الموضوع: حكم التورية
عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 18-05-2025, 02:09 PM   #2
معلومات العضو
عبدالله الأحد

افتراضي

السؤال
ما حكم قول: ليس عندي. إذا سألني أحد: هل عندك مال -مثلاً- وليس عندي حينها، ولكن سأحضر بعد محادثتي معه المال الذي حدثني عنه.
هل تعتبر كذبة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن قول: (ليس عندي) يسمى تورية؛ لأن السائل تلفظ بعبارة تحتمل معنيين: معنى أراد إفهامه لصاحبه وهو أنه لا مال له، ومعنى آخر هو الذي أراده حقيقة وهو أنه ليس المبلغ معه حينها، وليست التورية من الكذب، بل في المعاريض مندوحة عن الكذب. وانظر في الفرق بين التورية والكذب وتعريفهما الفتوى رقم:4512 : (الفرق بين التورية والكذب ) .
لكن التورية ليست جائزة بإطلاق، فإن كان السائل محتاجا إلى التورية فهي جائزة، وإن كان غير محتاج إليها فهي مكروهة، وقد ذكرنا ضوابط أحكام التورية من كلام الإمام النووي في الفتوى رقم:71299 ضوابط التورية) .
على أنه إن أدى استعمال التورية لظلم، أو منع حق للغير فتكون محرمة؛ وانظر كلام شيخ الإسلام في الفتوى رقم: 220198 . وهي بعنوان: (حكم استعمال الشخص المعاريض لأخذ ما لا يستحقه) .

والله أعلم.


السؤال
كنت المسؤول المالي عن مجموعة من طلاب الجامعات، وحدث أن سرقت مني هذه الفلوس بطريقة خداعية وحدثت المجموعة بأن الفلوس قد سرقت ولكن لم أرو الحادثة بنفس الطريقة التي سرقت مني مع العلم أن النتيجة واحدة وهي أنها سرقت بالفعل فهل في ذلك إثم ؟

الإجابــة



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الكذب حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا . رواه مسلم ، ورواه البخاري بلفظ قريب منه .

وإذا احتاج المسلم لعدم الإخبار بالحقيقة فيمكنه أن يلجأ إلى التورية ومعاريض الكلام حتى لا يقع في الكذب ، والتورية معناها أن يتكلم المتكلم بكلام له معنى ظاهر ، ومعنى آخر خفي ، ومقصود المتكلم هو المعنى الخفي ، قال البخاري في صحيحه: ( باب المعاريض مندوحة عن الكذب ) وقال عمران بن الحصين رضي الله عنه: إن في معاريض الكلام لمندوحة عن الكذب. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. رواهما البخاري في الأدب المفرد ، وصححهما الألباني .

فإن كنت أيها السائل بحاجة إلى عدم الإخبار بالحقيقة فإنه يجوز لك التورية بشرط ألا يكون المال قد سرق بسبب تفريطك وإهمالك في حفظه ، لأنك في هذه الحالة مطالب بضمان هذا المال ، كما بينا في الفتوى رقم : 70056 ، وقد يكون في توريتك حينئذ ضياع لحقوق الطلاب ، وقد نص العلماء على تحريم التورية إذا أدت إلى أخذ باطل أو دفع حق ، قال النووي في ( الأذكار ) عن حكم التورية والتعريض : فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب أو حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب فلا بأس بالتعريض ، وإن لم يكن شيء من ذلك فهو مكروه وليس بحرام ، إلا أن يتوصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق فيصير حينئذ حراما ، هذا ضابط الباب .

والله أعلم .

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعاريض التي استعملتها لأخذ مال جدتك حيلة في غير محلها المشروعة فيه.

قال النووي في الأذكار: وقال العلماء: فإن دعت إلى ذلك مصلحة شرعية راجحة على خداع المخاطب، أو دعت حاجة لا مندوحة عنها إلا بالكذب، فلا بأس بالتعريض، فإن لم تدع إليه مصلحة ولا حاجة فهو مكروه وليس بحرام، فإن توصل به إلى أخذ باطل أو دفع حق، فيصير حينئذ حراماً. انتهى.

وراجع الفتويين: 7758، 68919.

قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَكَذَلِكَ عَامَّةُ الْمَعَارِيضِ الَّتِي يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا، فَإِنَّ عَامَّتَهَا إنَّمَا جَاءَتْ حَذَرًا مِنْ تَوَلُّدِ شَرٍّ عَظِيمٍ عَلَى الْأَخْبَارِ - فَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهَا كِتْمَانَ مَا يَجِبُ مِنْ شَهَادَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ عِلْمٍ، أَوْ صِفَةِ مَبِيعٍ أَوْ مَنْكُوحَةٍ، أَوْ مُسْتَأْجَرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهَا حَرَامٌ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِهِ إذَا ذُكِرَتْ الْأَحَادِيثُ الْمُوجِبَةُ لِلنَّصِيحَةِ وَالْبَيَانِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُحَرِّمَةُ لِلْغِشِّ وَالْخِلَابَةِ وَالْكِتْمَانِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ مُثَنَّى الْأَنْبَارِيُّ قَالَ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ: كَيْفَ الْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ فِي الْمَعَارِيضِ؟ فَقَالَ: الْمَعَارِيضُ لَا تَكُونُ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ. تَكُونُ فِي الرَّجُلِ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ أَوْ نَحْوِ هَذَا. وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ بَيَانُهُ فَالتَّعْرِيضُ فِيهِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ كِتْمَانٌ وَتَدْلِيسٌ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْإِقْرَارُ بِالْحَقِّ، وَالتَّعْرِيضُ فِي الْحَلِفِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْعُقُودُ بِأَسْرِهَا ...."

وعليه فتعريضك من باب التعريض المحرم؛ لأنك توصلت به إلى أخذ مالِ لم يكن لك أخذه؛ لأن المال الذي رصدته جدتك يخص الناجحين على ما يظهر؛ وبالتالي فالمال حرام يجب رده إليها، أو استسماحها فيه، وكذا يجب عليك التوبة من الكذب، والتوبة من التعريض المحرم الذي أخذت به ما لا تستحقه.

والله أعلم.

منقول من الشبكة الإسلامية للفتاوى

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة