عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 10-03-2025, 01:02 PM   #2
معلومات العضو
عبدالله الأحد

افتراضي


المحافظة على أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا:
روى أبو داود (1269) والترمذي (428) وصححه عن أُمّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضي الله تعالى عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : «مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» وصححه الألباني في (صحيح الترمذي).

ذكر الله تعالى وتوحيده عند الموت:
روى ابن ماجة (3794) عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم أنه شهد على أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَأَنَا أَكْبَرُ. وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي. وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا شَرِيكَ لِي. وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِي الْمُلْكُ، وَلِيَ الْحَمْدُ. وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» صححه الألباني في (صحيح الجامع:713) .

البكاء من خشية الله تعالى، والحراسة في سبيل الله تعالى:
روى الترمذي (1639) وحسنه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وصححه الألباني في (صحيح الترمذي).

غض البصر:
روى الطبراني في (المعجم الكبير:1003) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ثلاثة لا ترى أعينهم النار: عين حرست في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله ، وعين غضت عن محارم الله» وصححه الألباني في (الصحيحة:2673).

الصبر على فقد الولد:
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «لا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» (متفق عليه). قال النووي في (شرح مسلم): "قَالَ الْعُلَمَاء: (تَحِلَّة الْقَسَم) مَا يَنْحَلّ بِهِ الْقَسَم، وَهُوَ الْيَمِين، وَجَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيث أَنَّ الْمُرَاد قَوْل الله تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا** وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء، وَالْقَسَم مُقَدَّ، أَيْ: وَاَللَّه إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا، وَقَالَ اِبْن قُتَيْبَة: مَعْنَاهُ تَقْلِيل مُدَّة وِرْدهَا. قَالَ: وَتَحِلَّة الْقَسَم تُسْتَعْمَل فِي هَذَا فِي كَلَام الْعَرَب، وَقِيلَ: تَقْدِيره: وَلَا تَحِلَّة الْقَسَم، أَيْ: لَا تَمَسّهُ أَصْلًا، وَلَا قَدْرًا يَسِيرًا كَتَحِلَّةِ الْقَسَم، وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا** الْمُرُور عَلَى الصِّرَاط، وَهُوَ جِسْر مَنْصُوب عَلَيْهَا. وَقِيلَ : الْوُقُوف عِنْدهَا" انتهى باختصار . وروى الطبراني في (الكبير:231) عن واثلة رضي الله تعالى عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من دفن ثلاثة من الولد حرم الله عليه النار» صححه الألباني في (صحيح الجامع:6238).

ترديد الأذان خلف المؤذن:
عن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله تعالى عنهم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ قَالَ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ قَالَ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رواه مسلم في صحيحه برقم: 578 ، وأبو داوود في سننه برقم: 443 .

يشرع لكل من سمع الأذان أن يردده خلف المؤذن، فيقول مثل ما يقول، إلا في الحيعلتين فإنه يقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله "؛ لما روى البخاري (611)، ومسلم (383) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ المُؤَذِّنُ» .
قال ابن قدامة رحمه الله في (المغني:1/591): "لا أعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب ذلك" انتهى .

الدلالة على الخير وتعليم الغير:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»(مسلم:2674).
وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ»(مسلم:1893).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ»(مسلم:1017).
وقال عليه الصلاة والسلام: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (مسلم:1631).
فهذه الأحاديث تدل على أن من علم أحدًا علما نافعا، فله مثل أجور من انتفع بهذا العلم، وأن ثوابه مستمر غير منقطع على كل من تعلم هذا العلم من طريقه.
ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم له مثل أجر الأمة كلها.

صيام التطوع
من حكمة الله تعالى أن شرع لعباده ما يتطوعون ويتقربون به إليه بعد أداء الفرائض من جنس العبادات التي افترضها عليهم، ورتَّب عليها الأجور العظيمة كما في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربه عزَّ وجلَّ «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ» (البخاري:6502).
وصيام النافلة ينقسم إلى قسمين رئيسين:
أولهما: التطوُّع المطلق (غير المحدد بوقت أو حالة معينة) فيمكن للمسلم أن يتطوع بصيام أي يوم أراد من أيام السنة، إلا ما ورد النهي عنه كيومي العيدين لأن صيامهما محرم، وأيام التشريق (الأيام الثلاثة بعد عيد الأضحى) فالصيام فيها محرم إلا في الحج لمن ليس عنده هدي، وماعدا تقصُّد صيام يوم الجمعة وحده لورود النهي عنه، ومن أفضل صور التطوع المطلق صيام يوم و فطر يوم لمن قدر عليه كما جاء في الحديث «أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» (البخاري:1131 ومسلم:1159) و يشترط في الأفضلية ألاَّ يضعفه عمّا هو أولى كما في روايةٍ للحديث « كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا وَلا يَفِرُّ إِذَا لاقَى» ( البخاري:1977 ومسلم:1159)
ثانيهما: التطوُّع المقيد: وهو أفضل من التطوُّع المطلق من حيث العموم وينقسم إلى قسمين:
الأول: المقيّد بحال الشخص، كالشاب الذي لم يستطع الزواج كما في حديث عَبْد اللَّهِ بن مسعود رضي الله تعالى عنه «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» (البخاري:5066 ومسلم :1400). فإن مشروعية الصيام في حقه تتأكد مادام أعزب، ويزداد التأكد كلما ازدادت المثيرات له، من غير تحديد بأيام معينة.
الثاني: المقيد بوقت معين، و هذا متنوع فبعضه أسبوعي، وبعضه شهري وبعضه سنوي.
فالأسبوعي هو استحباب صيام الاثنين و الخميس، فعن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها قَالَتْ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَحَرَّى صِيَامَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس» (النسائيِ:2320 ) وغيره و صححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير:4897) وسئل صلى الله عليه وسلم عن صيام يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ قَال «ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (النسائي: 2358 وابن ماجه: 1740 وأحمد: 8161 وصححه الألباني في صحيح الجامع: 1583)، وسُئِلَ عَنْ صَوْمِ الاثْنَيْنِ فَقَالَ «فِيهِ وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ» (مسلم:1162).
والشهري هو استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ قَالَ «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَصَلاةِ الضُّحَى وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» (البخاري:1178 ومسلم:721) والمستحب كونها أوسط الشهر الهجري المسماة أيام البيض فعن أَبِي ذَرٍّ رضي الله تعالى عنه قَال: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِذَا صُمْتَ شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ» (النسائي:2424 وابن ماجه:1707 وأحمد: 210 وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 673).
والسنوي منه ما هو يوم معين و منه ما هو فترة يسن الصوم فيها.
فمن الأيام المعينة:
1 ـ يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر محرم فعن ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ «مَا عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ فَضْلَهُ عَلَى الأَيَّامِ إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ وَلا شَهْرًا إِلا هَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي رَمَضَانَ» (البخاري:2006 ومسلم 1132) ويسن أن يصوم معه يوما قبله أو يوما بعده لمخالفة اليهود.
2 ـ يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، واستحبابه خاص بمن لم يكن واقفاً بعرفة، كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فضل الثلاث الماضية كلها «ثَلاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»( مسلم: 1162).
أما الفترات التي يسن الصوم فيها فمنها:
1 ـ شهر شوال: يسن صيام ستة أيام منه لقول رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» (مسلم:1164).
2 ـ شهر محرم: يسن صيام ما تيسَّر منه للحديث «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ» (مسلم: 1163).
3 ـ شهر شعبان: كما ثبت عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لا يَصُومُ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إَِلا قَلِيلاً» (البخاري:1969 ومسلم 1156).
و على المسلم الراغب في الخير أن يعلم عظم فضل التطوع لله بالصيام كما جاء في الحديث عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ عَامًا» (النسائي: 2247 وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي:2121).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يباعدون عن جهنم وحرها ويكونون من أصحاب النعيم.
أما التوقيت الصحيح للسحور والإفطار: فكما في تعريف الصيام أنه: التعبد لله تعالى بالإمساك عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كما قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ** [البقرة:187] فيبدأ الصائم الإمساك عن المفطرات من تحقق طلوع الفجر وحتى غروب الشمس كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن وقت الإفطار « إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» (البخاري: 1818 ومسلم: 1841)، أما وقت السحور فذهب جمهور الفقهاء إلى أنه ما بين نصف الليل الأخير إلى طلوع الفجر الثاني ويسن تأخيره عند جمهور العلماء ما لم يخش طلوع الفجر الثاني للآية السابقة ولقوله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم «عجلوا الإفطار وأخروا السحور» رواه الطبراني وصححه الألباني في (صحيح الجامع:3989)، ولأن المقصود بالسحور التقوِّي على الصوم، وما كان أقرب إلى الفجر كان أعون على الصوم. نسأل الله الكريم أن يجعلنا من المتقيدين بشرعه العاملين به، وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

إفشاء السلام
إفشاء السلام بين المسلمين من شعائر الإسلام الظاهرة، وهو من مكارم الأخلاق ومعاليها، ومن أعظم أسباب التحاب والتآخي بين المسلمين.
روى مسلم (54) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» .
قال النووي رحمه الله تعالى:
" فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ؛ مَنْ عَرَفْت، وَمَنْ لَمْ تَعْرِف. وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّأَلُّف، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة. وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ، وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس، وَلُزُوم التَّوَاضُع، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ" انتهى.
فالمقصود من إفشاء السلام نشر المحبة بين الناس، فعلى من يلقي السلام على أخيه المسلم أن يسلم سلاماً حسناً، بوجه طلق، وعلى من يرد السلام أيضاً أن يرد رداً حسناً، حتى يحصل المقصود وهو المحبة والتآلف بين المسلمين.
وأقل صيغة يحصل بها السلام هي أن يقول المُسَلِّم: "سلام" ، وللمجيب في هذه الحالة أن يجيب بقوله: "سلام" .
قال الله تعالى عن ضيف إبراهيم عليه الصلاة والسلام المكرمين من الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام: {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ** [الذاريات:25].

ابتداء السلام سنة مؤكدة، ورده واجب بالإجماع.
قال النووي رحمه الله تعالى:
"اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليس بواجب، وهو سنة على الكفاية، فإن كان المسلم جماعة كفى عنهم تسليم واحد منهم، ولو سلموا كلهم كان أفضل ... وأما رد السلام: فإن كان المسلم عليه واحدا تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة كان رد السلام فرض كفاية عليهم، فإن رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم ، وإن ردوا كلهم فهو النهاية في الكمال والفضيلة، كذا قاله أصحابنا، وهو ظاهر حسن" انتهى من (الأذكار: ص 246).
ثالثا:
إذا التقى المسلمان: سلم أحدهما على صاحبه، فإن افترقا ثم تلاقيا مرة أخرى – ولو عن قرب – فإن الأفضل أن يسلم أحدهما على الآخر، ولو تكرر ذلك مرارا.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" إذا سلّم عليه إنسان ثم لقيه على قرب، يُسنّ له أن يُسلِّم عليه ثانياً وثالثاً وأكثر، اتفق عليه صحابنا.
ويدل عليه ما رويناه في صحيحي البخاري (757)، ومسلم (397) عن أبي هُريرة رضي الله تعالى عنه في حديث المسيء صلاته : أنه جاء فصلَّى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلَّم عليه، فردّ عليه السلام، وقال: «ارْجِعْ فَصَلّ فإنَّكَ لَمْ تُصَلّ»، فرجعَ فَصلَّى، ثم جاء فسلَّم على النبيّ صلى الله عليه وسلم، حتى فعلَ ذلك ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
وروينا في سنن أبي داود (5200) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا لَقِيَ أحَدُكُمْ أخاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فإنْ حالَتْ بَيْنَهُما شَجَرَة أوْ جِدَارٌ أوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ»، وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود).
وروينا في كتاب ابن السني (245) عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: "كانَ أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتماشَون، فإذا استقبلتهم شجرة أو أكَمة فتفرّقوا يميناً وشمالاً ثم التقوا من ورائها، سلَّم بعضُهم على بعضٍ" انتهى من (الأذكار:ص 249) .
وينظر أيضا : (رياض الصالحين:258)، (مرقاة المفاتيح:7/2946) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" الإنسان إذا سلم على أخيه، ثم خرج ورجع، عن قرب أو عن بعد، من باب أولى - فإنه يعيد السلام، مثلا إنسان عنده ضيوف في البيت، فدخل إلى البيت يأتي لهم بماء أو طعام أو نحو ذلك، فإنه إذا رجع يسلم، وهذه من نعمة الله تعالى، أنه يسن السلام وتكراره كلما غاب الإنسان عن أخيه، سواء غيبة طويلة أو قصيرة، فإن الله تعالى شرع لنا أن يسلم بعضنا على بعض، لأن السلام عبادة وأجر، كلما ازددنا منه ازددنا عبادة لله تعالى، وازداد أجرنا وثوابنا عند الله سبحانه.." .
انتهى من (شرح رياض الصالحين:4/411-412) .

السنة أن يُسلم الواحد على الاثنين والاثنين على الثلاثة ...؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ» رواه البخاري (6231) ومسلم (2160).
فإن لم يسلم الواحد على الاثنين .. سُن للأكثر إلقاء السلام على القلة عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم : «أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» رواه مسلم (54) .
قال النووي رحمه الله تعالى:" قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: هذا المذكور هو السنة، فلو خالفوا فسلم الماشي على الراكب أو الجالس عليهما، لم يكره، صرح به الإمام أبو سعد المتولي وغيره وعلى مقتضى هذا لا يكره ابتداء الكثيرين بالسلام على القليل ، والكبير على الصغير ، ويكون هذا تركا لما يستحقه من سلام غيره عليه.." انتهى من كتاب (الأذكار:1/256).

وقال البهوتي رحمه الله تعالى: "ويسن أن يسلم الصغير والقليل والماشي والراكب على ضدهم ؛ فيسلم الصغير على الكبير ، والقليل على الكثير ، والماشي على الجالس ، والراكب على الماشي...فإن عكس؛ بأن سلم الكبير على الصغير، والكثير على القليل، والقاعد على الماشي، والماشي على الراكب: حصلت السنة؛ للاشتراك في الأمر بإفشاء السلام . والأول أكمل في السنة، لامتيازه بخصوص الأمر السابق..".
انتهى من (كشاف القناع:4/261) ط النوادر المحققة.

السلام عند دخول البيت مستحب لا واجب، سواء كان في البيت أحد أم لا.
روى أبو داود (5096) عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله تعالى عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ» صححه الألباني في (السلسلة الصحيحة:225).

وأما استحباب تسليم الرجل على نفسه إذا دخل بيتاً ليس فيه أحد، فاستدل العلماء على ذلك بأدلة:
1- عموم قول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً** [النور:61].
قال النووي رحمه الله تعالى في كتابه (الأذكار:ص 49):
يستحب أن يقول : بسم الله، وأن يكثر من ذكر الله تعالى، وأن يسلم سواء كان في البيت آدمي أم لا؛ لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً** [النور:61].
وقال الحافظ:
وَيَدْخُل فِي عُمُوم إِفْشَاء السَّلام، السَّلام عَلَى النَّفْس لِمَنْ دَخَلَ مَكَانًا لَيْسَ فِيهِ أَحَد، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً** [النور:61]. الآيَة اهـ.

روى البخاري في (الأدب المفرد:1055) عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: إذا دخل البيت غير المسكون فليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
قال الحافظ: سنده حسن . وحسنه الألباني في (صحيح الأدب المفرد:806).
وقال مجاهد: إذا دخلت المسجد فقل: السلام على رسول الله، وإذا دخلت على أهلك فسلم عليهم، وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. (تفسير ابن كثير:3/306) .
والله تعالى أعلى وأعلم.

الصدق في الحديث
الصدق هو: قول الحق الذي يواطئ فيه اللسان القلب، وهو أيضاً: القول المطابق للواقع والحقيقة من حيث اللغة.
ولما كان الصدق ضرورة من ضرورات المجتمع الإنساني، وفضيلة من فضائل السلوك البشري ذات النفع العظيم، وكان الكذب عنصر إفساد كبير للمجتمعات الإنسانية، وسبب لهدم أبنيتها، وتقطيع روابطها وصلاتها، ورذيلة من رذائل السلوك ذات الضرر البالغ؛ أمر الإسلام بالصدق ونهى عن الكذب.
قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين**، قال ابن كثير رحمه الله تعالى: 2/414 "أي: اصدقوا والزموا الصدق تكونوا من أهله، وتنجوا من المهالك، ويجعل لكم فرجاً من أموركم ومخرجاً أ.هـ .
وقال الله سبحانه: {فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم**.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله تعالى عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» (مسلم:4721).

يتحرى الصدق: أي يبالغ فيه ويجتهد
فدل هذا الحديث الشريف على أن الصدق يهدي إلى البر، والبر كلمة جامعة تدل على كل وجوه الخير، ومختلف الأعمال الصالحات، والفجور في أصله الميل والانحراف عن الحق، والفاجر هو المائل عن طريق الهداية، فالفجور والبر ضدان متقابلان.
وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى مالا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة» (الترمذي:2520 والنسائي:8/327 وأحمد: 1/200).
وجاء من حديث أبي سفيان رضي الله تعالى عنه في حديثه الطويل في قصة هرقل حين قال: فماذا يأمركم، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو سفيان، قلت: يقول: «اعبدوا الله وحده لا تشركوا بالله شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق والعفاف والصلة» (البخاري: 1/30 ومسلم: 1773).
وعن حكيم بن حزام رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» (البخاري: 4/275 ومسلم: 1532).
والصدق يشمل الصدق مع الله تعالى بإخلاص العبادة لله سبحانه والصّدق مع النّفس بإقامتها على شرع الله تعالى والصّدق مع النّاس في الكلام والوعود والمعاملات من البيع والشراء والنكاح فلا تدليس ولا غش ولا تزوير ولا إخفاء للمعلومات وهكذا حتى يكون ظاهر الإنسان كباطنه وسره كعلانيته.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة