السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة (أم محمد أمين)
أردت أن أ توجه إلى أختي بنصيحة حسبة لوجه الله تعالى، عسى ان يكون فيها الصالح والنفع بإذن الله تعالى، وهي مسألة متعلقة بوجهة نظر متخصص، وليس لها صلة بالتشريع، وهي مسألة أن تعالج المرأة أمراض الجن.
طبعا يجب أن نفرق مبدئيا بين الرقية وهي مجرد الدعاء للمريض دعاءا مخصوص يوافق حالته المرضية فيتم الشفاء بإذن الله تعالى، فهذا أمر مشروعيته يستوي فيها الرجل والمرأة، وهذه مسألة لا خلاف حولها من جهة الشرع بإذن الله.
أما العلاج والتطبيب وتعاطي الأسباب المادية حتى يشفى المريض بإذن الله تعالى، فهذا أيضا أمر مشروع لكل من المرأة والرجل، وكل حسب اجتهاده ومهارته في التعلم واكتساب الخبرة.
أما بخصوص الرقية وعلاج أمراض الجن، فهذا الموضوع له خصوصيته، وهو أنه متعلق بمواجهة كائن حي، عاقل، مفكر، له تأثيره المادي في عالم الإنس، خفي لا ندركه بحواسنا، أي ان له طبيعة خاصة جدا، وعلى هذا فمواجهته بحاجة إلى طبيعة خاصة تتوافق معه في خط المواجهة، ففي الاستراتيجية العسكرية إذا تساوت القوتان وتعادلتا استمرت المعركة بغير توقف مالم تتفوق إحدى الطافتين على الأخرى وهنا تحدث الغلبة للفئة القوية على الضعيفة، وبالتأكيد فمن يحمل كتاب الله فحزب الله هم الغالبون، ولكن هل الغلبة هنا على إطلاقها أم أنها مقيدة بشروط؟
الحقيقة أن الغلبة هنا مقيدة بشروط، وإلا لكان حمل السلاح واجب مشترك على المرأة والرجل، ولكن الله فرضه على الرجل وأسقطه عن المرأة، ولا يمنع أن لكل قاعدة شواذ، فهناك امرأة حملت السلاح لتدافع عن الرسول صلى اله عليه وسلم والشاذ لا يأخذ حكم العموم، وبذلك لا يصير حمل المرأة السلاح للجهاد واجب عليها، اللهم إلا أذا أرادها عدو بسوء، فحملها السلاح ودفاعها عن نفسها واجب عليها، وهذا أيضا يدخل في حكم الشاذ ولا يدخل في حكم العموم، أعتقد لا خلاف حول هذا من الجهة الشرعية.
أختي الفاضلة أنت تعلمين وعن قرب مدى خصوصية التعامل مع الجن، فأنا لا أنتقص من علمك ولا من خبرتك ولا من قدرك وقدرتك، فأحسني الظن بي بارك الله فيكي، ولكن طبيعة التعامل مع الجن كطبيعة التعامل مع الإنس بل اشد وطأة، لأنه عدو خفي، لذلك فقياسا على ما تقدم ذكره فالمرأة في هذا المجال لا أقول لا تصلح حاشانا الله من هذا، ولكن ستتعرض للأذى مهما بلغت حصانتها الشرعية والعلمية.
والشاهد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن جابر: (إن المرأة تقبل في صورة شيطان و تدبر في صورة شيطان فإذا رأى أحدكم امرأة أعجبته فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه ). (صحيح) انظر حديث رقم: 1940 في صحيح الجامع.
عن ابن مسعود: (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) . (صحيح) انظر حديث رقم: 6690 في صحيح الجامع.
عن أبي موسى. (كل عين زانية و المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي زانية). (صحيح) انظر حديث رقم: 4540 في صحيح الجامع.
عن أبي موسى: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية و كل عين زانية). (حسن) انظر حديث رقم: 2701 في صحيح الجامع.
عن أبي موسى: (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية). (صحيح) انظر حديث رقم: 323 في صحيح الجامع.
عن أبي هريرة: (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل ) (صحيح) انظر حديث رقم: 2703 في صحيح الجامع.
معطيات هذه الأحاديث الشريفة وفوائدها:
1- أن المرأة عورة لا يجب الاطلاع عليها أو أن تعرض شيئا من عورتها.
2- أن المرأة كعورة هدف للشيطان إذا خرجت من بيتها.
3- استشراف الشيطان للمرأة أي صارت هدف للشيطان، فهذا نص عام تستوي فيه المرأة الصالحة والطالحة.
4- المرأة إذا خرجت من بيتها أو أبدت شيئا من عورتها زنت بها العيون.
5- تعطر المراة وشم ريح عطرها تصير زانية وعليها الاغتسال، وهذا الأمر له تفصيل شرعي، هل هو غسل اثر العطر أم غسل الجنابة؟.
فلعموم استشراف الشيطان للمرأة الصالحة والطالحة إذا فصلاح المرأة وحسن دينها ليس عاصم من استشراف الشيطان لها، فالشيطان يرى ما لا نراه نحن بني البشر، لأن المراة عورة في حد ذاته، وللشيطان عمل ودرو معها، فلا تأمن المرأة على نفسها من زنا الجن، على الأقل زنا العين، وليس زنا الفرج على أقل التقدير، ولن أخوض في هذا الأمر، فهناك زنا الشم كما سبق وتبين، فمن الممكن للجن شم رائحة المرأة من بعيد، سواء تعطرت أو لم تتعطر، وهذا يجعلها أيضا زانية، زنا بالشم وليس زنا العين أو السمع أو اللمس أو الفرج، وقدذكر الحديث الشريف أن عليها الغسل من زنا شم ريحها، بل غن رائحة الأنثى أطيب للرجل وأشد إثارة له من رائحة العطور، وهذا أمر يعرفه الكثيرين وليس بحاجة لتوضيح.
والسؤال الآن إذا كان شم رائحة المرأة يجعلها زانية وعليها الغسل، فمع من زنت حتى يجب عليها الغسل وهي مشت في الطريق إلى المسجد وعادت إلى بيتها؟ بل وفي الحديث لا تقبل لها صلاة حتى تغتسل غسلها من الجنابة، فمع من زنت هذه المراة الصالحة المؤمنة إن لم يكن مع الشيطان؟
خلاصة الموضوع:
لا يصح للمرأة أن تتعاطى علاج الأمراض الجنية، ليس لأي سبب إلا أنها هي في ذاتها ثغرة من الثغور يمكن للشيطان أن يستطيل عليها بها، فأنت تعلمين ويعلم جميع المعالجين أن إصابة النساء بهذا الداء اللعين هي أكثر انتشارا بين النساء أكثر من الرجال، حتى يكاد يكون هذا التخصص أقرب إلى أمراض النساء منه إلى الرجال.
فكم من أخت عالجناها كانت تساعد المعالجين، بل كانت حالتهن أشد وطأة من غيرهن من النساء، لذلك أنصحك في الله تعالى بأن تتدبري الأمر بوعي، ليس خوفا من الشيطان، بل من جهة فقه الواقع، فلا تخدعي نفسك فيخدعك الشيطان، عرضك عرضي، ولا أقبل أن يستطيل عدو الله على اخت لي في الله، لأنني هنا أحكم في ضوء خبرتي، والخبرة لها خصوصيتها في الأخذ بها، مهما بلغت النتائج أمامك من النجاح فلا تغتري بذلك، فالغرور باب عظيم من أبواب الشيطان إلى النفس، وفي النهاية لك حرية الاختيار.