نحو 30 متخصصاً.
ودعا وزير الصحة كلاً من المجتمع المدني والقطاع الخاص، للمساهمة في تكاليف مثل هذه الجراحات الدقيقة، من خلال صندوق أعلن عن إنشائه بالمستشفى لجمع التبرعات، حتى تتمكن من الاستمرار في تقديم هذه الخدمة للفقراء من المرضى المصريين.
وأشار إلى أن تكلفة هذه الجراحات، داخل المستشفيات الحكومية، لا تتجاوز ال 10 في المائة من تكلفتها في حالة إجراء مثل هذه الجراحات في الخارج، أو في مراكز طبية متخصصة، وفقاً لما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وفي ما يتعلق بالجدل الدائر في مصر حول “عمليات نقل الأعضاء”، أكد الجبلي أن إصدار قانون ينظم عمليات زرع الأعضاء، هو الحل الوحيد لمواجهة هذه المشكلة، مع وضع الضوابط التي تكفل إجراء عمليات الزرع بدون تعرض المواطنين إلى أي استغلال.
وقال الوزير المصري إنه “يجب أن يضمن هذا القانون استفادة محدودي الدخل من مثل هذه العمليات، ولا تقتصر على الأغنياء فقط”، مؤكداً أهمية تطبيق مبدأ “العدالة في العلاج، وأن يكون العلاج حقاً لا يرتبط بمستوى الدخل”.
ويبدو أن أمراضاً من مختلف العصور، القديمة والحديثة، تحالفت معاً ضد فقراء مصر، الذين ظهرت بينهم أعلى معدلات الإصابة بفيروس أنفلونزا الطيور، خارج قارة آسيا، بالإضافة إلى عودة مرض “الدرن”، المعروف باسم “السُل” للظهور مجدداً في أكثر من عشر محافظات في مصر، بعد أكثر من عشر سنوات من إعلان السلطات المصرية أن المرض “أصبح تحت السيطرة”.
وبحسب البيانات الصادرة من وزارة الصحة المصرية، فقد بلغ عدد حالات الحصبة الألمانية، التي تم تسجيلها في المستشفيات والمراكز التابعة للوزارة، نحو 2943 حالة، خلال الشهرين الماضيين، بالإضافة إلى اكتشاف ما يزيد على 300 حالة إصابة بمرض السل، فضلاً عن ارتفاع عدد الحالات البشرية المصابة بمرض أنفلونزا الطيور، إلى 32 مصاباً، توفيت منها 13 حالة.
ورغم تأكيدات الأطباء أن مرض الحصبة الألمانية يسهل علاجه، فقد أثارت الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهته، قلقاً بالغاً لدى جموع المصريين، خاصة بعد لجوء السلطات إلى إغلاق عدد من المدارس، وإعطاء التلاميذ والمدرسات الحوامل، إجازات إجبارية في منازلهن بناءً على تعليمات التأمين الصحي.
وتتمثل أعراض مرض “الحصبة الألمانية” في ارتفاع درجة الحرارة “الحمى”، والطفح الجلدي، وتضخم الغدد الليمفاوية خلف الأذن وبالعنق، والتهاب المفاصل، وملتحمة العين.
وقد تركزت في ثلاث محافظات، هي الوادي الجديد، والإسكندرية، والجيزة، مشيراً إلى أن معدلات الإصابة بالمرض تكثر في فصلى الشتاء والخريف، وخاصة خلال شهري مارس/ آذار، وابريل/ نيسان من كل عام، وأن الفئة العمرية الأكثر تعرضاً للإصابة، من سن 11 إلى 20 عاماً.
وحول تقارير تحدثت عن انتشار مرض السل في عدد من المناطق العشوائية بالعديد من المحافظات المصرية، نفى نصري السيد وكيل وزارة الصحة المصرية انتشار المرض بصورة وبائية، قائلاً إن “طبيعة مرض السل أنه غير وبائي، لأنه لا ينتشر بين يوم وليلة”، على عكس أمراض أخرى، مثل الحصبة والأنفلونزا وغيرها.
وفيما تتخذ منظمة الصحة العالمية عبارة “ما ظهر السُل في بلد إلا وانتشر” شعاراً لها في حملتها للقضاء على المرض، فقد وصف السيد ذلك بأنه “مجرد شعار للتوعية بمخاطر مرض السُل”، مشدداً على أن “هذا الشعار لا يعني أن المرض يمكن انتشاره بشكل وبائي”.
وأفادت تقارير صحية بانتشار مرض السُل في عدد من المناطق الفقيرة والعشوائية، بمحافظات القاهرة، والجيزة، والقليوبية، والبحيرة، وكفر الشيخ، وبني سويف، وأسيوط، والفيوم، وسوهاج، وقنا.
وأرجع خبراء وإخصائيين بعلاج الأمراض الصدرية والمعدية، السبب في تفشي الإصابة بالسل، بصورة مفاجئة في مصر، إلى الظروف الاجتماعية السيئة، وتدهور الأحوال المعيشية للمواطنين، بسبب الفقر.
وقال الدكتور حسين الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط، إن المشكلة الرئيسية التي تواجه الجهات المختصة في مواجهة المرض، تتمثل في ضعف الاكتشاف المبكر للحالات المصابة، موضحاً أن نسبة الاكتشاف المبكر لا تتعدى ال 44 في المائة، مما يجعل مكافحة المرض أمراً صعباً، ويزيد معدلات الوفاة الناجمة عنه.
وأضاف أن مرض السُل يحصد سنوياً أرواح أكثر من مليوني شخص حول العالم، منهم 111 ألفاً في المنطقة التي يرتفع بها معدل الإصابة، ومن بينها مصر والسودان واليمن والصومال.
من جانب آخر اعلنت وزارة الصحة المصرية مؤخرا ارتفاع عدد المصابين بفيروس H5n1 المسبب لمرض انفلونزا الطيور، إلى 32 حالة، رغم تأكيد وزير الصحة حاتم الجبلي أن المرض، الذي حصد أرواح 13 مصرياً، “أصبح تحت السيطرة”.
وتعاني مصر من مرض أنفلونزا الطيور منذ ظهوره فيها قبل أكثر من عام، حيث تسبب في خسائر بشرية، واقتصادية ضخمة، نتيجة ضرب صناعة الدواجن في البلاد.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، شهدت مصر انتشار حالات تسمم جماعية، في عدد من محافظات الدلتا شمال القاهرة، أثارت هلعاً واسعاً، بعد أن تم نقل نحو 300 شخص للمستشفيات لإصابتهم بأعراض تشبه مرض “الكوليرا”. كما شهدت مصر مؤخراً، ما اعتبره برلمانيون وخبراء صحة ب “فضيحة أكياس الدم الملوث”، والتي كشفت التحقيقات التي أجرتها الأجهزة المختصة، تورط عدد من أعضاء مجلس الشعب ومسؤولين بوزارة الصحة فيها.