" قال الشيخ محمد رشيد رضا
رحمه الله :
„ القرآن كلام الله المعجز للخلق في
أسلوبه ونظمه ، وفي علومه وحُكمه ،
وفي تأثير هدايته ،
وفي كشف الحُجُب عن الغيوب
الماضية والمستقبلية ،
وفي كل باب من هذه الأبواب للإعجاز فصول ، وفي كل فصل منها فروع ترجع إلى أصول ...
فيه لذات عقلية وروحية ، وطمأنينة ذوقية
وجدانية تتضاءل دونها شُبهات الملحدين ،
وتنهزم من طريقها تشكيكات الزنادقة والمرتابين „ . اهـ
لقد تفرد الأسلوب القرآني بميزات عظيمة
معجزة ،
وذلك من ناحية بلاغة وحسن بيانه .
وبلاغة القول : أن تكون ألفاظه فصيحة ،
ونَظْمه محكما ،
ودلالته على المعنى منتظمة وافية .
أما فصاحة ألفاظه : فبأن يسهل جريانه
على اللسان ويخفّ وقعها على السمع ،
ويألفها الذوق ..
وأمَّا إحكام نظمه فبأن تقع كل كلمة منه موقعها اللائق بها ، بحيث تكون كلماته
متناسية يأخذ بعضها برقاب بعض ،
فلا يمكنك أن تضع يدك على كلمة وتقول :
ليت هذه الكلمة تقدمت عن تلك الكلمة ،
أو تأخرت عنها .
وأمَّا انتظام دلالته : فبأن يَطْرُقَ اللّفظُ
سمعَك ، فيخطر معناه في قلبك .
وحصول المعنى في القلب بسرعة أو بعد مهلة يرجع إلى حال السامع من الذكاء
أو بطء الفهم ...
ويتحقق انتظام دلالة الكلام بإخراج المعاني
في أقوم صورة ، وأعلقها بالنفس ،
كالتشبيه ، وضرب الأمثال ...
وأما كون الدلالة على المعنى وافية :
فبأن يؤديَ اللّفظُ صورَ المعاني ..
بحيث تكون العبارة بمفرداتها وأسلوبها
كالمرآة الصافية تعرض عليك ما أودعت من المعاني لا يفوت ذهنك منها شيءٌ .
ولا تزال تُصَعِّدُ نظرك في هذه الدرجات المتفاوتة إلى أن تصل إلى كلام يُبهرك
بفصاحة مفرداته ، ومتانة تأليفه ،
وانتظام دلالته ، وبهجة معانيه ... " .
_ الإسلام حقيقته ، شرائعه ، عقائده ،
نظمه ، لـ د. محمد إبراهيم
( 2 / 620 - 624 )
مع اختصار شديد .