قال تعالى :
** ولَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وادْعُ إلى رَبِّكَ ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ *
ولَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ **
[ سورة القصص : 87 - 88 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** ولَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ ** :
بل أبْلِغْها وأنْفِذْها ، ولا تُبالِ بمكرهم ،
ولا يَخْدَعُنَّك عنها ، ولا تتبعْ أهواءهم ،
** وادْعُ إلى رَبِّكَ ** ؛
أي : اجعل الدعوة إلى ربّك منتهى قصدِك
وغاية عَمَلك ،
فكلُّ ما خالف ذلك ؛ فارفُضْه من رياء أو سمعة
أو موافقة أغراض أهل الباطل ؛
فإنّ ذلك داع إلى الكون معهم ومساعدتهم على أمرهم ، ولهذا قال :
** ولَا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ ** :
لا في شركهم ، ولا في فروعه وشُعبه
التي هي جميع المعاصي .
** وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ** :
بل أخلص للّه عبادتَك ؛
فإنّه ** لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ** :
فلا أحد يستحقُّ أن يؤلَّه ويحبَّ ويعبدّ
إلاّ اللّه الكامل الباقي الذي
** كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ** :
وإذا كان كلُّ شيء هالكٌ مضمحلٌّ سواه ؛
فعبادة الهالك الباطل باطلةٌ ببطلان غايتها
وفساد نهايتها ،
** لَهُ الْحُكْمُ ** : في الدنيا والآخرة
** وإِلَيْهِ ** : لا إلى غيره ** تُرْجَعُونَ ** :
فإذا كان ما سوى اللّه باطلا هالكا ،
واللّه هو الباقي الذي لا إله إلا هو ،
وله الحكم في الدُّنيا والآخرة ،
وإليه مَرْجِعُ الخلائق كلِّهم ؛
ليجازيَهم بأعمالهم ؛ تعيَّن على مَن له عقلٌ
أن يعبد اللّه وحده لا شريك له ،
ويعمل لما يقرِّبُه ويُدنيه ،
ويحذَرَ من سخطِه وعقابِه ، وأن يُقْدِم على ربّه
غير تائب ولا مقلع عن خطئه وذنوبه .
يتبع -----------