عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-02-2025, 01:26 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي التوحيد هو الأصل في البشر فطرة

: التوحيد هو الأصل في البشر فطرة
الفطرة على وزن فعلة، وهي مشتقة من فطر. يقال: انفطر الشيء، إذا انشق.
وفطر الأمر، إذا ابتدأه واخترعه وأنشأه. وفطر الله العالم، أوجده ابتداء. وفطر الخلق، خلقهم وبرأهم2.
والمراد بها ههنا: أصل الخلقة، وهي ما أوجد الله عليه الناس ابتداء من الإيمان به عز وجل وتوحيده.
وكما كان التوحيد هو الأصل في البشر تاريخا، فهو الأصل في البشر فطرة، للأدلة التالية:
1- إن الله عز وجل منذ أوجد البشر فطرهم على التوحيد والإيمان به سبحانه وتعالى خالقا ومعبودا، وأخذ عليهم العهد والميثاق منذ كانوا في أصلاب آبائهم3. يقول تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ، أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ** [لأعراف: 172-173] .
__________
2- إن الله عز وجل قد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم -وأمته داخلة في الخطاب- أن يقيموا وجوههم، ويخلصوا دينهم له؛ لأن ذلك هو مقتضى الفطرة التي فطرهم عليها، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ** [الروم: 30] .
3- قد أخبر مولانا عز وجل أنه خلق عباده حنفاء كلهم، موحدين، مسلمين، مستقيمين، منيبين لقبول الحق؛ لأن ذلك هو مقتضى الفطرة التي فطرهم عليها، حين أخذ عليهم العهد في الذر1. يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا" 2؛ فالعباد كلهم مفطورون على الإسلام، والإيمان الصحيح، ولكن للشياطين دور في مسخ الفطرة، وتشويهها، وجعلها تنحرف عن المسار السوي. فإذا طرأ على الفطرة ما يصرفها عن الصواب والحق، فإنها تحتاج إلى ما يصحح لها مسارها، ويردها عن الانحراف، وهذه مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
4- أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم "أن كل مولود يولد مهيئا للإسلام" 3، في قوله: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة. فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه. كما تنتج البيهمة بهيمة جمعاء. هل تحسون فيها من جدعاء؟ ". ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه راوي الحديث: واقرءوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا** [الروم: 30] 4. والفطرة التي يولد الإنسان عليها كما
__________
قال الإمام المازري: "هي ما أخذ عليهم في أصلاب آبائهم، وأن الولادة تقع عليها، حتى يحصل التغيير بالأبوين"1؛ فالإنسان لو ترك على أصل خلقته التي خلقه الله عليها؛ "الفطرة"، دون أن تتدخل المؤثرات الأخرى، لكان من المؤمنين المسلمين2.
والتحول عن الفطرة أساسا، إنما هو من فعل الشيطان، ووسوسته، وإغوائه.
5- إن كل مولود في العالم يقر بأن الله خالقه وربه، ولو عبد غيره؛ كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ** [العنكبوت: 61] ، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ** [الزخرف: 87] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ** [العنكبوت: 63] ؛ فالفطرة تدل على توحيد الربوبية.
6- إن الفطرة تدل على توحيد الألوهية؛ لأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية؛ فمن أيقن أن الله ربه وخالقه، فلا بد أن يصرف العبادة له وحده، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ** [البقرة: 21-22] ؛ فالإنسان إذا آمن بأن الله عز وجل هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المعطي، المانع، الضار، النافع، بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، فلا بد أن ينتهي به الأمر إلى أنه المعبود بحق وحده، لا شريك له؛ فيخضع قلبه له محبة، وإنابة، وذلا، وخوفا، وخشية، وتوكلا؛ إذ كيف يعبد، أو يخاف، أو يحب محبة عبادة، أو يتوكل على مخلوق لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة