قال تعالى : ** ولَقَدْ صرَّفنا في هذا القرآن للنّاس مِن كلّ مثل وكان الإنسانُ أكثرَ شيء جدلا **
[ سورة الكهف : 54 ] .
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
يخبر الله تعالى عن عظمة القرآن
وجلالته وعُمومه ،
وأنّه صرَّف فيه ** من كلِّ مَثَل ** ،
أي : من كلِّ طريق موصل إلى العلوم النافعة والسعادة الأبديّة وكل طريق
يعصِمُ من الشرِّ والهلاك ؛
ففيه أمثال الحلال والحرام ،
وجزاء الأعمال ، والترغيب والترهيب ، والأخبار الصادقة النافعة للقلوب ،
اعتقادا وطمأنينة ، ونورا،
وهذا مما يوجب التسليم لهذا القرآن
وتلقِّيه بالانقياد والطّاعة
وعدم المنازعة له في أمر من الأمور،
ومع ذلك ؛
كان كثير من النّاس يجادلون في الحَقِّ
بعد ما تبيَّن ،
ويجادلون بالباطل لِيُدْحِضُوا به الحَقَّ ، ولهذا قال :
** وكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا **
أي : مجادلةً ومنازعةً فيه ،
مع أنّ ذلك غير لائقٍ بهم ،
ولا عدل منهم ،
والذي أوجب له ذلك ،
وعدم الإيمان بالله ،
إنّما هو الظلم والعناد ،
لا لقصور في بيانه وحجَّته وبرهانه ،
وإلاّ ؛
فلو جاءهم العذاب وجاءهم ما جاء قبلهم ؛ لم تكن هذه حالهم . اهـ