قال تعالى : ** أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُنَزِّلُ المَلَائِكَةَ بالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ
لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ **
[ سورة النحل : 1 - 2 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يقول تعالى مقرِّبا لما وعد به محققا لوقوعه :
** أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ ** : فإنه آتٍ ،
وما هو آتٍ فإنّه قريبٌ .
** سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ** :
مِن نسبة الشريك والولد والصاحبة والكفؤ
وغير ذلك مما نسبه إليه المشركون
مما لا يليق بجلاله أو ينافي كماله .
ولما نزَّه نفسَه عما وَصفَه به أعداؤه ؛
ذَكرَ الوحي الذي ينزِّله على أنبيائه مما يجب اتباعه في ذكر ما يُنسب لله من صفات الكمال ،
فقال : ** يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ** ؛
أي : بالوحي الذي به حياة الأرواح ،
** عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ** :
ممَّن يعلمه صالحا لتحمُّل رسالته .
وزبدة دعوة الرسل كلِّهم ومدارها على قوله :
** أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فاتقون **
أي : على معرفة الله تعالى ،
وتوحُّده في صفات العظمة ،
التي هي صفات الألوهيَّة ،
وعبادته وحده لا شريك له ؛
فهي التي أنزل الله بها كتبه ، وأرسل رسله ،
وجعل الشرائع كلها تدعو إليها ، وتحثُّ ،
وتجاهد مَن حاربها وقام بضدِّها . اهـ