قال تعالى :
** وبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فيها هُمْ والغَاوُونَ * وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قالُوا وهُمْ فيهَا يَخْتَصِمُونَ * تاللَّهِ إِن كُنَّا لَفي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ العَالَمِينَ **
[ سورة الشعراء : 91 - 98 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
** وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ ** ؛ أي : برّزت واستعدَّت بجميع ما فيها من العذاب
** لِلْغَاوِينَ ** : الذين أوضَعوا في معاصي الله ،
وتجرؤوا على محارمه ، وكَذّبوا رسلَه ،
وردُّوا ما جاءوهم به من الحقّ ،
** وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ *
مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ **:
بأنفسهم ؛ أي : فلم يكن من ذلك من شيء ،
وظهر كذِبُهم وخزيُهم ، ولاحتْ خسارتُهم وفضيحتُهم ، وبان ندمُهم ، وضلَّ سعيهم .
** فَكُبْكِبُوا فِيهَا ** ؛ أي : ألقوا في النار
** هُمْ ** ؛ أي : ما كانوا يعبدون ،
** وَالْغَاوُونَ ** : العابدون لها ،
** وجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ ** : من الإنس والجنِّ ، الذين أزَّهم إلى المعاصي أزًّا ،
وتسلّط عليهم بشركهم وعدم إيمانهم ،
فصاروا من دعاته والساعين في مرضاته ،
وهم ما بين داعٍ لطاعته ومجيب لهم
ومقلد لهم على شركهم .
** قَالُوا ** ؛ أي : جنود إبليس الغاوون لأصنامهم وأوثانهم التي عبدوها :
** تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ
بِرَبِّ العَالَمِينَ ** : في العبادة والمحبّة والخوف والرجاء ، وندعوكم كما ندعوه .
فتبيّن لهم حينئذ ضلالهم ،
وأقرّوا بعدل الله في عقوبتهم ، وأنّها في محلِّها ،
وهم لم يُسَوُّوهم بربِّ العالمين ؛
إلاّ في العبادة ، لا في الخلق ؛ بدليل قولهم :
** بِرَبِّ العَالَمِينَ ** ؛
أنّهم مقرُّون أن الله ربُّ العالمين كلِّهم ،
الذين من جملتهم أصنامهم وأوثانهم .