بارك الله فيكم أخي الحبيب ( بن هاشم ) ، أما قولكم يا رعاكم الله :
( " ما أنزل الله داء إلا وله شفاء " نفهم من هذا الحديث ان الله أنزل في زمننا هذا أمراض لم تكن في أسلافنا وتتغير )
قلت وبالله التوفيق : لا اعتراض على ذلك مطلقاً ونحن نعلم بهذا الحديث ولكن السؤال قولكم يا رعاكم الله ( مس القرين ) هلا جئتنا بحديث أو قول لأحد علماء الأمة قالوا بمثل هذا القول ، فالمسألة شرع ، ولو فتحنا هذا الباب لجاء آخر ليقول مس من الملائكة ونحوه ، المقصود أخي الحبيب أن نعتمد في الاستدلالات على قواعد وأصول شرعية 0
أما قولكم - يا رعاكم الله - :
( حسب إجتهاد الإنسان والبحث في العلل وطريقة علاجها فكيف يا أخي ، تؤمن بتجارب وخبرات الغرب ومعاملهم وأمراض لاتعد ولاتحصى حتى ادويتهم يدخل فيها المخدر والمهديء )
قلت وبتالله التوفيق : نؤيد هذا الكلام إن كانت الاجتهادات المتعلقة بالمسائل حسية بحته وليس لها أي جوانب شرعية ، وأضرلاب لكم مثلاً حتى تتضح الصورة :
علماء الغرب يقررون العلاج بالموسيقى فهل نحن نؤيد ذلك لا ، لأن هذا الاعتماد بني على مخالفة صريحة للشريعة الإسلامية ، ولذلك لا بد أن تعلم بأن فباب الاجتهاد مفتوح للمعالج في تعامله مع المسائل الحسية في العلاج والاسشتشفاء مع توفر ضوابط معينة حتى يستقيم الأمر وهذه الضوابط على النحو التالي :
1)- إثباتها كأسباب حسية للعلاج والاستشفاء بإذن الله تعالى :
فالدواء لا بد أن يكون تأثيره عن طريق المباشرة لا عن طريق الوهم والخيال ، فإذا ثبت تأثيره بطريق مباشر محسوس صح أن يتخذ دواء يحصل به الشفاء بإذن الله تعالى ، أما إذا كان مجرد أوهام وخيالات يتوهمها المريض فتحصل له الراحة النفسية بناء على ذلك الوهم والخيال ويهون عليه المرض وربما ينبسط السرور النفسي على المريض فيزول ، فهذا لا يجوز الاعتماد عليه ولا إثبات كونه دواء ، وأما الضابط لكل ذلك فهو التجربة والممارسة من قبل أهل العلم الشرعي الموثوقين المتمرسين الحاذقين في صنعتهم الملمين بأصولها وفروعها 0
2)- عدم الاعتقاد فيها :
ولا يجوز بأي حال من الأحوال الاعتقاد في هذه الاستخدامات وأنها تؤثر أو تنفع بنفسها أنما هي أمور جعلها الله سبحانه أسبابا للعلاج والاستشفاء بإذنه تعالى 0
3)- خلوها من المخالفات الشرعية :
بحيث لا تحتوي كافة تلك الاستخدامات على أمور محرمة شرعا ، أو قد ورد الدليل بالنهي عنها 0
4)- سلامة الناحية الطبية للمرضى :
ومن الأمور الهامة التي يجب أن تضبط كافة تلك الاستخدامات مراعاة سلامة الناحية الطبية ، فلا يجوز مطلقا اللجوء إلى ما يؤدي لأضرار أو مضاعفات نسبية للمرضى ، وقد ثبت من حديث ابن عباس وعبادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا ضرر ولا ضرار ) ( السلسلة الصحيحة 250 ) وكل ذلك يؤكد على اهتمام المعالِج بالكيفية الصحيحة للاستخدام لما يؤدي إليه من نتائج فعالة وأكيدة بإذن الله تعالى ، وكذلك لعلاقتها الوطيدة بسلامة وصحة المرضى ، ومن هنا كان لا بد للمعالِج من إيضاح بعض الأمور الهامة للمرضى والمتعلقة بطريقة الحفظ والاستخدام ، وهي على النحو التالي :
أ - الكمية المستخدمة 0
ب- طريقة الاستخدام الصحيحة والفعالة 0
ج - طريقة الحفظ الصحيحة 0
د - فترة الاستخدام 0
ويستطيع المعالِج الاستعانة بالمراجع الطبية أو المتخصصة في هذا الجانب ، لمعرفة تلك المعلومات وتقديمها للمرضى ، بحيث يكون مطمئنا على النتائج الفعالة والأكيدة ، دون التخبط في طرق استخدام الأدوية الطبيعة آنفة الذكر ، أو الكيفية الخاصة بها ، والتي قد تؤثر بشكل أو بآخر على صحة وسلامة المرضى 0 والأولى أن يقوم المعالِج بإرشاد المرضى لمراجعة أهل الخبرة والدراية ممن حازوا على إجازات علمية في الطب العربي ليقدموا لهم المعلومات الصحيحة والدقيقة عن كيفية الاستخدام 0
5)- عدم مشابهة السحرة والمشعوذين :
ومن ذلك الإيعاز للمرضى باستخدام بعض البخور التي تشابه العمل الذي يقوم به السحرة والمشعوذون في طرق علاجهم ، مما يؤدي بالآخرين لنظرة ملؤها الشك والريبة للرقية والعلاج والمعالِج 0
6)- عدم المغالاة :
ومن الأمور التي لا بد أن يهتم بها المعالِج غاية الاهتمام في كافة الاستخدامات المتاحة والمباحة هو عدم المغالاة فيها بحيث يصرف الناس عن الأمر الأساسي المتعلق بهذا الموضوع وهو الرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة 0
7)- عرض كافة تلك الاستخدامات على العلماء وطلبة العلم :
وهذا مطلب أساسي يتعلق بكافة الاستخدامات ، حيث أن بعض الأمور تتضمن دقائق وجزئيات قد تخفى عن الكثيرين وقد تحتوي في طياتها على أمور منافية للعقيدة أو مخالفات شرعية لا يقف على حقيقتها ولا يحدد أمرها إلا العلماء الربانيين 0
ولذلك أخي يمكننا الاستفادة المطلقة من تجارب الغرب الحسية وأخذ ما يتوافق مع ديننا الإسلامي الحنيف ، وهنا الفرق فالمسائل الشرعية مردها إلى الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ، أما الأسباب الحسية فمردها إلى الخبرة والتجرية مع توفر الشروط آنفة الذكر 0
أما قولكم - يا رعاكم الله - :
( ويعلم الله يا أخي ما أردت إلا النفع وهذا هو الواقع والحاصل ، وهذا الذي تكشف لنا سواء صدقت أم لم تصدق ، وانا اعتبر هذا المس مرض من الامراض ومن استطاع ان ينفع اخاه فلينفعه بأي وسيلة كانت إلا التداوي بحرام )
قلت وبالله التوفيق : لا زلت تدندن أخي الحبيب حول الكلام الإملائي الذي لا يقدم أو يؤخر في الموضوع شيئاً ، واعلم بأن ليس كل مريد للخير مدركه ، واعلم كذلك بأنك تحاور في هذا المنتدى متخصصوص في هذا العلم ويستندون في قولهم واستدلالاتهم على أسس علمية ، فإما أن تخاطبنا بالعلم الشرعي المعتمد على الكتاب والسنة وأقوال علماء الأمة ، أو لا داعي للطرح دون الدليل المستند على الأصول الشرعية والأحكام المقررة في الشريعة 0
أما قولكم : ( ومن استطاع ان ينفع اخاه فلينفعه بأي وسيلة كانت إلا التداوي بحرام ) فهذا يوافق المنهج الذي نسير عليه ، وقولكم بأن ( القرين يصيب بالمس ) دون الدليل النقلي الصريح الصحيح من الكتاب والسنة يوقع في الحرام ، وحاشا أن تتقصد ذلك ونحن نبين ونحذر والأمانة عظيمة والحمل ثقيل 0
زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0